وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المجتمع في المغرب

المجتمع في المغرب
أشخاص يسيرون في مدينة مراكش القديمة في 24 فبراير 2021.(Photo by FADEL SENNA / AFP)

المقدمة

هناك انقسامات عميقة في المجتمع المغربي، خاصة على طول الخطوط العرقية والثقافية. وأهما التمييز بين الناطقين بالعربية والبربرية. وهذا يترافق بمع التمييز بين المدينة والريف. الكثير من الشباب عاطلون عن العمل أو يعملون دون مستواهم التعليمي.

مؤشر التنمية البشرية

عام 2010، بلغ مؤشر التنمية البشرية (UNDP) في المغرب 0,567، وهو أقل من معدل 0,588 للدول العربية. خلال السنوات الثلاثين الماضية، ارتفع هذا المؤشر 1,59% سنوياً مقارنة بـ 0,351 عام 1980. ومع ذلك، يعتبر مؤشر التنمية البشرية في المغرب أدنى مما هو متوقع، مما يضع المغرب في المرتبة 130 من بين 187 دولة، بعد فيتنام (128) وقبل العراق (132).

سجلت المغرب نتائج متدنية في بعض مؤشرات الفقر – مثل مؤشر الفقر البشري (0,139) ومعدل البالغين المتعلمين (56,4) – غير أنها سجلت نتائج أفضل من بعض الدول الأخرى في مؤشرات أخرى (2,8% من السكان الذين لا يحصلون على الكهرباء في المغرب، مقارنة بسوريا 7,1%). خلال السنوات الثلاثين الماضية، كان هناك تقدم في عدة عوامل: ارتفع متوسط العمر المتوقع من 57,7 سنة عام 1980 إلى 72,2 سنة عام 2011.

سجلت المغرب نتائج منخفضة في مؤشر التنمية البشرية المرتبط بالجنس(0,693) على الصعيد العالمي، مما يضعها في المرتبة 104 مباشرة بعد سوريا وقبل زيمبابوي؛ وأدنى بقليل من الدول العربية (0,699) عام 2010.

 مؤشر التنمية البشرية في المغرب

العشائر والمجتمعات

تاريخياً، كانت المناطق القروية في المغرب مجتمعاً قبلياً، سواء في المناطق المأهولة أو الصحراوية شبه البدوية. بموجب الدستور، تعتبر المغرب دولة إسلامية يترأسها ملك يُعرف أيضاً بأمير المؤمنين، ضامن هوية المغرب الإسلامية، الدور الذي يدّعيه أفراد عائلته منذ القرن السابع عشر. شدد الملك الحالي، محمد السادس، كما والده الحسن الثاني، على مصدر الشرعية هذا، ولكنهما أصرا أيضاً على كبح الإسلاميين والتشديد على علاقات وثيقة مع حلفاء المغرب الغربيين (خاصة أوروبا) والدور الخاص التي تلعبه الأقلية اليهودية.

رغم التشديد على التسامح الديني والاجتماعي، إلا أن هناك انقسامات عميقة في المجتمع المغربي، خاصة على الصعيدين العرقي والثقافي. أهمها التمييز بين الناطقين باللغتين العربية والبربرية. تاريخياً، كلا المجموعتين من القبائل المسلمة التي تتبع المذهب المالكي الشرعي. وبشكل أساسي، الفارق بينهما لغوي وثقافي. وبعد الاستقلال عام 1956، تعرّض الناطقون باللغة البربرية للتمييز، جزئياً بسبب استياء القوميين الناطقين باللغة العربية من تفضيل السلطات الفرنسية للبربر على العرب وإنشاء هيكلية قانونية منفصلة خاصة بهم (انظر النظام القانوني). ومنذ التحرر في أواخر التسعينيات، وبشكل خاص في عهد محمد السادس، فُتح المجال أمام استخدام التعبيرات اللغوية والثقافية البربرية.

