وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الأردن يحقق تقدماً في مجال حقوق المرأة، ويلغي قانون “تزويج المغتصب.”

Jordan- Demonstration in Jordan
طالبات أردنيات يتظاهرنّ في عمّان للضغط على البرلمان لإلغاء مادة من قانون العقوبات تسمح للرجال الذين يقتلون النساء بإسم “الشرف” بالنجاة من العقوبة. Photo AFP

اتخذ الأردن بعض الخطوات إلى الأمام في مجال حقوق المرأة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك إلغاء قانون في يوليو 2017 يسمح للمغتصبين بالإفلات من العقاب عن طريق الزواج من ضحاياهم، إلى جانب التراجع عن الأحكام التي تخفف العقوبات على الرجال الذين يقتلون أقاربهم من الإناث للحفاظ على “شرف” العائلة.

وبموجب المادة 308 من قانون العقوبات، كان يتم العفو عن المغتصبين الذين يتزوجون من ضحاياهم مع استمرار الزواج لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وفي ضوء ذلك، قال مؤيدوا هذا القانون إنه صُمم لحماية شرف المرأة، ومع ذلك، وصفه النشطاء بأنه انتهاكٌ لحقوق الإنسان، إذ يُجبر النساء الضحايا على الزواج من رجالٍ عنيفين وعدوانيين.

كما ضغط بعض المشرعيين للإبقاء على المادة التي تسمح بسريان مفعول البند في حالات الإغتصاب المنصوص عليه بالتشريع للقصر الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و17 عاماً، ولكن في النهاية تم إلغاء القانون بأكمله. وأشاد المدافعون بالقرار باعتباره خطوة كبيرة إلى الأمام من أجل حقوق المرأة.

فقد قالت سلمى النمس، الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، لإذاعة سي بي سي الكندية، “كان هذا مطلباً للحركة النسائية وحركات حقوق الإنسان في الأردن على مدى العقدين الماضيين على الأقل.”

وأضافت أن هناك العديد من الإصلاحات الأخرى التي لا يزال يتعين تحقيقها، إلا أنها أشارت إلى أن “هذا كان واحداً من أهم الإصلاحات وأكثرها أهمية لأنه كان متناقضاً مع فكرة العدالة القانونية.”

كما اتخذت الهيئات التشريعية والسلطات القضائية خطواتٍ نحو إنهاء التساهل الذي يحظى به مرتكبي ما يسمى بـ”جرائم الشرف.” ومع ذلك، توقفت عن إلغاء جميع الأحكام التي تسمح بأحكام أخف في هذه الحالات.

ووفقاً لهيومن رايتس ووتش، فإن ما بين 15 إلى 20 امرأة أردنية في المتوسط كل عام يقعن ضحايا لجرائم الشرف، حيث يقتل الرجال أقاربهن الإناث الواتي يشتبه بإقامتهن علاقاتٍ جنسية أو رومانسية خارج إطار الزواج.

فقد كانت هناك زيادة حادة في جرائم الشرف في عام 2016، عندما قُتلت 38 امرأة على الأقل، وفقاً لجماعات حقوقية، إذ أن خمسة منهن قتلنّ في أسبوعٍ واحد في شهر أكتوبر وحده. وفي إحدى القضايا التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، قتل شاب في الثامنة عشرة من عمرها شقيقته البالغة من العمر 20 عاماً بعد أن اكتشفت أن لديها هاتفًا محمولًا لا تعرف عنه أسرتها. ولربما تكون العلانية المحيطة بهذه القضية وارتفاع مستويات جرائم القتل ما أثار إجراء بعض هذه الإصلاحات.

