أحدث المقالات
فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “السكان” و “المغرب”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت:
قُدر عدد سكان المملكة المغربية بنحو 36.87 مليون في عام 2020م،بمعدل نمو سكاني بلغ 1.1%، مقارنة بـ 1.22% في عام 2019م. وبنسبة نوع تقدر بذكر واحد لكل أنثى.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي قدر عدد سكان المملكة في عام 2019م بحوالي 36.47 مليون نسمة، شكل الذكور 49.61%، والإناث 50.39%، بنسبة نوع بلغت 98.5 ذكر لكل 100 أنثى.
وكان أحدث إحصاء رسمي لتعداد سكان المغرب في سبتمبر/ أيلول عام 2014م، حيث بلغ عدد السكان 33.8 مليون نسمة. وقد أبرز الإحصاء حينئذ المنحى التراجعي لتركيبة وحجم الأسر المغربية ما بين 1982م و2014م فقد تراجع عدد أفراد الأسرة المغربية من 6 أفراد عام 1982م ليصبح 5.8 فرداً في عام 1994م ثم 4.8 في عام 2004م ليصل إلى4.2 أفراد خلال عام 2014م.
وخلال الفترة الواقعة بين عامي 2012م و2017م، بلغ معدل النمو الإجمالي للسكان 6.96%، بمعدل نمو وسطي خلال السنوات الخمس 1.4%.
يشكل المسلمون نسبة 99% من السكان وجميعهم تقريبًا من السنة عدا أقل من 0.1% ينتمون إلى الطائفة الشيعية، وفقًا لـ كتاب حقائق العالم The World Factbook لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية؛ و1% أخرى من السكان تشمل المسيحيين واليهود والبهائيين.
اللغة العربية هي اللغة الرسمية في البلاد إلى جانب اللغات الأمازيغية (البربرية). وتستخدم اللغة الفرنسية غالبًا كلغة للأعمال والحكومة والدبلوماسية.
خلال النصف الثاني من القرن العشرين، أصبحت المغرب واحدة من أكبر بلدان الهجرة في العالم، مما أوجد مجتمعات مهاجرة كبيرة ومشتتة على نطاق واسع في أوروبا الغربية. شجعت الحكومة المغربية الهجرة منذ استقلالها في عام 1956، لتأمين التحويلات المالية لتمويل التنمية الوطنية وكتنفس لمنع الاضطرابات في المناطق المتمردة (البربرية غالبًا). تلا ذلك موجة من الهجرة العائلية في السبعينيات والثمانينيات، مع تزايد عدد المغاربة من الجيل الثاني الذين اختاروا أن يصبحوا مواطنين متجنسين في البلدان المضيفة لهم. ظهرت إسبانيا وإيطاليا كبلدين مقصدين جديدين في منتصف الثمانينيات، لكن فرض قيود على التأشيرات في أوائل التسعينيات دفع المغاربة بشكل متزايد إلى الهجرة إما بشكل قانوني عن طريق الزواج من مغاربة موجودون بالفعل في أوروبا أو بشكل غير قانوني للعمل في الاقتصاد السري. بدأت النساء في تشكيل نسبة متزايدة من هؤلاء العمال المهاجرين. في الوقت نفسه، ذهب بعض المغاربة ذوي المهارات العالية إلى الولايات المتحدة وكيبيك، في كندا.
في منتصف التسعينيات، تطور المغرب إلى بلد عبور لطالبي اللجوء من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والعمال المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا في محاولة للوصول إلى أوروبا عبر جنوب إسبانيا أو جزر الكناري الإسبانية أو الجيوب الإسبانية في شمال إفريقيا، سبتة ومليلية. لم تردع عمليات الطرد القسري من قبل قوات الأمن المغربية والإسبانية هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين أو تهدئة المخاوف الأمنية في أوروبا.
إلا أن الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الآخرين اختاروا البقاء في المغرب حتى يكسبوا ما يكفي من المال لمواصلة السفر أو بشكل دائم كخيار “ثاني أفضل”. إطلاق برنامج تسوية الأوضاع في عام 2014 أضفى الشرعية على وضع بعض المهاجرين ومنحهم المساواة في الحصول على التعليم.
