بناءً على توصية من المجلس الوطني المغربي لحقوق الإنسان في 20 أكتوبر 2015، تتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بما في ذلك مسائل الميراث، احتدم الجدل بين المؤيدين والمعارضين.
وفي حين يستند المؤيدون، بشكلٍ أساسي، لأحكام الدستور لعام 2011 وتعريف الأمم المتحدة للتمييز ضد المرأة بأنه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس، يستند المعارضون، بشكلٍ أساسي أيضاً، على الآية القرآنية الكريمة (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)-(النساء:176)، التي تنص بوضوح على أن المرأة ترث نصف ما يحصل عليه الرجال.
وشغل النقاش الدائر هذا كلاً من وسائل الإعلام (بما في ذلك أوساط التواصل الاجتماعي)، والأحزاب السياسية، والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى الأفراد المغاربة. فعلى سبيل المثال، صرّح المحامي والحقوقي المغربي مصطفى المانوزي، الذي يدعم بشدة هذه التوصية، بأنه سيتخذ تدابير ملموسة من شأنها أن تضمن تقسيم تركته بين زوجته وأبنائه وبناته على قدم المساواة، وهذا يعني أنه سيقوم بتقسيم الميراث، عند وفاته، بالتساوي بين أفراد أسرته. وبفعل ذلك، يريد هذا الناشط في مجال حقوق الإنسان أن يكون قُدوة لجميع المغاربة.
وفي مقابلة مع برنامج “عين على الديمقراطية،” أكدّ المانوزي أيضاً أن مبادرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تُشّكل تمهيداً لخطوة إيجابية نحو فرض تنفيذ الدستور.
ويرى المانوزي في هذا التنفيذ مزيداً من الزخم للعمل لصالح حقوق المرأة المشروعة واتخاذ إجراءات فعالة في التخفيف من الهشاشة الاجتماعية والفقر الذي يميّز غالبية الفتيات والنساء المغربيات. وبالإجمال، تأتي معظم حجج المانوزي داخل إطار حقوق الإنسان/ المرأة التي لا تأخذ الدين كعامل رئيسي.
وقد لاقت تصريحات المانوزي معارضة شديدة من العديد من المعلقين. فقد أوضح بعض المعارضين أن المساواة في الميراث تناسب الماركسيين والعلمانيين، ولا تخاطب غالبية المغاربة (رجالاً ونساءً)، الذين يعتبرون القرآن الكريم المشرع الرئيسي. كما أن حقيقة أن قانون الميراث، خلافاً للعديد من القوانين، ذُكر بشكلٍ واضحٍ ومُفصل في القرآن، يعدّ بالنسبة لهم دليلاً قوياً أنّ هذا اختصاص الله وليس اختصاص الفقهاء أياً كانت مؤهلاتهم.
رأي آخر عبر عنه أستاذ علم الاجتماع إدريس الحلو الذي يعتقد أن الجدل حول المساواة في الميراث يرتبط بالنقاش المحتدم الآخر حول ما إذا كان يمكن للمرأة أن تأم صلاةً مختلطة، وهما جزء لا يتجزأ من قضية أوسع من المساواة بين النساء والرجال الموجودة على نطاقٍ واسع على الساحة السياسية. بالنسبة له، فإن هذه الناقشات ليست عرضية وربما تحتاج الى المزيد من الوقت والتأمل. ولكي يحدث هذا، يقترح الحلو أن النقاش يجب أن يوضع ضمن إطار علم الاجتماع/ علم الإنسان الديني وليس الفقه. وبالنظر إلى كون قانون الإرث جزء من الفقه الإسلامي، فإنه يرى أن المناقشات التي تنطوي على الدين ستكون دوماً عُرضة للمعارضة، كما يؤكد أيضاً على ضرورة تجنب الخوض في مسألة حساسة كهذه تتوجب الاختيار بين القرآن وبعض المصادر الاخرى للقانون. ففي الحالة الأخيرة، يميل الناس إلى اختيار القرآن نظراً للمكانة المركزية التي يلعبها الإسلام في حياة المغاربة.
وبعبارة أخرى، يعتقد الحلو أن الإطار الديني الاجتماعي/ الأنثروبيولوجي يُعطي الشعب المغاربي مقداراً كافياً من المسافة عن الدين وفرصة كافية ليكون أكثر عملية وواقعية. كما يُصّر أيضاً على إشراك جميع مكونات المجتمع في النقاش الدائر حول الميراث من أجل الوصول إلى القرارات التي يمكن تنفيذها. وبذلك، لن يتم تسييس موضوع المساواة في الإرث، وسوف يؤخذ بعين الاعتبار الحقائق المختلفة في المغرب، حيث أن النساء في بعض المناطق يُرَثون، إلى جانب أصول أخرى.
يتمثل الحل الذي يقدمه الحلو بتبني قيمة العدالة كمقدمة لقضية المساواة في الإرث، والتأكد من أنّ النقاش بأكمله يجري من وجهة نظر علم الاجتماع الديني وعلم الإنسان الديني.
ويُنظر إلى وجهة النظر هذه بشكلٍ مختلف من أطياف مختلفة. فالبنسبة للفئة المتعلمة والمؤيديين للمساواة، يعتبر هذا مخرجاً جيداً تُمليها الضرورة العقلانية. هذا ويتفق غالبية العلمانيين ومنظمات المرأة غير الحكومية التقدمية مع وجهة النظر هذه. ومع ذلك، بالنسبة لكثيرن آخرين، مثل شبكة الزهراء للمرأة المغربية، يعتبر هذا نوعاً من أنواع الاستيراد من “الغرب الفاسد،” الذي يسعى إلى إضعاف المجتمعات الإسلامية من الداخل.
فضلاً عن ذلك، هناك رأي آخر عبّر عنه الناشطون الشباب (من الرجال والنساء)، الذين يرون في النقاش حول قانون الإرث والمساواة بين الجنسين خطوة إيجابية نحو حرية التعبير. آيت قاسي على سبيل المثال، سعيد لأن المحرمات القائمة حتى وقتنا الحاضر حول المساواة والإرث تم “تهميشها،” وقال أنه يأمل بطرح المزيد من الأمور التي يتم التعبير عنها صراحةً في القرآن للنقاش، حتى وإن كان النقاش مُثيراً للجدل.
وأشار آخرون إلى الدليل الرئيسي الذي يُقدمه الفقهاء بأن الرجال ملزمون بإعالة زوجاتهم وأطفالهم، إلا أنه في الوقت الراهن هناك العديد من النساء العاملات واللواتي في بعض الأحيان يعتبرّن المعيل الوحيد، وبالتالي، ينبغي أن ينعكس هذا التغيير في وضع المرأة في الأسرة على القانون.
كما وصل الجدل المحتدم حول قانون الأسرة إلى الأحزاب السياسية، إذ يعارض الحزب الإسلامي الرئيسي، حزب العدالة والتنمية، بشدة أي شكلٍ من أشكال الإصلاح على قانون الإرث، في حين يدعمه الحزب اليساري الاشتراكي (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية).