سوزان إيلكان: أستاذة ورئيسة أبحاث جامعية بقسم علم الاجتماع والدراسات القانونية في جامعة واترلو وكلية بالسيلي للشؤون الدولية.
سيتشل داتا: حاصلة على درجة الدكتوراه من قسم الأنثروبولوجيا والبرنامج التعاوني في دراسات المرأة والجندر في جامعة تورنتو.
بدأ الصراع السوري في أوائل مارس 2011 في أعقاب الربيع العربي، حيث طالبت الانتفاضات المؤيدة للديمقراطية في سوريا بتغيير النظام والإصلاح السياسي.
تحول الصراع إلى حرب. وقد فر أكثر من 13 مليون شخص من البلاد، أو نزحوا داخل حدودها.
واجه النازحون السوريون الذين قاموا برحلة إلى الأراضي الحدودية في لبنان وتركيا لمشاكل على الحدود، واضطروا إلى التعامل معها، ما أجبرهم على الاستعانة بوسطاء -أو مهربين- لمساعدتهم، واستخدام الشبكات العابرة للحدود الوطنية خلال رحلاتهم المحفوفة بالمخاطر.
في بحثنا الإثنوغرافي والنوعي عن رحلاتهم، أجرينا مقابلات مع نازحين سوريين سافروا من سوريا إلى لبنان وتركيا من 2012 إلى 2017 خلال الحرب السورية. ويقيم بعضهم الآن في كندا.
“المقاومة الحدودية”
على مدى العقود العديدة الماضية، ازدادت القيود الحدودية، ما أجبر النازحين على التعامل معها.
وتسمى هذه الضوابط “المقاومة الحدودية”، وهي تشمل وحدات التفتيش على الحدود الداخلية العسكرية، والحصار، والأسوار، والترحيل، وسياسات الهجرة، وغيرها من المبادرات التي تهدف إلى السيطرة على تحركات السكان.
ويمكن أن تتسبب هذه القيود في إثارة الخوف والعنف، واحتواء واحتجاز الأشخاص أثناء التنقل، والتمييز بينهم على أساس العرق، والطبقة الاجتماعية، والحاجة الاقتصادية، وغيرها من الفروق الاجتماعية.
لكن بعض النازحين السوريين تعاملوا مع هذه المقاومة الحدودية بالمرور عبر الحدود والأراضي الحدودية القابلة للاختراق، باستخدام طرق بديلة والاعتماد على المهربين والشبكات الاجتماعية خلال رحلاتهم.
وكانت هذه النوعية من الاستراتيجيات، المعروفة باسم سياسات الهجرة، مستخدمة في المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان وتركيا.
الأراضي الحدودية اللبنانية
لعقود ماضية، لم يكن السوريون بحاجة إلى تأشيرات لدخول لبنان، ما سمح لكثيرين بإنشاء شبكات اجتماعية، وثقافية، واقتصادية عابرة لحدود الدولتين.
وخلال الحرب السورية، سافر العديد من السوريين إلى لبنان بحثاً عن الأمان والحماية. وقد أخبرونا عن عبورهم غير النظامي إلى لبنان، والرشاوى التي دفعوها لمسؤولي الحدود عند نقاط التفتيش، واعتمادهم على المهربين أثناء رحلاتهم.
وعلى سبيل المثال، تمكن أحد النازحين السوريين، ويدعى حسن، من الاختباء من قناصة الحدود على طول الحدود السورية اللبنانية بمساعدة وسيط، والانتظار في المناطق الجبلية، والتحايل على أفراد أمن الحدود، والسفر بأمان إلى بيروت.
وغالبًا ما يقدم الوسطاء خدمات حيوية، باتت مطلوبة بسبب ضوابط الحدود التقييدية والحرب. واجتمع شمل العديد من السوريين الآخرين، الذين سافروا إلى لبنان، مع أفراد عائلاتهم وتلقوا مساعدات من شبكاتهم الاجتماعية والاقتصادية للعثور على عمل وسكن. وقرر بعضهم الاختباء من قوات الأمن لتجنب كشفهم والتداعيات القانونية المترتبة على ذلك.
