وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الثورة البيضاء و ظهور روح الله الخميني

محمد رضا شاه بهلوي
محمد رضا شاه بهلوي

المقدمة

بعد عودته إلى السلطة مباشرة، أبطل الشاه سياسات مصدّق. وفي شهر كانون الأول/ديسمبر 1953، استعاد العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا، وأبرم اتفاقيةنفط جديدة لصالح الشركات الغربية في العام التالي. وقدمت الولايات المتحدة مساعدة اقتصادية فورية بقيمة 45 مليون دولار. أصبح الشاه حليفاً مهماً للغرب، وبالتالي أصبح للبلدان الغربية (مجدداً) تأثير متزايد في إيران.

كما أطلق الشاه برنامج تنمية وطنية، ما يسمى بالثورة البيضاء. وخوفاً من التأثير السوفييتي والمعارضة الداخلية، سعى إلى دعم نظامه من خلال التقرب من بريطانيا والولايات المتحدة بشكل أكبر.

هدفت الثورة البيضاء، التي كانت عبارة عن سلسلة من الإصلاحات بعيدة المدى بدأت عام 1963، إلى تحويل إيران إلى قوة اقتصادية وصناعية. وشملت، من بين الأمور الأخرى، استصلاح الأراضي وشق الطرقات الموسعة والسكك الحديدية والشبكات الجوية والسدود ومشاريع الري، ودعم النمو الصناعي. كما قام الشاه ببناء المدارس والمستشفيات لسكان الأرياف البعيدة، ومنح المرأة حق الاقتراع.

حازت الثورة البيضاء على دعم كبير من فئات من السكان، إلا أنها لم تعالج مصادر اضطراب أخرى. بقيت الظروف الاقتصادية سيئة بالنسبة إلى الفئات الأفقر، وبقيت الثروة غير موزعة بشكل متكافئ. بالإضافة إلى ذلك، وبعد الإطاحة بمصدّق، بدأت مرحلة من القمع السياسي، حيث حصر الشاه السلطة في يده. وفي هذا السياق، تم إبعاد حزب تودة والجبهة الوطنية وتقييد حرية الصحافة، كما تم تعزيز الشرطة السرية (سافاك).

آية الله روح الله الموسوي الخميني

الخميني
آية الله روح الله الموسوي الخميني

أدت الإصلاحات بعيدة المدى والحكم المتسلط للشاه إلى تزايد السخط السياسي، وبخاصة بين صفوف الطلاب والمثقّفين الذين يتطلعون إلى إصلاحات ديمقراطية والقادة الدينيين الذي خشيوا فقدان سلطتهم التقليدية. وفي تلك الفترة، ظهر قائد ديني في مدينة قُم: آية الله روح الله الموسوي الخميني، الذي جمع أتباع له كقائد مناهض للحكومة. ومنذ البداية، ندد الخميني بخطط الشاه، مؤكداً على أن هذا الأخير انتهك الدستور ونشر الفساد الأخلاقي في البلاد ورضخ للولايات المتحدةوإسرائيل.

في 3 حزيران/يونيو 1963، الذي صادف فيه يوم عاشوراء الذي يحيي ذكرى استشهاد الإمام حسين، ألقى الإمام الخميني كلمة حماسية غاضبة في المدرسة الفيضية، مركز إدارة الحوزة العلمية في قُم، شبّه فيه الشاه بالخليفة الأموي يزيد، عدو الحسين. كما حذر الشاه بأنه في حال لم يغير سياسته سيأتي اليوم الذي سيرغمه فيه الشعب على المغادرة. وبعد اعتقال الخميني بعد يومين، شهدت البلاد أعمال شغب استمرت ثلاثة أيام كانت الأسوأ منذ الإطاحة بمصدّق. تم قمع هذه المظاهرات بشدة، وأعاد الشاه النظام بالقوة.

بعد مظاهرات حزيران/يونيو 1963، أصبحت المعارضة السياسية غير علنية. وضعفت العديد من الأحزاب السياسية التي كانت ناشطة منذ بداية الخمسينيات بسبب الخلافات الداخلية والاعتقالات والنفي. غير أن المعارضة تزايدت بشكل تدريجي، وأصبحت إيديولوجياتها أكثر تشدداً.

استمر الخميني في معارضته الشديدة. وفي شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1964، وبعد سجنه عدة مرات، تم نفيه أولاً إلى تركيا ومن ثم إلى العراق، وأمضى أكثر من 14 عاماً في المنفى. ومن منفاه في النجف (العراق)، ثمّ في فرنسا، انتشرت في إيران ملايين التسجيلات الصوتية التي ندد فيها الخميني بالشاه.

الإمبراطور

في تشرين الأول/أكتوبر 1967، أعلن محمد رضا شاه بهلوي نفسه ملك الملوك (امبراطور إيران)، وزوجته الثالثة فرح ديبا إمبراطورة (شهبانو)، الأمر الذي زاد من السخط الاجتماعي. وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر 1971، أقام الشاه احتفالاً مفرطاً في البذخ بمناسبة مرور 2500 عاماً على النظام الملكي الفارسي. الثروة الناشئة عن القطاع النفطي لم توزّع بالتكافؤ بين الإيرانيين، وقد استنكر الكثيرون مظاهر البذخ المفرطة في هذا الاحتفال الذي قدرت صحيفة نيويورك تايمز تكاليفه بمئة مليون دولار.

Advertisement
Fanack Water Palestine