تناقصت أعداد المجتمع اليهودي ذي الأهمية التاريخية، إذ غادر معظمهم إلى إسرائيل بشكل أساسي، وبعضهم إلى أمريكا الشمالية وأوروبا. واختفت المجتمعات اليهودية القروية بشكل شبه كامل. لم يتعرض اليهود إلى الاضطهاد من قبل الدولة، وإنما شغل البعض منهم مناصب سياسية وإدارية هامة في الدولة.

بنية الأسرة

تاريخياً، ارتكز المجتمع المغربي على العائلات الأبوية الممتدة، بما فيها الأسرة النووية من أبوين وأولاد، بالإضافة إلى الأقرباء من حيث النسب أو الزواج. وكان ذلك ملازماً للتركيبة القبلية للمجتمع القروي. وفي السنوات الأخيرة، ساهم التحضر والعوامل الاقتصادية والهجرة بالإخلال بهذه الأنماط، مع أنها حافظت على قوة قيمها المعيارية.

متوسط حجم الأسرة في المغرب في انخفاض مستمر، على الرغم من أن الأسر في المناطق الحضرية تكون عادةً أصغر حجماً (4,8 عام 2012، وسطياً 4,6 في 2000-2006) من الأسر في المناطق القروية (5,6 عام 2012، وسطياً 6,4 في 2000-2006). (بيانات وزارة الاقتصاد والمالية)

في الفترة الممتدة بين أواخر السبعينيات وأوائل التسعينيات، انخفض المعدل الكلي للخصوبة في المغرب بنسبة 44%، وهو انخفاض سريع مقارنة بمصر، على سبيل المثال. ويعزى ذلك إلى ارتفاع متوسط الفترة بين الولادات مع انخفاض رغبة النساء المغربيات في إنشاء الأسر الكبيرة: انخفض حجم الأسرة النموذجية من 5 إلى 3,7 أطفال. أصبحت هذه الرغبة قابلة للتحقيق لتوفر طرق منع الحمل التي ارتفعت عام 1980 بنسبة 19,4% بين النساء ما بين 15–49 من العمر إلى 41,5% عام 1992 و 63% عام 2004 (البنك الدولي، مؤشرات التنمية العالمية). وكان العامل الآخر ارتفاع متوسط عمر الزواج بين 1971-2004، وذلك من 19,1 إلى 26,4 سنة للنساء ومن 25 إلى 31,2 سنة للرجال (الأمم المتحدة – بيانات الزواج العالمية لعام 2008). ويعزى ذلك إلى ارتفاع المستوى التعليمي لدى النساء والمصاعب الاقتصادية المتمثلة بادخار المال الكافي للزواج. تترأس النساء نسبة كبيرة من البيوت المغربية نتيجة ارتفاع مستويات هجرة الذكور. وفق البنك الدولي عام 2004، بلغت نسبة الأسر التي تترأسها النساء 17%. وهذا الوضع قائم منذ فترة طويلة: في منتصف التسعينيات، بلغت نسبة الأسر التي تترأسها النساء 16%، وكان عدد السكان الذين ينتمون إلى هذه الأسر 10%. وكان ذلك مؤشراً واضحاً للفقر: الأسر التي تترأسها النساء غالباً ما يكون مستواها التعليمي ليس جيداً: 20% غير متعلمين، و 6% فقط حصلوا على التعليم الثانوي أو العالي، منهم 90% كانوا الشخص البالغ الوحيد في عائلة مؤلفة من أولاد. وكان 23% منهم يعيشون في بيوت ليس فيها مياه شرب جارية أو مراحيض أو كهرباء. وقد يتغير هذا الوضع في حال ارتفع عدد النساء المهاجرات.

بنية الأسرة في المغرب
المعدل الكلي للخصوبة في المغرب

المرأة

ينص الفصل 19 من دستور عام 2011 ما يلي: “يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية… وتسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والمرأة… ومكافحة كل أشكال التمييز”. هذا الدستور الجديد أكثر شمولاً ووضوحاً من دستور عام 1996 الذي استبدله، حيث أن الدستور القديم لم ينص سوى على أن جميع المواطنين المغاربة متساوون أمام القانون (الفصل 5) وأن الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية (الفصل 7). ولا يحدد الضمانات الدستورية الأخرى (كحرية التنقل والرأي والتعبير وتأسيس الجمعيات) من حيث الجنس.

