وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

مشاق التّعلّم في جنوب لبنان: عام دراسيّ آخر متقلّب

لقد أدت مشاق التّعلّم في جنوب لبنان، والتي تفاقمت بسبب الحرب والانهيار الاقتصادي، إلى تعطيل تطلعات العديد من الشباب بشكل خطير، مما سلط الضوء على الحالة المزرية للتعليم في المنطقة. تصاعدت الهجمات الإسرائيلية على لبنان بشكلٍ كبيرٍ هذا الأسبوع، خصوصًا في جنوب لبنان، مما أدى إلى زيادة القتال على طول الحدود الإسرائيلية اللّبنانية

مشاق التّعلّم جنوب لبنان
تصاعد أعمدة الدخان جراء القصف الإسرائيلي على قرية كفرشوبا في جنوب لبنان. ربيع ضاهر/ا ف ب

دانا حوراني

تتحضّر آية، البالغة من العمر 18 عامًا، لمغادرة لبنان، وقد حُدِّد موعد طائرتها في العاشر من تشرين الأوّل. وفيما تجمع أمتعتها استعدادًا لحياتها الجديدة في بيلّاروسيا، تقول إنّه ما زال أمامها الكثير تطمحُ إلى تحقيقه.

كانت خطّة آية في الأصل أن تتخصَّص في الصّيدلة في لبنان، لكنّ ذلك الحلم بات مستحيلًا.

وفي هذا الصّدد، قالت لفنك: “بذلت قصارى جهدي كي أجد حلولًا بديلة لكنّها باءت بالفشل.”

وكالعديد من طلّاب جنوب لبنان، واجهت آية عدة مشكلات خصوصًا بعد تخرّجها من الثّانويّة هذا العام، وذلك شمل الدّراسة عن بُعد (عبر الإنترنت)، وخطورة الطّرقات، وغياب وسائل النّقل، واستمرار الاعتداءات الإسرائيليّة على منطقتها. لكنّ طلّاب الصّفوف العليا، بشكل خاصّ، واجهوا أيضًا ضغوط الامتحانات الرّسميّة الإجباريّة للدّولة وذلك للدّخول إلى الجامعات. وعلى الرّغم من المطالبة بإلغائها، أصرّ وزير التّربية والتّعليم عبّاس حلبي على إجراء الامتحانات على الصّعيد الوطنيّ.

وعلى الرّغم من نجاح آية في الامتحانات، فهي تأسف لعجزها عن متابعة شغفها.

قائلة: “أقساط الجامعات الخاصّة باهظة جدًّا، وأنا، للأسف، لم أُقبَل في الجامعة اللّبنانيّة، وهي الجامعة الحكوميّة الوحيدة في لبنان.”

أمّا والدها الّذي كان بارعًا في مجال البناء، أصبح الآن عاطلًا من العمل. وقد نزحت عائلتها من بلدتها الحدوديّة الأمّ ميس الجبل إلى قرية شقرا في جنوب لبنان. على الرّغم من أعمامها في بلاد الغربة الذين يساعدون في نفقات العائلة .

إذ قالت: “عمّي، الّذي يعيش في الخارج، قال إنّه سيتكفلُ بأقساطي الدّراسيّة في بلّاروسيا، وهذا ما شجعني على متابعة تعليمي.” موضّحة أنّها عدّلت مسارها لتركّز على طبّ الأسنان

آية طالبة من طلّاب كثر غيّرت الحرب في جنوب لبنان أحلامهم، بعد أن سبّبت دمارًا شاملًا تعدّت ضحاياه 2500 فرد، منهم حوالى 600 استشهاد تضمّنت 137 مدنيًّا بالإضافة إلى 274 قتيلًا يوم الاثنين. وفي ضوء حلول العام الدّراسيّ الجديد، يبدو التّطوّر ضئيلًا، ما يدفع المعلّمين والمتعلّمين إلى ابتكار استراتيجيّات تأقلم تجديديّة على صعيد فرديّ.

تصاعدت الهجمات الإسرائيلية على لبنان بشكلٍ كبيرٍ هذا الأسبوع، خصوصًا في جنوب لبنان، مما أدى إلى زيادة القتال على طول الحدود الإسرائيلية اللّبنانية. وقد تسببت الهجمات في نزوح آلاف الأشخاص، مما أدى إلى ازدحام الطرقات الرئيسة في بيروت. ووفقا لوزارة الصحة، تسببت الهجمات في إصابة ما لا يقل عن 1024 شخصًا.

