وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الملك سلمان وصعود محمد بن سلمان

تبنّى الملك سلمان نهجاً يهدف إلى تسليم قيادة المملكة إلى جيل جديد، فأصبح ابنه محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد. وأحكم ابن سلمان سيطرته على السلطة ومضى في تحديث السعودية. ولكن شابت تلك الجهود مزاعم القمع وانتهاكات حقوق الإنسان.

الملك سلمان بن عبد العزيز
صورة تظهر ملصقاً للملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الحديثة (يسار)، والملك سلمان بن عبد العزيز (وسط)، وولي العهد محمد بن سلمان. الرياض في 16 أبريل 2023.

صعود الأمير الشاب

حين تُوفي الملك عبد الله في يناير 2015، خلفه أخوه غير الشقيق سلمان، وهو أحد أبناء عبد العزيز آل سعود الكثيرين. اتبع الملك سلمان التقاليد الملكية وعيّن أخاه غير الشقيق الأمير مقرن ولياً للعهد. واستمر ذلك ثلاثة أشهر حتى عيّن الملك سلمان الأمير محمد بن نايف ابن أخيه ولياً للعهد عام 2015، وبذلك يكون سلمان آخر من يتولى العرش من أبناء عبد العزيز، أملاً منه في تسليم المملكة إلى الجيل القادم.

وتوطدت سيطرة الجيل الجديد بتعيين ابنه محمد بن سلمان وزيراً للدفاع، وكان حينها في الخامسة والثلاثين من عمره (وُلد عام 1980). كما تولى الأمير الشاب هيئة حكومية جديدة تُدعى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية التي تشرف على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

وفي عام 2016، أعلن ابن سلمان عن أولى تفاصيل الخطة الوطنية الجديدة تحت اسم رؤية السعودية 2030. وتركّز هدف هذه الرؤية في تحويل الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط إلى تنويع مصادر الاقتصاد لتشمل التجارة الدولية غير النفطية وتطوير الخدمات العامة في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم. كما شملت الرؤية تحرير الحياة الاجتماعية والاهتمام بقطاع السياحة.

وبعدما منح الملك سلمان ابنه هذه السلطات كلها، عيّنه ولياً للعهد ورئيساً للوزراء في يونيو 2017. وأصبحت للأمير الشاب سلطات شبه مطلقة لإنجاز التغيير المطلوب، وذلك رغم أن والده ما يزال على العرش.

تنويع الاقتصاد

كان تنويع الاقتصاد أمراً ملحاً على أجندة الحكومة السعودية منذ عقود. وكان اقتصاد النفط في أزمة جرّاء الانخفاض الحاد في الأسعار قبل عدة سنوات من بداية العهد الجديد في المملكة. وفي الوقت نفسه، شكّل قطاع النفط 40% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة و90% من الإيرادات الحكومية، و85% من الصادرات.

وكان الملك سلمان قد خصص 29.3 مليار دولار لميزانية الإنفاق العام فور وصوله إلى العرش. وشملت الميزانية دفع مكافأة تعادل راتب شهرين لكل موظفي الدولة السعوديين، وزيادة المخصصات المقررة لمتلقي الرعاية الاجتماعية والإعانات. وكانت تلك خطوة شعبوية لاقت ترحيب المواطنين، لكنها عرّضت ميزانية الدولة لخطر الديون.

بدأت أسعار النفط في التحسن عام 2017، وأخذ الاستهلاك العالمي للنفط في الارتفاع وإن كان بوتيرة بطيئة. وبين عامي 2011 و2021، ارتفعت أسعار النفط بمعدل 0.8% فقط سنوياً. وقد انعكس ذلك على حصة المملكة من السوق العالمي، إذ انخفضت صادرات النفط السعودية من إجمالي الصادرات العالمية بمتوسط 0.5% سنوياً خلال الفترة نفسها.

وبحلول عام 2021، انخفضت حصة المملكة من الصادرات العالمية لتصل إلى 11.5%. ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي لم ينخفض، فإنه لم يشهد أي ارتفاع يُذكر أيضاً.

وفور توليه منصب رئيس الوزراء، أعلن محمد بن سلمان أن المملكة ستعمل على جذب الاستثمارات من أسواق المال العالمية وستضخ استثمارات خارج البلاد من خلال الصندوق السيادي. وكان يأمل محمد بن سلمان بتنفيذ هذه الخطة أن تستحوذ المملكة على أكثر من 10% من الفرص الاستثمارية في العالم، وهو ما سيحرر البلاد من اعتمادها على النفط.

