الرئيس بشار الأسد الذي كان موضع خلاف تم إعادة إنتخابه في 3 يونيو 2014 لفترة رئاسية ثالثة مدتها سبع سنوات، و على الرغم من المعارضة المحلية والدولية على نطاق واسع لبقائه في السلطة. فقد جرت الإنتخابات وسط صراع دموي لمدة ثلاث سنوات و التي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 160،000 شخص، وشردت حوالي 6.5 ملايين داخل سوريا, ودفعت ما يقرب من ثلاثة ملايين على الفرار من البلاد. و نددت المعارضة وحلفائها الغربيين ودول الخليج بهذه العملية حيث وصفت العملية الإنتخابية “بالمهزلة”، بحجة أن لا صوت ذو مصداقية يمكن أن يُحسب في بلد مساحات كبيرة من أراضيه هي خارج سيطرة الدولة و تم تشريد الملايين بسبب الصراع الحالي.
و جرى التصويت فقط في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بإستثناء أجزاء كبيرة من شمال وشرق سوريا التي يُحكم المتمردين قبضتهم عليها في حين لم تتوقف الحرب في يوم الإنتخابات وقصف سلاح الجو أجزاءاً من حلب ناهيك عن قتال عنيف في حماة ودمشق وإدلب، ودرعا.
ووفقاً للفرنسي المختص في الشؤون السورية فابريس بلانسي, فلقد جرى التصويت في 40 في المئة فقط من الأراضي، حيث يعيش 60 في المئة من السكان، وفي العديد من المناطق بما في ذلك ريف دمشق (المحافظة التي تضم مدينة دمشق)، ولا توجد مراكز إقتراع على الإطلاق و قد قاطعت المناطق الكردية الإنتخابات على نطاق واسع، بإستثناء مناطق قليلة من القامشلي والحسكة، حيث يتم تقاسم السيطرة العسكرية من قبل الأحزاب الكردية والجيش السوري.
مشاركة قليلة
لقد تم تسجيل فقط 200،000 لاجئاً من أصل ثلاثة ملايين سوري يعيشون في الخارج على القوائم الإنتخابية في تسعةٍ وثلاثين سفارة، والتي تُبين عزوف السوريين عن المشاركة في العملية الانتخابية خارج سوريا، وفقاً للمعارضة. وفي تركيا حيث تم تسجيل 900،000 لاجئ رسميا من قبل الحكومة التركية (حيثُ يعيش واحد واثنين مليون نسمة,وفقا لتقديرات غير رسمية)، حيثُ لم يتم أجراء أي إنتخاب على ألإطلاق وذلك بسبب تدهور العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة ودمشق. في الاردن شهد معدل المشاركة ل600،000 لاجئ سوري مُسجل إنخفاضاً ملحوظاً, و في لبنان التي تستضيف أكثر من مليون لاجئ حيث بقى الوضع على حاله، على الرغم من الصور التي نقلتها وسائل الاعلام المحلية والدولية من الطرق المزدحمة والآلاف من مؤيدي النظام السوري و هم يتدفقون على السفارة ألسورية. في الواقع, فقد تم الإبلاغ عن أقل من خمسين ألف شخص قد شاركوا في الإنتخابات.
ودعماً للتقارير المشيرة لانخفاض نسبة الاقبال بين أللاجئين أظهرت دراسة أجراها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات المتخِذ من الدوحة مقراً له,أن 78 في المئة من اللاجئين السوريين في المنطقة يعتقد أن الانتخابات الرئاسية “غير شرعية.” تتعارض هذه التقديرات والاستطلاعات مع الأرقام والبيانات (أنظر أدناه “الأسد يفوز بنسبة 88.7 في المئة من الأصوات),ووفقا للسلطات, فقد شارك أكثر من أحد عشر مليون سوري في الانتخابات في أكثر من 9،600 مراكز الاقتراع في جميع أنحاء ألبلاد باستثناء مدينة الرقة والتي تقع تحت السيطرة الكاملة من قبل (الدولة الإسلامية في العراق وسوريا / بلاد الشام),و بسبب تدفق أعداد كبيرة من الناخبين قالت السلطات بأنها مددت التصويت لمدة خمس ساعات. وقيام السوريين الذين يعيشون في الخارج بالتصويت “على نطاق واسع” لبشار ألأسد وفقا للنظام ،والتي نددت بقرار العديد من ألبلدان بما في ذلك في فرنسا وبلجيكا والإمارات العربية المتحدة (الإمارات العربية المتحدة)، لمنعها اجراء اي تصويت على أراضيها.
فوز بشار الاسد في الانتخابات الرئاسية بنسبة 88.7 في المئة من الاصوات
و يبلغ عدد المواطنين الذي يحق لهم التصويت 15,840,575 ، داخل وخارج سوريا حيث شارك 11,634,412 (73.4 في المئة) في ألإنتخابات في حين تم استبعاد 442,108 في الإقتراع (3.8 في المئة) بسبب مخالفات، وفقا للنتائج الرسمية.
