وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

غسان عبود، رجل أعمالٍ يعمل من أجل الديمقراطية السورية

يقود غسان عبود، المولود عام 1967 في إدلب، وهي مدينةٌ سورية تحت الحصار اليوم، العديد من المهام بنفس القدر من الحيوية: الأعمال التجارية والصحافة والعمل الخيري والديمقراطية. يعيش غسان اليوم في المنفى بين دبي وبلجيكا لجهوده من أجل إحداث التغيير في سوريا.

اتجه غسان بدايةً إلى عالم الصحافة حيث درس الصحافة والإعلام في جامعة دمشق قبل أن ينتقل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1992 للعمل في مجال العلاقات العامة. أدى تأثره بالأعمال التجارية إلى إطلاقه مجموعة غسان عبود، وهي شركة قابضة تُشرف حالياً على شركة غسان عبود للسيارات، وهي الشركة التي أسسها في عام 1994 في الشارقة، وشركة أورينت ميديا. غسان متزوج من ناهد نبهان ولديهما خمسة أبناء: جود، وألما، وتيما، ومصطفى، وعلي.

تختص شركة غسان عبود للسيارات بإعادة تصدير السيارات المستعملة، وقطع الغيار، ومستلزمات السيارات. فقد نمت الشركة بسرعة وسرعان ما أصبحت واحدةً من الشركات الإقليمية الرائدة في مجال إعادة تصدير السيارات المستعملة ومستلزماتها في المنطقة. فقد تحولت شركة غسان عبود للسيارات من عمل تجاري صغير مملوك للعائلة إلى شركة ضخمة لبيع السيارات المستعملة وقطع الغيار ومستلزمات السيارات في أكثر من 100 بلد.

من جهةٍ أخرى، تم تأسيس شركة أورينت ميديا في عام 2008 كقناة فضائية مرتبطة بشركة إنتاج تلفزيوني، لايف بوينت. كان مقر الشركة في دبي وسوريا، ليتم فيما بعد افتتاح أفرعٍ في الولايات المتحدة وبلجيكا والأردن وتركيا. وفي الوقت نفسه أطلق راديو أورينت، وهي محطة إذاعية سورية تبث محتوى متنوع وتهدف إلى عكس ما تعتبره قيماً سوريةً مشتركة، فضلاً عن الثقافة والحياة اليومية السورية.

Syria- Ghassan Aboud
Photo AFP

يصف غسان، على مدونة المنصة الإلكترونية Mideastwire، رؤيته فيما يخص مجموعته الإعلامية، إذ يقول “عملنا على سلسلةٍ من البرامج التي تصّور مختلف الشرائح السورية، بطوائفها وأعراقها ومقتنياتها، وحتى نشاطاتها.” وأضاف “أزحنا الستار عن الأشخاص المختلفين، لأنك إن لم تعرف من هو جارك ستشعر دوماً بالخوف منه. فتحنا بيوت الناس لبعضهم البعض، وسمحنا لجميع الطوائف بالإطلاع على ما تفعله الطائفة الأخرى. لهذا السبب أحبوا هذه القناة، لأن سوريا في ظل حكم حزب البعث ألغت خصوصية الجماعات البشرية وحاولت جعلها متشابهة…”

وسائل الإعلام هذه ما هي إلا انعكاسٌ لقناعات غسان. فمع تطور الانتفاضة السورية عام 2011، سرعان ما تم تخصيص بث القناة لمتابعة الأحداث الثورية من خلال الديناميكيات الاجتماعية والسياسية والعسكرية للصراع، مع وجود مراسلين في كل مكانٍ خلال الحرب، حتى على الخطوط الأمامية. كما عرضت القناة أيضاً برامج للأطفال لتعليم الأطفال النازحين، واتخذت موقفاً قوياً ضد تواجد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا. أدى هذا الموقف إلى استهداف القناة وموظفيها في كثيرٍ من الأحيان من قبل الجماعة المتطرفة، فضلاً عن تهديد غسان بالقتل. تم اختطاف الصحفيين وتعرض بعضهم لإصاباتٍ، وقتل واحدٌ منهم على الأقل. وعلى الرغم من الوضع والمخاطر، أعلن غسان في عام 2013 أن: “هذه الأعمال المروعة لن تمنع المجموعة من أداء واجبها تجاه الشعب السوري.”

