وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المرأة السعودية تُمنح حق السفر- هل هذا يعني المساواة في الحقوق؟

Saudi Arabia- Saudi women
سعوديات يصلن إلى مطار أبها في المنتجع الجبلي الشهير الذي يحمل نفس الاسم في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، 13 يونيو 2019.
Photo: Fayez Nureldine / AFP

بعد إعلانٍ نُشر على موقع الجوازات (الإدارة العامة للجوازات في المملكة العربية السعودية) يعلن فيه أن النساء سيحصلن من الآن فصاعداً على تصاريح سفر فردية، باتت النساء السعوديات يستفدن من تخفيف اللوائح من خلال السفر خارج البلاد بمفردهن. فقد أفادت جريدة سعودي جازيت في 20 أغسطس 2019 أنه خلال ساعاتٍ قليلة فحسب من تطبيق القانون الجديد، عبرت أكثر من 1000 امرأة دون ولي أمرها نقاط الدخول إلى المنطقة الشرقية.

ففي بداية شهر أغسطس، صدرت مراسيم ملكية أنهت فعلياً حاجة النساء فوق سن الـ21 عاماً إلى الحصول على إذنٍ من أحد أقربائها الذكور لتقديم طلبٍ للحصول على جواز سفر أو السفر إلى الخارج. تم الترحيب بهذه الإعلانات باعتبارها خطوة كبيرة للمرأة السعودية، وأشارت إلى أن المملكة العربية السعودية باتت تتجاوز نظام الوصاية سيء السمعة.
فنظام الوصاية – المعروف أيضاً باسم “ولاية الرجل” – هو عبارة عن شبكة من القوانين التي تتطلب من المواطنات طلب إذنٍ من قريب أو وصي ذكر قبل اتخاذ قرارات معينة تتعلق بالحياة وأسلوب الحياة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالإجراءات القانونية والمالية والإجراءات الطبية والعمل.

بالإضافة إلى حرية السفر، أدخلت المراسيم الملكية أيضاً حقوقاً جديدة في المملكة العربية السعودية لتسجيل الزيجات والطلاق والولادة وتوثيق المستندات العائلية. وورد أن هناك امتيازٌ جديد بالسماح للطالبات بالدراسة في الخارج بدون محرم (المرافق القانوني). تعدّ هذه الإصلاحات غاية في الأهمية إذ تمنح المرأة الحرية في الحصول على بطاقة الهوية بسهولة أكبر أو القدرة على التمتع بالمزيد من الفرص التعليمية.

تأتي التطورات الجديدة في أعقاب خطوةٍ تاريخية العام الماضي أنهت حظراً طويلاً على قيادة النساء للسيارات في الدولة الخليجية، وذلك كجزءٍ من سلسلة من الجهود التي بذلها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في محاولة تحديث البلاد، مثل كبح جماح هيئة الأمر بالمعروف وتخفيف القيود على الاختلاط بين الجنسين، على الرغم من أن الإصلاحات الإضافية كانت مستمرة منذ أكثر من عقد.

وتقول سو إيدل، الباحثة في منظمة القسط السعودية لحقوق الإنسان، في حديثها مع فَنَك: “كان رفع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارات في العام الماضي ممارسة حقيقية للعلاقات العامة.” وأضافت، “كان القرار يحمل أهميةً لبعض النساء، لا سيما أولئك القادرات على القيادة أو اللواتي سمحت لهن أسرهن بالقيادة. وبالنسبة للآخرين، لم يكن بالضرورة بمثابة انتصارٍ كبير.”

وتقول إيدل أيضاً إن الإصلاحات تلقت قدراً مفرطاً من المديح إلى حدٍ ما، مع إذعان محمد بن سلمان للضغوط الخارجية ومحاولته إقناع الشباب في الديار بأنهم يحصلون على الفرص التي يريدونها مع استرضاء العناصر الداخلية المقاومة لبعض الإصلاحات.

فقد قامت بعض الجماعات الحقوقية التي تدعو إلى الإلغاء الكامل لنظام الوصاية بتسليط الضوء على العوائق التي تفرضها المملكة والتي تحول دون منح المرأة السعودية حقوقاً كاملة ومساوية لحقوق الرجل.

ووفقاً لهيومن رايتس ووتش، تتأثر كل امرأة في البلاد، بغض النظر عن وضعها، سلباً بقوانين الوصاية، ولكي تحقق المملكة العربية السعودية خطة رؤية 2030، فهي بحاجة إلى القضاء على هذا النظام. فعلى سبيل المثال، 20% فقط من النساء يعملنّ في المملكة العربية السعودية، بالرغم من أن ما نسبته 50% من السكان هنّ من النساء. ووفقاً لشركة ميرسر المختصة بتحليلات الأسواق الدولية، سيعمل سد هذه الفجوة على تغذية المكاسب المجتمعية والاقتصادية للبلاد.

وعلى الرغم من الإصلاحات الحالية، لا تزال قوانين الوصاية السعودية بعيدةً كل البعد عن إلغائها، إذ لا يزال يتعين على المرأة أن تطلب الإذن للزواج أو استئجار شقة، كما أنها لن تكون قادرة على منح جنسيتها السعودية لأطفالها إذا تزوجت من مواطن غير سعودي، مما جعل النقاد يقولون إن القوانين الجديدة ليست شاملة بما فيه الكفاية.