و حصل الرئيس الحالي على 10,319,723 صوتا بنسبة 88.7 في المئة، في حين حصل اثنان من المرشحين الآخرين، حسن النوري، من المبادرة الوطنية للإدارة والتغيير وماهر حجار، عضواً سابقاً من حزب الإرادة ألشعبية على 500,272 صوتا بنسبة 4.3 في المئة و 372,301 صوتا (3.2 في المئة)، على التوالي.
أول إنتخابات “تنافسية” منذ نصف قرن
تعد تلك الإنتخابات بمثابة أول إنتخابات “تنافسية” منذ نصف قرن و تعتبر هذه الإنتخابات أول إنتخابات رئاسية تعددية في سوريا منذ نحو خمسين عاما. وفي الإنتخابات السابقة تم إنتخاب الرئيس الحالي و من قبله والده، حافظ الأسد الذي حكم سوريا بقبضة حديدية لمدة تسعة وعشرين عاما، في الإستفتاءات-مرشح واحد، حيث يدلي الناخبون بأصواتهم بنعم أو لا. في الواقع عندما جاء بشار الأسد إلى السلطة قبل أربعة عشر عاماً كان يدير بالتزكية، وتأمين أكثر من 99 في المئة من الأصوات و بعد سبع سنوات فاز مرة أخرى بنسبة 97 في المئة.
و تختلف الإنتخابات التي أُجريت في 3 يونيو عن سابقاتها بوجود اثنين من المرشحين بالإضافة إلى الأسد فقد رشح نفسه لرئاسة الجمهورية تماشياً مع الدستور الجديد الذي تم اقراره في فبراير 2012 بعد أحد عشر شهرا من بداية الثورة السورية.
و قد ألغى الدستور الجديد المادة 8 والتي تُرسخ قوة حزب البعث وإقامة مبدأ التعددية السياسية والإنفتاح لإنتخابات مقبلة للمرشحين من أحزاب متعددة. كما تم إدخال مادة جديدة 88 الأمر الذي يحد من مدة ولاية الرئيس لسبع سنوات وبحد أقصى من إعادة إنتخاب واحد، وعلى الرغم من أن الحد الأقصى لولايتين لم يفرض بأثر رجعي مما يعني أن بشار الأسد قد يبقى رئيس البلاد حتى عام 2028.
فقد استخدم النظام كلا المرشحين الآخرين حسن النوري وماهر حجار “كدمى” في الإنتخابات الأخيرة ،وفقاً للمعارضة من أجل التأكيد على الجوانب الديمقراطية والتعددية لمرشح الانتخابات. في الواقع, فإن النظام السوري ثابت في الإنتخابات عن طريق منع السوريين المنفيين من الترشح في الإنتخابات واشتراط أن تتلقى جميع الطلبات رعاية خمسة وثلاثين نائبا في البرلمان الذي يخضع تماما لسلطة الأسد
هل تعد الإنتخابات بمثابة إيجاد حل سياسي أو جمود إضافي؟
لقد كانت الإنتخابات الأخيرة والإقبال الرسمي موضع شك من قِبل العديد من السوريين وغير السوريين على حدٍ سواء، ولكن يبقى السؤال الرئيسي ما إذا كانت هذه الإنتخابات ستعزز النظام القائم أو سوف تزيد من تشويه سمعتها لصالح المعارضة. قضية رئيسية أخرى هو تأثير هذه الإنتخابات على توازن القوى وعلى مستقبل مفاوضات السلام بعد فشل جنيف الأول والثاني و تقديم المبعوث الخاص للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي إستقالته في مايو 2014, بعد أقل من عامين من الجهود غير المثمرة لوضع حدٍ للصراع.
وفقا للعديد من المحللين فإن هذه الإنتخابات لن تغير الوضع القائم السياسي أو العسكري الحالي أو الاستراتيجيات التي تنفذها القوى الإقليمية والدولية وجهاً لوجه مع الصراع السوري. فالمملكة العربية السعودية وقطر ستواصل دعم تغيير النظام والتي لم يتم تغييرها أجندات سياسية تجاه سوريا في ضوء الإنتخابات الأخيرة وبقاء الأسد المتوقع في السلطة لبعض الوقت. وستواصل الولايات المتحدة وأوروبا دعم المعارضة المعتدلة في محاولة منها لزيادة الفرص لمكاسب عسكرية على الأرض دون تعزيز الجماعات المتطرفة مع الأمل في إجبار النظام على التفاوض على حل سياسي.
في بيان صدر مؤخرا، على هامش الحدث العسكري في ويست بوينت، قال الرئيس الأمريكي أوباما إنه سيعمل مع الكونغرس ل”تكثيف الدعم لتلك الجماعات الموجودة في المعارضة السورية الذين يقدمون أفضل بديل للإرهابيين والطغاة ألوحشيين” لكنه لم يقدم أي تفاصيل.
و يعتبر رفض أوباما لإستخدام العمل العسكري ضد الجيش السوري و بشار الأسد في سبتمبر الماضي بعد أن كان قد هدد بذلك، بمثابة تشويه لصورته بين الحلفاء وتولد لدي العديد من المراقبين الشك حول صحة و صدق نواياه الحقيقية فيما يخص الصراع السوري.