وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حرية الصحافة في الشرق الأوسط في اليوم العالمي لحرية الصحافة

إذ نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة، نجد أنّه من الضروري أن تتكاتف جميع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للدفاع عن حرية التعبير والإعلام الحرّ.

 اليوم العالمي لحرية الصحافة
لوحة جدارية تصور الصحفية الفلسطينية الأمريكية المقتولة شيرين أبو عقلة مضاءة بالمصابيح الأمامية في أحد شوارع بلدة أم الفحم العربية شمال إسرائيل في 5 سبتمبر 2022. أحمد غرابلي/وكالة الصحافة الفرنسية

بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، حريّ بنا أن نتوقف قليلًا لنلقي نظرة على وضع حرية الصحافة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يواجه الصحفيون في معظم بلدان المنطقة تحديات عدة، من بينها عقبات فرض الرقابة، وممارسة أساليب الترهيب الذي يصل إلى حدّ استخدام العنف أحيانًا.

تتذرّع بعض الدول بحجة الحفاظ على الأمن القومي لقمع الأخبار الناقدة. كما تشدد الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يمكن لمنشورٍ واحدٍ أن يورّط صاحبه ويضعه في باب المساءلة.

وفي مناطق الصراع مثل سوريا واليمن والسودان، يتعرض الصحفيون لاستهداف الجماعات المسلحة، ودفع كثير منهم حياته ثمنًا لالتزامه بنقل الحقيقة. وشهدت السنوات الأخيرة مقتل العديد من الصحفيين خلال تأدية عملهم، وبمعدلات قياسية، وكان أبرزهم شيرين أبو عاقلة التي لقيت مصرعها برصاص القوات الإسرائيلية خلال تغطيتها مداهمة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين في الضفة الغربية.

لكن،على الرغم من تلك التحديات، ما زلنا نرى بريق أمل خافت في أرجاء المنطقة. ففي أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011، شهدت بعض الدول بروز الصحافة الحرة التي تمكّنت من مساءلة السلطة. ففي تونس مثلًا، نصّ الدستور الجديد الذي أُقرّ عام 2014 على ضمان حرية التعبير والصحافة. وفي لبنان، ساهمت وسائل الإعلام المستقلة في كشف فساد الحكومة ومحاسبتها.

إلا أن هذه المكاسب القليلة ما تزال هشة أمام تحديات تهدد بضياعها.هذا ما يحدث بالفعل في بلدان عدة. ففي تونس، عكس الدستور التونسي الجديد الذي تم تبنيه في عام 2022 العديد من المكاسب التي تحققت في عام 2014. والوضع في لبنان ومصر،على سبيل المثال، صار أخطرعلى الصحفيين، وذلك بعدما كانتا نموذجًا يُحتذى في حرية الصحافة في المنطقة.

تمثّل حرية الصحافة إحدى الركائز الأساسية لأي مجتمع ديمقراطي، إذ تضطلع الصحافة بدور الرقابة ضد الفساد، وإساءة استخدام السلطة، وضمان حرية تدفق المعلومات للسماح للمواطنين باتخاذ قراراتهم عن وعي ودراية.

الحريات ليست أمرًا مسلّمًا به ووجودها ليس مضمونًا. وبمجرد أن نعتبرها من المسلّمات، فسوف نخسرها على الفور.

ونحن إذ نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة، نجد أنّه من الضروري أن تتكاتف جميع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للدفاع عن حرية التعبير والإعلام الحرّ. ما يعني وجوب دعم وسائل الإعلام المستقلة، والعمل على حماية الصحفيين من العنف حتى يتمكنوا من أداء واجبهم الجليل. كما يجب علينا أن نجهر بالحديث عن التجاوزات التي تُرتكب بحق الصحفيين أينما كانوا.

صحيح أن التحديات التي تواجه العمل الإعلامي في المنطقة جسيمة، لكن التغلّب عليها ممكن إذا ما تكاتفت جميع الأطراف المعنية، وبهذا نحقق مكاسب تدريجية وثابتة على صعيد الحفاظ على حرية الصحافة في المنطقة، وبالتّالي نضمن للمواطنين حصولهم على المعلومات اللازمة لاتخاذ قراراتهم بوعي، عندما يحين الوقت.