تبلغ مساحة الصحراء الغربية 260 ألف كيلومتر مربع من الصحراء في شمال افريقيا، والتي كانت في قلب نزاعٍ مطول، بين المغرب والجزائر بشكلٍ رئيسي، مع دعم الأخير لجبهة البوليساريو الانفصالية بقواعد ومساعدات عسكرية. ضم المغرب الصحراء الغربية في عام 1975 ويسيطر على 80% من المستعمرة الإسبانية السابقة، في حين تحتل جبهة البوليساريو النسبة المتبقية البالغة 20%.
ولطالما دعت جبهة البوليساريو إلى إجراء استفتاءٍ حول حق تقرير المصير، إلا أن المغرب يرفض أي حلٍ آخر غير الحكم الذاتي في ظل سيادته.
فقد اشتعلت التوترات في الوقت الذي يناقش فيه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، وهي بعثة تابعة للأمم المتحدة تراقب وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية. ومن المتوقع صدور قرارٍ بشأن هذا الموضوع والتصويت في أواخر أبريل. وفي خطوةٍ غير متوقعة، أعلن المغرب استعداده للتدخل عسكرياً ضد جبهة البوليساريو. مما أثار السؤال التالي، ما الذي تغير؟
فقد نجمت التوترات الأخيرة عن اقتحامات جبهة البوليساريو في 3 أبريل للمنطقة العازلة بالقرب من غرغورات على الحدود مع موريتانيا. وغرغورات هي منطقة مجردة من السلاح، حيث اشتبك الجنود المغاربة وجبهة البوليساريو تقريباً في نهاية عام 2016.
لتجنب التصعيد، دعا المغرب الأمم المتحدة والبعثة إلى التدخل ووقف المناورات غير القانونية لجبهة البوليساريو في المنطقة. في هذه الأثناء، رفضت الجزائر دعوات من المغرب والأمم المتحدة للتعاون في تسوية النزاع. يعدّ هذا تطوراً جديداً، حيث تجنبت الجزائر دائماً التدخل المباشر، بل لطالما أكدت أنها ليست جزءاً من المشكلة. ومع ذلك، وفقا للباحث أحمد بوشان، احتضنت الجزائر، ودعمت دبلوماسياً ومولت مناورات جبهة البوليساريو.
وفي أعقاب توغلات أبريل، حذر المغرب مجلس الأمن من أن مقاتلي جبهة البوليساريو قد دخلوا مدينة المحبس شمال شرق البلاد، في انتهاكٍ لاتفاقٍ عسكري حول إقامة المنطقة العازلة. وقد ذكر عمر هلال، السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، في رسالة أن “عدة عناصر مسلحة تابعة لـ” البوليساريو” دخلت هذه المنطقة، في مركباتٍ عسكرية، ونصبت خيام وحفرت خندقاً وأقامت المباني بأكياس الرمل.”
ويعتبر المغرب مشاركة الجزائر في الصراع تحدياً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وإهانةً لمصداقية الأمم المتحدة نفسها، التي تدرك الحقائق على الأرض. دعا المغرب إلى تدخل عاجل من الأمم المتحدة واتخاذ تدابير لمنع أي محاولة لتغيير الوضع الراهن والسماح للجبهة الانفصالية بخلق حالة شاذة يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة.
ويعتبر التطور الأخير هجوماً صريحاً من الحكومة الجزائرية على المغرب، في تناقضٍ حاد مع تصريحاتها السابقة بأن المشكلة كانت بين المغرب وجبهة البوليساريو. من الواضح أن الجزائر تستغل التوتر في غرغورات لتسليح جبهة البوليساريو من أجل تصعيد مستوى العداء في المنطقة.
إن موقف الجزائر هو طريقة فظة لإخفاء فشلها الدبلوماسي في حجب الدعم عن المغرب في الأمم المتحدة وفي أوروبا وأفريقيا.
ويرى العديد من المحللين أن رحيل كريستوفر روس (مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى المنطقة)، الذي كان قد انحاز بوضوح للجزائريين في الصراع، ضربةً للجزائر وجبهة البوليساريو. ولا يرى المحللون رحيل بان كي مون وتعيين أنطونيو جوتيريس كأمينٍ عام للأمم المتحدة تطوراً إيجابياً، بالنظر إلى أن رئيس الأمم المتحدة يعتبر صديقاً للمغرب. في الواقع، كان روس قد أخطر الأمين العام للأمم المتحدة بالفعل بقراره بالاستقالة من منصبه كوسيط قبل نهاية ولايته، المقررة في نهاية مارس.
إن سلوك الجزائر محاولةٌ لعرقلة مساعي المغرب لحل نزاع الصحراء، كما أنه وسيلة “لإخفاء” الاستياء والسخط الاجتماعي الاقتصادي للشبان الصحراويين الأصليين في مخيمات اللاجئين في تندوف. وبالنسبة لمحللٍ سياسي جزائري فضل عدم ذكر اسمه، “تمتلك أجهزة الأمن الجزائرية حقداً كبيراً تجاه الطبقة السياسية المغربية منذ سنوات الحرب الأهلية، وتعارض فتح الحدود البرية بين البلدين، وبالتالي فإنهم تعاقب جارتها المغرب بشكلٍ مضاعف.”
تتم محاصرة النظام الجزائري وجبهة البوليساريو وعزلهما لأنهما لم يحظيا بتأييدٍ كبير. إن لجوئهم إلى الاستفزاز المباشر والتهديد باندلاع نزاعٍ مسلح إقليمي جديد هو محاولةٌ يائسة لإقناع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بجلب المغرب إلى طاولة المفاوضات. أما بالنسبة للمغرب، فإن انسحابه من المنطقة العازلة يُحسب له.
ولا يزال اللجوء إلى السلاح ممكناً. وتتحمل جبهة البوليساريو وحدها المسؤولية عن العدوان المحتمل على الناس، وهم غالباً من التجار الذين يعبرون الصحراء في طريقهم إلى موريتانيا عن طريق غرغورات. وبينما أظهر المغرب حتى الآن ضبط النفس كردٍ فعل على هجمات الميليشيات المؤيدة للاستقلال، لا يمكن استبعاد لجوئه إلى رد فعلٍ أكثر قوة، إذ قال السفير عمر هلال في تصريح نقلته وكالة الأنباء المغربية، صبر المغرب له حدود.”