تكشف تقديرات الهيكل العمري في عام 2019م، أن المجتمع السكاني المغربي يصنف بصغير السن، حيث أن 26.3% من السكان لم يتجاوزوا سن الرابعة عشر من العمر، 43.1% دون سن 25 عامًا، فيما نسبة 46.32% من السكان تقع في الفئة العمرية (25-59) عامًا، أما من هم عند 65 عامًا فما فوق فيقدرون بـ 10.9% فقط. وفقاً للمؤشرات الاجتماعية الرسمية.
بلغمتوسط عدد أفراد الأسرة في المغرب عام 2019م 4.4 فرداً ( 4 أفراد للأسرة الحضرية، و5.2 فرداً للأسرة القروية).
كما قُدر معدل الخصوبة في المغرب عام 2.38 طفلًا/ امرأة ( 2.12 في الوسط الحضري، و2.8 في الوسط القروي) (تقديرات 2018م).
ويقدر متوسط الحياة المتوقع للسكان في العام في عام 2021م زهاء 73.56 عامًا (71.87 عامًا للذكور، 75.34 عامًا للإناث).
عام 2020م، قدّرت الأمم المتحدة الكثافة السكانية بـ 82.7 شخصًا/كم2. والدار البيضاء هي أكبر مدن المغرب، وهي المركز التجاري والصناعي الرئيسي. الدار البيضاء مدينة من نتاج الاستعمار الفرنسي. فقد بدأت بالتطور كمرفأ في منتصف القرن التاسع عشر، وبحلول عام 1913م أصبحت مدينة مترامية الأطراف يسكنها 12,000 نسمة. غير أن المقيم العام الأول الفرنسي في المغرب، لوي هوبير ليوطي، صمم على جعل الدار البيضاء مركز التجارة والأعمال وأطلق حملة تخطيط مدني واسعة ليحولها إلى إحدى أهم المدن الفخمة.
بحلول عام 1921م، بلغ عدد سكانها 110,000 نسمة، وارتفع هذا العدد إلى 965,000 بحلول عام 1961م. عام 2018م، قُدر عدد سكان الدار البيضاء الكبرى بـ 3.684 مليون نسمة (كتاب حقائق العالم لوكالة الاستخبارات الأمريكية)، يشمل هذا الرقم مدنًا تابعة، مثل مديونة والمحمدية والنواصر. الدار البيضاء ليست العاصمة السياسية للبلاد: يبدو أنّ ليوطي وجد أنها هشة وتفتقر للجلال والتاريخ، فجعل الرباط التي تقع شمالي البلاد على طول الشاطئ المركز الإداري للبلاد.
فحوّل بذلك التركيز على التحضر بعيداً عن مدن الداخل، مثل فاس ومراكش، إلى المدن الساحلية، مع أنّ عدد سكان المدن المغربية الرئيسية كبير جدًا (عام 2018، بلغ عدد سكان العاصمة الرباط 1.847 مليون نسمة، ومدينة فاس 1.184، وطنجة 1.116 مليون نسمة، ومراكش 976 ألفًا، وأغادير 888 ألفًا).
يعيش في محافظات الساحل الأطلسي بين طنجة وسطات 46% من السكان، وفي بعض هذه المحافظات، وبخاصة الدار البيضاء الكبرى والمنطقة المحيطة بالرباط وسلا، حيث معظم السكان من الحضر (92% و84% على التوالي). وعلى الرغم من التحضر الكثيف لهذه المناطق، إلا أنها ما زالت تعتبر من أهم المناطق إنتاجية على صعيد الزراعة – غالبية الأراضي الصالحة للزراعة في هذه المناطق وفي الأجزاء الداخلية للبلاد (التي يقطنها 50% من السكان)، مثل منطقتي فاس ومراكش الحضريتين؛ مع ذلك، يغلب على بعض المحافظات الطابع الريفي وقلة السكان، خصوصاً في أقصى الشمال الغربي والجنوب. أما نسبة سكان المناطق التي شكلت الصحراء الإسبانية السابقة فلا تتعدى 3% من عدد السكان الإجمالي، وهي حضرية إلى حد بعيد (94% في العيون).
وفق الإحصاءات، المغرب مجتمع متجانس بشكل لافت للنظر على الصعيدين الثقافي والديني. يشكّل المسلمون 99% والمسيحيون 1% من السكان، ويبلغ عدد اليهود حوالي 6,000 نسمة. 99% من السكان هم من العرب والبربر، وهناك ثلاث لغات رئيسية: العربية والبربرية أو الأمازيغية (كلاهما لغتان رسميتان) والفرنسية (لغة الأعمال والحكومة والدبلوماسية). في الواقع، هذا التجانس الظاهر مضلّل: فالهويتان اللغوية والدينية متنازع عليها.[/caption]تشكل اللغة الفارق الأساسي بين العرب والبربر في المغرب.
