وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تنامي الاهتمام بالإنتخابات الإسرائيلية لعام 2019 مع ظهور مرشحين جدد

Israel- Benny Gantz
رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق بيني غانتس (يمين) يلقي خطابه الانتخابي الأول بينما يقف إلى جانب حليفه الانتخابي وزير الدفاع السابق موشيه يعلون في تل أبيب في 29 يناير 2019. Photo AFP

حتى 29 يناير 2019، أظهر الجمهور الإسرائيلي القليل من الإهتمام في الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 9 أبريل. والسبب هو توافقٌ بالآراء، تدعمه معظم استطلاعات الرأي، الذي يشير إلى أن حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سينتصر مرةً أخرى ويشكل ائتلافاً جديداً يختلف قليلاً عن الائتلاف الحالي. بل إن ظهور بعض المرشحين والأحزاب الجديدة لم يفعل شيئاً يذكر للتأثير على هذا الرأي، خاصةً وأن المنافس التقليدي لحزب الليكود، حزب العمل (الاتحاد الصهيوني)، يبدو وكأنه ينهار من الداخل. الانشقاقات بدلاً من الإتحادات وعدت الليكود بمعارضةٍ ممزقة وبنجاح انتخابي إضافي.

تغير هذا كله عندما كسر رئيس هيئة الأركان السابق للجيش الإسرائيلي الشهير وغير الحزبي، بيني غانتس، صمته أخيراً وعرض وجهات نظره السياسية خلال حفل إطلاق حزبه الجديد، مناعة إسرائيل، تحت الشعار الوطني “إسرائيل قبل الجميع.”

وفي حين تم تفسير محتوى خطاب غانتس بطرقٍ مختلفة، فيما يتعلق بتنصله من كونه إما جناحاً يسارياً أو يميناً، ارتفع فجأة الدعم المقدم له. لم يكن هذا الصعود مفاجئاً بالنسبة لحزبٍ جديد، ومن المرجح أن تنخفض شعبيته على الأقل، بشكلٍ قليل، مع مرور الوقت. ما كان مفاجئاً هو موقفه الشعبوي، المشابه لموقف نتنياهو في القضايا الأمنية، إلا أنه سلط الضوء على الصدق ومكافحة الفساد – في تناقضٍ واضح لنتنياهو، المتورط حالياً في عددٍ من قضايا الرشوة. وعلاوةً على ذلك، كان وسطياً بما يكفي لتحدي الأحزاب الوسطية الأخرى، ولا سيما الأكثر شعبية، حزب هناك مستقبل بزعامة يائير لبيد.

أدى موقف غانتس الحالي في استطلاعات الرأي إلى تضييق نطاق زعامة نتنياهو بشكلٍ ملحوظ، مما جعله منافساً عملياً على المنصب الأعلى في البلاد. ومن بين الأحزاب الستة عشر التي ظهرت حتى الآن، تنتشر التكهنات حول أي اندماجاتٍ أو اتحاداتٍ أو تكتلاتٍ ستضمن تشكيل ائتلافٍ جديد بعد أبريل. لم يستبعد جانتس الانضمام إلى حكومة نتنياهو. في الواقع، لقد تم اقتراح، ربما على وجه الدقة، أنه يرغب في تولي منصب وزير الدفاع في حكومة نتنياهو.

بيد أن لسان حال الجميع حالياً هو: أي تكتل، من وسط اليمين أم وسط اليسار، سيخسر المزيد من الأصوات لصالح غانتس؟ وفي هذا السياق، يقال إن الخيار الأكثر مناقشةً هو التحالف أو الاندماج بين حزب غانتس وحزب هناك مستقبل، شريطة أن يتفق الزعيمان على من سيكون أول شخصٍ في القائمة، أي رئيس الوزراء. وبما أنه من غير المحتمل أن يتنازل أي منهما عن هذا المنصب، فإن احتمالات اتحادهما غير واردة. هناك مرشحين آخرين للاندماج، مثل حزب أورلي ليفي إبكاسيس الجديد ذي التوجه الاجتماعي، وهو يسير إلى الآن على نظام الحزب الواحد، إلى جانب إضافة جنرالٍ آخر في الجيش أو اثنين إلى قائمة غانتس.