العودة إلى المدرسة

يبدأ العام الدّراسيّ في لبنان عادة في أيلول أو تشرين الأوّل، علمًا أنّ المدارس الحكوميّة تبدأ متأخّرة عن المدارس الخاصّة. أمّا بداية هذا العام الدّراسيّ فتتزامن مع الشّهر الحادي عشر من استمراريّة الاعتداءات الإسرائيليّة على جنوب لبنان، الّتي تلت هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل في السّابع من تشرين الأوّل، بيوم واحد.

أمّا أرجحيّة التّعلّم والتّعليم في مناطق لبنان الحدوديّة فما زالت غامضة، وقد تضطرّ المدارس إلى استكمال الدّروس عن بُعد، كما فعلت في العام السّابق، إلّا أنّ لا مفرّ من الاستثناءات في بعض البلدات.

ولا يزال أخو آية وأخواتها الثّلاث ملتحقين بالمدرسة في الصّفوف السّابع والثّامن والحادي عشر. ويُتوقّع من أصغر إخوتها، دوجا وعلي، أن يحضرا الصّفوف شخصيًّا. وسيبدأ علي، بشكلٍ خاصّ، سنته الأولى في مدرسة خاصّة في بلدة حدوديّة قريبة من مقرّ سكن العائلة.

قالت آية: “ونظرًا إلى أنّهما ما زالا في أدق السّنوات التّكوينيّة أهمّيّة من تعليمهما، حيث الإرشادات الحضوريّة ضروريّة، هذا أفضل السّيناريوهات. وهذا ينطبق بخاصّة على أخي الأصغر، علي، الّذي لا يمكنه اجتياز عامه الدّراسيّ الأوّل بالتّفاعل عبر شاشة عرض الحاسوب.”

أمّا البلدة المعنيّة فما زالت سمات الحياة تحيا فيها، من حيث بقاء السّكّان أو عودتهم بعد النّزوح. وبحسب آية ستفتح المدارس بشكل طبيعيّ في هذه المنطقة، شارحة: “أعتقد أنّ هناك اتّفاقيّة حول البلدات المستهدفة بوجهٍ خاصٍ، ولكن الآن لا يوجد شيء مؤكد.”

وبحسب آية، ستفتح المدارس بشكلٍ طبيعيّ في هذه المنطقة، لكن مع التصعيد الإسرائيلي، لا أحد يستطيع أن يكفل التغيرات التي قد تطرأ.

والمدرسة الّتي كانت العائلة تودّ تسجيل أولادها فيها في بلدتها الحدوديّة، أغلقت أبوابها العام الماضي وانتقلت إلى التّعليم عن بُعد.

قالت آية: “إنّنا بالطّبع نقلق بشأن خطورة الطّرقات في ما يتعلّق بالتّنقّل بين البيت والمدرسة، لكنّنا نتوكّل على اللّه ليحمينا.”

من المرجّح كثيرًا أن تلتحق أختاها ، ليا ولين، بمدرسة حكوميّة على مقربة من منزلهما الحاليّ في قرية شقرا. لكن يبقى أمامهما عقبة واحدة: مدرستهما القديمة في ميس الجبل ترفض إعطاءهما الأوراق الضرورية للالتحاق بالمدرسة الجديدة.

قالت آية: “ذلك لأنّنا لم ندفع الأقساط العام الماضي، وبالتّالي لا يمكننا تسجيلهما في المدرسة بعد، لكنّنا ما زلنا نحاول تسوية الأمور.”

على الرّغم من أنّ حزب اللّه يؤمّن مساعدة ماليّة شهريّة للعائلة، تشير آية إلى عدم حصولهم على مساعدة مخصّصة للتّعليم. إلّا أنّها سمعت أصداء أنّ حزب اللّه قد يتطرّق إلى هذا الموضوع قريبًا.

ما زال على العديد من العائلات تسجيل أولادها في المدارس دون أن تكون على بيّنة ممّا إذا ستكون الدّروس حضوريّة، أو عن بُعد، أو خليطًا من الاثنين، أو إذا كانت لن تحصل. إضافة إلى ذلك، يواجه الأهالي ارتفاع أسعار شراء الكتب والقرطاسيّة، الّتي أصبحت عبئًا كبيرًا على العائلات الجنوبيّة، نظرًا لخسارة مصدر رزقها بسبب النّزوح. نتيجة لذلك، يتردّد الأهالي من القيام بهذا الاستثمار المكلف من دون معرفة ما إذا كانت المدارس ستفتح أبوابها أم لا.