كانت البربرية لغة غالبية السكان إلى أن تم تعريبها من خلال الدين والتجارة والحكومة الحضرية. اللغة العربية لغة سامية، غير أن اللغة البربرية لغة غير سامية، وهي من اللغات الأفروآسيوية ولها اختلافات لغوية عديدة (تعتبر لغات أو لهجات) مستعملة في شمال إفريقيا.
يشير ناشطون من البربر بشكل عام إلى مجتمعهم بمصطلح “أمازيغ”، وهو مشتق من إحدى اللهجات البربرية الثلاث: التاشلحيت (المستعملة في الأطلس الكبير)، والتامازيغت (المستعملة في الأطلس المتوسط) والتريفيت (المستعملة في الأرياف). وفق مكتب الإحصاء المغربي، عام 2004 بلغت نسبة السكان الذين تخطت أعمارهم الخمس سنوات والذين يتكلمون إحدى اللهجات العربية 89% والتاشلحيت 14% والتمازيغت 9% والتريفيت 5%. وتعقدت الأمور أكثر بعد ضم الصحراء الغربية، والتي يتكلم سكانها لهجة عربية مختلفة تُعرف بالحسانية (0,7% من سكان المغرب بعد عام 1975).
تاريخياً، تشابه البربر والعرب من حيث التنظيم القبلي والقرابة. في الفترات التي كانت فيها الحكومة المركزية ضعيفة، كما كان الأمر قبل الحكم الاستعماري في النصف الأول من القرن العشرين، شكّلت الأنظمة القائمة على القرابة، الحقيقية منها أو الصورية، أساس التضامن الاقتصادي والاجتماعي الفعال. وارتبط استعمال أفراد القبائل للغة البربرية أو العربية العامية بمسؤولي الحكومة. غير أنّ هاتين اللغتين لم تكونا لغة الأدب. فتاريخياً، انحصر استعمال اللغة العربية الفصحى بالأنشطة الرسمية والدينية، وكانت اللغتان البربرية والعربية العامية تستخدمان وفق متطلبات كل بيئة. وتغيرت الحدود اللغوية: فقد تم تعريب القبائل البربرية على نحو متزايد.
خلال فترة الاستعمار، شكّلت القبائل الناطقة باللغة البربرية مقاومة مسلحة أقوى بكثير من الناطقين باللغة العربية في السهول والمدن. حاولت السلطات الفرنسية (وبشكل أقل الإسبانية) التعامل معها من خلال اختيار البربر كمجموعة اجتماعية إثنية والاعتراف بخصائصهم والتركيز على اختلافهم عن الناطقين بالعربية. أدى ذلك إلى صدور “الظهير البربري” الشهير عام 1930، وهو مرسوم أُسس بموجبه نظام قانوني مستقل للمناطق التي اعتبرها الفرنسيون بربرية ثقافياً.
وكان ذلك المحفز الرئيسي لنشوء الحركة الوطنية الأولى التي ارتبطت إيديولوجياً بحركات مماثلة في الشرق العربي، وبهذا حددت الحركة الوطنية هويتها بكلمات عربية. بعد الاستقلال، تم التركيز على اللغة العربية الأدبية في التعليم، وهمّش نظام التعليم الوطني اللغات البربرية. وحافظت اللغة الفرنسية على مكانتها الرفيعة في الإدارة والحكومة والثقافة، وبقيت اللهجات العامية للغتين العربية والبربرية مستعملةً في الحياة اليومية. نتيجةً لذلك، لا يمكن تحديد الفروق اللغوية بشكل محدد؛ ولكن من المؤكد أن بعض المناطق يسود فيها استعمال اللغة العربية وأخرى اللغة البربرية. ونفس الشخص قد يستعمل أكثر من لغة ولهجة لذات اللغة في مناسبات مختلفة.
