تعتزم قناةٌ تلفزيونية جديدة ممولة من قِبل الحكومة في الأردن بنقل تغطيةٍ مستقلة للأخبار في المملكة، ومع ذلك، يُشكك بعض الأردنيين في ذلك، منتقدين تكلفتها المرتفعة فضلاً عن كونها ببساطة مجرد وسيلةٍ أخرى ناطقة بلسان النخبة الحاكمة.
قناة المملكة، التي بدأ بثها في 16 يوليو 2018، وعدت بتقديم “قفزةٍ نوعية ومتقدمة مع المزيد من الحرية والمهنية” بما يفوق قنوات البث الحالية.
فقد كان العمل جارٍ على تأسيس القناة منذ سنوات، حيث أعلن عن الخطط الأولى لإنشاء القناة في مرسومٍ ملكي صدر في يوليو 2015، الذي عيّن أيضاً رئيس مجلس إدارة القناة ومجلس إدارتها. وبحسب ما ورد، فقد خصصت الحكومة مبلغاً أولياً قدره 10 ملايين دينار أردني لتغطية تكاليف بدء تشغيل القناة خلال العامين المقبلين. وعلى الرغم من التمويل الحكومي، قال المسؤولون إن القناة مستقلة عن هيئة الإذاعة والتلفزيون الأردنية المملوكة للدولة.
وعليه، تم اختيار فهد الخيطان، وهو كاتب عمود في صحيفة الغد اليومية ورئيس تحرير سابق في صحيفة العرب اليوم، رئيساً للقناة بموجب المرسوم، إلى جانب أيمن الصفدي، ومروان جمعة، ونارت بوران، وباسم الطويسي، ضمن أعضاء مجلس الإدارة. فقد ترك بوران منصبه في قناة سكاي نيوز العربية في دولة الإمارات العربية المتحدة للانضمام إلى القناة الجديدة، تماماً كحال الصحفي عرار الشرع.
ومنذ 29 يوليو 2018، ضمت القناة تحت سقفها 99 موظفاً مدرجين على موقع لينكد إن، وأكثر من 81 ألف إعجاب على صفحة القناة على موقع فيسبوك.
من جانبها قالت دانة الصياغ، الرئيس التنفيذي لقناة المملكة، لموقع The Arab Weekly، “ستعتمد القناة الجديدة تركيزاً كبيراً على الأخبار المحلية، بالإضافة إلى التغطية الإقليمية والعالمية، كما ستخلق روابط أوثق مع المواطنين الأردنيين من خلال توفير منتدى ليتم سماع جميع الأصوات، وسيتم توجيه القناة نحو الجمهور المحلي أولاً وقبل كل شيء، وأيضاً نحو الجماهير العربية والعالمية ممن يرغبون في معرفة المزيد عمّا يحدث في الأردن.”
وفي حين كان يأمل البعض في أن توفر القناة بديلاً عن وسائل الإعلام الإخبارية الأردنية المملوكة للدولة والقنوات العربية مثل قناة الجزيرة والعربية، ظل العديد منهم غير مقتنعين بعد مشاهدة أسابيع البث الأولى لقناة المملكة.
وبدوره، قال عضو مجلس نقابة الصحفيين الاردنيين، خالد القضاة، لصحيفة جوردان تايمز أنه يأمل بأن تضيف القناة المزيد من “المنافسة الودية” إلى البيئة الإعلامية المحلية وتمثل “قفزة نحو الأمام” لحرية الصحافة. إذ قال، “نتطلع إلى رؤية المزيد من التنوع على الشاشة؛ منصة إعلامية أقرب للجمهور من كونها إلى السياسيين، لإثبات أن حرية التعبير والمهنية أمران لا يتعارضان.”
في حين أخبرتنا رنا الصباغ، وهي صحفية مستقلة وكاتبة عمود ورئيسة تحرير سابقة في جوردان تايمز، في فَنَك إن قناة المملكة حظيت بمدح مؤسسيها والحكومة لكونها أول قناة رسمية تركز بشكلٍ كبير على الأخبار، إذ تتبع الخطوط العامة لقناة البي بي سي. إلا أنها أضافت أنه يبقى أن نرى مدى الاستقلالية التحريرية التي تتمتع بها القناة بالفعل.