تعتبر هذه الأحكام الدستورية الضامنة لحقوق المرأة مكمّلة للأحكام المنصوص عليها في مدونة الأسرة المغربية (قانون الأسرة) بعد إدخال تغييرات جذرية عام 2004 على النص الأصلي الصادر عام 1957. تغطي المدونة قانون الأحوال الشخصية (الزواج والطلاق والميراث والحضانة والحجر)، وتمت مناقشة وتعديل القانون المعدّل في البرلمان قبل الموافقة عليه بالإجماع، وذلك عوضاً عن صدوره بموجب مرسوم ملكي كما كان عليه الحال بالنسبة للقانون الأصلي الصادر عام 1957. رفعت النسخة المعدّلة السن الأدنى لزواج النساء من 15 إلى 18 عاماً؛ وأسس الطلاق بالتراضي؛ وفرض قيوداً صارمة على تعدد الزوجات وفسخ الزواج؛ وحمّل كلا الزوج والزوجة مسؤولية الأسرة؛ وأنهى واجب الزوجة في طاعة زوجها. أثنى نشطاء حقوق الإنسان المغاربة على هذه التغييرات لأنها منحت المرأة المزيد من الحقوق، غير أنها لاقت معارضة شديدة من المتشددين الإسلاميين الذين اعتبروها تهجماً على تعاليم الإسلام، مع أن القانون بقي مستنداً إلى الشريعة الإسلامية (Global Rights).

سواء كانت متزوجة أم لا، لا تواجه المرأة المغربية أية قيود قانونية بشأن السفر داخل البلاد أو خارجها. وبالمثل، ليس هناك قيود قانونية عليها فيما يتعلق بممارسة الأعمال التجارية أو المهنية أو تسجيل شركة أو التوقيع على عقود غير تلك المفروضة على الرجل. لكن لا تتساوى حقوق الميراث بين المرأة والرجل (مؤسسة التمويل الدولية). وللرجل والمرأة حق الحصول على إجازة أبوة وأمومة، غير أن مدة إجازة المرأة – لكلاهما إجازة مدفوعة (98 يوماً) وإجازة غير مدفوعة (90 يوماً) – أطول بكثير من إجازة الرجل (3 أيام). ويكفل القانون للمرأة عودتها إلى وظيفتها بعد إجازة الأمومة، ويحظّر على أرباب العمل فصل النساء من العمل على أساس الحمل. وهناك قوانين تفرض أجر متساو لنفس الأعمال وتحظر التحرش الجنسي. وسن التقاعد (60) فهو نفسه للمرأة والرجل. كما أن شهادة المرأة في المحاكم لها نفس الوزن كشهادة الرجل.

تمثيل المرأة في البرلمان

بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية (حزب العدالة والتنمية) منذ انتخابات عام 2012 مَنح الدستور الأول، الذي تمت الموافقة عليه بموجب استفتاء شعبي عام 1962، المرأة حق التصويت والترشح لمنصب انتخابي. وعندما صادقت المغرب على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، تحفظت على المواد المتعلقة بالأحوال الشخصية. لم يتم انتخاب المرأة في البرلمان حتى عام 1993، ولم يكن حضور المرأة بأعداد كبيرة (35) في مجلس النواب إلا بعد انتخابات عام 2002، وذلك لتخصيص 30 مقعداً للمرأة في اللائحة الانتخابية الوطنية. وفازت المرأة بخمسة مقاعد في الانتخابات العامة للائحة المحلية. إلا أنها لم تحرز نتائج جيدة في انتخابات المجالس المحلية في العام التالي (127 امرأة من أصل 22,944 عضو)، لكن تم تخصيص 12% للمرأة في الانتخابات البلدية والمحلية لعام 2009، وتم انتخاب 3,406 سيدة من أصل 20,458 مرشحاً. وفي الانتخابات التشريعية لعام 2011، ارتفع عدد المقاعد المخصصة للمرأة إلى 60 مقعداً من أصل 395. وفي كافة الانتخابات الأخيرة، حصلت مرشحات حزب العدالة والتنمية الإسلامي على نتائج أفضل من مرشحات الأحزاب الأخرى.

