وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر يدعو بوتفليقة إلى الترشح لولايةٍ خامسة

Algeria- Abdelaziz Bouteflika
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يجلس على كرسي متحرك بينما يدلي بصوته في مركز اقتراعٍ في العاصمة الجزائر في 4 مايو 2017، خلال الانتخابات البرلمانية. Photo AFP

وصلت لعبة الشد والجذب السياسية في الجزائر إلى لحظةٍ حاسمة، حيث دعا الحزب الحاكم، حزب التحرير الوطني، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الترشح لولايةٍ خامسة على التوالي في الاقتراع المقرر في ربيع عام 2019.

فخلال اجتماعٍ للحزب في العاصمة الجزائر في 7 أبريل 2018، أوضح أمين عام جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس أن حزبه لا ينوي التخلي عن سيطرته على البلاد على الرغم من طموحاته الجلية بمنافسة بوتفليقة لتولي الرئاسة.

وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية قال ولد عباس: “باسم كل مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني الذين يبلغ عددهم 700 ألف مناضل، وباسم محبي الحزب والمتعاطفين معه، أتحمل مسؤوليتي كأمين عام لتبليغ رئيس الجمهورية بآمال ورغبة المناضلين في أن يواصل مسيرته كرئيس للجمهورية.” وأضاف أنه بعد موافقة الحزب، يعود الأمر إلى بوتفليقة لاتخاذ القرار النهائي.

كما أيد عبد القادر مساهل، وزير الخارجية وعضو هيئة التنسيق في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، بشكلٍ علني ترشيح الرئيس البالغ من العمر 81 عاماً لفترةٍ رئاسيةٍ أخرى، مضيفًا أنه تحت قيادته، “استعادت الجزائر السلام والأمن، وأصبحت مرجعيةً في مجال نزع التطرف، وحل النزاعات الدولية.”

وفي مقابلةٍ مع القناة الفرنسية، فرانس 24، أشاد مساهل بإنجازات بوتفليقة منذ توليه منصبه في عام 1999.

وبعد إعادة انتخابه الأخيرة في عام 2014، استبعدت العديد من الشخصيات في النظام ترشح رئيس الدولة المريض لولايةٍ ثانية، بسبب تزايد المعارضة الصريحة تجاه بوتفليقة. وعلى الرغم من أن مسؤولي جبهة التحرير الوطني ومسؤولي الدولة قد ادعوا مراراً وتكراراً سلامته البدنية والعقلية للحكم وتمتعه بالقدرة على القيام بواجباته على النحو المطلوب، إلا أنه تم مواصلة تداول الشائعات حول صحته.

وفي مارس 2013، عانى بوتفليقة من سكتةٍ دماغية وأمضى أشهراً إلى حين تعافي في مستشفى فرنسي.

واليوم، يستخدم كرسي متحرك منذ ذلك الحين وبالكاد يظهر على الملأ، وهي حقيقة تغذي التكهنات بشأن تدهور حالته الصحية المزعومة. وبعد أن كان بالكاد قادراً على قراءة قسم يمينه بعد إعادة انتخابه في عام 2014، توقف المسؤولون الحكوميون عن نشر تسجيلات صوتية للرئيس وبدلاً من ذلك تحولوا إلى إصدار صور وأشرطة فيديو تظهر مشاركة بوتفليقة في جلسات مجلس الوزراء أو محادثات واجتماعات مع سياسيين أجانب، خلال زياراتهم في الجزائر. ولذلك، ليس من المستغرب أن وسائل الإعلام وقوى المعارضة تشكك في قدرة بوتفليقة على الحكم وتعارض بشدة توليه فترة أخرى.

وبعد ثلاثة أيام من دعم ولد عباس ترشح بوتفليقة، ظهر الرئيس علناً لأول مرة منذ أكثر من 18 شهراً وانضم إلى العديد من مسئولي الدولة والوزراء في حفل إعادة افتتاح مسجد كتشاوة وافتتاح محطتي مترو جديدتين في العاصمة الجزائر.

فقد تم إحضار المئات من أنصار جبهة التحرير الوطني إلى المنطقة بالحافلات، وهم يلوحون بصور بوتفليقة والعلم الجزائري في ما وصفه موقع TSA Algérie الإخباري بحملةٍ انتخابية غير رسمية، كما سلط الموقع الإلكتروني الضوء على غياب رئيس الوزراء أحمد أويحي، رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، شريك ائتلاف جبهة التحرير الوطني وواحد من أكثر المرشحين الواعدين لخلافة بوتفليقة، عن هذه الزيارة.

فأويحيى لم يخفِ طموحاته في الترشح رغم أنه كان يعتبر حليفاً وثيقاً لعشيرة بوتفليقة لسنوات. ومع ذلك، فإن آمال أويحيى بأن يصبح الرئيس المقبل للجزائر باتت تتلاشى، حيث ينافسه حزب جبهة التحرير الوطني بشدة على ترشحه المحتمل، الذي يعتبر نفسه الفصيل الرئيسي في النظام الجزائري المتغاير.

وفي ديسمبر 2017، أعلن أويحيى أنه توصل إلى اتفاقٍ مع اتحاد نقابات العمَّال، الذي تسيطر عليه الدولة، الاتحاد العام للعمَّال الجزائرين، ومنتدى رجال الأعمال في الجزائر، الذي يتمتع بالقوة، حول برنامج خصخصة جزئي لعدة شركات مملوكة للدولة. ولكن بعد أسبوعين فقط، في 3 يناير 2018، دعا ولد عباس لعقد اجتماعٍ منفصل مع كل من اتحاد نقابات العمَّال الجزائريين ومنتدى رجال الأعمال، حيث ألغى خطة الخصخصة. وبعد فترةٍ وجيزة، نشر بوتفليقة بياناً وبخ فيه رئيس وزرائه بشأن خطة الخصخصة، مما وفرّ المزيد من المؤشرات على أن لعبة الشد والجذب حول القرارات السياسية والتعيينات الحكومية داخل النظام لم تنتهي بعد.

وعليه، لم تُشكل هذه الخلافات الأخيرة مفاجأةً كبيرة في الوقت الذي باتت فيه خلافة بوتفليقة وشيكة. وقال ريكاردو فابياني، وهو محلل سياسي خبيرٌ في شؤون شمال افريقيا، “ينبغي على الجميع أن يتأقلموا” بعد قرار جبهة التحرير الوطني بالموافقة على ترشح بوتفليقة لولايةٍ خامسة، حيث “اختارت فصائل النظام المختلفة الاستمرارية لتجنب الانقسامات في وقتٍ حساس.”

وقد علّق أويحيى على المسألة بعد أسبوعٍ فحسب من موافقة جبهة التحرير الوطني على ترشح بوتفليقة، وأعرب عن دعمه ترشحه لولاية خامسة. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد مواجهة أخرى بين فصيليّ النظام الرئيسيين قبل الانتخابات، ذلك أن الصراعات الأخيرة داخل الطبقة الحاكمة مرتبطة بشكلٍ متزايد بالقرارات السياسية المتعلقة بالاقتصاد وكيفية التعامل مع الاضطرابات الاجتماعية.