خيارات قليلة أو معدومة

قضت ريما، البالغة من العمر 24 عامًا – وابنة القرية الحدوديّة بيت ليف والتي تعيش الآن في تبنين، العام الماضي – تساعد أختها الصّغرى نور، البالغة من العمر 12 عامًا، على التّعلّم عن بُعد.

لكن هذا العام، تأمل العائلة تسجيل نور في مدرسة حكوميّة قريبة من أجل الصّفوف الحضوريّة. غير أنّ المدرسة أشارت إلى عدم قبولها طلّابًا إضافيّين بسبب امتلاء القاعات الدّراسيّة بالكامل، إنّما قد تبدأ باعتماد دوام بعد الظّهر للطّلّاب النّازحين.

قالت ريما لفنك: “هذا ليس ما ترغبُ أختي القيام به. فهي معتادة على دوامها الطّبيعيّ من 8 صباحًا إلى 2 مساء، وسيكون من الصعب عليها التّأقلم.”

وسلّطت الضّوء على أهمّيّة مرعاة الصحّة العقليّة والنّفسيّة للأطفال، نظرًا إلى الأثر النّفسيّ الّذي خلّفته الحرب على الجميع. فالكثير من طلّاب جنوب لبنان يعانون من الاكتئاب والقلق بسبب دويّ جدارات الصّوت المستمرّ، والقصف المدفعيّ القريب، وصوت الطّائرات بدون طيّار الدّائمة التّحليق، والرّمي الصّاروخيّ.

شرحت ريما: ” تأثرّت أختي كثيرًا ، وأشعر أنّها أصبحت اليوم أكثر توتّرًا وغضبًا من ذي قبل.”، مشيرة إلى أنّه يتوجّب عليها اليوم أن تبذل مجهودًا أكبر للحفاظ على تركيز أختها، إذ أثّرت الحرب على قدرتها على التّركيز وتحفيزهاعلى العمل.

ومثل عائلة آية، تواجه عائلة ريما صعوبات في ما يتعلّق بالتحاق نور بمدرسة جديدة بسبب عدم دفعهم أقساط عامها الدّراسي السّابق في مدرسة عيتا الشّعب، وهي بلدة حدوديّة ما زالت تعاني من القصف والأضرار الجسيمة.

قالت ريما بضحكة ساخرة طفيفة: “اتّصلت بالمدرسة وأعلمتهم بأنّنا نعجزُ عن دفع المبلغ بأكمله دفعة واحدة، فكانت إجابتهم أن نقترض المال.”، وأضافت غير مصدّقة: “كلّنا نعاني من الوضع عينيه، كلّنا هُجّرنا ونعاني من الحرب!”.

ولوضع جدول زمنيّ لسداد الدّفعات، تنوي ريما الاتّصال بمديرة المؤسّسة. قالت بنبرة كئيبة: “لا نعرف ماذا سنفعل إذا لم توافق.”

تأمل ريما ألّا يكون التّعلّم عن بُعد ضروريًّا هذا العام، لكنّها على استعداد لدعم أختها مجدّدًا إذا لزم الأمر. وتشرح: “لا يمكنني أن أتخيّل وضع الطّلّاب الآخرين الّذين ليس لديهم أحدًا يساعدهم في التّعلّم عن بُعد، لأنّه حقًّا من الصّعب جدًّا على الأطفال أن يحافظوا على تركيزهم ويستوعبوا الموادّ الدّراسيّة.”

وهي تأمل أيضًا أن تساعد العودة إلى الفصول الدراسية حضوريّا أختها على استعادة الشّعور بالحياة الطّبيعيّة ببناء الصّداقات والعلاقات الاجتماعيّة. لكنّ حياة عائلتها الآن غامضة، فهم لا يعرفون بأيّ مدرسة ستلتحق نور، ويعيشون في شقّة مستأجَرة من غير دراية بما إذا كان صاحب الملك سيطالبهم باسترجاعها أم لا، إذ أنّ كلا الوالدين عاطلان من العمل في الوقت الحاضر.