منذ عام 1998، شغلت المرأة مناصب حكومية كوزيرة (بلا حقيبة). ولم يتم انتخاب وزيرة بحقيبة إلا في الحكومة التي تشكلت إثر انتخابات عام 2012: بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وكانت نائبة عن حزب العدالة والتنمية (شارك سبع نساء في الحكومة المنصرمة).

الجنسية والقانون الدولي

وفق قانون الجنسية المغربية (المنقح عام 2007)، يحق للمرأة، سواء كانت متزوجة أم لا، منح الجنسية لأولادها تماماً كالرجل، ولكنها لا تستطيع منح الجنسية لزوج غير مغربي، مع أنه يحق للرجل منح الجنسية لزوجته غير المغربية.

الاستقامة الجنسية و”جرائم الشرف

أفادت دراسة أجرتها الحكومة المغربية عام 2011 أن 25% من النساء المغربيات تعرضن للاعتداء الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتهن. ومع أن الاغتصاب يعاقب عليه القانون بالسجن لمدة تتراوح ما بين 5-10 سنوات (10-20 سنة إذا كانت الضحية قاصرة)، يحق للقاصرة التي غُرر بها الزواج ممن اعتدى عليها بموجب الفصل 475 من المسطرة الجنائية المغربية، وفي هذه الحالة لا يتم تنفيذ الحكم إلا إذا فُسخ الزواج. نجم عن ذلك ثغرة في أحكام المدونة التي فرضت على المحكمة إجبار ضحية في السادسة عشر من عمرها على الزواج من الشخص الذي غرر بها في آذار/مارس عام 2012. ولاحقاً، انتحرت الفتاة، مما أدى إلى احتجاجات عامة ورفع عريضة وقع عليها نصف مليون شخص.

التعليم والقوى العاملة

عام 2010، شكلت النساء المغربيات نسبة 27% من القوى العاملة الرسمية. هناك اختلافات كبيرة بين القطاعات الاقتصادية، حيث تركّز عمل المرأة في القطاع الزراعي الذي وفّر نسبة 58% من عمل المرأة (أقل من 35% للرجل). وظّف قطاع الصناعة 24% رجال و 15% نساء، وقطاع الخدمات 42% رجال و 25% نساء (إحصائيات عام 2008). عام 2006، كان المستوى التعليمي للنساء العاملات أفضل من المستوى التعليمي للرجال، وذلك لأن المستوى التعليمي الأفضل أصبح شرطاً أساسياً لدخول النساء سوق العمل: نسبة النساء الحاصلات على التعليم العالي 11% تقريباً من القوى العاملة النسائية (أقل من 8% للرجال). والقوى العاملة في قطاع التعليم غير متناسقة: عام 2004 – العام الأخير الذي توافرت فيه أرقام مقارنة – شكلت النساء نسبة 45% من المعلمين في المرحلة الابتدائية، و 33% في المرحلة الثانوية، و 23% في التعليم العالي. عام 2011، شكلت النساء نسبة 51% من المعلمين في المرحلة الابتدائية.

تعكس هذه الاختلالات المستويات الإجمالية للحصول على التعليم. كان إجمالي عدد الطلاب الملتحقين بالمرحلة الابتدائية عام 2011 متساوياً للذكور والإناث (97% و 96% على التوالي)، ولكن كان هناك فجوة كبيرة في معدلات إكمال مرحلة التعليم الابتدائي (83% للذكور و 77% للإناث عام 2009). وعلى مستوى التعليم العالي، ضاقت الفجوة مجدداً – 14% للذكور و 12% للإناث – مما يشير إلى أن أسر الطبقة الوسطى تولي ذات الاهتمام للتعليم العالي للإناث والذكور.
بشكل عام، الوضع التعليمي للمرأة في تحسن مستمر. عام 2009، كان معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بالنسبة للنساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15-24 سنة 72% (مقارنة بـ 87% للرجال)، في حين كان المعدل 31% للإناث و 58 للذكور عام 1982.

