خلال زيارته للجزائر في أوائل شهر مارس 2016، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى “غياب التقدم” في حل الصراع على “الصحراء الغربية” ووصف ضم المغرب للصحراء الغربية عام 1975 بـ”الاحتلال.” وفي حين رحبت الجزائر بموقفه هذا، كان رد الفعل المغربي لزيارة بان كي مون وتعليقه سلبياً وسريعاً، فقد عبرت الحكومة المغربية رسمياً عن إدانتها لـ”الانزلاقات اللفظية” لبان كي مون، واعتبرتها “محاباة غير مبررة” للأمين العام الأممي، كما خرجت مظاهرات ضخمة لم يسبق لها مثيل في شوارع العاصمة الرباط في 13 مارس 2016، فضلاً عن الدعم غير المسبوق للمغرب على الصعيدين الدولي والأقليمي، بالإضافة إلى قيام المغرب في 21 مارس 2016 بطرد 80 عضواً من بعثة الامم المتحدة في الصحراء الغربية (مينورسو) التي كانت تُشرف على وقف إطلاق النار في المنطقة. أعرب بان كي مون عن أسفه ووصف استخدام الكلمة بـ”سوء الفهم،” بعد اندهاشه من رد الفعل الشعبي المغاربي والرد الرسمي السريع، الأمر الذي شكل خيبة أملٍ كبيرة للجزائر التي تعارض ضم المغرب للصحراء الغربية.
يمكن الوصول إلى استنتاجين من تسلسل الأحداث هذا: اعتراف بان كي مون بـ”سوء الفهم،” واستمرار حالة جمود الوضع.
وفيما يتعلق بالاستنتاج الأول، الحقيقة هي أنّ الشيء الوحيد الذي يوّحد جميع المغاربة باختلاف أطيافهم الحزبية، في المجتمع المدني، وعبر الأجيال هو قضية الصحراء الكبرى. ولا يخفى على أحد الدور التاريخي الذي لعبته النخبة الجزائرية في دعم استقلال جبهة البوليساريو في الصحراء الكبرى. ولكن، بالنسبة للمغرب، لا يُفهم تعبير “الاحتلال” الذي استخدمه بان كي مون سوى في هذا السياق: خرقٌ لحياد الأمم المتحدة الذي تعهدت به مسبقاً فيما يتعلق بالنزاع، وتصريحٌ اعتبره المغاربة إهانةً لهم.
ففي عام 1991، وافق مجلس الأمن الدولي على خطة تنص على فترة إنتقالية لإعداد استفتاء يختار من خلاله شعب الصحراء الغربية ما بين الاستقلال أو الاندماج مع المغرب، وهو استفتاء لم يُجرى حتى هذه حتى اللحظة.
فالمغرب يتمسك بموقفٍ ثابت ومنذ فترة طويلة بقضية الصحراء الغربية. فقد عرض المغرب مراراً على المنطقة خطة الحكم الذاتي تحت مظلة العلم المغربي، واستثمر بكثافة في المنطقة في إطار اللامركزية المتقدمة، كوسيلة لتخفيف التوترات وإيجاد حل.
ويُشير التعاقب السريع للأحداث إلى التوتر السائد وخطر التصعيد المتزايد. فقد تم التأكد من أن بعض أعضاء جبهة البوليساريو يشاركون في الأنشطة الإرهابية التي تجري في الصحراء الكبرى ومنطقة الساحل، إذ يشكل هذا تهديداً حقيقياً. ويخشى المغرب أنّ إنشاء دولة جديدة بقيادة البوليساريو لن يخدم السلام في المنطقة وسيزيد من تعقيد الأمور أكثر فأكثر. وسيؤدي هذا، من بين أمور أخرى، إلى إحياء العداوات القديمة بين المغرب والجزائر، ومن الممكن أن يؤدي إلى اندلاع حربٍ بين البلدين.
فأولاً، تسبب الربيع العربي بصورةٍ ملحوظة، بزعزعة الأمن بالفعل في شمال افريقيا. فتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، الذي تأصل في الجزائر، مترسخٌ أيضاً في كلٍ من مالي والنيجر وموريتانيا ويعمل في جميع أنحاء منطقة الساحل الافريقي، من الجزائر وصولاً إلى السودان. ثانياً، يعمل أنصار الشريعة على قدمٍ وساق لسد الفجوة في السُلطة الذي خلفه سقوط نظام القذافي في ليبيا والفوضى التي نتجت عن ذلك. بل إن حقيقة رفع المغرب لمستوى اليقظة الأمنية تحسباً من المقاتلين الإرهابيين العائدين من سوريا والعراق، خير دليل على خطورة الوضع الأمني.
ومع الاضطرابات التي يعاني منها الشرق الأوسط حالياً، فإنّ العالم يولي القليل من الاهتمام للتهديد الذي تشكله قضية الصحراء الغربية، والدور الذي تلعبه جبهة البوليساريو في ذلك. ويخشى المغرب أنّ قلة الاهتمام هذه ستؤدي فحسب إلى المزيد من العنف.