تعدّ جماعة الإخوان المسلمين من أهم الحركات الإسلامية في الأردن، حيث تم افتتاح مقرها في عام 1954 بمباركة الملك حسين، وبعد صدور قانون الأحزاب في عام 1992 قامت الحركة بتأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي. وقع أول إنشقاق مع ظهور حزب التحرير الإسلامي، الذي أسسه تقي الدين النبهاني منتصف الخمسينات.
وفي عام 1989، تم إنتخاب إثنين وعشرين عضواً من أعضاء الإخوان المسلمين كأعضاء في البرلمان. كما شاركت بخمسة وزراء ضمن التشكيلة الوزارية لحكومة عام 1991. ومع ذلك، امتنعت الجماعة عن المشاركة في الانتخابات النيابية لعام 1997 احتجاجاً على توقيع الحكومة الاردنية معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1994.
كما يبرز تالياً على القائمة تيار “السلفية الجهادية” والذي نشأ في أوائل التسعينيات ويؤمن بالمواجهة المسلحة. ومن أبرز قادته أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني وأبو مصعب الزرقاوي، الذي قاد معركة شرسة في العراق كزعيم لتنظيم القاعدة بداية 2003. أصبح الزرقاوي ناشطاً بعد انتمائه إلى مجموعة إسلامية متطرفة سميت بيعة الإمام. تبنى الزرقاوي الهجوم على مقر الأمم المتحدة في بغداد عام 2003 والهجمات على ثلاث فنادق في العاصمة الأردنية عمّان، عام 2005 والتي أدت إلى سقوط 57 قتيل وما يزيد عن 115 جريح. قُتل الزرقاوي في غارة أمريكية عام 2006.
هذا وامتازت العلاقة بين الحركات الإسلامية في الأردن، ممثلة بجماعة الأخوان المسلمين من ناحية والنظام السياسي الأردني من ناحيةٍ أخرى، بالتناغم النسبي بسبب مقتضيات الحرب الباردة آنذاك وحاجة كلا الطرفين لمواجهة المد الشيوعي والبعثي والناصري، فضلاً عن بروز المقاومة الفلسطينية كحركة مستقلة.
لكن ما لبثت أن تشنجت هذه العلاقة بدخول الحركات الإسلامية على خط الكفاح المسلح وظهور حركة حماس عام 1987، مما أثر بشكلٍ كبير على الخطاب الإسلامي ليتوافق مع الحركات السلفية والجهادية، تحت تأثير الأجيال الشابة من الحركة التي لم تختبر مزايا مرحلة التعايش والانسجام.
يمتاز معظم الأردنيين بالإعتدال في السياسة والدين والثقافة، إذ حال هذا دون ظهور بيئة تشجع التطرف أو حتى تسمح بانتشار الإيديولوجية المتطرفة سواء في السياسة أو المواقف الفكرية والوطنية.
أما حجم تأييد الشارع الأردني للحركات الإسلامية فقد شهد تراجعاً، إذ أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه معهد أمريكي متخصص عام 2013 أنّ حوالي 62 % من الأردنيين أعربوا عن قلقهم المتزايد إزاء تنامي التطرف الإسلامي في بلادهم. في حين تراجع التأييد للهجمات الإنتحارية إلى 15% مقارنةً مع 57% قبل هجمات 2005.
ويرى العديد من الباحثين المتخصصين في الشأن الأردني إلى أنّ الحركات الإسلامية، خاصة تلك التي تميل إلى التطرف، تشّكل تهديداً لمستقبل المؤسسة السياسية في الأردن. ولمواجهة هذا التطور، يجب على الحكومة تقديم المزيد من الدعم للجيش والقوى الأمنية وإجراء المزيد من الإصلاحات الديمقراطية، بالإضافة إلى توفير المزيد من فرص التنمية الاقتصادية وخلق فرص للإستثمار، ومحاربة الفساد. كما يعدّ الحرمان الإجتماعي والإقتصادي ومشاعر الذل بيئة ملائمة لإزدهار التطرف.
اكتسب الدور السياسي للحركات الإسلامية ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين زخماً في الأردن إبان انطلاق الربيع العربي عام 2011، وجنى ثمار النجاح الذي تم تحقيقه في البلدان المجاورة وبخاصة في مصر. كما قامت الحركات بتنظيم مسيرات تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية، وتحرير المسجد الأقصى والأراضي المقدسة والإنسحاب من معاهدة السلام التي وقعها النظام الأردني عام 1994 مع إسرائيل. ومع ذلك، تراجع هذا الدور مرةً أخرى، بعد الإنقلاب العسكري ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
ويواجه الأردن مجموعة من التحديات، أهمها الآثار غير المباشرة للحرب الأهلية الدائرة على الأراضي السورية والتي تُثقل كاهل الأردن مالياً مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.
يشّكل وجود الميليشيات المسلحة في سوريا مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش، والتي تُسمى الآن دولة الخلافة الإسلامية) تهديداً واضحاً للأردن خاصة مع طول الشريط الحدودي مع سوريا والعراق التي تقع اجزاء كبيرة منه تحت سيطرة هذه الجماعات الإسلامية (في الواقع، يعدّ تنظيم داعش استمرارية للزرقاوي، الزعيم السابق للقاعدة في العراق).
إن الانتصارات الأخيرة التي حققها تنظيم داعش قد يشجعه على نقل نشاطه إلى مناطق أخرى كالأردن وغزه وسيناء ولبنان، حيث أطلق التنظيم في أكثر من مناسبة تهديدات صريحة باستهداف الأردن كوجهة جديدة لضمها إلى باقي مناطق دولتة المزعومة.
بعد أن بايعت الدولة الإسلامية خليفةً جديد في يونيو 2014، نظمت مجموعات من السلفيين مسيرات في مدينة مَعان جنوب الأردن تأييداً للدولة الإسلامية الجديدة، وطالب المتظاهرون بإلغاء الحدود التي تم وضعها إبان الحرب العالمية الأولى.
ممَّا حدا بالسلطات الأردنية شنَّ حملة اعتقالات وتشديد الرقابة على بعض العناصر التي يشتبه بارتباطها بداعش، إلى جانب حشد قوات عسكرية إضافية لتعزيز الحدود مع العراق بما في ذلك تسيير طلعات جوية في تهديد واضح لداعش برد قاسي في حال عبورها الحدود نحو الاراضي الأردنية.
كما أعلنت الحكومة أنها ترصد عن كثب أياً من مواطنيها المؤيدين للدولة الإسلامية الجديدة، مشيرة إلى أن كافة التعليقات والتصريحات التي تخرج عن أردنيين على شبكة الإنترنت أو أي وسيلة نشر أخرى، سيتم التعامل معها على وجه السرعة معتبرة إياها تدخل في باب “النشاط الإرهابي”.
وتواصل السلطات الأردنية تذكير مواطنيها بأن الأردن لا يزال بعيداً عن جميع هذه الاشتباكات والمواجهات والتهديدات. كما تم دعم مثل هذه التصريحات من قِبل العديد من الساسة في الولايات المتحدة، الذين تعهدوا بدورهم تقديم الدعم والحماية للأردن في حال زحف داعش نحو أراضيها.