فلورينس ماسينا
يستضيف الأردن حالياً 750 ألف لاجئ مُسجل، منهم حوالي 658 ألف من السوريين، على الرغم من أن العدد الحقيقي للسوريين الموجودين داخل الأراضي الأردنية يقارب الـ1,3 مليون، بالإضافة إلى أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني مسجل، وجميع هؤلاء مشمولين بالخطة الوطنية للقاح كوفيد- 19 التي بدأت في 14 يناير2021.
ومن خلال شمول جميع سكان الأردن، وليس فقط مواطنيه، برز الأردن في منتصف شهر يناير 2021 كواحدٍ من أوائل الدول في العالم التي بدأت بإعطاء لقاح فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) للاجئين وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إذ قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، إن “الأردن أظهر مرة أخرى قيادةً نموذجية وتضامناً في استضافة اللاجئين. فقد أدرجت البلاد اللاجئين في كل جانب من جوانب استجابة الصحة العامة للوباء، بما في ذلك حملة التطعيم الوطنية، ما يثبت كيف ينبغي القيام بذلك إذا أردنا الحفاظ على سلامة الجميع […] أناشد جميع البلدان أن تحذو حذوه عبر تضمين اللاجئين في حملات التطعيم الخاصة بهم على قدم المساواة مع المواطنين وبما يتماشى مع مبادئ التخصيص في ائتلاف كوفاكس.”
فقد دأبت المفوضية على الدعوة إلى الإدماج العادل للاجئين والنازحين داخلياً وعديمي الجنسية من خلال آلية كوفاكس، وهو مخطط عالمي تدعمه منظمة الصحة العالمية لتوفير اللقاحات للبلدان الفقيرة. كما وقع لبنان على اتفاقية كوفاكس لعدم قدرة البلاد شراء جرعاتٍ كافية لشعبه، ولكن هناك، كانت وسائل التواصل الاجتماعي تعجّ برسائل منذ منتصف يناير2021 تدعوا اللبنانيين إلى “أن يكونوا أول” من يحصل على اللقاح بلغة عنصرية موجهة ضد الفلسطينيين اللبنانيين والسوريين واللاجئين السوريين وغيرهم من الأجانب من الفئات الضعيفة.
بيد أن هذا ليس الحال في الأردن، على الأقل فيما يتعلق بالفلسطينيين المشمولين بخطة التطعيم بحسب تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم الأونروا [وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين]: “في الأردن، لم أر أي ردود فعل [سلبية] تجاه إدراج لاجئي فلسطين في الخطط الوطنية. لطالما كان موقفنا في الأونروا أن الفيروس لا يتوقف عند مدخل مخيمات اللاجئين، لذا فإن أي محاولة لتقييد الإجراءات [للمواطنين] وأي إقصاء لن يؤدي إلا إلى الإضرار بالبلد! لحسن الحظ، أعلن الأردن التزامه بإدراج اللاجئين في خطط التطعيم الخاصة به.”
من الجدير بالذكر أنه منذ بداية أزمة اللاجئين السوريين، استضاف الأردن، إلى جانب تركيا ولبنان، أكثر من نصيبه العادل من اللاجئين، وكان السوريون يمثلون أكثر من 10% من سكان الأردن، مما فرض ضغوطاً هائلة على موارد البلاد المنهكة. ساعدت الدولة في توفير تصاريح العمل والرعاية الصحية المدعومة من خلال تسجيل رسمي عبر وزارة الداخلية الأردنية من عام 2016 حتى عام 2019. ومنذ بداية الوباء وإصابة أول اللاجئين وطالبي اللجوء بفيروس كورونا، تمكنت وزارة الصحة الأردنية والسلطات المحلية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمات أخرى من تقديم رعاية مجانية لمن يعانون من أعراض خفيفة أو متوسطة، في حين تمكّن آخرون من الدخول إلى المستشفيات الحكومية.
واعتباراً من 24 يناير 2021، أخبرت المفوضية فَنَك بأنها على علم بتطعيم 152 لاجئاً، بما في ذلك 147 من مخيم الزعتري و3 من مخيم الأزرق و2 من مخيمات إربد، من خلال المراكز الصحية المحلية في محافظتهم، إذ يمكنهم التسجيل للحصول على اللقاح على الموقع الخاص بالتطعيم vaccine.jo، وانتظار الحصول على موعد. قد يستغرق ذلك بعض الوقت، حيث إن الحكومة الأردنية لديها حوالي 3 ملايين جرعة حتى الآن، مما قد يعني تغطية ما نسبته 25% من السكان في الأشهر المقبلة. كما طلب الأردن والأمم المتحدة تمويلاً إضافياً للوصول إلى أهدافهما، حيث ورد أن وكالة الأمم المتحدة طالبت بمبلغ 370 مليون دولار إضافي.
تمنح الدولة الأولوية، كما هو الحال في كل مكان تقريباً في أوروبا، للمسنين والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة للحصول على التطعيم أولاً، بدلاً من تضمين شرط الجنسية مسبقاً. وفي هذا الصدد، قالت موريل تشوب، ممثلة المنظمة النرويجية للاجئين في الأردن، لفَنَك: “نثني بشدة على التزام الحكومة الأردنية بإدراج اللاجئين في برنامج التطعيم الوطني الخاص بها، وبتقديم اللقاحات بناءً على العمر والحالة الطبية بغض النظر عن الجنسية،” وتابعت القول، “في هذا الصدد، كما هو الحال في مجالاتٍ أخرى، يقدم الأردن نموذجاً للدول الأخرى في المنطقة في إيوائه للاجئين، ونحث الدول الأخرى على أن تحذو حذوه في ضمان إدراج اللاجئين في خطط التطعيم الوطنية.”
وبحسب ما قاله اللاجىء السوري منهل هلال البالغ من العمر 71 عاماً لوكالة الأنباء الفرنسية إن عائلته في سوريا صُدمت عندما علمت أنه سيحصل على اللقاح: “لم يصدقوني، ظنوا أنني أمزح […] أقسمت لهم أن هذا صحيح وأخبروني أنني محظوظ حقاً.” من الجدير بالذكر أن حملة التطعيم ضد فيروس كورونا لم تبدأ بعد في سوريا.
لا يعتبر علاج اللاجئين وطالبي اللجوء مثالياً في الأردن، ولكن يمكنهم على الأقل الحصول على العلاج واللقاح في خضم جائحةٍ عالمية، ولربما يمكن أن يكون هذا بمثابة مثالٍ يمكن للدول الأخرى أن تحذو حذوه بمجرد تلقي جرعاتهم الأولى من اللقاح.