كما سعى محمد بن سلمان إلى تعزيز الأسواق المحلية من خلال زيادة النزعة الاستهلاكية وتحسين الخدمات.

وكان الهدف تشجيع الاستهلاك القائم على الديون وتقليل توقعات المواطنين السعوديين من الدولة. أرادت القيادة الجديدة تشكيل اقتصاد يقوم على الخدمات والنزعة الاستهلاكية على الطريقة الأمريكية، وحكومة تهدف إلى تقليل الإنفاق العام وبيع الأصول، وذلك بغرض مواجهة تحديات انخفاض الطلب العالمي على النفط.

التحديث والقمع في عهد محمد بن سلمان

حاول الملك سلمان بعد وصوله إلى العرش حصر الوهابية في نطاق التقليد الديني الدَعَوي وتجريدها من دورها السياسي. ولم يكن ذلك أمراً سهلاً عليه بالنظر إلى دور الوهابية التاريخي في إضفاء الشرعية على الدولة السعودية، حتى وإن شجعت بعض فتاوى العلماء الناس على الانضمام إلى الجماعات الإرهابية. وكذلك اعتقلت الحكومة السعودية الأصوليين الإسلاميين ومن يُشك في انتمائهم للجماعات الإرهابية، كما قيّدت صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وفي الوقت نفسه، أصبح محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد وظلّ الملك سلمان في خلفية المشهد. وقد تخرّج ابن سلمان في كلية الحقوق بجامعة الملك سعود. وبفضل معرفته بالشريعة الإسلامية، تمكّن من تقديم حجج متماسكة عن رؤيته “للإسلام المعتدل” الذي يجمع بين التقدم الاقتصادي والحقوق الشخصية.

ومع ذلك، يمكن فهم رغبة محمد بن سلمان في السيطرة على الخطاب الديني على أنها جزء من سعيه إلى تركيز السلطة في يده. ورغم الإصلاحات الاجتماعية في المملكة، تعرّضت الحكومة لانتقادات لقمعها المستمر. وهذا يناقض الصورة التي تحاول البلاد رسمها للحقبة الجديدة.

وفي أبريل 2016، أُصدرت تشريعات تقلّص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل إيقاف المشتبه بهم. ومع ذلك، ذكرت التشريعات أن الهيئة ستواصل فرض الفصل الصارم بين الجنسين، ومنع بيع الخمور وتناولها، والإشراف على القيود الاجتماعية مثل حظر قيادة النساء للسيارات.

ورغم أن الحكومة ألغت رسمياً الحظر المفروض على قيادة النساء منذ عام 2017، فقد فشلت في إقرار إصلاحات جوهرية فيما يتعلق بولاية الرجل على المرأة.

وقد أضرّت حالات القمع البارزة المتكررة بصورة المملكة باعتبارها دولة مستقبلية.

وفي نوفمبر 2017، اعتقلت السلطات أكثر من 200 شخص من الأمراء ورجال الأعمال والوزراء على خلفية تهم بالفساد. واحتُجز عديد منهم في فندق ريتز كارلتون بالرياض حيث تعرّض بعضهم للضرب والتعذيب، بحسب تقارير نفتها الحكومة. وبعد أن جرُد هؤلاء المحتجزون من قدر كبير من ثرواتهم بحسب مصادر رسمية سعودية،

جنت الخزينة السعودية نحو 107 مليارات دولار. وبينما اعتبرت السلطات السعودية الاعتقالات جزءا من حملة مكافحة الفساد التي أطلقها الملك سلمان، أعربت منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش عن مخاوفها من حملة الاعتقالات التعسفية الجماعية. وقالت المنظمة إن الاعتقالات تتناسب مع نمط انتهاكات حقوق الإنسان ضد الناشطين والمعارضين السلميين في السنوات السابقة.

ورغم سماح الحكومة في سبتمبر 2017 للنساء السعوديات بقيادة السيارات، فقد استهدفت الناشطين في هذه القضية. ففي مايو 2018، ألقت السلطات القبض على لجين الهذلول، إحدى أبرز الناشطات في الحملة النسائية ضد حظر القيادة، مع كثير من الناشطات الأخريات دون توجيه تهم محددة.

