في حين اعلان حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان فوزه بولاية ثالثة، مع ما يقرب من 50 في المائة من الأصوات الشعبية التي أُجريت في حزيران 2011، أعلن رئيس الوزراء التركي أردوغان أن ولايته الجديدة ستكون بمثابة “عصر الاتقان”, كما تعهد بالحصول على إجماع و تأييد المجتمع لبناء دستور ديمقراطي جديد لتركيا. و بعيدا عن تلك الوعود, فقد حسم رئيس الوزراء الجدل باعلان تخليه بسرعة عن الأهداف الإصلاحية من سنواته الأولى في الحكم, بعد ان كُللت جهوده بالنجاح في تهميش و اقصاء الجيش، و كان من الممكن أن يكون إيذانا من قِبله ببدء فترة تتسم بالسلام الاجتماعي ومزيد من الاجراءات الديمقراطية. و بدلا من ذلك، فقد اتبع نهجا, والذي اعُتمد في الماضي من قبل الدولة,وسعى لفرض أجندته الخاصة على المجتمع المحافظ. وبينما تركيزه الكلي على الرئاسة، فقد مارس رئيس الوزراء ضغوطا على وسائل الإعلام واتخذ اجراءات صارمة ضد المنشقين من أجل توطيد سلطته.
في هذا الجو المتسم بالاستقطاب،لم تكن الأحزاب السياسية قادرة على التوصل إلى توافق في الآراء المتعلقة بمشروع الدستور الجديد، وبعد أشهر من الاجتماعات المنتظمة، اقرت في نهاية المطاف اللجنة المكلفَة بكتابة وثيقة جديدة لتحل محل الدستور الذي أدخله الجيش في عام 1982 ، اقرت بفشلها في نوفمبر 2013.
في حين اعلان حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان فوزه بولاية ثالثة، مع ما يقرب من 50 في المائة من الأصوات الشعبية التي أُجريت في حزيران 2011، أعلن رئيس الوزراء التركي أردوغان أن ولايته الجديدة ستكون بمثابة “عصر الاتقان”, كما تعهد بالحصول على إجماع و تأييد المجتمع لبناء دستور ديمقراطي جديد لتركيا. و بعيدا عن تلك الوعود, فقد حسم رئيس الوزراء الجدل باعلان تخليه بسرعة عن الأهداف الإصلاحية من سنواته الأولى في الحكم, بعد ان كُللت جهوده بالنجاح في تهميش و اقصاء الجيش، و كان من الممكن أن يكون إيذانا من قِبله ببدء فترة تتسم بالسلام الاجتماعي ومزيد من الاجراءات الديمقراطية. و بدلا من ذلك، فقد اتبع نهجا, والذي اعُتمد في الماضي من قبل الدولة,وسعى لفرض أجندته الخاصة على المجتمع المحافظ. وبينما تركيزه الكلي على الرئاسة، فقد مارس رئيس الوزراء ضغوطا على وسائل الإعلام واتخذ اجراءات صارمة ضد المنشقين من أجل توطيد سلطته.
في هذا الجو المتسم بالاستقطاب،لم تكن الأحزاب السياسية قادرة على التوصل إلى توافق في الآراء المتعلقة بمشروع الدستور الجديد، وبعد أشهر من الاجتماعات المنتظمة، اقرت في نهاية المطاف اللجنة المكلفَة بكتابة وثيقة جديدة لتحل محل الدستور الذي أدخله الجيش في عام 1982 ، اقرت بفشلها في نوفمبر 2013.
اشتباكات
لا تزال المشكلة الكردية واحدة من القضايا الرئيسية التي تستعصي على اي حل في تركيا، و التي اكتسب أبعادا جديدة مع الصراع في سوريا و في ظل غياب الاستقرار في العراق. و لكن أكبر تحد يواجه حكم رئيس الوزراء أردوغان تمثل في المظاهرات التي اندلعت في مايو 2013، فقد قُوبلت خطط الحكومة بتحويل حديقة “قيزى بارك” في وسط اسطنبول الى مركز للتسوق، ومساكن فاخرة, برفض من قبل دعاة حماية البيئة والناس الغير راضين عن طفرة البناء والتحول السريع بمدن تركيا الكبيرة. فقد أشعلت الأساليب الوحشية التي استخدمتها الشرطة لتفريق مجموعة صغيرة من المتظاهرين السلميين سلسلة من الاحتجاجات على الصعيد الوطني، والتي استمرت عدة أسابيع، و تم حشد الملايين، حيث اُصيبت البلاد بشلل.
