وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

سوريا: الحكم البعثي

الرئيس السوري حافظ الأسد
الرئيس السوري حافظ الأسد عام 1972. (Photo by SANA / AFP)

عام 1963، وبعد مرور عامين فقط على الانقلاب العسكري الذي وضع نهاية للجمهورية العربية المتحدة وسيطرة حزب البعث العربي الاشتراكي، أعاد انقلاب آخر حزب البعث إلى السلطة. وينتمي العديد من الضباط الذين نفذوا الانقلاب إلى الطائفة العلوية، وهي أقلية فقيرة من شمال سوريا، والتي يعود فضل تحررها الاجتماعي إلى الجيش. وتدريجياً، ارتقى العلويون في المراتب في كل من حزب البعث والجيش. وكان النظام الجديد مؤمناً بالاشتراكية، وسارع بتأميم المصارف وإدخال الإصلاح الزراعي. وتم طرد ميشيل عفلق، مؤسس الحزب، من القيادة، وأُعلنت حالة الطوارئ (والتي رُفعت عام 2011).

كان حكم حزب البعث في دمشق غير مستقر لأن أحزاب الوسط واليساريين كانت دائماً على طرفي نقيض. عام 1966، قام الراديكاليون بانقلاب داخل الحزب. أدت الهزيمة النكراء أمام إسرائيل في حرب حزيران/يونيو عام 1967، حيث تم احتلال مرتفعات الجولان، إلى إضعاف النظام الاشتراكي العسكري، وازداد الخلاف بين الجناح المدني الراديكالي في الحزب والجناح العسكري الأكثر واقعية. مما أدى إلى انقلاب آخر قام به حافظ الأسد، الذي كان لواء في القوى الجوية وفيما بعد وزير دفاع، في 16 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1970.

بعد انقلاب عام 1963، تم تأميم البنوك وعدد من الشركات الصناعية، واحتكرت الدولة مجموعة من السلع الأساسية. وجرى توسيع استصلاح الأراضي الذي تم تنفيذه خلال الوحدة مع مصر عام 1963. غير أن هذه التدابير كانت مخصصة وارتكاسية إلى حد كبير، ومصممة (في حالة التأميم) من أجل “معاقبة” النخبة التقليدية بعد الاضطرابات المناهضة للنظام عام 1964 أو (في حالة استصلاح الأراضي) توسيع نطاق دعم طبقة الفلاحين الميسورين الذين نشأ من صفوفهم صنّاع الانقلاب البعثي. وفقط بعد انقلاب عام 1966 الذي نفذه اليساريون في حزب البعث، بدأت الأيديولوجية في لعب دور رئيسي، مع أنها، وحتى في ذلك الحين، كانت عادة تأتي في المرتبة الثانية بعد سياسات السلطة المحلية.

وتم وضع برنامج للتنمية الشاملة، حيث أصبحت استثمارات الدولة المحرك الرئيسي لجميع القطاعات الاقتصادية. وكان الهدف الصناعي الرئيسي هو الاستعاضة عن الواردات بالسلع المنتجة محلياً. وزيادة الإنتاج الزراعي بواسطة مشاريع ري تديرها الدولة، وخاصة سد الطبقة الكهرمائي الضخم على نهر الفرات (أنجز في سبعينات القرن العشرين). وإحضار الخدمات الحديثة إلى الأرياف في محاولة لرفع مستويات المعيشة في المناطق الريفية. وتم تخصيص مبالغ كبيرة لبناء الطرق الجديدة والسكك الحديدية. وأصبح الاتحاد السوفييتي، وغيره من دول الكتلة الشرقية، شركاء رئيسيين في العديد من المشاريع الجديدة، مما عزز العلاقات السياسية والعسكرية الوثيقة للنظام مع موسكو.

Advertisement
Fanack Water Palestine