تم إطلاق سراح المصور الصحفي المصري محمود أبو زيد، المعروف أيضاً باسم شوكان، في 4 مارس 2019 بعد أن أمضى أكثر من خمس سنوات في السجون المصرية، بحسب تغريدةٍ له على تويتر. أفرجت السلطات المصرية عن شوكان تحت “المراقبة الشرطية” لمدة خمس سنوات، حيث يتوجب عليه التواجد في مركز الشرطة يومياً عند مغيب الشمس.
حصل المصور الصحفي محمود أبو زيد (30 عاماً) على جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة لعام 2018 في الثاني من مايو، الذي يُصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة، بيد أن الحكومة المصرية لم يسرها ذلك.
وقالت رئيسة لجنة تحكيم اليونسكو ماريا ريسا في بيانٍ لها “إن اختيار محمود أبو زيد جاء نتيجة شجاعته ومقاومته والتزامه بحرية التعبير”.
وفي خضم عمله كمصورٍ حر مع منافذ دولية مثل مجلة تايم، وصحيفة دي تسايت، ووكالة تصوير ديموتكس، كان شوكان في القاهرة لتغطية اعتصام رابعة الداعم لرئيس الإخوان المسلمين المخلوع محمد مرسي عندما تم فض الاعتصام بالقوة من قبل قوات الأمن في 14 أغسطس 2013. وبالرغم من الأرقام المتفاوتة، إلا أنه من المرجح أن ما يصل إلى ألف متظاهر قتلوا في حين اعتقل المئات، حيث كان شوكان واحداً منهم.
وفي رسالة كتبها من السجن في عام 2014، يذكر شوكان كيف تم اعتقاله مع صحفيين أجنبيين سرعان ما تم الإفراج عنهما. وبدلاً من ذلك، احتجز في مركزٍ للشرطة لينقل بعدها إلى سجن أبو زعبل. وكتب شوكان قائلاً: “كان خمسة ضباط ينهالون عليَّ ضرباً في الوقت نفسه بحزام وبقبضات أيديهم، ويركلونني بأحذيتهم.”
وبعد احتجازه لمدة تزيد عن العامين على ذمة التحقيق، في انتهاكٍ للقانون المصري، وُجهت إليه التهم في سبتمبر 2015، في قضيةٍ مع 738 متهماً آخرين، في قضيةٍ تعرف باسم قضية “فض اعتصام رابعة.” وعليه، تراوحت التهم بين حيازة الأسلحة والتجمع غير القانوني والتخريب والقتل إلى الإنضام لعضوية جماعة محظورة (جماعة الإخوان المسلمين). عقدت الجلسة الأولى للمحكمة في ديسمبر 2015، ولا زال شوكان ينتظر صدور الحكم. وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية في مارس 2018، طلب المدعي العام إنزال عقوبة الإعدام عليه وعلى جميع المتهمين الآخرين في القضية.
وهو محتجز حالياً في سجن طرة شديد الحراسة في القاهرة، والذي يشتهر بمعاملته السيئة مع السجناء. فقد تدهورت صحته، بعد أن تم تشخيص حالته بالإصابة بالتهاب الكبد الوبائي سي في عام 2016، فضلاً عن كونه يعاني من سوء التغذية وفقر الدم. ووفقاً لما كتب “معي 12 سجيناً سياسياً في الزنزانة التي لا يزيد طولها عن أربعة أمتار وعرضها عن ثلاثة أمتار. حتى الحيوانات لا تستطيع أن تعيش في هذه الظروف. أنامُ على أرض شديدة الرطوبة. كل يوم يشبه الآخر.”
أصبح شوكان رمزاً لإضطهاد الصحفيين في مصر، إذ تحتل البلاد المرتبة 161 من أصل 180 في مؤشر منظمة مراسلون بلا حدود (RSF) العالمي لحرية الصحافة، وتعد ثالث أسوأ دولة في العالم في سجن الصحفيين. وقضيته ملفتة للنظر على وجه الخصوص بسبب طول مدة سجنه دون إدانة. وبالإضافة إلى ذلك، يحاكم شوكان مع العديد من قادة الإخوان المسلمين وأعضائها ومؤيديها الذين كانوا أيضاً في اعتصام رابعة، في حين أنه هو نفسه لا ينتمي إلى جماعة الإخوان وكان يقوم فقط بعمله عندما تم اعتقاله.
