بالمقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية، تمتعت البحرين بمشهد إعلامي محلي متنوع ومتحرر نسبياً في السابق. والأسباب تجارية وسياسية على حد سواء. أولاً، كانت النخبة الحاكمة ورجال الأعمال يحرصون دائماً على تعزيز البحرين كمجتمع متحرر وعالمي، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والأعمال التجارية والسياح. وكان تأسيس المشهد الإعلامي المحلي المتنوع المعتمد على تقنيات الاتصالات الحديثة لفترة طويلة جزءً لا يتجزأ وحزمة من سياسة العلاقات العامة للنظام. وبينما كان هذا التنوع في البداية تجميلياً بحتاً ومعتمداً على الرقابة القديمة لوزارة الإعلام، تم إلغاء الرقابة – رسمياً على الأقل – بعد حرب الخليج عام 1991. وتم استبدالها بنظام رقابة حكومية أقل رسمية يعتمد على التبني “الطوعي” للقانون “الأخلاقي” للرقابة الذاتية من قبل الصحفيين المحليين.
عزز هذا التغيير اعتبارات سياسية منبثقة من ترتيبات البحرين الأمنية في مرحلة ما بعد حرب الخليج والديمقراطيات الغربية المتحررة، وخصوصاً الولايات الأمريكية المتحدة وبريطانيا. أحد الدوافع المماثلة للظهور بمظهر المتحرر في أعين الغرب كان قوة واحدة تقف وراء الإصلاحات المتحررة التي بدأها حمد بن خليفة الذي خلف والده كأمير عام 1999. أكدت المادة 24 من الدستور الجديد الذي أعلنه حمد (الملك حالياً) عام 2002 أن “حرية الصحافة والطباعة والنشر مضمونة بموجب الأحكام والشروط المنصوص عليها في القانون”. كما نصت المادة 23 على أن “لكل فرد الحق في التعبير عن رأيه ونشره كلاماً أو كتابة أو غير ذلك بموجب الأحكام والشروط المنصوص عليها في القانون”.
مع إشادة إدارة بوش بإصلاحات الملك حمد كنموذج في العالم العربي، تغاضى مراقبون بشكل متعمد جداً عن نهاية المادة 23 نفسها: حيث نصت على أن حرية الصحافة تخضع “لأحكام وشروط (غير محددة) وضعها القانون” وأضافت الشرط الغامض بشكل يثير القلق “الالتزام بمبادئ العقيدة الإسلامية، وعدم المساس بوحدة الشعب، وعدم إثارة الفرقة أو الطائفية”. قيّد قانون الصحافة رقم 47 (2002) “حرية الصحافة” بشكل أكثر، والذي ينص على عقوبة السجن “ستة أشهر على الأقل لمن ينتقد الإسلام أو الملك أو التحريض على الأعمال التي تقوّض أمن الدولة”. كما عدّد 14 جريمة جنائية أخرى من بينها “نشر بيانات صادرة عن دولة أو منظمة أجنبية دون الحصول على موافقة وزير الثقافة” أو “نشر أية تقارير صحفية قد تؤثر سلباً على قيمة العملة الوطنية”. تم إنشاء هيئة إعلامية عام 2010 لمراقبة الصحافة، بما في ذلك مواقع الانترنت.
أدى الالتزام العلني للنظام بحرية الصحافة، إلى جانب تبنيه المخادع لقوانين صحافة غامضة وقمعية بشكل أساسي، إلى وضع مربك ومزعج. ذاقت وسائل الإعلام المحلية، ووسائل الإعلام على الانترنت بشكل خاص، طعم حرية التعبير منذ عام 2002. ولم يسبق للبحرينيين الحصول على مثل هذا التنوع من الآراء والمعلومات المحلية في وسائل الإعلام المحلية. غير أن الصحفيين يواجهون تهديدات جديدة منذ اعتماد قانون الإرهاب عام 2006. تم تطبيق هذا القانون – الذي ينص على عقوبة السجن مدى الحياة – من قبل النظام عام 2008 لمحاكمة عدة نشطاء محليين لحقوق الإنسان ممن نشروا على الانترنت مقالات تنتقد الأوضاع السياسية في البلاد.
استهدفت الحكومة كل المصادر الإعلامية تقريباً خلال الاضطرابات السياسية عام 2011. وتم طرد المراسلين الأجانب. وفرضت غرامات بحق ثلاثة محررين من “صحيفة الوسط” على تقارير نشروها. وواصلت الحكومة حجب مواقع المعارضة. وصنفت منظمة “مراسلون بلا حدود” البحرين في مرتبة أسوأ من أي وقت مضى (إلى جانب سوريا واليمن). فبينما ارتقت تونس 30 مركزاً في مؤشرها، هبطت البحرين 29 مركزاً (إلى المرتبة 173).