تعرّف الناس لأول مرة على أنيسة حسونة، المديرة التنفيذية لمؤسسة الدكتور مجدي يعقوب (MYF) ومقرها أسوان في مصر، عندما ظهرت على شاشات التلفزيون تدعوهم إلى التبرع للتخفيف من معاناة الأطفال الذين يعانون من عيوبٌ خلقية في القلب. انضمت حسونة للمؤسسة في عام 2009، واليوم بات الناس يعرفونها باعتبارها واحدة من النساء العربيات الأكثر تأثيراً وعضو البرلمان المصري.
وفي فبراير 2016، وبعد سبع سنواتٍ من العمل الشاق، أعلنت حسونة أنها مضطرة لترك منصبها في مؤسسة الدكتور مجدي يعقوب، إذ باعتبارها عضواً في البرلمان يُحظر عليها تمثيل أي منظمة.
تحمل حسونة شهادة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، إذ بدأت حياتها المهنية كملحق دبلوماسي في وزارة الخارجية المصرية، كما عملت بعدها لمدة أربعة عشر عاماً في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية.
دفعها شغفها لخدمة بلادها من خلال تشجيع المجتمع المدني إلى تدشين العديد من المبادرات التي تُعنى بحقوق الإنسان والمواطنة، وهي مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة “مصر المتنورة،” التي تعزز وترفع الوعي حول قيم المواطنة والمساواة بين الجنسين. كما أنها أيضاً عضو مؤسس في المنتدى العربي للمواطنة في المرحلة الانتقالية وتكتل حماية حرية الإبداع والتعبير.
تم تعيينها من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البرلمان المصري الذي شكل حديثاً. كعضو برلمان، تأمل حسونة بأن تكون قادرة على مناقشة القوانين التي تضمن الحقوق الأساسية لجميع المواطنين المصريين، مثل الحق في التعليم المناسب ونظام الرعاية الصحية الكافية، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير. ومع ذلك، وبسبب تعينها من قِبل السيسي، سيكون من الصعب جداً أن تطرح حسونة هذه المواضيع التي تتعلق بحقوق الإنسان وحرية التعبير، فالقمع في أعلى درجاته اليوم في مصر. فقد تم سجن عشرات الآلاف من النقاد (المزعومين) الذي تم غالباً بعد محاكماتٍ جائرة، فضلاً عن تراكم تقارير التعذيب في السجون ومراكز الشرطة.
وتقول المحررة آلاء عبد الفاضل “لا أعرف الكثير عن خلفيتها وتجاربها السابقة، باستثناء عملها مع السير مجدي.” وأضافت “أتوقع منها التركيز على قضايا تمكين المرأة والمساواة، فضلاً عن القضايا ذات العلاقة بالرعاية الصحية.” ومن الجدير بالذكر أن السير مجدي يعقوب هو بروفيسور في كلية لندن الإمبراطورية ورئيس مؤسسة مجدي يعقوب للقلب.
وقال محمد سليم، مساعد خدمة العملاء لـFanack “كانت تعمل لدى السير مجدي، لذا أتوقع أن تكون شخصية محترمة، في خضم جميع هذه التصرفات غير المسؤولة وغير المحترمة لبعض الشخصيات الأخرى في البرلمان.”
كما تحاول حسونة أيضاً مناقشة ومراجعة القوانين المتعلقة بازدراء الأديان في مصر، بالإضافة إلى دعم تحديث الخطاب والخطب الدينية، كما تدعو إلى إصلاحاتٍ تعليمية وثقافية.
حسونة، التي تعتبر أيضاً عضو مؤسس في المنتدى العربي الدولي للمرأة في لندن وأحد الأعضاء المؤسسين لبيت خبرة المرأة العربية (Think Tank for Arab Women)، تحرص بشكلٍ خاص على دعم حقوق المرأة.
وتقول حسونة “أريد أن أتأكد بأنّ جميع التشريعات التي يقرّها البرلمان تعامل النساء والرجال على قدم المساواة.” وتتمثل أحد القضايا الرئيسية التي تركز عليها باعتبارها عضوا في البرلمان، بالنساء اللواتي يُعِلّن أسرهنّ، وهو ما يشكل ما نسبته 30% من الأسر المصرية، وذلك وفقاً لما نشرته الإدارة المركزية المصرية للدراسات والبحوث السكانية والاجتماعية في مارس 2014. فهي تريد تمرير تشريعاتٍ لدعمهنّ من خلال توفير التمويل والتدريب المناسب لمساعدتهنّ على بدء مشاريعهنّ التجارية الصغيرة، وضمان كسبهنّ لقمة العيش التي تضمن لهنّ ولأسرهنّ حياةً كريمة.
“الكلمة التي تعكس جميع ما حققته طوال حياتي هي الأسرة،” تقول حسونة. فقد ترعرت في منزل وزير العدل السابق خلال فترة رئاسة جمال عبد الناصر، الغني عن التعريف، عصام الدين حسونة، الذي ألغى تنفيذ حكم الطاعة للمرأة بالقوة الجبرية والذي وضع دستور قطاع غزة في الخمسينيات من القرن الماضي. إنّ ترعرعها في كنف هذه الأسرة التي احتضنت هذا النموذج الذي يُحتذى به، غرس في أنيسة مبادىء حقوق الإنسان بشكلٍ عام واحترام حقوق المرأة على وجه الخصوص، في وقتٍ مبكر.
“الأسر التي تشجعك على القراءة وتؤمن بأهمية حرية الاختيار هي أسرٌ مثقفة تساعدك على أن تكون مبدعاً ومؤثراً،” هذا ما قالته حسونة. وأضافت “فعلت أنا وزوجي الأمر نفسه مع بناتنا العزيزات.”
حسونة متزوجة من رجل الأعمال المصري الثري شريف ناجي، وتؤكد أن مفتاح الزواج الناجح يكمن في وجود شريكٍ يملك نفس وجهات النظر والمبادىء في الحياة. “يظن العديد من الناس أنّ المرأة القوية تتخذ قرارتها لوحدها، ولكن هذا لا ينطبق علي،” تقول حسونة بينما توضح كيف تشاور زوجها في جميع قراراتها لأنها تثق برأيه. وتضيف “عائلتي مصدر فخري وقوتي.”
وفي إحدى مقابلاتها مع مجلة كايرو ويست قالت حسونة أنها واجهت العديد من التحديات في الحياة، إلا أنها لا تختلف عن تلك التي تواجهها النساء الأخريات في مصر وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم. فقد توجب عليها باستمرار إثبات كفائتها في مكان العمل، بطريقة لم تُطلب من الرجال، فضلاً عن عدم معاملتها على قدم المساواة دوماً مع زملائها من الرجال.
وفي عام 2014، أدرج اسمها ضمن قائمة ” أقوى 100 امرأة عربية على مستوى العالم” من قِبل مجلة أريبيان بزنس ومجلة (CEO) الشرق الأوسط (ص.2). وتقول حسونة على هذا الصعيد “شعرت بالفخر لاختياري بعد سنواتٍ من العمل الشاق، ولكن لا ينبغي أن ننسى الفريق وراء هذا الجهد، زملائي على المستوى المهني، وعائلتي الحبيبة على المستوى الشخصي.”
وعلى الرغم من أنّ حسونة ضمن قائمة أقوى مائة إمرأة عربية على مستوى العالم، إلا أنها تعترف بضعفها أمام أحفادها الثلاث. “أعتبرهم مكافأتي عند التقاعد، فهم المصدر الحقيقي للسعادة في حياتي.”