ألقت السلطات السعودية، منذ 15 مايو 2018، القبض على ما لا يقل عن 13 ناشطاً في مجال حقوق المرأة بسبب نشاطهم السلمي. وتأتي هذه الاعتقالات قبل شهرٍ من 24 يونيو، حيث من المقرر رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات، مما يثير تساؤلاتٍ حول التأثير الحقيقي لما يُسمى بالإصلاحات التي يتم تنفيذها في البلاد.
وكان من بين الناشطات اللواتي ألقي القبض عليهنّ إيمان النفجان، ولجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وعائشة المانع، ومديحة العجروش، وولاء آل شُبّر، وحصة الشيخ، فضلاً عن اعتقال نشطاء ذكور وهم إبراهيم المديميغ ومحمد الربيعة وعبدالعزيز المشعل، الذين يعارضون جميعهم نظام وصاية الذكور. ويسمح هذا النظام بالوصي، سواء كان الأب أو الزوج أو الأخ أو ابن العم باتخاذ قراراتٍ مصيرية نيابةً عن المرأة، مثل السفر، أو التقدم بطلبٍ للحصول على جواز سفرٍ أو الدراسة في الخارج أو الزواج.
وقال نشطاء لوكالة أسوشيتد برس إن سبعة من المعتقلين شاركوا في جهود تأسيس منظمة غير حكومية تدعى أمينة لتقديم الدعم والمأوى لضحايا العنف المنزلي. كما عارضت الهذلول والنفجان علناً حظر قيادة السيارات على النساء، ووقعنّ عريضة في عام 2016 لإلغاء نظام ولاية الذكور. وعلاوة على ذلك، فقد تم بالفعل احتجاز الهذلول مرتين، بسبب قيادتها السيارة في عام 2014 ونشاطها في يونيو 2017، في حين تم اعتقال النفجان لفترةٍ وجيزة في عام 2013 لتصويرها ناشطة أخرى أثناء قيادتها لسيارتها في العاصمة السعودية الرياض.
وأعلنت الحكومة في وقتٍ لاحق أن سبعة أشخاص اعتقلوا بسبب اتصالاتهم المشبوهة مع كيانات أجنبية وتقديمهم دعماً مالياً لـ”أعداء في الخارج،” وقالوا إن السلطات ستحدد هوية المتورطين الآخرين، كما تم أيضاً وصفهم بالخونة.
وقال كريم شهيب، وهو باحثٌ في شؤون المملكة العربية السعودية في منظمة العفو الدولية، لفَنَك: “نحن قلقون للغاية بشأن الاعتقالات الأخيرة في المملكة العربية السعودية والقمع المستمر لحرية التعبير التي نراها بشكلٍ عام.”
وأضاف “كما أن حجم الاعتقالات أيضاً ذو أهمية ولا نعرف أين [النشطاء]، وشروط الإفراج عن الأشخاص الذين تم إطلاق سراحهم. هذا مقلقٌ للغاية.” واستشهد شهيب بقضية المدافعين عن حقوق الإنسان محمد العتيبي وعبد الله العطاوي، اللذين حكم عليهما في يناير بالسجن 14 و7 سنوات على التوالي، بسبب “المشاركة في تأسيس جمعية غير حكومية والإعلان عنها قبل الحصول على تصريح.” بالإضافة إلى “الإضرار بالوحدة الوطنية، ونشر الفوضى وتحريض الرأي العام من خلال إعداد وصياغة ونشر البيانات التي تضر بسمعة المملكة ومؤسساتها القضائية والأمنية”، و”نشر المعلومات حول استجوابهم رغم توقيع تعهدات بالامتناع عن القيام بذلك.”
وأضاف شهيب “هذه الاعتقالات الأخيرة ليست حالة نادرة، حتى خلال فترة ما يسمى بالإصلاح، لأننا كنا نراقب الأشخاص الذين أرسلوا إلى السجن وفرضت عليهم أحكام قاسية بسبب نشاطهم السلمي وانتقادهم [ولي العهد محمد بن سلمان].” وتابع القول “أعتقد أن حقوق الإنسان ليست على جدول الأعمال، حتى وإن رأينا محادثاتٍ حول الإصلاحات.”
كما نشرت منظمة العفو الدولية مدونة بعنوان “ينبغي على المملكة العربية السعودية أن تستثمر في حقوق الإنسان لا في حملات العلاقات العامة،” في 29 مارس، وذكرت فيه: “إذا كنت لا تعرف ذلك، فستعتقد أن المملكة العربية السعودية تسير على طريق إصلاح كبير. ومع ذلك، ففي الأشهر التي مرت منذ تنصيب ولي العهد، فإننا لم نجد سبباً يمنعنا من الاعتقاد بأن مبادراته هذه ليست إلا مجرد تمرين بارع للعلاقات العامة. ففي حقيقة الأمر أن لدى المملكة العربية السعودية سجلاً بشعاً لحقوق الإنسان، ولم يتدهور الوضع إلا منذ تنصيب محمد بن سلمان ولياً للعهد رسمياً في يونيو 2017.”
فمنذ توليه قيادة المملكة، شرع محمد بن سلمان بحملةٍ من الإصلاحات الاجتماعية والمالية والثقافية كجزءٍ من رؤية 2030، لتطوير إمكانات البلاد، والإنفتاح وتحسين حياة مواطنيها. وبدلاً من ذلك، ذكرت هيومن رايتس ووتش في 6 مايو أن تحليل “قاعدة بيانات عامة لوزارة الداخلية على الإنترنت، كشفت أن السلطات احتجزت 2,305 أشخاص يخضعون للتحقيق لأكثر من 6 أشهر دون أن يمثلوا أمام قاضٍ. ويبدو أن عدد المحتجزين لفترات طويلة للغاية ازداد بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة. وكشف تحليل مماثل قامت به هيومن رايتس ووتش في مايو 2014 أن 293 شخصاً فقط قد تم احتجازهم لغرض التحقيق في تلك الفترة.”
ودون القدرة على الاحتجاج والإنتقاد، والتهديد المستمر بالاعتقال والسجن، لا يبدو أن المدافعين عن حقوق الإنسان لديهم مكانٌ في رؤية المملكة 2030. فالناشطون في مجال حقوق المرأة، على وجه الخصوص، يُعاقبون على نحو مثيرٍ للسخرية لنشاطهم على نفس جدول الأعمال الذي دفع السعودية إلى رفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات في المقام الأول- وهو الأمر الذي تمت الإشادة به دولياً. ومع ذلك، تبدو الاعتقالات، وبشكلٍ متزايد، وكأنها وسيلة لإسكات النشطاء من أجل تجنب الاضطرار إلى إعطاء المزيد من الحقوق للمرأة.