لم تأتِ المخاطر من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” فحسب، بل كانت المخاطر أيضاً تلاحقه من قِبل الحكومة السورية. فعلى الرغم من أنه لا ينتمي إلى أي حزبٍ سياسي أو تحالفاتٍ معارضة، نظم غسان عبود المؤتمر الأول للمفكرين والمعارضين والناشطين السوريين بعد المظاهرات السورية في تركيا، في مايو 2011. وفي العام نفسه، أطلق مبادرةً للمجتمع المدني لإنشاء تكتلٍ من التكنوقراط ورجال الأعمال السوريين للمساعدة في قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا ما بعد الأسد، ليشارك منذ ذلك الحين في الندوات الدولية حول سوريا في جميع أنحاء العالم.

وبالرغم من أنه وضع نفسه في إطار المؤيد للتغيير الديمقراطي أكثر من كونه شخصيةً معارضة، كان غسان مستهدفاً باعتباره تهديداً من قبل نظام الأسد، فعلى سبيل المثال، تعرضت مجموعته الإعلامية لضغوطاتٍ من قِبل أشخاص مقربين من الأسد. فقد وصف لمدونة Mideastwire ما حصل معه في عام 2009: “طلب مني السيد رامي مخلوف [رجل أعمالٍ وابن خال الرئيس بشار الأسد] مقابلته في دمشق. […] كنت أشعر بالذعر لأني أعلم تماماً الطريقة التي يعمل بها الرجل. ذهبت إلى سوريا والتقيت به في مكتبه لمدة ساعتين ونصف تقريباً […] طوال الجلسة، استمعت إليه وهو يتكلم، إذا قال لي ’أنا ربك الأعلى، وإذا ما أردت أن تعيش، فعليك أن تعيش معي، وإن لم تفعل ذلك، فأنت تعرف تماماً العواقب.’ حتى أنه استخدم عبارة ’أنا حزينٌ لأن أورينت ستموت، فمن المواضح أنك عنيد.’ […] أراد أن يكون شريكاً في معظم الأسهم ليتحكم بالقناة. […]عندما رفضت عرضه، بدأت العديد من المواقع الإلكترونية بإهانتي بالقول إنني جئت لابتزاز الحكومة السورية وأنه كان لدي أهداف محددة.”

وفي عام 2010، داهمت قوات الأمن الداخلية مكاتبهم. يستذكر غسان ما حصل في مدونته Mideastwire، “تم إخبار الموظفين بأنهم ممنوعون من العمل مع قناة أورينت، ما لم يقدموا طلباً رسمياً إلى وزارة الإعلام التي نعرف جميعاً أنه لا دور لها على الإطلاق. […] لذلك اتصل المسؤولون الإعلاميون بجميع شركات الإعلان وطلبوا منهم عدم الإعلان معنا… تجاهلت العديد من الشركات هذه التعليمات، إلى أن أصدر رئيس الوزراء السابق ناجي العطري أمراً بمنع أي تعاملٍ مع قناة أورينت بسبب ارتكبها انتهاكاتٍ لم تكشف طبيعتها حتى يومنا هذا.”

وعندما رفض غسان عبود تسليم أجزاء من مجموعته إلى رامي مخلوف، أغلق مكتب دمشق. طُلب من موظفي شركة أورينت البالغ عددهم 165 موظفاً في سوريا توقيع التزامٍ يُفيد بعدم عملهم قط لصالح الشركة مرةً أخرى، وذلك تحت تهديد إلحاق الأذى بهم وبعائلاتهم. كما كان لموقف عبود بالتغيير الديمقراطي عواقب على أعماله التجارية. ففي عام 2013 ، قال لانترناشونال بيزنس تايمز: “قوات الأمن أحرقت بيتي وأرضي ومنازل عائلتي،” وأضاف “حولوا مصنع زيت الزيتون الخاص بي إلى قاعدةٍ عسكرية للنظام.”

إلا أنه لم يشعر باليأس، وساهم في وضع برامج توظيفٍ في الشركات الصغيرة، وحلقات العمل الخاصة باللاجئات اللواتي شردن من منازلهن في شمال سوريا. كما أسس مؤسسة أورينت للأعمال الإنسانية في عام 2012 لتوفير الخدمات الطبية والتعليمية والاجتماعية لملايين السوريين الذين شردوا أو أصيبوا في الصراع.. وعلى مستوى فكري، قام بإنشاء مركز أورينت فيجن للدراسات، المتخصص بقضايا الهوية في البلدان التي تعايشت فيها مجتمعاتٌ ومجموعاتٌ عرقية مختلفة لفترةٍ طويلة. غسان عبود رجل أعمال موّقر ومُحسنٌ معطاء.