كان الاستعانة بسياسة الهجرة ضرورياً، جزئياً، بسبب شرط التأشيرة الجديد الذي فُرض في عام 2013، والذي يشترط على السوريين تقديم الوثائق والحد من إقامتهم في لبنان لمدة أقصاها شهر واحد.
كما أغلقت الحكومة اللبنانية حدودها الإقليمية مع سوريا في عام 2015 وطالبت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بوقف تسجيل اللاجئين.
الأراضي الحدودية التركية
استناداً إلى إلغاء متطلبات تأشيرة الدخول بين سوريا وتركيا عام 2009، مكّنت سياسة الحدود المفتوحة التركية السوريين من دخول البلاد بشكل قانوني في الأيام الأولى للحرب السورية.
وصل العديد من العائلات على دفعات واستقرت في المناطق الحدودية على أمل العودة إلى سوريا. وكانت تحركات النازحين السوريين عبر الحدود متعددة الاتجاهات حتى أغلقت تركيا حدودها الجنوبية في عام 2015.
وعلى سبيل المثال، فإن سيدة سورية نازحة، تدعى ليلى، دخلت تركيا في البداية بالسفر جواً عام 2012 عبر بيروت، ثم عادت إلى سوريا بعد بضعة أشهر للاطمئنان على أسرتها وأعمالها التجارية. وانتقلت ليلى إلى محافظة هاتاي الحدودية التركية في عام 2013، ثم سافرت مرة أخرى إلى سوريا في 2015 لترتيب إجراءات جواز سفر ابنتها المولودة حديثاً.
جاء كثيرون آخرون إلى تركيا وغادروها بطريقة غير قانونية حتى خلال أيام سياسة فتح الحدود، إما لأنهم فرّوا دون جواز سفر، أو كانوا يسافرون من مناطق تسيطر عليها جماعات غير معترف بها رسمياً من قبل سوريا أو تركيا.
بمجرد إعادة توطينهم على طول الحدود التركية، استعان السوريون بشبكات القرابة والتجارة والدين التي كانت تجمعهم بالمواطنين الأتراك قبل الصراع للتعامل مع الإجراءات القانونية غير المتوقعة والوصول إلى الموارد المحدودة في حياتهم اليومية. ومع ذلك، يظل مدى قابلية هذه الحدود للاختراق، ومدى قدرة كل شخص على اختراقها، أمراً متفاوتاً.
وبعد أن تحولت سياسة الحدود المفتوحة إلى فرض نظام حماية مؤقت، والترحيل التعسفي للمهاجرين، وبناء تركيا لجدار على طول حدودها الجنوبية، وجد السوريون طرقاً بديلة للانخراط في سياسات الهجرة، بما في ذلك الاستعانة بالمهربين وغيرها من التحركات السرية.
حدود قابلة للنفاذ
يُظهر بحثنا حول رحلات المهاجرين السوريين كيف تقيّد أنظمة الحدود حقوق الإنسان وتميّز ضد النازحين.
إنهم يشجعون العبور غير النظامي للحدود بدلاً من القضاء عليه. ولقد فشلوا في مسعاهم بنهاية المطاف.
على الرغم من كل الأسوار والإجراءات الاستثنائية الموضوعة أمامهم، وجد الكثير من السوريين طرقاً للالتفاف حول الحدود وأقاموا حياة جديدة في المناطق الحدودية.
ملاحظة
الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن آراء الكاتب (الكتّاب)، وليس المقصود منها التعبير عن آراء أو وجهات نظر فَنَك أو مجلس تحريرها.
ملاحظة
تم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع https://theconversation.com/global في 15 آب 2022