كما تساهم المرأة في الاقتصاد من خلال الهجرة. فعلى كافة المستويات التعليمية، تهاجر أعداد أكثر من النساء إلى أوروبا بهدف العمل، بعد أن كانت الهجرة للرجال فقط.

الشباب

في أوائل عام 1991، شهدت المدن المغربية كافة تقريباً مظاهرات احتجاجاً على الظروف الاقتصادية (الأجور والضمان الاجتماعي والمعاشات التقاعدية)، والتي كانت محل قلق النقابات العمالية، وعلى مشاركة الجيش المغربي في حرب الخليج الأولى إلى جانب القوات الأمريكية، مما أثار سخط الإسلاميين وبعض اليساريين. واحتل 300 شخص مبنى عاماً في مدينة سلا المجاورة للرباط، وقاموا بتنظيم إضرابا عن الطعام. وأظهر مسح للمتظاهرين أن ثلثهم فقط كانوا فوق سن الثلاثين، وأكثر من النصف من النساء، ولكن أكثر من ثلثهم كانوا يحملون شهادات جامعية والثلث الآخر شهادة البكالوريا الضرورية لدخول الجامعة. ولم يضمن التعليم العمل: عام 1990، كان 9,6% من العاطلين عن العمل من الحاصلين على شهادات جامعية. وقد ساءت الأمور أكثر منذ ذلك الحين: ارتفعت هذه النسبة إلى 22% عام 2005.

بطالة الشباب من المشاكل المنتشرة في الدولة. فنسبة المغاربة دون سن 14 في انخفاض مستمر (من 47,5% عام 1970 إلى 39,7% عام 1990 و 28% عام 2010)، كما معدلات البطالة الإجمالية (من 23% عام 1995 إلى 10% عام 2009). ومع ذلك، بطالة الشباب (بين 15-24 سنة) أعلى بكثير من البطالة العامة: 22% عام 2009 (كان وضع الشابات أفضل من الشباب بقليل: 19,4% نقابل 22,8%).

تستثني هذه الأرقام حتماً المهاجرين الذين يغادرون المغرب للعمل في أوروبا، بشكل شرعي أو غير شرعي (انظر القوى العاملة وهجرة العمال). ومعظمهم من الذكور العازبين (مع أن أعداد الإناث في تزايد مستمر) الذين يبلغ متوسط أعمارهم 27 عاماً. لكن لا تتأثر هذه الأرقام بالخدمة العسكرية غير الإلزامية، والتي تبدأ في سن العشرين (مؤشر Mundi).

رغم وضوحها، إلا أنه علينا التعامل مع الأرقام الرسمية بحذر، خاصة فيما يتعلق بالمعدل المنخفض نسبياً لعمالة الأطفال. عام 2004 (العام الأخير الذي توفرت فيه الإحصائيات)، تم تسجيل نسبة 4,5% من الأطفال الناشطين اقتصادياً الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7-14، خاصة في القطاع الزراعي، وهو دليل على أن أرقام عمالة الأطفال قد تكون منخفضة بشكل غير موثوق بسبب صعوبة قياس نسبة العمل في المناطق القروية.

التعليم

تشهد المغرب ارتفاعاً بطيئاً ولكن ثابتاً على صعيد الإلمام بالقراءة والكتابة. عام 1997، كان 43,7% من إجمالي عدد السكان فوق سن 15 من العمر يجيدون الكتابة والقراءة. عام 2009، كانت هذه النسبة 56%. ولا تزال المغرب تحتل أدنى المراتب بين الدول العربية (تقرير UNDP).

