في عام 2018، أصدرت الإمارات العربية المتحدة عدة قوانين لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر للمساعدة في تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على النفط.
تم إتخاذ أول خطوة رئيسية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في 20 مايو 2018، عندما منح مجلس وزراء الإمارات للأجانب الحق في امتلاك 100% من شركاتهم. كما أصبح المستثمرون الأجانب والمهنيون ذوو الخبرة في ميادين معينة مؤهلين للحصول على تصريح إقامة مدته 10 سنوات.
ففي السابق، كانت الإمارات تطالب الأجانب بمشاركة ملكية الشركة مع مواطنٍ إماراتي، إلا أن فكرة التنازل عن نصف ملكية الشركة إلى كفيلٍ محلي غالباً ما أثنت المستثمرين عن تأسيس شركاتٍ في الإمارات العربية المتحدة. ويتوقع المحللون والمسؤولون في الإمارات العربية المتحدة الآن أن هذا التعديل سيؤدي إلى زيادة سنوية بنسبة %15 إلى 20% في الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقال نيل بيتش، رئيس مجلس إدارة Virtuzone، وهي مؤسسة متخصصة في مساعدة الشركات الأجنبية على تأسيس أعمالٍ تجارية في الإمارات العربية المتحدة، إنه ينبغي الترحيب بإعلان شهر مايو بصدرٍ رحب. ومن وجهة نظره، هناك فوائد أكبر للمستثمرين لإقامة شركات داخل أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من إنشائها في المناطق الحرة في البلاد.
فعلى سبيل المثال، تُفرض قيودٌ على الشركات العاملة في المناطق الحرة فيما يتعلق بزيادة موظفيها أو مساحاتها المكتبية ومن التنافس في السوق المحلية. لكن لا توجد أي من هذه القيود داخل أراضي الإمارات، الأمر الذي يسمح بنموٍ غير محدود.
كما أشار بيتش إلى أن الأعمال التجارية داخل الأراضي الإماراتية تتمتع أيضاً بميزة المنافسة في الأعمال الحكومية، وهو عملٌ مربحٌ للغاية في الإمارات العربية المتحدة. ففي عام 2016، بلغ مجموع العقود التي منحتها الحكومة في أبوظبي نحو 5 مليارات دولار، في حين تم توزيع مناقصات حكومية بقيمة 272 مليار دولار في جميع أنحاء الإمارات في الأشهر الستة الأولى من عام 2017.
وكتب بيتش في صحيفة أرابيا بيزنس: “يمكن للمستثمرين الأجانب الجدد في الإمارات الآن الشروع مباشرةً بأعمالهم التجارية دون الحاجة إلى البحث عن شركةٍ إماراتية أو فردٍ كشريك.” وأضاف “من المحتمل أن يؤدي هذا إلى تقليل الوقت المطلوب للتسويق، والتخلص من الروتين الحكومي الإضافي والتوثيق المرافق لتأسيس مثل هذه العلاقة التجارية.”
ومع ذلك، يتوقع أن يُسفر التشريع الجديد عن تسريع نمو الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات العربية المتحدة. وبالفعل، فقد ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد بنسبة 26% في الأشهر الستة الأولى من عام 2018، مما يشير إلى نجاح الجهود السابقة لتنويع الاقتصاد ودعم الشركات الناشئة. كما أشارت مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، إحدى مؤسسات دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، إلى أن مبادرات الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفعت بنسبة 40% في نفس الفترة.
فقد قال ولي عهد دبي، ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم: “إن الارتفاع في رأس المال الأجنبي والمشاريع يعزز من مكانة دبي الرائدة كموقع عالمي مفضل للشركات العالمية والشركات الناشئة التي تسعى للنمو والتوسع وتعكس بوضوح ثقة المستثمرين في اقتصاد دبي.”
ومع ذلك، تتمثل الحقيقة في أن المستثمرين كانوا مترددين في إدارة أعمالٍ تجارية في دبي بسبب الركود الأخير. ولكن أشار مؤسس ورئيس سلسلة مطاعم “شارع منقوشة” جهاد العيط إلى أن رواد الأعمال والشركات الناشئة يستفيدون الآن من الروتين الحكومي الأقل في الإمارة. وبحسب تقييمه، فإن افتتاح مشروع تجاري في دبي أصبح اليوم أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة بما كان عليه قبل ثلاث سنوات.