في المغرب نظام معقد ثلاثي اللغات يتمثل في الاستعمالات المتعددة للغة نفسها. يستخدم ضرب من اللغة العربية المغربية العامية للعلاقات الحميمة غير الرسمية في الحياة اليومية؛ ولغة عربية “ثقافية” متوسطة بين الغرباء لأغراض رسمية (حوالي 40% من السكان يستخدمون هذا الضرب من اللغة، وأكثر من ذلك يمكنهم فهمها)؛ وتنحصر اللغة العربية الأدبية المكتوبة بالمتعلمين. إلى جانب الازدواجية اللغوية، هناك ثلاث لغات محكية: البربرية والعربية والفرنسية. وتُقدر نسبة السكان الذين يجيدون اللغة الفرنسية بطلاقة، قراءةً وكتابةً ومحادثة، بـ 10%، وأكثر بكثير يجيدون استعمال لغة هجينة بعض الشيء.
تعقيداً للأمور، للغة البربرية ازدواجية لغوية أيضاً، وذلك نتيجةً للسياسات المتعلقة بالهوية البربرية منذ أوائل التسعينيات. عام 1994، أعلن الملك حسن الثاني أنّ “اللهجات” الأمازيغية كانت “إحدى مكونات أصالة تاريخنا”. وبدأت الحكومة باستيعاب مطالب الاعتراف باللغة البربرية، وذلك من خلال تأسيس محطات تبث باللهجات الرئيسية الثلاث. نصّت ديباجة دستور عام 1996 على أنّ اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، غير أنّها لم تذكر اللغة البربرية.
لكن نشطاء من البربر أسسوا جمعيات وصحفاً، كما اقترح عسكريون إعادة المغرب إلى ما قبل التراث الاستعماري والإسلامي. وبعد جلوس محمد السادس على العرش، بدأت حركة إحياء الثقافة البربرية، وأسست الحكومة عام 2001 المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بميزانية هائلة (ما يزيد عن 100 مليون دولار) للتنمية الثقافية. وأسهمت الموسيقى في النمو الثقافي من خلال أشرطة التسجيل والأقراص المدمجة ومن ثم الإنترنت. عام 2010، أُطلقت قناة أمازيغ التلفزيونية، والتي تبث محلياً.
أكمل دستور عام 2011 هذه العملية: تتناول ديباجته الوحدة المغربية القائمة على تنوع مكوناتها العربية الإسلامية والأمازيغية (البربرية) والصحراوية الحسانية والغنية بتياراتها الإفريقية والأندلسية واليهودية ودول البحر البيض المتوسط. وتنص المادة 5 على أنّ العربية هي “اللغة الرسمية للدولة”. بينما تشكل الأمازيغية أيضاً “لغة رسمية للدولة”. وكلغة رسمية، يجري العمل على تشكيل وكتابة اللغة البربرية على أساس خط تيفيناغ، الخط التاريخي الصحيح الذي يستعمله الطوارق في الصحراء. وتستخدم نسخة معدلة عن هذا الخط في بعض المدارس الابتدائية، لكنه يصلح للدلالة على الصفاء الثقافي أكثر منه بديلاً عملياً للخطين العربي أو اللاتيني.
دستورياً، المغرب ليس بلداً إسلامياً فحسب – 99% من كونه من نسل النبي محمد، يلعب الملك محمد السادس دوراً هاماً في العالم الإسلامي السنيالسكان هم من المسلمين (السنّة) –وإنما الملك أيضاً يعتبر زعيماً دينياً: “أمير المؤمنين”. هذا اللقب مؤسس على إدعاء نسبه المباشر إلى النبي محمد: وبذلك، فإن شرعية الملك قائمة على أساس الدين والأصل، الأمر الذي لا ينطبق على الرؤساء المدنيين، حتى في الجمهوريات الدينية.
يشدد النظام على مظاهره الدينية، غير أن الإسلام في المغرب ليس متجانساً ولم يكن كذلك تاريخياً. المذهب السائد هو الإسلام السنّي المالكي، غير أن الممارسات تختلف بين الناس. تقليدياً، أكرم المغاربة المسلمون أضرحة الأولياء من الرجال والنساء: المرابطين. ومع أن مفهوم التقديس ليس موجوداً في الإسلام، غير أن المرابطين يتمتعون بميزة “البركة”، وهي مزيج من القداسة الشخصية والاستحقاق المتوارث من الأب إلى الابن ثم أفراد العائلة الآخرين. في بعض الأحيان، كانت هذه الحظوة الموروثة، تماماً كالشرعية الملكية، قائمة على النسب إلى سلالة النبي محمد، ويُعرف هؤلاء الأشخاص بالشرفاء. تكثر أضرحة المرابطين والشرفاء في الريف المغربي؛ وكان المرابطون الأحياء، الذين هم فوق سياسة الدولة أو القبيلة، يتوسطون في النزاعات ويلجأ إليهم الفارّون.