هناك اختلاف كبير بين الجنسين. أظهرت تقديرات عام 2009 أن 68,9% من الرجال و 43,9 من النساء (فوق سن الخامسة عشر) متعلمين، ولكن المستوى التعليمي للفتيات في ارتفاع مستمر. ارتفعت نسبة الشابات (بين 15-24 سنة) اللواتي يجدن القراءة والكتابة من 70% (بين 1997-2001) إلى 72% (بين 2002-2006). والذكور 86% و 87% على التوالي (البنك الدولي). التعليم في المغرب إلزامي من سن 6 إلى 15، ولكن الكثير من الأطفال – خاصة في المناطق القروية، وتحديداً الإناث – لا يذهبون إلى المدرسة.

يتألف نظام التعليم في المغرب من أربع مراحل:

تعليم ما قبل المدرسة (4-6 سنوات)؛

التعليم الابتدائي (6-12 سنة)، ويتألف من السلك الأول (سنتين) والسلك الثاني (4 سنوات). ارتفع معدل الالتحاق من 45% عام 1999 إلى 55% عام 2011 (57% و 64% على التوالي ذكور، و 32 و 45% إناث).

التعليم الثانوي، ويتألف من مرحلتين: التعليم الإعدادي (3 سنوات)، والذي يحصل الطالب بموجبه على الشهادة الإعدادية؛ والتعليم الثانوي التأهيلي (3 سنوات)، والذي يحصل الطالب بموجبه على شهادة بكالوريا في التعليم العام التي تخوله الالتحاق بالتعليم العالي. عام 2003، بلغ معدل الالتحاق بالتعليم الثانوي 35% (37% ذكور و 27% إناث)، وأقل من 60% من الطلاب يكملون هذه المرحلة.

التعليم العالي: بين 2008-2009، بلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في المغرب 320 مؤسسة (142 رسمية و 178 خاصة)، التحق فيها 339,044 طالباً، منهم 9 في القطاع الخاص. ومن هؤلاء كانت نسبة الإناث 47% و 39% من المتخرجين. وظفت هذه المؤسسات 12,346 مدرّس وشملت 15 جامعة عامة (مجانية) تقدم مناهج باللغتين الفرنسية والعربية. تمنح هذه الجامعات شهادة البكالوريوس (6 فصول دراسية) وشهادة الماجستير (4 فصول دراسية) وشهادة الدكتوراه (3 سنوات). ولجامعة “الأخوين” في إفران، الناطقة باللغة الإنكليزية، نظام خاص لمناهج البكالوريوس مدتها أربع سنوات دراسية، بالإضافة إلى شهادة الماجستير. وتشمل مؤسسات التعليم العالي الأخرى: كليات الهندسة ومؤسسات التعليم المهني والكليات التقنية العليا. إلى جانب هذا النظام الذي تديره وزارة التربية الوطنية، هناك معاهد عليا مستقلة مصممة لتدريب مدراء المستقبل، وتتحمل الوزارات المعنية مسؤولية هذه المعاهد.

جامعة محمد الخامس في الرباط من أبرز الجامعات المرموقة في القطاع العام؛ تأسست عام 1957 وافتتحت عام 1959. عام 2008-2009، كانت الجامعة تضم 12,950 طالب بكالوريوس أو دبلوم تكنولوجيا، و 775 طالب ماجستير و 3,886 طالب دكتوراه. وكانت الجامعة تشغّل 989 موظف بدوام كامل و 332 موظف بدوام جزئي. تم إنشاء جامعة القرويين في فاس عام 859 ميلادي كمركز تعليم في أهم مسجد في المدينة، ويزعم بأنها أقدم جامعة في العالم. ومنذ عام 1963، أصبحت جامعة تابعة للدولة.

الصحة

تحسن نظام الرعاية الصحية في المغرب كثيراً في السنوات الأخيرة، ويحتل مرتبة تفوق تلك التي للدول العربية، مع أن مستوياته لا تزال منخفضة. ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 47 عام 1961 إلى 72 عام 2010 (74 للإناث و 70 للذكور؛ مقارنة بنسبة 48 للإناث و 45 للذكور عام 1961، وفق البنك الدولي). معدل وفيات الرضع عند الولادة 28 لكل 1000، ومعدل وفيات الأطفال دون خمس سنوات 32,8 لكل 1000 (مقارنة بـ 34,4 لكل 1000 طفل في جميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و 63,4 لكل 1000 طفل في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى كافة؛ عام 1960 كان 215,3).