فقد قال لصحيفة ذا ناشيونال، الصحيفة الممولة من الدولة في أبو ظبي: “تقدم الحكومة الكثير من الحوافز للأشخاص لتأسيس أعمالٍ تجارية،” وأضاف “يفعلون أشياء لم يسبق لنا رؤيتها، مثل إلغاء الضمانات للتأمين على الأيدي العاملة ودعم التراخيص التجارية.”
وفي أكتوبر 2018، أقرت الإمارات العربية المتحدة قانوناً جديداً للاستثمار الأجنبي المباشر سيفيد الشركات العاملة في قطاعات مثل النقل والتأمين وتوفير المياه والكهرباء والأنشطة المصرفية والمالية. وستقوم وحدة الاستثمار الأجنبي المباشر بالإشراف على القانون، وستعمل هذه الوحدة تحت إشراف وزارة الاقتصاد، وتتمثل مهمتها في إنشاء قاعدة بيانات لجميع الاستثمارات الإماراتية، بما في ذلك البيانات المتعلقة بمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر القائمة، حيث سيتم مراجعة وتحديث كل المعلومات في قاعدة البيانات بشكلٍ دوري.
ويأمل الإماراتيون في أن تساعد وحدة الاستثمار الأجنبي المباشر في جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر للبلاد من خلال مساعدة الشركات في تسجيل وترخيص أعمالها. وأشار محمد جمعة المشرق، الرئيس التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر، إلى أن قانون الاستثمار الأجنبي المباشر ينسجم مع المبادىء الاقتصادية السليمة.
وبحسب ما قاله لصحيفة الخليج تايمز “يتأثر النمو الاقتصادي بالنظم التشريعية الحديثة والقرارات السياسية. لدى دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المزايا التنافسية التي عززت مكانتها كمركز ضخم للتجارة والتبادل التجاري في المنطقة.”
وأضاف “مع هذا القرار، تواصل دولة الإمارات رسالتها في توفير بيئة استثمارية من الدرجة الأولى للشركات الأجنبية.”
يحمي قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الشركات بشكلٍ أساسي من مصادرة الأصول للمصلحة العامة، مع حماية عقاراتها على أراضي الإمارات العربية المتحدة. كما أنه بموجب القانون، فمن غير القانوني مصادرة الدولة لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر دون قرارٍ من المحكمة، في حين ستتاح الفرصة لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر التي ترفضها وحدة الاستثمار الأجنبي المباشر بالإستئناف.
في حين قال رئيس مجموعة شركات سوبها، رجل الأعمال بي أن سي مينون، إنه يعتقد أن رواد الأعمال من آسيا والهند، بالإضافة إلى إفريقيا، سيستفيدون بشكلٍ خاص من بيئة الأعمال الأكثر ودية في الإمارات التي أدخلها قانون الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد. وقال إن تصاريح الإقامة الطويلة على وجه الخصوص جذابة للمستثمرين من هذه المناطق، لأن ذلك يتيح لهم البقاء في الإمارات والتركيز على النمو طويل الأجل.
وقال لأريبيان بزنس: “سيكون للمزيد من شركات الأعمال التجارية في الهند وجود أكثر أهمية في الإمارات.” وتابع القول، “أنا لا أقول أن ذلك سيحدث بين ليلةٍ وضحاها، إلا أن هذا بالتأكيد سيعطي دفعة لرجال الأعمال الهنود، وخاصة كبار رجال الأعمال.”
وعلى الرغم من التفاؤل، لا تزال هناك بعض الأسئلة حول قانون الاستثمار بلا إجابة. فعلى سبيل المثال، من غير الواضح ما إذا كان بإمكان أصحاب الشركات الأجنبية المشتركة حالياً مع إماراتيين التقدم ليصبحوا مالكين حصريين للشركة. ولكن ما يبدو مؤكداً هو أن قانون الاستثمار الأجنبي المباشر سيساعد في خلق فرص عملٍ وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مما سيساعد على تسريع تنويع اقتصاد الإمارات.