كان الهجوم الجوي بقيادة السعودية على اليمن، الذي أطلق عليه اسم عملية “عودة الأمل” والذي انطلق في مارس 2015 بعد أن أطاح المتمردون الشيعة من جماعة الحوثي وحلفائهم بالرئيس اليمني عبد الهادي منصور، يهدف إلى التخلص من المتمردين ولا سيما الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقمع القوات المناهضة للحكومة في اليمن على وجه السرعة. وبالتالي، قررت دول مجلس التعاون الخليجي السُنة التدخل في اليمن بعد طرد هادي لأنهم كانوا يخشون ما اعتبروه تنامي الإصرار والنفوذ الاقليمي الإيراني، والمخاطر على الحدود الجنوبية للملكة العربية السعودية بسبب تزايد قوة القوات المناهضة للحكومة.
ومع ذلك، وبعد مضي ستة أشهر، أصبح من الواضح مرة أخرى أنه لا يمكن الانتصار في الحروب بالقوة الجوية وحدها. بل يتطلب الأمر تدخل القوات البرية، وهذا بالضبط ما فعلته كل من المملكة لعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين. ففي الأيام الأولى من الحرب، عانى التحالف من انتكاسة شديدة، عندما رفضت باكستان إرسال قواتٍ برية لغزو اليمن. كما رفضت التزامها بتوفير الدعم البحري والجوي. وعوضاً عن ذلك، صرّح البرلمان الباكستاني، بعد مناقشة الطلب السعودي بإرسال قوات برية لتعزيز الهجوم الجوي، أنه “يرغب بأن تحافظ باكستان على الحياد في النزاع الدائر في اليمن ليكون بمقدورها القيام بدور دبلوماسي فعال لانهاء الازمة”.
كان مدراء الحرب واثقين تماماً أن الباكستان ستمتثل لطلباتهم، إلا أنهم استاؤا جداً بعد أن قوبل طلبهم بالرفض. استنكر وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، أنور قرقاش، رفض باكستان طلب التحالف الذي وجه لهم في وقت الحاجة. وغرّد على حسابه الشخصي ” قرار البرلمان الباكستاني، والذي ينص على الحياد في الصراع اليمني، ويعرب عن دعمه الصريح للسعودية، متناقض وخطير وغير متوقع من اسلام آباد.” وأضاف، ” باكستان مطالبة بموقف واضح لصالح علاقاتها الاستراتيجية مع دول الخليج العربي، المواقف المتناقضة والملتبسة في هذا الأمر المصيري تكلفتها عالية.”
ولم تكن الصحافة في دول مجلس التعاون الخليجي أقل انتقاداً. وفي افتتاحيتها، ذكرت صحيفة السياسة اليومية الكويتية أنّ “الموقف الباكستاني الذي اتخذ عبر شماعة تصويت البرلمان على الحياد في ما اسماه “الصراع في اليمن” سقط قناع الابتزاز تحت شعارات حماية الاماكن المقدسة الإسلامية، ووحدة المصير الإسلامي بين إسلام أباد والرياض… دول الخليج ليست بحاجة الى باكستان، بل الاخيرة هي من تحتاج هذه الدول في شتى المجالات، وهي قادرة على حماية امنها القومي، خصوصا في ظل تحالفها مع عدد من الدول العربية كالأردن ومصر.”
عندما أدركت دول مجلس اتعاون الخليجي أنها باتت لوحدها، خرجت تسعى للحصول على الدعم في مكانٍ آخر. ووفقاً لتقارير إعلامية، من المتوقع أن ترسل كل من المغرب، والأردن، والكويت، والسودان قوات برية. وفي الأسبوع الأول من سبتمبر، أكد مسؤول قطري أنّ قطر أعدّت 1000 جندي من قوات البرية لليمن، “مستعدين للقتال” كجزء من تحالف عربي ضد المتمردين الشيعة المدعومين من إيران. وأضاف المصدر أن القوات القطرية تحتشد على الحدود اليمنية مع المملكة العربية السعودية. وفي الوقت نفسه، رفضت السودان تأكيد التزمها بإرسال 6000 جندي.
