وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

مؤتمر الأمم المتحدة الـ 27 (COP27): طريقُ المستقبل وَعِر

رغم إحداث خطوة جيدة إلى الأمام، إلّا أنّ البلدان النامية ما زالت تستحق أكثر من ذلك بكثير، وبوقت أسرع بكثير.

COP27
صورة التقطت في 19 نوفمبر 2022 في COP27. Credit: UN Climate change / Flickr

انتهى مؤتمر COP27 أخيرًا؛ بعد عدّة تمديدات إلى ما بعد تاريخ الانتهاء الأصلي، حيث واصل المندوبون نقاش النصوص الدقيقة للوثيقة التي سينتجونها. وببلوغ نهايته؛ على المرء أن يتساءل عن مقدار ما حقّقه المؤتمر خلال الاجتماعات الـ27 الماضية.

سيناقش الناس خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إذا ما كان مؤتمر شرم الشيخ فاشلًا أم نجاحًا. في بعض الأحيان، طغت القضايا اللوجستية واحتجاجات حقوق الإنسان على المناقشات المناخية التي جرت هناك. لكن في الوقت الذي تم فيه اتّخاذ بعض الخطوات الإيجابية، لا يزال العديد من مندوبي دول جنوب الكرة الأرضية يشعرون بالإحباط، بسبب تجاهل الدول الغنية لجميع مخاوفهم الحقيقية مرة أخرى.

إنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي موطن لبعض البلدان الأكثر عُرضةً للخطر بسبب أزمة المُناخ. المنطقة قاحلة في الغالب، والمياه شحيحة، والجفاف أصبح الحال السائد في أماكن مثل سوريا، وانعدام الأمن الغذائي يتزايد عامًا بعد الآخر. وأصبحت التقلبات الجوية بالغة الحدة، أحداثًا متكرّرة – بدءًا من حرائق الغابات وصولًا إلى الفيضانات التي تقضي على سُبُلِ عيشِ قُرى ومدن بأكملها.

وتتزايد هذه المشاكل بشكل مطرد، حيث أنّ هدف الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية لإنقاذ الأرض، والذي تعهّدت الدول بالعمل نحو تحقيقه في اتفاقية باريس عام 2015، أصبح شبه مستحيل. وأصبحت التعهّدات الوطنية الطوعية بخفض الانبعاثات الضارة التي أطلقتها الدول ضعيفة للغاية. ووفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة ، والذي صدر قبل اجتماع مؤتمر COP27، قد أصبحنا على مسار ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.4 درجة مئوية على الأقل بحلول نهاية هذا القرن.

للأسف؛ لم يحدث أي تقدّم حقيقي. ويتّفق معظم الخبراء على أن هدف 1.5 درجة مئوية، على الرغم من أنّه لا يزال مذكورًا في النصوص، قد يكون في حُكم المنسيّ. وسوف يتطلّب الأمر تغييرات هائلة-  تتجاوز أيّ من التعهّدات التي قطعتها الدول حتى الآن-  للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة قريبًا قدر الإمكان من هذا الرقم.

“اتفاق تاريخي”

إلا أن الاتفاق على الخسائر والأضرار، والذي تمّ في اللحظات الأخيرة من المفاوضات، هو إنجاز كبير في المناقشات. دعت البلدان النامية إلى تقديم الدعم من الدول الصناعية، لمواجهة الأضرار وفقدان التراث الثقافي والموارد، بسبب الآثار السلبية لمشكلةٍ بالكاد ساهموا فيها منذ تسعينيات القرن الماضي. لكن دعواتهم لم تلقَ آذانًا صاغية.

تم طرح تمويل المناخ بهدف التخفيف والتكيّف على طاولة المناقشات منذ سنوات عديدة. لكن؛ على سبيل المثال، لن يساعد ذلك الأسرة التي فقدت جميع أراضيها الزراعية بسبب الجفاف، أو المدن التي جرفتها الفيضانات الأخيرة.

ويُعد الاتفاق على إنشاء صندوق للخسائر والأضرار خطوة رائعة إلى الأمام، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعيّن القيام به. ستحتاج الأطراف إلى تسوية تفاصيل هذا الصندوق حتى يكون أكثر من مجرد كلام. ما هي الدول التي ستساهم في الصندوق، وكم سيكون حجمه، مع الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية التي تتزايد باطّراد؟ وربما الأهم من ذلك، ما هي الآلية التي سيتم وضعها لتحديد هوية المستفيدين؟ لا يوجد حتى الآن أي التزام من أي بلد بالمساهمة فيه.

وللأسف، النصوص الضعيفة حول التمسّك بهدف 1.5 درجة مئوية يعني أن الأطراف ما زالت لا تأخذ العِلْم بجدية كافية. ولطالما أشارت البيانات إلى آثارٍ كارثية إذا أخفقنا في تحقيق هذا الهدف. والإبقاء عليه يتطلّب تغييرات جادة والتزامًا قويًا بالتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري، والاستثمار بكثافة في الطاقة المتجدّدة. أصبحت النماذج المتعلّقة بأزمة المناخ والانبعاثات المتزايدة أكثر دقة من أي وقت مضى، وليس لدينا رفاهية تجاهلها أكثر من ذلك.

يمكن لصندوق الخسائر والأضرار أن يقطع شوطًا طويلًا نحو معالجة بعض من عدم الثقة، وبناء التضامن بين البلدان النامية والمتقدّمة. وشهد مؤتمر COP27 مزيدًا من التفهّم من قِبَل دول الشمال حول التزاماتهم ومسؤوليّاتهم عن الانبعاثات الضارة التي تسبّب الكارثة.

إن أزمة المناخ هي أكبر تحدٍّ واجهته البشرية، ونحن في هذا الأمر سويًا. وكلما أسرعت البلدان في التصرّف لحلّ ذلك، كلما كانت لدينا فرصة أفضل للنجاة.

لكن الشيء الرئيسي الذي ركّز عليه المؤتمر هو التفاوت بين السياسيين والناشطين المناخيين من الشباب. سيتم تذكّر مؤتمر COP27  للإنجاز العظيم المتمثّل في وضع ملف الخسائر والأضرار على طاولة النقاش. لكن التقدّم كان بسيطًا في جميع القضايا الأخرى. وتكمن المشكلة في عدم قدرتنا على تحمّل تكاليف الخطوات البطيئة بعد الآن.

سيعقد مؤتمر COP28 لعام 2023 في دبي. وسيكون هذا هو التحدي الكبير التالي للدول النامية والناشطين في مجال المُناخ، للتأكّد من أن الدول المتقدّمة ستتحمّل مسؤولية إنجاح الصندوق الجديد. إلا أن الوقت ينفد منّا.

user placeholder
written by
Michella
المزيد Michella articles