ووصفتهن البيانات الرسمية في وسائل الإعلام المملوكة للدولة بالخونة وزعمت أنهن أجرين اتصالات مع “جهات أجنبية لزعزعة استقرار البلاد ونسيجها الاجتماعي”. أُطلق سراح الهذلول في فبراير 2021 بعد 1001 يوم من الاحتجاز، وأشارت بعض التقارير إلى تعرضها للتعذيب. ومع ذلك، منعت السلطات الهذلول من مغادرة البلاد.

قضية خاشقجي

كانت قضية خاشقجي إحدى القضايا الصادمة التي أضرت بصورة المملكة في جميع أنحاء العالم. ففي 2 أكتوبر عام 2018، اختفى الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي خلال زيارته للقنصلية السعودية في إسطنبول. وفي اليوم التالي، صرّحت الحكومة السعودية بأنه اختفى بعد مغادرة مبنى القنصلية، لكن المسؤولين الأتراك أعلنوا أنهم يعتقدون أنه ما يزال داخل القنصلية. واتضح لاحقاً أن فرقة أمنية سعودية قتلته في الداخل، وزعم البعض أنهم قطّعوا جثته.

وفي النهاية، اعترفت السلطات السعودية بأن مسؤولين منشقين اغتالوا خاشقجي، واعتُقل بعضهم في السعودية. وأعلنت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومحقق الأمم المتحدة أن محمد بن سلمان هو من أعطى الأمر بالقتل. وفي سبتمبر 2019، نفى ابن سلمان ذلك الاتهام وأقرّ بتحمله “كامل المسؤولية” عما حدث بصفته أحد قادة البلاد.

وفي ديسمبر من العام نفسه، أُدين ثمانية مسؤولين وحُكم على خمسة منهم بالإعدام، ثم خُففت أحكام الإعدام إلى عقوبة بالسجن عشرين عاماً. ولكن ذلك لم يوقف الانتقادات إلى السعودية وتركيا بسبب التحقيقات والأحكام. ورغم أن محمد بن سلمان تعرّض للتهميش في البداية نتيجة للغضب الدولي، يرى النقاد أن ولي العهد نجح في التهرب من الملاحقة القضائية بصفته العقل المدبر المزعوم للاغتيال.

كما تعرضت الحكومة السعودية لانتقادات لاستهدافها الناشطين والناشطات عبر الإنترنت. وكان صندوق السيادي السعودي قد استحوذ على حصة كبيرة غير مباشرة في شركة تويتر، كما امتلك الملياردير الأمير الوليد بن طلال حصة كبيرة فيها (أكثر من 5%). ويُزعم أن أحد كبار مساعدي محمد بن سلمان قد اخترق منصة التواصل الاجتماعي، وجنّد موظفيها ودفع رواتبهم حتى يضع يده على المنشقين السعوديين الذين سخروا من النظام أو انتقدوه في الخارج.

وفي أغسطس 2022، أُلقي القبض على طالبة سعودية بجامعة ليدز في بريطانيا عند عودتها إلى البلاد وحُكم عليها بالسجن 34 عاماً بتهمة إعادة نشر تغريدات لمعارضين وناشطين يطالبون بإجراء إصلاحات في السعودية. وبحسب تقرير أصدره مركز الخليج لحقوق الإنسان في أغسطس 2023، فقد واصلت السلطات السعودية الاستهداف المنهجي للناشطات والصحفيات، كما عملت على تقييد حرية التعبير وسجن الناشطات بسبب نشاطهن ضد ما سماه المركز “محاكمات جائرة لا تفي بالمعايير الدولية”.

وقد ذكرت بعض التقارير أن المملكة تستخدم برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس“، بالإضافة إلى برامج تجسس وأنظمة مراقبة أخرى، بغرض اختراق هواتف الصحفيين، ومنهم جمال خاشقجي من صحيفة واشنطن بوست وبن هوبارد من صحيفة نيويورك تايمز، فضلاً عن صحفيين في شبكة قناة الجزيرة في قطر ومعارضين في بريطانيا وكندا.

وقال محمد بن سلمان في مقابلة مع قناة فوكس نيوز في سبتمبر 2023، إنه “يشعر بالخجل” من قمع المعارضة وادعى أن بلاده تسعى إلى تغيير القوانين. لكنه قال إنه لا يستطيع التدخل في “القوانين السيئة” التي يحمّلها مسؤولية الأحكام القاسية.

العلاقات مع إسرائيل

لم تكن للسعودية قط علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، ولكن تطوير العلاقات بينهما أثبت أهميته للجانبين.