وقال شوكان بلسانه للقاضي خلال جلسة استماعٍ للمحكمة في نوفمبر 2016: “أنا مصور صحفي دون أي انتماءاتٍ من أي نوع.” وقد وصفت منظمات حقوق الإنسان الدولية شوكان بالسجين السياسي أو سجين الرأي. فقد منح نادي الصحافة الوطني الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقراً له، شوكان جائزة جون أوبوشون لحرية الصحافة في يونيو 2016، ومنحته لجنة حماية الصحفيين جائزة حرية الصحافة الدولية في نفس العام.
كما بدأت منظمة مراسلون بلا حدود حملة لشوكان في أبريل 2018 تحت وسم #MyPicforShawkan (صورتي لشوكان) للفت الانتباه إلى قضيته وممارسة الضغط على السلطات المصرية لإطلاق سراحه.
وقال يحيى الشربيني، وهو صديق شوكان والذي أنشأ صفحة على الفيسبوك حملت عنوان “الحرية لشوكان“، لنا في فَنَك: “لخمس سنوات، تساءلنا عن سبب احتجازه ولمَ لا يزال حتى الآن في السجن.” وأضاف “كان يريد حقاً مغادرة مرسي لمنصبه،” مفنداً انتمائه المزعوم إلى جماعة الإخوان المسلمين بحسب الشربيني.
وأوضح الشربيني سبب منحه لقب شوكان، إذ قال أن شوكان هو اسم عائلة قديم وباتت تتم مناداته به كلقبٍ له عندما كان طفلاً. تنحدر عائلته من مدينة سوهاج في صعيد مصر وعاش العديد من سنواته في الكويت حيث ترعرع. درس التصوير الصحفي في أكاديمية أخبار اليوم، وهي صحيفة محلية. وقال الشربيني عن صديقه “إنه صحفي موهوبٌ ومحترفٌ جداً كان يحب التقاط الصور.”
وفي رسائل أخرى من السجن، ناشد شوكان الصحفيين مواصلة العمل بالرغم من التحديات، إذ قال في رسالةٍ أخرى، “تمسكوا بأحلامكم، قاتلوا من أجل الصورة… لا تتخلوا عن كاميراتكم أياً كان ما يتطلبه الأمر.” وقال أيضاً في رسالةٍ أخرى “واصلوا اسماع صوتكم، الصحافة ليست جريمة.”
ووفقاً للشربيني، فإن جائزة اليونسكو هي تشجيعٌ مرحبٌ به، لأسباب ليس أقلها أموال الجائزة التي تبلغ 25 ألف دولار، وبحسب قوله “أنفقت عائلته الكثير أثناء احتجازه ومحاكمته.”
وأضاف “نحاول تشجيعه، ولكن في النهاية هو لا يريد جائزة، بل يريد الحرية.”
وعلى صعيدٍ متصل، أثار ترشيح شوكان للجائزة رد فعلٍ غاضب من مصر. فقد قال علي عبد العال، رئيس البرلمان، “لا ينبغي أن تزج اليونسكو نفسها في أمورٍ سياسية،” مضيفاً أنه لا يجوز منح شخص يواجه تهماً جنائية أي جائزة. وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية عن “أسفه العميق” لترشيح شوكان، محذراً من “تبعات تسييس اليونسكو” التي ستجر المنظمة إلى “جدول أعمال بعض البلدان.”
ومع ذلك، أشاد الناشط المصري وائل اسكندر بالترشيح، حيث قال: “شكراً لكل شخص من داخل اليونسكو حاول أن يردع الظلم ضد المصور الصحفي شوكان بمنحه جائزة حرية الصحافة. طريقة بسيطة لمحاربة الظلم الكبير الذي تعرض له.”
فقد خضعت مصر في بعض الأحيان لضغوطٍ دولية لإطلاق سراح الصحفيين الذين يحملون جنسياتٍ أجنبية، تماماً كما حصل مع الصحفيين السابقين في قناة الجزيرة، بيتر غريست (أسترالي) ومحمد فهمي (كندي- مصري). وبالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الحالات التي شهدت طرد صحفيين أجانب من مصر أو منعهم من الدخول عند وصولهم، مثل ريكارد غونزاليز (إسبانيا)، وريمي بيغاليو (فرنسا)، وآخرهم بيل تيرو (بريطاني). وعادةً ما يكون الصحفيون المصريون أقل حظاً، كونهم يقبعون تحت رحمة الشرطة المحلية والنظام القضائي، حيث يتعرضون لخطر السجن أو الاحتجاز المطول على الأقل قبل وأثناء المحاكمة.
ومع ذلك، لا يزال الشربيني يحذوه الأمل، “سيطلقون سراحه لأنه لا يوجد أي دليلٍ ضده على الإطلاق.” ومع اعتراض محامي شوكان على التهم الموجهة له، يتوقع الشربيني صدور حكمٍ بالبراءة خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة القادمة.