يعزى التحسن في قطاع الصحة جزئياً إلى انتشار اللقاح وغيره من التدابير الوقائية بشكل واسع. وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية مسؤولة عن اللقاحات والأدوية ورعاية الأمومة. تستعمل 64% من النساء بين 15-49 عاماً وسائل منع الحمل (إحصائيات عام 2004)، وتحصل 68% من الحوامل على رعاية ما قبل الولادة. ويبلغ معدل الخصوبة 3,5 طفل لكل امرأة، وتجري 63% من الولادات على يد متخصصين في مجال الصحة (إحصائيات عام 2004).

متوسط العمر المتوقع

وتعتمد وزارة التربية الوطنية برنامجاً للطب الوقائي وطب الأسنان لطلاب المدارس؛ وتتلقى نسبة 99% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12-23 شهراً اللقاح الثلاثي (الخنّاق-الكزاز-السعال الديكي). والعامل الآخر هو التطوير العام للبنية التحتية: يمكن لمعظم المغاربة الحصول على مياه الشرب النظيفة، و 98% من سكان المناطق الحضرية الوصول إلى مصادر المياه المحسنة (61% في المناطق القروية)، ولدى معظم السكان ما يكفي من الطعام (كان 5% من السكان يعانون من نقص التغذية عام 2008). وكان هناك حملة ضد التدخين، فقد تم منع التدخين في المباني العامة ووسائل النقل العام؛ 33% من المدخنين هم من الذكور، أقل من تلك التي في الكثير من الدول (47% في الأردن و 40% في مصر و 58% في تونس). والأسباب الأكثر شيوعاً للوفاة هي أمراض الدورة الدموية (24% عام 2009). عام 2010، كانت أكثر الأمراض المعدية خطورة: السل والذي أصاب أكثر من 27,000 شخص (83 لكل 100,000 نسمة)؛ وداء الليشمانيات (ينتشر عن طريق لدغة ذبابة الرمل) الذي أصاب 9,000 شخص تقريباً (28 لكل 100,000 نسمة). وفي ذات السنة، تم إحصاء 460 إصابة بمرض الإيدز (1,4 لكل 100,000 نسمة).

إجمالي النفقات الصحية 5,1% من الناتج المحلي الإجمالي (إحصائيات عام 2010)، منها 37,9% مخصصة لنفقات الصحة العامة. وإجمالي نفقات الصحة الخاصة 3,2%، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمعدل المسجل في الدول العربية (1,7% في مصر، 2,8% في تونس، 2,6% في الأردن). وشهدت السنوات القليلة الماضية تقلبات عديدة في عدد الأطباء والمسعفين في القطاع العام، مع انخفاض حاد بين 2005-2007 وارتفاع حاد بعد عام 2009. عام 2010، كان هناك سرير واحد لكل 1,178 نسمة وطبيب واحد لكل 1,630 نسمة. وشكّل الأخصائيون 42% من الأطباء، غير أن توزيعهم لم يكن بالتساوي، من حيث الاختصاصات والمناطق: عام 2010، كان هناك 492 طبيب نسائي في كافة أنحاء المغرب، وفقط 155 طبيب نفسي وأعصاب، منهم 90 في منطقة الرباط والدار البيضاء، و 16 في مراكش، ولا طبيب على الإطلاق في أقاليم الصحراء الغربية.