وكان من الممكن احتواء الأزمة لو اعتمدت السلطات موقفا تصالحيا، ولكن، مع تصاعد عدد القتلى، فقد ندد رئيس الوزراء أردوغان بالحركة الاحتجاجية ووصفها بمؤامرة تٌحاك ضد حكومته اثارتها القوى الأجنبية.فقد قتل ستة متظاهرين وضابط شرطة خلال الاحتجاجات وأصيب أكثر من 4300 شخص من جراء استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، الهراوات والرصاص المطاطي، وخراطيم المياه من قبل قوات الأمن التركية, حيث توفي ثلاثة اشخاص اخرين في وقت لاحق من جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع. وفي أعقاب الاضطرابات التي تعصف بالبلاد،فقد اتُخذت إجراءات قضائية بحق أكثر من 5000 شخص، في حين فقد العديد من الصحفيين وظائفهم بسبب التغطية المنتقدة للحكومة. وقد أُرجأت خططا لخفض عدد الأشجار في حديقة في نهاية المطاف، ولكن لا تزال الاضطرابات المستمرة تلقي بظلالها على المدن التركية وعلى وجه الخصوص مدينة اسطنبول، حيث وٌجهت المسيرات الاحتجاجية برد قوي من قبل قوات الأمن التركية. وفي أوائل عام 2014، فرضت السلطات، التي كانت قد نددت بوسائل الاعلام الاجتماعية، حظرا على موقعي تويتر ويوتيوب، ولكن تم رفع الحظر في وقت لاحق بقرار من المحكمة.
غولن
شيئا فشيئا,فقد تآكلت إصلاحات الفترة المبكرة من حكم حزب العدالة بسبب الانتكاسات الديمقراطية. فبعد عزوف أردوغان عن الليبراليين الذين قدموا دعمهم لحكومته في البداية، فقد اختلف مع حليف سابق اخرمن-حركة غولين.
في ديسمبر عام 2013، ظهرت قضايا متعلقة بالفساد ضد الوزراء وأقاربهم، مما اضطر الحكومة الى اجراء تعديل وزاري, حيث شهدت تلك الفترة مزيدا من التسريبات استهدفت رئيس الوزراء أردوغان وابنه بلال, و ظهرت مطالبات بعد التحالف المُبرَم مع حركة “هزمت”, التي يقودها رجل الدين فتح الله غولن، الذي يتخذ من بنسلفانيا مقرا له, مطالبة بسقوط النظام الحاكم الاتِ بلا محالة, حيث تحول المشهد التركي إلى صراع مفتوح.
و اتسعت هوة الخلاف منذ ان بدأ مدع مُقرب من حركة غولين بأجراءات في فبراير 2013 ضد هاكان فيدان، رئيس جهاز المخابرات التركي، لإجراء لقاءات سرية مع افراد من(حزب العمال الكردستاني) في أوسلو, فقد ساند أردوغان بنجاح ربيبه بطبيعة الحال، ولكن المشهد جعله قلقا من التأثير المتمثل بغولن على القضاء والشرطة. فقد ظهرت مزاعم الكسب غير المشروع، في شكل أشرطة مسربة نشرت على شبكة الإنترنت، بعد أن أعلن رئيس الوزراء انه سوف يُغلق جميع حجر المدارس و المدارس المتخصصة التي يعتمد عليها الطلاب الاتراك بشكل كبير للتحضير لامتحانات على مستوى الوطن؛ فالعديد من هذه المدارس تُدار من قبل حركة غولين تم اغلاقها ايضا. فقد ضرب أردوغان الادعاءات بعرض الحائط, في وقت ظهور مؤامرة أخرى ضد حكمه حيث وجه اصابع الاتهام لحركة هِزمت و واصفا اياها بأنها “دولة موازية”. فقد أطلق حملة تطهير واسعة النطاق ضد الشرطة والقضاء، مما يثير تساؤلات حول الفصل بين السلطات في تركيا. و انتهى الأمر المتعلق بالعديد من كبار الشخصيات، بدئا من وكيل النيابة الذي أمر باعتقال أقارب الوزراء، بنقلهم إلى مواقع جديدة أو اطردهم.