وتابعت القول “سيتمثل الإختبار الحاسم بالخط التحريري للقناة في تغطيتها للأخبار المتعلقة بالتطورات الرئيسية ذات الأهمية للأمن القومي، منها على سبيل المثال، هجوم إرهابي ما أو اضطرابات محلية– لا سمح الله، أو قضية فسادٍ عالية المستوى، أو حصول جدل ما حول السياسة الخارجية التي يحددها الملك عبد الله، أو انتقاد رموز الدولة وغيرها من الأمور.” وأضافت “فهل سنسمع، كأردنيين، التقرير الكامل من قناة المملكة… عندما يحصل الأمر مع تغطيةٍ مباشرة، أم أننا سنتجه إلى قناة مستقلة تعمل خارج الأردن مثل البي بي سي لنسمع عن ما يحصل داخل بلدنا؟”
وقد شملت تغطية القناة حتى الآن مزيجاً من الأخبار الأردنية والدولية، مثل تطورات الصراع بين إسرائيل وسوريا والإفراج عن الناشطة الفلسطينية عهد التميمي، فضلاً عن أخبارٍ محلية عن حوادث المرور، ومحاولة مجموعة من الغواصين الأردنيين تسجيل رقمٍ قياسي عالمي وافتتاح مستشفى عسكري جديد. ومع ذلك، تجنبت القناة حتى الآن الدخول في دوامة الجدل ولم تُظهر اهتماماً كبيراً بتقصي شؤون العائلة المالكة أو حتى المؤسسات السياسية في البلاد.
كما توجه بعض الأردنيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي لانتقاد قناة المملكة لفشلها في تغطية الجدل الأخير الناجم عن تعليقات النائب في البرلمان، غازي الهواملة، الذي أدان دور الملكة رانيا في الحكومة الأردنية، إذ قال أن المملكة يُديرها ملكين وأنه “حتى خلايا النحل… تُدار من ملكة واحدة.”
فقد كتب الصحفي إبراهيم الساحوري على تويتر أن العديد من الأردنيين اعتبروا هذه “أول سقطة مهنية للقناة الجديدة.” في حين اشتكى آخرون من الأموال العامة التي تم استثمارها في القناة. فقد أشار النائب عبد الكريم الدغمي، الذي أعلن حجبه للثقة عن الحكومة، من ضمن أمورٍ أخرى، إلى ميزانية قناة المملكة البالغة 30 مليون دينار، في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية في الأردن. كما طرح مواطنون آخرون أيضاً تساؤلاتٍ حول التكلفة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بينما كتب المدون مجاهد طهاروة على تويتر: “34 مليون دينار كلفة المستشفى الذي بدأ بناؤه في معان. 30 مليون دينار كلفة قناة المملكة في 2016 – 2017. أيهما كان أولى، مستشفى آخر في الجنوب أو الشمال أو البادية أم قناة تلفزيونة رسمية ثانية ؟!”
ومع ذلك، لربما تتمتع قناة المملكة بميزةٍ في التغطية الإخبارية الإقليمية، فقد نأى الأردن بنفسه عن صراعات القوى في المنطقة، مما قد يمنح القناة وصولاً أكبر من بعض منافسيها.
فعلى سبيل المثال، تعرضت قناة الجزيرة لهجومٍ بعد اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين قطر وتحالفٍ من دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية، حيث كان إغلاق قناة الجزيرة من بين المطالب التي أصدرها تحالف دول الحصار لرفع الحصار المفروض على قطر منذ يونيو 2017. كما أغلقت المملكة العربية السعودية والأردن مكاتب الجزيرة في البلاد وتم حجب القناة في المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والبحرين، في حين قامت إسرائيل بمحاولاتٍ لطرد المحطة.
فعلى الأقل، قد تتمتع قناة المملكة بقدرةٍ أكبر على إطلاع الأردنيين على القضايا المحلية والدولية من قنوات البث الموجودة حالياً. ومع ذلك، إذا ما كانت ترغب في تقديم إسهامٍ ذو مغزى للمزيج الإعلامي في المنطقة، فستحتاج إلى استقلالٍ حقيقي ورغبةٍ في توفير تغطيةٍ نقدية لقادة ومؤسسات الأردن.
ولربما ستكون هذه مهمةً شاقة في بيئة الإعلام في البلاد، حيث يتم التسامح فحسب مع النقد المعتدل للملك عبد الله، فضلاً عن استخدام قانون الجرائم الإلكترونية لقمع أولئك الذين يتجاوزون الحدود.