في هذه الأثناء، نشر التحالف أكثر من 10,000 جندي في اليمن، بهدف الاستيلاء على الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحوثيين حالياً. وفي منتصف سبتمبر، يشكل السعوديون، والإماراتيون، والبحرينيون الجزء الأكبر من القوات البرية التي تم تجميعها لما يعتقد بعض المحللين أنها ستكون حرب طويلة الأمد.
وفي الأيام الأولى من سبتمبر، أسفر هجوم صاروخي شنه المتمردون الحوثيون على مستودع لذخيرة تحالف دول مجلس التعاون الخليجي في محافظة مأرب اليمنية، حوالي 120 كلم شرق العاصمة صنعاء، عن مقتل أكثر من 60 من الحلفاء. وبهذا الهجوم الصاروخي، أدرك من هم في الوطن أنّ هذه الحرب لن تنتهي بالانتصار بالاعتماد فقط على الضربات الجوية.
ومن قائمة الحلفاء، خسرت الإمارات العربية المتحدة، وهي اتحاد يتكون من سبع إمارات من ضمنها دبي والعاصمة أبو ظبي، 45 جندياً، في حين خسرت السعودية 10 جنود، والبحرين 5. عزز الهجوم عزم دول مجلس التعاون الخليجي على الاستمرار في المعركة، وتعهد وزير الدفاع السعودي وولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، أن “دم شهدائنا لن يذهب هدراً” وأضاف “وسوف يواصل التحالف عملياته بكل عزم وإصرار لدحر المتمردين والداعمين لهم؛ الذين عبثوا بمقدرات الشعب اليمني الشقيق ومحاولتهم زعزعة استقرار المنطقة.”
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، عقب زيارة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى الإمارات معزياً أنّ ” أبطالنا من أبناء القوات المسلحة في ميادين المعركة زادت عزيمتهم وتصميمهم بعد الحادث الأليم على تحرير وتطهير اليمن من الحثالة الموجودة.” وستؤدي جميع هذه التصريحات لإراقة حمامٍ من الدم، لا يمكن في المحصلة التنبؤ بنتائجه.
ووفقاً للتقارير، فإن التحالف يستعد لهجوم بري في شمال اليمن مع هجوم ثلاثي من محافظات صعدة في الشمال ومأرب في الشرق، والجوف في شمال شرق البلاد. كما أن عدة آلاف من قوات دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، إلى جانب الدبابات وغيرها من المدرعات، على أهبة الاستعداد للهجوم.
ومن المتوقع أن هجوماً ناجحاً على معقل جماعة الحوثي في صعدة سيثبط عزيمة القوى المناهضة لهادي، وسيؤدي إلى الاستيلاء على العاصمة صنعاء. ولكن، هل سيكون بمقدورهم التغلب على ما سيكون، دون أدنى شك، مقاومة شديدة؟ وفي هجومها، قامت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية بزيادة وجودها في اليمن، قادمةً من الشمال الشرقي، ووصلت إلى مدينة مأرب الغنية بالنفط، والتي تمدّ صنعاء بالكهرباء والوقود. كما أنها تحدّ محافظة الجوف، حيث حفرت قوات الحوثيين الخنادق وزرعت الألغام في التحضير لمعركة برية طويلة.
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط، وهي صحيفة تسيطر عليها الحكومة السعودية، أن القوات البرية بقيادة السعودية بدأت تحتشد عند نقطة استراتيجية ثالثة لبدء الغزو البري، وتحرّك القوات نحو محافظة صعدة. وقد توغلت القوات داخل المناطق القبلية خارج مدينة صعدة، في حين ألقت الطائرات السعودية آلاف المنشورات التي تطلب من السكان دعم الحركة لإعادة حكومة هادي.
وفي الوقت نفسه، لا تزال أعداد الوفيات من المدنيين في ارتفاع مستمر. وأفادت تقارير الأمم المتحدة أنّ أكثر من 4,500 شخص، غالبيتهم من الأطفال فقدوا أرواحهم بسبب القصف اليومي لطائرات التحالف، فضلاً على أن اليمن على وشك أن تغرقها المجاعة. وبالدعم العسكري الكامل من الولايات المتحدة الأمريكية وغيرهم من الحلفاء الغربيين، يتوقع التحالف تزييف النصر، ولكن، في حال فشلت في ذلك، ستصبح هذه الحرب “فييتنام العرب،” وفقاً لمحلل في الشؤون الدفاعية.