الصحة في المغرب

الحماية الاجتماعية

على الرغم من التقدم الذي أحرزته الحكومة المغربية خلال العقد الماضي، إلا أنها تمكنت فقط من تقليل، وليس القضاء على، الفقر. والبرامج العديدة لا تغطي أجزاء كبيرة من البلاد، إذ غالباً ما تصل إلى الأشخاص الخطأ، كما أنها ضعيفة التوجيه والتنسيق بشكل عام. تبقى الوقود والمواد الغذائية المدعومة التي تنطبق على الجميع باهظة الثمن، ويستفيد منها الميسورون أكثر من الفقراء. أما الحماية الاجتماعية فهي مجزأة: تدير الدولة أربعة برامج وطنية منفصلة للضمان الاجتماعي، وتدير الجمعيات المشتركة ثمانية برامج أخرى، وهناك برنامج خاص وآخر اختياري يشرف عليهما أرباب العمل. ويعتبر “الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي” أهم برنامج في القطاع الخاص، ونظيره “الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي” البرنامج الأهم في القطاع العام. وهناك برامج أصغر للأجراء المحليين والحكوميين ومقاتلي المقاومة السابقين والمتقاعدين العجزة.

بسبب هذه التجزئة، لا يحصل العمال على حماية متساوية، حتى في القطاع غير الرسمي، وهناك قيود مفروضة تمنع تنقّل العمال بين القطاعات. وبالكاد تغطي الحماية الاجتماعية القطاع غير الرسمي الكبير والمناطق الريفية. وتوفر الأموال مجتمعةً المعاشات التقاعدية لحوالي مليوني شخص تقريباً، أي 26% من السكان الناشطين اقتصادياً. عام 2009، استفاد فقط 39,8% من السكان فوق سن التقاعد القانوني من معاشات التقاعد، وساهم 31% فقط من السكان الناشطين اقتصادياً في برنامج لمعاشات التقاعد. ولمعالجة الأمر، تم وضع برنامج مساعدة طبية للفقراء، وبرنامج تقاعد إسهامي لجميع الموظفين والمهنيين والعمال في الاقتصاد غير الرسمي والذين يتقاضون أكثر من 500 درهم (60 دولار) في الشهر على مدى خمس سنوات ابتداءً من عام 2006. وسيوفر هذا البرنامج الثاني التأمين الصحي لثلاثة ملايين شخص آخرين، لتغطية تكاليف المرض والحوادث والأمومة وإعادة التأهيل.

الجريمة

معدل جرائم العنف في المغرب منخفض بشكل عام. ويبلغ معدل جرائم القتل 0,4 لكل 100,000 نسمة، وهو أدنى بكثير من المعدل المسجل في سوريا (3,0) وليبيا (2,2) وإيران ونيوزيلندا (1,3) وأستراليا (1,2). ومعدلات الاعتداء أكثر ارتفاعاً، ولكنها ليست مفرطة. ومن جهة أخرى، معدل جرائم السرقة (74 لكل 100,000 نسمة) مرتفع جد، مما دفع بالحكومات الأجنبية إلى تحذير مواطنيها من السفر إلى المغرب بسبب انتشار الجرائم ضد الأفراد في المدن الكبرى. وتدخل المخدرات ضمن الأنشطة الإجرامية الكبيرة في المغرب، ويعزى ذلك بشكل خاص إلى زراعة وتصدير القنب الهندي في شمال المغرب. وفي أواخر التسعينيات، أفادت تقديرات بأنها تشكل المصدر الأكبر للعملة الصعبة في المغرب: 60% من عائدات المغرب؛ أي أكثر من السياحة والزراعة. ويتم تصدير معظم القنب الهندي إلى الجزائر وتونس.

تجارة المخدرات إحدى جوانب نظام الفساد المتفشي، وهي تبدو كالمرض المستوطن والراسخ في طبقات المجتمع كافة. برزت بعض المحاولات للتحكم بتجارة المخدرات في السنوات الأخيرة، خاصة عام 2007، غير أنه لم يتم تطبيق التشريعات ذات الصلة كما ينبغي.

معدلات الوفيات الناجمة عن حوادث المرور مرتفعة جداً؛ عام 2009 لقي 4042 شخصاً حتفهم وأصيب 12,479 بجروح خطيرة إثر حوادث على الطرقات المغربية.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “المجتمع” و “المغرب”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت:

Advertisement
Fanack Water Palestine