اعتقل الصحفي الإيراني البارز والناشط السياسي، عيسى سهرخيز، في الثاني من نوفمبر 2015 بتهمة “إهانة المرشد الأعلى،” و”القيام بدعاية ضد النظام الإسلامي.” وقد سُجن في السابق لمدة أربع سنواتٍ بتهمٍ مماثلة عام 2009، بعد أن ندد بنتائج الانتخابات الرئاسية ذلك العام، والتي أعيد فيها انتخاب محمود أحمدي نجاد، باعتبارها مزورة. ومع ذلك، السبب الكامن وراء اعتقاله مرتين هو انتقاده الصريح للجمهورية الإسلامية. واليوم، تتداول مخاوف جدية حول صحته، فعلى الرغم من معاناته من العديد من الأمراض، ترفض سُلطات السجن حصوله على العلاج الطبي اللازم لتحسين حالته الصحية السيئة.
ولد سهرخيز في عام 1953، في جنوب غرب مدينة عبدان، وانتقلت عائلته إلى مدينة كرج قرب العاصمة طهران، عندما كان في السادسة. وخلال السنوات الأولى من الثورة الإيرانية، أبدى نوعاً من الحماس الذي كان مرتبطاً بالالتزام العميق بمبادئ الجمهورية الإسلامية التي أنشئت حديثاً. نشط خريج الاقتصاد من جامعة طهران في مؤسسة الجهاد للبناء، وهي منظمة أسست بعد الثورة لتعزيز التنمية، لمدة ثلاث سنوات حتى عام 1982، عندما انتقل إلى وكالة الأنباء الرسمية للبلاد، وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية “إيرنا،” كمراسلٍ وخبيرٍ اقتصادي. كما عمل مراسلاً أيضاً في الحرب الإيرانية العراقية، حيث تواجد في العديد من المناسبات على خط المواجهة لفترات طويلة من الزمن. ومع استقالة محمد خاتمي، وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي آنذاك، في عام 1992، انتقل سهرخيز إلى الولايات المتحدة لتشغيل مكتب الوكالة في نيويورك، وهو المنصب الذي شغله لمدة خمس سنوات.
وفي عام 1997، انتخب خاتمي رئيساً جديداً للبلاد محققاً فوزاً ساحقاً. وفي ظل تعيين وزير الثقافة، عطاء الله مهاجراني، الذي كان يُعرف آنذاك بآرائه الليبرالية ويعيش الآن في المنفى في لندن، تم اختيار عيسى مديراً للمطبوعات المحلية. ومع ذلك، أدى رد الفعل العنيف من قبل القضاء المتشدد إلى إغلاق العديد من المطبوعات بما في ذلك صحيفة زان (المرأة) الإخبارية، تحت إدارة فائزة هاشمي رفسنجاني، في عام 1999. استقال سهرخيز احتجاجاً، وأسس صحيفة أخبار الاقتصاد اليومية. نشرت الصحيفة مقالاتٍ حساسة عن الاقتصاد الإيراني وإدارته.
جاء التصادم الأكثر خطورة مع المؤسسة في أعقاب انتخابات عام 2009 الرئاسية، عندما أعلن فوز أحمدي نجاد، إلا أن الإصلاحيين اعتبروا النتائج مزورة. وفي حملة القمع التي تلت ذلك، اعتقل سهرخيز وسجن من قبل مسؤولي الأمن والاستخبارات. حكم عليه بالسجن بما مجموعه أربع سنوات، لما كان من حيث المبدأ، ممارسةً لحقه في حرية التعبير. وبعد إطلاق سراحه في أكتوبر 2013، واصل مراسل “إيرنا” السابق انتقاده للنظام الإيراني وألقيّ القبض عليه مجدداً في عام 2015.
ومن بين الإنجازات البارزة لسهرخيز، تأسيسه لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في إيران، وهي منظمة أثار عملها امتعاض السُلطات الإيرانية. امتدت مسيرته التحريرية إلى مجلة أفتاب (الشمس)، فضلاً عن صحفية أخبار الاقتصاد اليومية، التي ألغيت تراخيصها في عام 2004 و2005 على التوالي.
لا يخشى سهرخيز، المتزوج والأب لطفلين، يعيش أكبرهم في الولايات المتحدة، بينما بقيّ الأصغر سناً في إيران، الوقوف في وجه السُلطات. ففي اجتماعٍ عُقد بحضور ممثلين عن الصحافة الإيرانية عام 2004، بحضور غلام حسين إيجي، وهو رجل دين متشدد، أدى موقف سهرخيز القوي دفاعاً عن الحريات الشخصية إلى قيام رجل الدين، كما يُقال، بإلقاء طبقٍ صغيرٍ عليه وعضه من كتفه الإيسر. وهذا الأمر، بطبيعة الحال، لا يُذكر مقارنةً بالمعاملة التي لقيها على يد سُلطات السجن. يتذكر: “في ليلةٍ باردة، حيث كانت درجة الحرارة -6 درجة مئوية، أخذت إلى سطح عنبر الزنازين رقم 209 دون أي ملابسة دافئة أو حتى حذاء أو جوارب. أدت هذه العقوبة إلى إصابتي بمشاكل صحية خطيرة، بما في ذلك مشاكل في الرئتين والكبد، التي لا زلت أعاني منها حتى الآن.”
سهرخيز من أشد منتقدي سياسات الجمهورية الإسلامية. واليوم، ينهمك الصحافي الذي يُطلق عليه اسم الإصلاحي، في الاقتتال الداخلي الحزبي المتصاعد الذي يشهد استهداف المتشددين لجميع القادة السياسيين والمفكرين المعارضين لهم، وبعضهم، مما يُثير الريبة، مثل المعارض السياسي الدكتور مهدي الخزعلي، الذي لطالما كان من بين أكثر الأنصار المتحمسين للحكومة دينية. ومن غير المحتمل أن يرضخ سهرخيز للمتشددين. ومع ذلك، في المتاهة المعقدة والخطيرة بشكلٍ متزايد للسياسة الإيرانية، بدأت الانقسامات الحزبية بالتلاشي تدريجياً (وجهة النظر الأكثر انتشاراً هي أن الأجندة الرئيسية للإصلاحيين تتمثل في استعادة السُلطة مع إيلاء القليل من الاهتمام، إن وجد، لمصالح الشعب)، إذ تُفسح خيبة أمل العامة بالإصلاحيين الطريق أمام الرغبة في التغيير الجذري. إن الأعداد المتزايدة من المعارضين البارزين، بما في سهرخيز والخزعلي والناشط محمد نوري زاد، تردد بأعلى صوت هذه الرغبة.