Israel- Netanyahu Gantz
في هذه الصورة التي تم التقاطها في 27 أغسطس 2014، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يسار) بالإيماءة أثناء وقوفه إلى جوار وزير الدفاع موشيه يعلون (وسط) ورئيس هيئة الأركان العامة الجنرال بيني غانتس (يمين) في نهاية مؤتمرٍ صحفي في مكتب رئيس الوزراء في القدس. Photo AFP

وبالمثل، هناك همسٌ عن كتلةٍ يسارية، بين حزب العمل وميرتس، على أمل الحصول على أصواتٍ من الوسط أو منع اختفاء أحد الحزبين أو كليهما بسبب الفشل في تجاوز عتبة الحد الأدنى (3,2% من الأصوات) للحصول على مقعدٍ في الكنيست. ويخشى الحزبان من أن الرغبة العارمة بين مؤيدي كل منهما تتمثل في إسقاط نتنياهو، ولتحقيق ذلك سيصوتون لصالح غانتس باعتباره المرشح الوحيد القادر على البقاء. ومع ذلك، يبدو هذا التحالف مستبعداً، حيث لن يكتسب حزب العمل ولا ميرتس أصواتاً من خلال توحيد القوى، حتى وإن كانا على استعدادٍ للقيام بذلك.

كما أن هناك انقساماتٌ وأحاديثٌ عن اتحاداتٍ على هوامش الطيف السياسي أيضاً. فقد خسرت القائمة العربية المشتركة بالفعل واحداً من أكثر مكوناتها شعبية، مما يشير إلى أن هذه الكتلة الانتخابية الهامة (ثالث أكبر كتلة في الانتخابات السابقة) تفقد قوتها. وعلى أي حال، لم يعلن سوى حزب ميرتس استعداده لدعوة الأحزاب العربية للانضمام إلى ائتلافٍ، ولم يسبق أن تم اختيار ميرتس (ومن المرجح ألا يحصل هذا أيضاً قط) لتشكيل الحكومة. وإلى أن تقوم الأحزاب بتشكيل القوائم الخاصة بهم، وانقضاء مهلة يوم 21 فبراير لتسجيل الأحزاب في الانتخابات، تتواصل التكهنات.

وحتى الآن، تقوّض هذه التكهنات النقاش الدائر حول القضايا الحقيقية التي تواجه الإسرائيليين اليوم: الاحتلال، وسياسة الفصل العنصري الناشئة، والطبيعة المعادية للديموقراطية للتشريعات الأخيرة، وتحريض الحكومة والعنصرية. محاربة الفساد فحسب من تحظى بتركيزٍ كبير ذلك أن هناك أربع قضايا معلقة ضد نتنياهو. وسيتم الإعلان عن قرارٍ بشأن ما إذا كان سيتم توجيه الاتهام إليه قبل الانتخابات.

وباستثناء بعض الإيماءات الشعوبية فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، يتصرف المرشحون والأحزاب الرئيسية كما لو كانت إسرائيل لا تزال في الخمسينات من القرن الماضي، غير معترفٍ بها وغير مقبولة ومهددة من قبل جيرانها. القوة فقط – سواء من رؤساء الأركان السابقين أو اليمينيين المتطرفين – يمكن أن تنقذنا، بحسب ما يقال للجمهور.

في عام 1992، كان اسحق رابين على استعدادٍ لإخبار الجمهور بأن الأمور (العالم، والمنطقة، وإسرائيل) قد تغيرت وأن الخطر الأكبر على مستقبل البلاد هو استمرار الاحتلال. الحزب المستقل الوحيد الذي يجرؤ على قول هذا اليوم وبلا خجل هو حزب ميرتس اليساري، الذي قد لا يحصل حتى على أصواتٍ كافية للبقاء في الكنيست.