الدعم المتواصل
فقد اظهرت نتائج الانتخابات البلدية التي جرت يوم 30 مارس عام 2014، و التي فاز بها حزب العدالة والتنمية بنسبة 43 في المائة من الاصوات (مقارنة مع نسبة 39 في المائة في استطلاع اجرته مؤسسة محلية في مارس 2009)، مع ذلك، فان قضية الفساد لم تحدث اي تآكل كبير للدعم الشعبي لرئيس الوزراء ، على الرغم من نهج المواجهة الذي تبناه أردوغان و الذي عمق الانقسامات الاجتماعية في المجتمع التركي.
في الوقت الراهن، فإن قدرة رئيس الوزراء على إبراز صورة الزعيم القوي من خلال وسائل الإعلام خاضعة بشكل متزايد من اجل الحصول على اصوات العديد من الناخبين المحافظين، الذين استفادوا من النمو الاقتصادي في تركيا في العقد الماضي ومن الإصلاحات الاجتماعية، مثل التحسن في والوصول لنظام الرعاية الصحية، الذي قدمه حزب العدالة والتنمية.و غياب اي معارضة ذات مصداقية تقدم رؤية واضحة للمستقبل يصب أيضا لصالح الحزب الحاكم. بالرغم من ذلك, فعلى المستوى الدولي، قد شوه موقف أردوغان السلطوي والخطاب المعادي للغرب له الناري صورته, فقد اتبع السياسيون من جميع التيارات منهج المساندة الكلامية التي لا تسمن و لا تغني من جوع في بعض الأحيان إلى محاولة تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن يبدو ان العملية لا تلقى اذانا صاغية. في 1 يوليو، أعلن رئيس الوزراء أردوغان رسميا ترشيحه ليحل محل الرئيس الحالي للدولة، عبد الله غول، عندما تنتهي ولايته في شهر أغسطس عام 2014. حيث سيتنافس أردوغان، الذي يتوقع على نطاق واسع بكسبه أصوات الناخبين، ضد أكمل الدين إحسان أوغلى، الرئيس السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي، المرشح من قبل اثنين من أحزاب المعارضة الرئيسية، وحزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي وصلاح الدين دميرتاز، مرشح لحزب الشعب الديمقراطي الموالي للأكراد, و مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، فطموحات رئيس الوزراء أردوغان تواجه تحديا جديدا، هذه المرة من الخارج, فسقوط شمال مدينة الموصل العراقية، في ايدي الدولة الإسلامية الراديكالية للعراق وسوريا في 11 حزيران عام 2014، وخطف القنصل العام في تركيا، جنبا إلى جنب مع 48 موظفا وأفراد الأسرة،سلط الضوء على السياسة الخارجية الخاطئة للحكومة. و لم يعد رئيس الوزراء يخفي عدم رضاه عن الصلاحيات المحدودة للرئيس الحالي. و لأنه لم يتم سن تعديلات دستورية، سيتم انتخاب أردوغان وفقا للقواعد القائمة, و انتخاب رئيسا للوزراء حتى الانتخابات العامة التي ستعقد في عام 2015 لا يزال غير واضح، وأنه من غير المؤكد ما إذا كان، مرة واحدة في القصر الرئاسي كانكايا، أردوغان سيكون بمقدوره على إقناع البرلمان لزيادة صلاحيات رئاسة الجمهورية و مما لا شك فيه انه اذا لم يخفف السيد أردوغان نهج الرجل الواحد له في الحكم ويتبنى موقفا أكثر تسامحا تجاه النقد، فان النسيج الاجتماعي في تركيا سيشهد مزيدا من التوتر، و ستتآكل الديمقراطية بشكل اكبر.