وفي ديسمبر 2016، أصدرت دار الإفتاء في البلاد فتوى تقول إن جرائم الشرف تتعارض مع الشريعة الإسلامية ويجب ألا تكون ذات عقوبة مخففة. وفي أعقاب الفتوى، وبالتحديد في مارس 2017، ضاعف أحد القضاة الحكم على شقيقين قاما بتسميم شقيقتهما بعد أن وقعت في حب رجلٍ وفرت من منزل العائلة، إلا أنها عادت بعد التأكيد لها أنها لن تتعرض للأذى، حيث رفع مدة سجنهما إلى ما يتراوح ما بين 7 سنوات ونصف إلى 15.

وقال القاضي محمد الطراونة من محكمة النقض في ذلك الوقت: “نريد أن نرسل رسالة قوية إلى الناس مفادها أن قتل النساء باسم شرف العائلة لن يتم التسامح معه قط في محكمتنا بعد الآن.”

وفي يوليو 2017، تحرك البرلمان الأردني لإغلاق ثغرة سمحت للرجال الذين يقتلون أقاربهم من الإناث في “فورة الغضب” بالحصول على أحكام مخففة.

ومع ذلك، لا تزال هناك أحكام مخففة أخرى، بما في ذلك المادة 340 من قانون العقوبات، التي تسمح بتخفيف العقوبات على الرجال الذين يقتلون زوجاتهم أو أقاربهم من الإناث لارتكابهن الزنا. وفي بعض الحالات، يمكن تقليل الأحكام عندما تُسقط عائلة الضحية حقها الشخصي.

وفي الآونة الأخيرة، أي حتى نوفمبر 2017، تم تخفيض الحكم على أحد الرجال من 20 عام إلى 10 أعوام بعد إدانته بخنق زوجته وحرق جسدها لتحدثها مع أحد الرجال. وعليه، تم تخفيض العقوبة عندما تنازل أقارب الزوجة عن “حقهم الشخصي” في الضغط للحصول على عقوبة أشد. يحدث هذا بشكلٍ متكرر في حالات جرائم الشرف لأن أفراد العائلة الباقين يكونون من أقارب المجرمين وكذلك الضحية.

كما قدمت جماعات حقوق المرأة التماساً إلى الحكومة لإنشاء ملاجىء للنساء اللواتي يتعرضن للإيذاء وإنهاء ممارسة الاحتجاز الإداري للنساء اللواتي يُعتقد أنهن معرضات لخطر القتل على أيدي أسرهن.

فبموجب قانون منع الجريمة في البلاد، تضع السلطات أحياناً النساء المعرضات للخطر في الحبس الوقائي في السجن، إلى جانب المجرمين المدانين. وفي بعض الحالات، قضت النساء عقوداً خلف القضبان نتيجة لذلك.

ومن الجدير بالذكر أنه إذا ما وضعنا هذه الحالات المتطرفة جانباً، لا تزال المرأة الأردنية تعاني من أوجه عدم مساواة واسعة في مناحي الحاية الاعتيادية، بما في ذلك القيود التي تحول دون دخولها للقوى العاملة وانعدام الحقوق فيما يتعلق بأطفالها.

يتمتع الأردن بواحد من أقل معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة في جميع أنحاء العالم، حيث تبلغ النسبة حوالي 13%، كما أن غالبية العاطلات عن العمل من خريجات الجامعات. ولا تزال معدلات الزواج المبكر مرتفعة، سواء بين الفتيات الأردنيات بشكلٍ عام وخاصة بين اللاجئين السوريين. ونتيجةً لذلك، لا تواصل هؤلاء الشابات عموماً تعليمهن، مما يضر أيضاً بآفاق حصولهن على عملٍ في المستقبل.

كما أن الأردن واحد من حوالي 26 دولة في العالم لا تمنح المرأة نفس الحقوق مثل الرجل لنقل جنسيتها لأطفالها، وذلك وفقاً للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. خلق هذا مشاكل لعائلات الأطفال المولودين في الأردن لأمهاتٍ أردنيات متزوجات من رجال أجانب ذلك أنه تتم معاملة أطفالهنّ كأجانب فيما يتعلق بالعمالة وحقوق الملكية وغيرها من المجالات التي يمنح فيها المواطنون الأردنيون الأولوية.