قالت ريما: “إنّنا نتلقّى المساعدات لكنّها غير كافية.” مشيرة إلى أنّ جمعيّة خيريّة أمّنت لنور القرطاسيّة بالمجّان العام الماضي، وهي ستعيد استخدامها هذا العام. علاوة على ذلك هم يخطّطون لشراء كتب مستعملة بغية التّوفير.

عام ضائع

احتمت عائشة الحاج حسن، البالغة من العمر 19 عامًا وابنة ميس الجبل، في بعلبك. أباها سوريّ الأصل، لكنّهما اضطرّا إلى العيش في ميس الجبل لأكثر من 10 أعوام.

قالت عائشة لفنك: “نشعر بعذابات الجنوبيّين نفسها، فنحن جميعًا في ذلك سواسية.”

تخرّجت عائشة هذا العام بعد إكمال عامها الأخير عبر الإنترنت، لكنّها لن تتمكّن من الالتحاق بالجامعة.

قالت: “لا يمكنني تحمّل نفقات الجامعات الخاصّة القريبة، وأقرب جامعة لبنانيّة تقع في زحلة وتبعد ساعة عن مقرّ سكني، وذلك يتطلّب مواصلات باهظة الثّمن.”

وجد أبوها مؤخّرًا عملًا في تعبئة المنتجات، بعد أن قضى أشهرًا عاطلًا من العمل، لكنّ دخله بالكاد أن يكفي النّفقات الرئيسة مثل الطّعام والإيجار. تحلم عائشة أن تصبح محامية لشغفها بالدّفاع عن حقوق المرأة والفئات المستضعفة، لكنّ هذا الحلم يبدو بعيد المنال الآن، فخيارها الوحيد هو الالتحاق بمؤسّسة قريبة لدراسة إدارة الأعمال؛ الاختصاص الأقرب إلى الحقوق.

قالت وصوتها يرتجف حزنًا: “لكن إذا كانت الأقساط عالية جدًّا، قد لا أتمكّن من القيام بذلك حتّى.”

أعلمها والداها سابقًا بأنّها قد لا تتمكّن من متابعة دراستها هذا العام، وهذا واقع يصعب عليها تقبّله.

قالت: “كان حلمي اختبار الحياة الجامعيّة، وقضاء الوقت مع الأصدقاء وحضور الدّروس في مادّة أنا شغوفة بها. تعلمون هذا الشّعور، الشّعور بأنّنا أصبحنا راشدين أخيرًا!”

وبعد انقطاعها قليلًا عن الكلام، أضافت متحسّرة: “الآلام كثيرة جدًّا بصراحة. أردت حقًّا أن أكون محامية لها وقعها؛ والتّعلّم مهمّ جدًّا بالنّسبة إليّ.”

على عكس آية وريما، لم تحصل عائلة عائشة إلّا على مساعدتين ماليّتين في بداية الحرب، وعائشة غير متأكّدة ممّا إذا كان سبب ذلك أصولها السّوريّة أم لا. إخوتها الصّغار، البالغين من العمر 14 و15 و7 أعوام، سيتابعون دروسهم عن بُعد، لأنّ التّنقّل إلى مدارس قريبة أمر غير وارد.

إضافة إلى الحرب، ما زال لبنان يعاني من أزمة اقتصاديّة أدّت إلى خسارة اللّيرة اللّبنانيّة قيمتها بنسبة تخطّت 98 في المئة مقارنة بالدّولار، وإلى عدم قدرة الكثيرين من استخدام حساباتهم المصرفيّة بالدّولار.

أكثر ما يقلق عائشة هو مستقبل أخيها الأصغر، فسنواته التّكوينيّة تمضي في التّعلّم عن بُعد، مع معلّمين يرسلون إليه مقاطع فيديو عن التّهجئة والمهارات اللّغويّة الأساسيّة، وهي غير متأكّدة من قدرته الإستفادية والإستعابية .

قالت: “لست على ثقة بأنّ الأمور ستتحسّن الآن بعد أن أُجِّل هدفي. قد لا نتمكّن نحن الطّلّاب من الدّراسة على امتداد أعوام آتية، والعديد من زملائي عالقين في الوضع عينيه.”

من منظور المدرّسين

قالت سوسن غنويّ، معلّمة الدّراسات الاجتماعيّة في ثانويّة محمّد فلحة في ميس الجبل، لفنك إنّها تتوقّع أن يكون التّعليم عن بُعد أكثر تنظيمًا هذا العام، إذ لم يكن لديهم وقتًا كافيًا للتّحضير العام الماضي.