أصبحت الروابط بين إسرائيل والسعودية واضحة عام 2016 بعد أن تنازلت مصر للمملكة عن جزيرتين صغيرتين على مضيق تيران (عند مدخل خليج العقبة) الذي يُعد بوابة الدخول إلى ميناء إيلات في جنوب إسرائيل. وقد مرّ تصديق الحكومة الإسرائيلية على الصفقة بهدوء، إذا تُعد موافقتها ضرورية وفقاً لبنود اتفاقية كامب ديفيد.

وكذلك كانت تلك الخطوة جزءاً من سعي السعودية وإسرائيل إلى تحسين علاقاتهما الثنائية سراً في مواجهة عدوهما المشترك آنذاك: إيران. وعلى هذه الخلفية، طلبت وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 2017 من الدبلوماسيين الإسرائيليين في الخارج دعم التدخل السعودي في اليمن.

وهكذا، مضى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدافع علناً عن محمد بن سلمان بعد مقتل خاشقجي، بقوله: “إنه مهم جداً، من أجل استقرار المنطقة والعالم، أن تبقى السعودية مستقرة”، وطالب نتنياهو الإدارة الأمريكية بالحفاظ على علاقتها الأمنية القوية مع المملكة بحسب التقارير.

وظهرت علامات أخرى على التعاون “السري” حين سُمح للطائرات التي تقلع من إسرائيل في مارس 2018 بدخول المجال الجوي السعودي للمرة الأولى.

ومع تحسن العلاقات بين إسرائيل والسعودية ببطء، فضلاً عن عوامل أخرى، مال الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تغيير موقفه بشأن مقتل خاشقجي وتراجع عن تهميش محمد بن سلمان. وأجرى بايدن زيارة إلى السعودية في يوليو 2022، ورغم تكرار استيائه من مقتل الصحفي، التقى محمد بن سلمان نفسه.

وبحلول يوليو 2023، أشاد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ علناً بجهود الولايات المتحدة للتوسط في إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين إسرائيل والسعودية، وذلك في أعقاب إعلان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن التطبيع بين الجانبين يمثّل “مصلحة أمنية وطنية جوهرية” في نظر واشنطن.

وفي سبتمبر 2023، أكد محمد بن سلمان نفسه أن التطبيع قيّد التخطيط، كما زار وزيران من إسرائيل علناً المملكة العربية السعودية.

لم تظهر علاقات دبلوماسية رسمية على السطح حتى أكتوبر 2023، ولكن ظهرت سياسة اقتصادية مشتركة مقرونة بمشروع محمد بن سلمان لإنشاء مدينة ذكية في المنطقة الاقتصادية المعروفة باسم نيوم، والتي من المخطط لها أن تربط بين السعودية ومضيق تيران وإيلات، على أن تكون مع مدينة خطية متخصصة في صناعة التكنولوجيا الحيوية والطاقة.

وذكرت بعض التقارير أن العمل قد بدأ بالفعل في مشروع ممر بري من شأنه أن يربط بين البلدين مباشرة ويسهّل التجارة بين إسرائيل والمملكة ودول الخليج الأخرى.

وكانت السعودية قد ربطت التطبيع منذ فترة طويلة بحل القضية الفلسطينية وفقاً لمبادرة السلام العربية، وطالبت بتقديم تنازلات للفلسطينيين من أجل إبرام أي اتفاق. ولكن يبدو أن ذلك صار غير محتمل في ظلّ الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل.

عمّ الغضب العالم العربي بعد الهجمات التي شنتها إسرائيل على غزة منذ السابع من أكتوبر، والتي تضمنت غارات جوية تستهدف المدنيين وتحرمهم من ضروريات الحياة وتجبرهم على إخلاء أجزاء من قطاع غزة. وأظهرت الاحتجاجات الضخمة في الشوارع العربية أن القضية الفلسطينية ما تزال تحتل مكانة مركزية في قلوب العرب وعقولهم، وهو ما أدى إلى تجميد أي جهود للتطبيع مع إسرائيل في الوقت الراهن.

صورة صادرة عن القصر الملكي السعودي في 15 يوليو 2022 يظهر فيها ولي العهد محمد بن سلمان (يمين) وهو يسلّم على الرئيس الأمريكي جو بايدن في قصر السلام بمدينة جدة على البحر الأحمر. كان هذا اللقاء تعبيراً عن رغبة الطرفين في تجاهل الخلافات على ملفات حقوق الإنسان والتركيز على العلاقات الدبلوماسية والتجارية. Bandar AL-JALOUD / Saudi Royal Palace / AFP

الحصار على قطر

في يونيو 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر وعدد قليل من الدول الأخرى علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واعترضت المملكة تحديداً على دعم قطر للجماعات الإسلامية في المنطقة، وتغطية قناة الجزيرة للشؤون السعودية والمصرية.