كما أنها تتعارض مع المعايير الحالية والقوانين الأخرى، فعلى سبيل المثال، لا يزال بإمكان الرجال تقديم شكاوى تتعلق بعقوق الابناء، على سبيل المثال إذا ما عصت الإبنة أوامرهم. ومن غير الواضح أيضاً كيف يمكن تطبيق القوانين الجديدة إذا رفض الرجال الامتثال للوائح الجديدة ومنع النساء من السفر، مما يشير إلى أن هناك حاجة أيضاً إلى تحول ثقافي أوسع.

وليكون للإصلاحات تأثير حقيقي، يقول دعاة حقوق الإنسان مثل منظمة قسط، أنه ينبغي أن يقف القانون في صف المرأة. فعلى سبيل المثال، عندما تهرب النساء المعنفات إلى الخارج، فإن السفارات من توقع بهنّ وتعيدهن إلى الوطن، في حين أن الشرطة غالباً ما تقف في صف الأبوين.

فعلى سبيل المثال أيضاً، وعلى الرغم من الإصلاح التدريجي، لا يزال تطبيق أبشر الذي تديره الحكومة يسمح للرجال بتتبع أنشطة زوجاتهم، بما في ذلك السفر إلى الخارج، والذي سيؤدي في الواقع إلى توجيه الرجال إلى موقع النساء، إذا قرروا السفر دون إذن أو بدون إخبار أزواجهن. كما ذكرت هيومن رايتس ووتش أنه حتى 21 أغسطس، لم يتم تحديث التطبيق للسماح للنساء بالتقدم للحصول على جوازات سفر عبر الإنترنت، وبالتالي السماح للأوصياء الذكور برفض طلب سفر أقاربهم من النساء. وأشارت أيضاً إلى أن إدارة الجوازات السعودية أكدت على وسائل التواصل الاجتماعي أن النساء فوق 21 عاماً يمكنهن التقدم بطلب للحصول على جوازات سفر أو تجديدها شخصياً في مكاتبها قبل تحديث منصة أبشر.

بالإضافة إلى ذلك، فقد جذبت التطورات السابقة في المملكة ردود فعلٍ متباينة، إذ تقول إيدل إنه بالرغم من حصول بعض التحرر في أماكن العمل، إلا أنه في الوقت نفسه لا يزال هناك الكثير من التمييز ضد المرأة السعودية، حيث لا تزال أماكن العمل المختلطة موضع خلاف.

وأشارت إيدل أيضاً إلى أنه مقابل كل إصلاح يأتي “المتملقون المطيعون.”

وبحسب قولها، “تم إعداد الناس للثناء على محمد بن سلمان وشكره على وسائل التواصل الاجتماعي،” إذ بات الأمر برمته يبدو وكأن النساء يتمتعن بكافة حقوقهن، وهو الأمر البعيد كل البعد عن الحقيقة، إذ لا تزال المرأة على سبيل المثال بحاجة إلى إذن ولي أمرها للزواج.

وعلاوةً على ذلك، لا تزال النساء بحاجة إلى إذنٍ من الذكور لفتح حساب مصرفي أو مغادرة السجن أو استخدام ملجأ تديره الحكومة أو رفع دعوى قضائية.

كما أن نظام الوصاية في المملكة العربية السعودية مترسخٌ في سياق انتقاداتٍ أوسع، وذلك في ظل الاتهامات التي تطال البلاد بانتهاكها عدداً من حقوق الإنسان، مثل قمع المعارضة وحرية التعبير. وعلاوةً على ذلك، تعرضت الدولة النفطية أيضاً لانتقادات بسبب قوانينها الغامضة، والملاحقة القضائية والاحتجاز التعسفي بسبب جرائم متعلقة بالاحتجاج.

يكمن وراء هذه الإصلاحات حقيقة أن العديد من النساء اللواتي كن يقمن بحملاتٍ لسنوات ما زلن يقبعنّ في السجن، بما في ذلك تعرض العديد منهنّ للتعذيب. وفي هذا الصدد، تقول إيدل: “يضع هذا حملة الإصلاح في منظورها الصحيح.”

فقد وصفت روثنا بيغم، باحثة حقوق المرأة البارزة في هيومن رايتس ووتش، التطورات الحديثة بأنها انتصارٌ يشوبه المرارة، مؤكدةً أن “النساء السعوديات الشجاعات اللاتي طالبن بهذه التغييرات ما زلن وراء القضبان أو تواجهن محاكمات جائرة”.

فقد تم على سبيل المثال القبض على لجين الهذلول في عام 2014 لقيادتها السيارة. تم إطلاق سراحها لكنها سجنت مرةً أخرى في حملةٍ أوسع ضد نشاط المرأة، قبل رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات. اتُهمت النساء المعتقلات علانيةً بالخيانة ولكن لم يتم توجيه أي تهم إليهن.

ومع ذلك، لا زال يتعين النظر إلى كيفية تنفيذ الإصلاحات، إذ كان هذا الأسبوع أول لمحة عن كيفية عمل البند الجديد الخاص بتقديم النساء طلبات الحصول على جوازات سفر بمفردهن.

ومع ظهور مشاكل أولية وشكاوى، فإن التعقيد يكمن دوماً في التفاصيل، وبحسب ما تقوله إيدل، “سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستسير الأمور.”