أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في 17 أبريل 2017، مرسوماً ملكياً بدا أنه يخفف من القيود المفروضة على المرأة السعودية التي تحظر عليها القيام بمعظم الأنشطة العامة دون الحصول على موافقة ولي الأمر. كما يسمح مرسوم الملك سلمان للمرأة بالتماس التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات من تلقاء نفسها، “ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.”
وبعبارةٍ أخرى، لم يطرأ تغييرٌ يذكر للمرأة في المملكة.
تعتبر الحريات الجديدة التي يشملها المرسوم أنشطة يراها معظم باقي العالم حقوق الإنسان الأساسية: الذهاب إلى المستشفى، والحصول على وظيفة، والدراسة، والتواجد في المحكمة، وتقديم شكوى للشرطة دون إذن من الذكور. ولكن يسعى بعض السعوديون، إلى تحقيق التقدم في ظل قوانين الشريعة الإسلامية المطبقة في المملكة، والتي مبدأها الأساسي هو الاعتقاد “بنقص قدرات” المرأة.
ومما يثير السخرية أن المملكة العربية السعودية وقعت في عام 2000 وصادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واليوم، جاء المرسوم متضمناً ثغراتٍ ضخمة، بما في ذلك في الحالات التي تتعارض فيها الاتفاقية مع الشريعة الإسلامية. فقد كان هذا هو آخر امتيازٍ كبير لحقوق المرأة في المملكة حتى عام 2011، حين أعطى الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود المرأة الحق في التصويت والترشح للانتخابات البلدية. كما سمح الملك عبد الله للمرأة بالعمل في مجلس الشورى، وهو هيئة استشارية للمملكة العربية السعودية.
وعلى الرغم من هذه التطورات، لا تزال النساء والفتيات السعوديات يعشن تمييزاً منتشراً. فهنّ لا يستطعن الدراسة أو السفر إلى الخارج بدون موافقة الزوج أو الأب أو الابن أو أي قريب آخر من الذكور، كما لا يستطعن الزواج بدون إذن. وعلاوة على ذلك، يعتبر التسجيل للتصويت في الانتخابات، أو استئجار شقة، أو المشاركة في الألعاب الرياضية، بعضاً من المهام التي يصعب أو يستحيل على المرأة السعودية انجازها بنفسها.
وليس من المستغرب إذاً أن تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة 141 من أصل 144 بلداً في تقرير الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2016 الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. إن البلدان الوحيدة التي تتخلف فيها المرأة عن الرجل في التعليم والصحة وغير ذلك من تدابير المساواة هي سوريا وباكستان واليمن.
ففي عام 2016، أصدرت ھیومن رایتس ووتش تقریراً یوثق الطریقة التي یحدّ بھا نظام ولایة الذكور من حیاة النساء. وشملت العشرات من النساء اللواتي أجريت مقابلات معهن نساء مثل زهرة، 25 عاماً، اللتي رفض والدها دراستها في الخارج. وقالت زهرة، “كلما يخبرني أحدهم، عليكِ وضع خطة خمسية، أقول لهم لا أستطيع. إذا ما وضعت خطة خمسية، أبي سيخالفني الرأي، لمَ أضع خطة من الأصل؟”
وفي نفس العام، طلبت صحيفة نيويورك تايمز وتلقت ما يقرب من 6 آلاف شهادة مكتوبة من النساء السعوديات حول حياتهن اليومية. ووصفت إحدى المراهقات كيف يؤثر المجتمع الأبوي بعمق على قرارات المرأة في الحياة والموت.
وقالت رولا (19 عاماً): “تعرضت لحادث مروري في إحدى المرات في سيارة أجرة، حيث رفضت سيارة الإسعاف نقلني إلى المستشفى حتى وصل ولي الأمر. فقدت الكثير من الدماء. وإن لم يصل في تلك اللحظة، لكنت في عداد الموتى اليوم.” ولكن، قالت بعض النساء السعوديات للصحيفة أنهن رأين بصيص أملٍ في التغيير، بالرغم من كونه بطيء.
“المرأة اليوم هي الطبيبة، والمهندسة، والعالمة، وسيدة الأعمال، تعمل مع الرجال ولها قيمة، وهذا كل شيء في السنوات السبع الماضية أو نحو ذلك،” تقول (ل) البالغة من العمر 18 عاماً. وتُضيف “نحن نتقدم. نحن نمضي قدماً. نحتاج فقط إلى الصبر والفرصة.”
ومنذ الصيف الماضي، وقع آلاف السعوديين عريضة لإلغاء ولايات الذكور، إذ يعتبر هذا الجهد جزء من حركة احتجاج متنامية تدعو إلى حقوق المواطنة الكاملة للإناث، مما يثير سخط بعض الرأي العام. ففي نوفمبر الماضي 2016، أعلن الأمير السعودي الليبرالي، الوليد بن طلال، أن الوقت قد حان لكي تصبح السعودية آخر دولة في العالم تسمح للمرأة بقيادة السيارة.
تحتج بعض النساء السعوديات على اعتبارهنّ مواطنات من الدرجة الثانية أنثاء ممارستهن للإجراءات اليومية. فقد جاءت اللفتة الاستفزازية من ملك الشهري، التي نشرت صورة لها في الخارج دون الحجاب على موقع تويتر. عرضها هذا المنشور لتهديدات كثيرة من بينها رجل طالب السعودية بـ”قتلها ورمي جثتها إلى الكلاب.”
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، أن على المملكة العربية السعودية الذهاب إلى أبعد بكثير من استهداف عددٍ قليل من أكثر القيود فظاعة، مثل التعديل الذي يدعو إلى وضع حدٍ لقواعد الوصاية غير الرسمية للذكور التي تمنع النساء من الوصول إلى الخدمات الحكومية.
وقال ويتسن “تمتلك المملكة العربية السعودية فرصة هائلة لاجتثاث كافة آثار نظام الوصاية، ويجب ان تستخدم فترة الثلاثة أشهر للمراجعة، التي أمر بها الملك سلمان، بالإعلان فوراً بأن جميع متطلبات موافقة ولي الأمر باطلة ولاغية.” وأضافت “يجب على الملك أيضاً أن يطلب من أجهزة الدولة أن تمنع بشكلٍ فعال التمييز من قبل الأفراد والشركات.” كما دعا مركز الخليج لحقوق الإنسان إلى إلغاء ولاية الذكور.
وكثيراً ما يتم إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، أشار علي اليامي، المؤسس والمدير التنفيذي لمركز الديمقراطية وحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، إلى أن المراسيم الملكية ليست أدوات فعالة للتغيير.
وقال اليامي أن المرسوم “ليس كامناً في النظام، فهو ليس قانون، ولا يُزيل ما تواجهه المرأة كل يوم.” وأضاف “لا تزال السيطرة في يد الوصي.” فعلى سبيل المثال، قال اليامي، المحاكم السعودية يحكمها فقط “رجالٌ معادون للمرأة فحسب. إذا ما ذهبت امرأة إلى المحكمة لأن وليها يمنعها من السفر، سيقولون لها ببساطة أنه لم ينبغي لها الحضور إلى هنا دون إذنٍ منه!” وأضاف “لا يوجد على الاطلاق اي مؤسسة لتنفيذ ما منحه الملك للنساء.” وقال اليامي أن المبادرات الاخيرة بتحرير المرأة قد تبدو “وكأنها تحسن ولكنها ليست كذلك.”