كان بعض المرابطين خبراء في أنواع التصوف. كانت الأخويات الصوفية العظمى (الطرق) التي تأسست في العصور الوسطى، تتمتع بسلطات وثروات كبيرة. بشكل عام، لعب المرابطون وزعماء الطرق دوراً محافظاً في فترة الاستعمار، وفقدوا تأثيرهم السياسي في فترة ما بعد الاستقلال. ولكن رحلات الحج إلى الأضرحة الهامة لا تزال تستقطب أعداداً هائلة من الحجاج، وخصوصاً النساء. وتنتقد الحركة الإسلامية التي تطورت في المغرب في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات هذه الظواهر بحجة أنها لا تمت للدين بصلة، لأنها تعتمد وسيطاً بين الله والمؤمنين، الأمر المرفوض في الدين، بحسب الإسلاميين.
لليهود تاريخ طويل في المغرب. فقد كان لهم وجود في البلاد قبل مجيء الإسلام، وانضم إليهم لاحقاً موجات عديدة من اللاجئين اليهود. كان هناك مجموعتان رئيسيتان من اليهود: المتحدرين من الريف المغربي، وبشكل خاص من الأطلس الكبير؛ وأبناء الطبقة العليا المتحدرين من عائلات أُجليت من إسبانيا بعد عام 1492. بحلول القرن التاسع عشر، غادر بعض اليهود الريف إلى المدن، مع أنّ سكان الأرياف بقوا حتى القرن العشرين، ويتكلمون اللغة المحلية: البربرية أو العربية.
واصل اللاجئون من إسبانيا استعمال إحدى لهجات اللغة الإسبانية في العصور الوسطى ضمن مجتمعاتهم، حتى إنّ أسماءهم كانت إسبانية. شكّل هؤلاء الرجال المتعلمون جزءً من الشبكة اليهودية عبر البحر الأبيض المتوسط، مما أتاح لهم جني ثروات طائلة من التجارة. كما عملوا كممثلين تجاريين للسلاطين، مما أكسب المجتمعات اليهودية حماية السلطان، وكان الحي اليهودي قريباً من القصر الملكي أو مقر الحاكم. ومن جهة أخرى، كانت قيود صارمة مفروضة على لباسهم وسلوكهم، وقد وقع اليهود في بعض الأحيان ضحية العصابات، خصوصاً خلال الأزمات الاقتصادية.
خلال الحماية الفرنسية، ازدهر يهود المغرب، حتى الحرب العالمية الثانية، في حماية الملك محمد الخامس، بينما لاقوا سوء المعاملة من حكومة فيشي بضغط من النازيين. نتيجةً لذلك، وفي فترة ظهور الحركة الوطنية وأوائل فترة الاستقلال، كان اليهود مفضلين لدى الملك محمد الخامس، ومحتقرين من الوطنيين المستائين من إنشاء دولة إسرائيل. هاجر العديد من اليهود، بعضهم إلى إسرائيل والبعض الآخر إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، بما في ذلك كندا الفرنسية، فيما بقي البعض في المغرب وحافظوا على علاقات وثيقة بالعائلة الحاكمة، وعملوا في بعض الأحيان كمستشارين اقتصاديين للملك الحسن الثاني.
ولعلاقتهم الجيدة بالنخبة في إسرائيل، عملوا كوسطاء دبلوماسيين. وقد لعبت المغرب دوراً أساسياً في المفاوضات التي أدت إلى زيارة أنور السادات إلى القدس. لذلك، ومع أن عدد اليهود تراجع من 250,000 منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، إلا أنّ عدداً لا بأس به (5000-6000 نسمة) لم يغادر البلاد. كما أنّ المعابد اليهودية مفتوحة والمواقع اليهودية محفوظة.
يمكن تصنيف سكان المغرب من حيث الثقافة (العرب والبربر) والثروة. وليس بالضرورة أن تكون هاتان الفئتان متزامنتين.
التمايز الثقافي بين العرب والبربر ليس العامل الحاسم الذي يحدد مستوى الحياة ونوعيتها. فهذا ينتج من عوامل إقليمية وثقافية أكثر منها إثنية، وليس الديني بالتأكيد، لأن جميع المغاربة تقريباً هم من المسلمين السنّة. تقع معاقل البربر في الجبال والصحارى، مع أن سكان محافظات الصحراء الإسبانية سابقاً يتكلمون إحدى اللهجات العربية. صحيح أن هذه المناطق هي الأفقر غالباً، لكن ليس دائماً؛ فالعديد من البربر يهاجرون إما إلى المدن الساحلية، حيث يتم تعريبهم ويبقون فقراء؛ أو إلى أوروبا حيث يتوجب عليهم تعلّم لغات أوروبية ويحققون ثروات أكثر مما يستطيعون تحقيقه في المغرب.