وأضافت: “اتُّخذت القرارات بطريقة فوريّة، وانتقل بعض الطّلّاب إلى منازل لا اتّصال بالإنترنت فيها ولا كهرباء. لذا هذا العام، نأمل أن تتحسّن الظّروف قليلًا.”

في العام الماضي لم يستخدموا مايكروسوفت تيمز Microsoft Teams، بل اتّجهوا إلى جوجل ميت Google Meet، أو زوم Zoom، أو حتّى واتس آب Whatsapp لبعض الطّلّاب وهي تقرّ بأنّ ذلك لم يكن الحلّ الأكثر فعّاليّة. وعلى الرّغم من رضاها عن نتائج طلّابها الثانويّين في الامتحانات الرّسميّة، تشير إلى أنّ العديد منهم واجه تحدّيات كبيرة بالانتقال المتكرّر من مسكن إلى آخر، حتّى أنّ بعضهم خسر منزله أو أفرادًا من عائلته في الحرب.

وشرحت: “صراعنا كمعلّمي المدارس الحكوميّة يتفاقم بفعل كون دخلنا الحقيقيّ يقارب 30$ شهريًّا.”، مضيفة أنّهم تلقّوا المساعدات من وزارة التّربية في العام الماضي، ما رفع إجماليّ دخلهم إلى 400$ شهريًّا، لكنّها تشدّد على أنّ “ذلك ما زال غير كافٍ.”

تبحث الوزارة في زيادة التّمويل إلى 600$ شهريًّا، لكنّ سوسن تشير إلى أنّ “ذلك ما زال مساعدة وليس دخلًا ثابتًا، ما يعني أنّه قد يتوقّف في أيّ لحظة.”

هناك دائمًا احتمال حدوث إضراب في لبنان، كما حصل عام 2023، عندما أضرب معلّمو المدارس الحكوميّة لأشهر على التّوالي، ما أدّى إلى تقليص الحصص التّعليميّة إلى ما يقارب الخمسين يومًا. قبل العام 2019، كان دخل سوسن 2000$ وهذا تفاوت هائل.

على الرّغم من تفضيلها التّعليم الحضوريّ، هي غير متأكّدة، بصفتها أمّ لثلاثة أولاد، في أيّ مدرسة تسجّلهم، وقلقة حيال التّنقّل من بيتهم في دير انطار جنوب لبنان.

وأضافت: “هناك أيضًا قضيّة إلحاقهم بمدارس حكوميّة قريبة في حال حدوث إضرابات.” لقد وصلها أيضًا أصداء بأنّ المدارس الخاصّة لا تقبل الطّلّاب النّازحين إذ تخاف من مغادرتهم عند انتهاء الحرب.

تشعر سوسن بأنّ وزارة التّربية تولي أهمّيّة أكبر للمدارس الخاصّة وتفضّلها على المدارس الحكوميّة، وأنّه ينبغي بذل المزيد من العمل والجهد لتحسين إدارة التّعليم الحكوميّ، بخاصّة في هذه الأيّام العصيبة. وعلى الرّغم من تفانيها في تحسين منهجها وتحضيرها بشكل أفضل للدّروس عن بُعد لهذه السّنة، فهي تتحسّر على غيابها عن طلّابها.

قالت وصوتها يثقله الحزن: “بخاصّة طلّاب السّنة الأخيرة – كنت أشعر بأنّهم أولادي. أحزنني كثيرًا عدم قدرتي على توديعهم عند تخرّجهم.”

إنّ الرّابط الّذي يجمعها بطلّابها يصعّب عليها التّواصل معهم عبر شاشات عرض الحواسيب فقط، فهي تنجح في العلاقات المباشرة الحضوريّة، إضافة إلى وجود طلّاب جدد تتمنّى أن تتعرّف إليهم شخصيًّا لكنّ وسيلتها الوحيدة الآن هي الشّاشات.

وختمت قائلة: “نتمنّى لطلّابنا وعائلاتهم التّوفيق، ونأمل ألّا تزداد الحرب سوءًا. وبصفتنا معلّمين، هدفنا أن نتحمّل مسؤوليّاتنا وندعم طلّابنا خلال هذه الفترة العصيبة.”