كما اتهمت تلك الدول قطر بدعم الإرهاب مع تزايد دورها في المنطقة. وبين عامي 2017 و2021، عانت قطر حصاراً برياً وبحرياً وجوياً، ما أضرّ بالتجارة والسفر بين قطر والدول الأخرى.

حرب اليمن

تدخلت السعودية في الحرب الدائرة في اليمن قبل وصول الملك سلمان إلى العرش. ولكنها انخرطت بقوة في الحرب حينما شكّل محمد بن سلمان بصفته وزيراً للدفاع تحالفاً واسعاً من دول الخليج لإعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى السلطة وإجبار الحوثيين على سحب قواتهم من صنعاء. كما قاتل التحالف ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يسيطر على دويلة صغيرة بالقرب من مدينة المكلا على الساحل الجنوبي في حضرموت.

بحلول نهاية عام 2016، قلّص التحالف تهديد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إلى حد كبير. ولكن ظلّ تهديد الحوثيين قائماً رغم الحصار الجزئي المفروض على اليمن، والذي بررته الحكومة السعودية بذريعة منع تهريب الصواريخ من إيران إلى الحوثيين، وهو ما نفته الحكومة الإيرانية. ومنذ عام 2017، أطلق الحوثيون كثيراً من الصواريخ في عمق المملكة، فضلاً عن تنفيذ هجمات بطائرات مسيّرة ضد أهداف سعودية.

وشهد عام 2020 هدنة لم تفض إلى وقف إطلاق النار، وظلّ العنف مستمراً. وأدى هجوم لمطار عدن إلى مقتل أكثر من 20 شخصاً، ولكنه فشل في استهداف مجلس الوزراء التابع للحكومة اليمنية الجديدة. واتهمت الرياض جماعة الحوثي بتنفيذ الهجوم.

إيران

كانت العلاقات السعودية الإيرانية متأزمة بين عامي 2010 و2019. وتمثّلت تلك الأزمة في حرب اليمن، لكنها لم تقتصر على ذلك. ففي الحرب المحتدمة في سوريا، دعمت السعودية الجماعات المتمردة على النظام، بينما دعمت إيران الرئيس السوري بشار الأسد. وانحازت السعودية إلى صف إسرائيل والولايات المتحدة بسبب مخاوفها من البرنامج النووي الإيراني. وشهد عام 2016 صداماً علنياً بين السعودية وإيران بعد إعدام نمر النمر في السعودية بتهمة “الإرهاب”.

لكن العلاقات عادت بين الطرفين بعد المحادثات السرية التي رعتها الصين في بكين، وهو الأمر الذي لم يعجب الحكومة اليمينية الإسرائيلية. إذ وصف نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، ذلك بأنه تطور “جاد وخطير وضربة كبيرة للجهود الرامية إلى إنشاء تحالف إقليمي” ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

جائحة كورونا

مثّل تفشي جائحة كورونا أحد الاختبارات الجديدة لمحمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد. لذلك واجهته الحكومة بحزم، إذ علّقت جميع الرحلات الداخلية والدولية في مارس 2020 وفرضت سياسة حظر التجول والإغلاق على عدة مستويات إدارية. ومُنع مؤقتاً دخول المسلمين الراغبين في أداء العمرة، وعُلّقت صلاة الجمعة في الحرمين الشريفين بمكة والمدينة إلى حين.

وانخفض عدد الحالات اليومية المؤكدة انخفاضاً كبيراً، ورُفعت القيود المفروضة على حظر التجول باستثناء مكة بحلول منتصف العام. وكان عدد حالات الوفيات مرتفعة وتزايدت بسرعة حتى منتصف 2020. عقب ذلك انخفاض حاد في النصف الثاني من العام ثم موجة ثانية من الفيروس في منتصف 2021. وأحكمت الحكومة سيطرتها على الفيروس بحلول أكتوبر 2021. ومع ذلك، ارتفعت حالات الإصابة في الفترة من يناير إلى فبراير عام 2022، وفقاً لمركز موارد فيروس كورونا التابع لجامعة جونز هوبكنز.

Advertisement
Fanack Water Palestine