أما الاختلافات الأكثر وضوحاً فهي الدخل والتعليم والصحة، والتي تنعكس في فروقات متوسط العمر المتوقع بين سكان الأرياف والمدن. بشكل عام، يتمتع سكان المدن بظروف أفضل على صعيدي التعليم والصحة. ولا تُعزى هذه الامتيازات إلى ارتفاع مستوى الدخل. فالخدمات الطبية والمدارس متوفرة بوفرة في المدن أكثر من الأرياف – عدد الأطباء والمتخصصين في الرباط والدار البيضاء أكثر من جبال الريف في الشمال أو في بلاد السوس في الجنوب.
انتشل النمو الاقتصادي السريع في المغرب، والذي بدأ عام 2000، الكثيرين من المغاربة من براثن الفقر، لكن نتج عنه زيادة في سوء توزيع الثروات. يحصل 20% من الطبقة العليا على حوالي نصف دخل البلاد (47,88%)، بينما 20% من الطبقة الدنيا على 6,5%. ولم تتغير هذه النسب كثيراً منذ عام 2001، منذ كانت 47,7% و 6,47% على التوالي (وفق البنك الدولي).
إلا أن عدد المغاربة الذين يعيشون في فقر مدقع تراجع إلى حد بعيد. قسم تقرير صادر عن مديرية الإحصاء المغربية عام 2007، وتناول توزيع الثروات، المستوى الأدنى من سلّم الدخل وفق مقاييس الفقر النسبي وقابلية الإصابة بالفقر كما يحددها البنك الدولي.
كانت الحسابات معقدة: كان الفقر النسبي مبنياً على مؤشر الدخل المطلوب لشراء ما يكفي من الطعام لتوفير 1984 سعرة حرارية في اليوم، المرتبط بمؤشر خاص بالمواد غير الغذائية. تم تحديد قابلية الإصابة بالفقر بضرب هذا المؤشر بـ 1,5. أفاد التقرير بأن بين 2001 و 2007، تراجع الفقر النسبي من 15,3% إلى 8,9% في جميع أنحاء البلاد، ومن 7,6% إلى 4,8 في المدن، ومن 25,1% إلى 14,4% في المناطق الريفية. كما تراجع مؤشر القابلية للإصابة بالفقر (من 22,8% إلى 17,5% في جميع أنحاء البلاد، ومن 16,6% إلى 12,7% في المدن، ومن 30,5% إلى 23,6% في المناطق الريفية). وأظهرت مقاييس الحرمان الأخرى النمط ذاته على صعيد الدخل المطلق والمواد التموينية.
بينما يُظهر النمط العام تراجعاً سريعاً في الفقر، إلا أنّ هذا النمط يختلف على المستوى الإقليمي. أظهرت قياسات الفقر النسبي المطبقة على كل محافظة على حدة أن الفقر النسبي كان أدنى من المعدل الوطني على الساحل بين الدار البيضاء والرباط وطنجة، لكنه كان أعلى بكثير في المناطق الريفية في الشمال الشرقي وحول المدن الداخلية الكبرى: فاس ومكناس ومراكش. لكن محافظات الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية سابقاً، كانت أغنى من باقي مناطق المغرب، مما يشهد على كمية الاستثمارات ذات الدافع السياسي فيها.
كما تظهر هذه الفروقات على الصعيد المحلي: على سبيل المثال في محافظة مكناس، يشير مؤشر الفقر في بلدية مراسين إلى 35,9% ومؤشر قابلية الإصابة بالفقر إلى 27%، فيما تبلغ هذه النسب 4,8% و 11,8% على التوالي في المهاية. المسافة بين هاتين المدينتين ليست أكثر من 20 كم، غير أن الفارق الثقافي قد يكون كبيراً وله جانب اقتصادي: عندما يكون الدخل منخفضاً في الريف، يُنتج الناس غذائهم بأنفسهم؛ وعندما يكون أعلى في المدن، تكون تكاليف السكن أعلى بكثير.
فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “السكان” و “المغرب”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت: