اتضح اعتقال الأمير والشاعر الشاب السعودي- القطري، في لعبةٍ جيوسياسية لم يخطط قط المشاركة فيها، من قِبل السلطات السعودية في ظروفٍ غامضة.
ووفقاً لهيومن رايتس ووتش، تم القبض على نواف الرشيد البالغ من العمر 29 عاماً في الكويت في 12 مايو 2018، بعد سفره من قطر، حيث يقيم، لحضور عشاءٍ أقامه على شرفه الشاعر الكويتي عبد الكريم الجباري، الذي ينتمي لقبيلة شمر التي تنتمي إليها عائلة الرشيد. ويعرض الفيديو الخاص بالعشاء ما حصل بالتفصيل في الحدث الذي حضره المئات.
وقال محمود الرويدي، زميل الرشيد في جامعة قطر، أن الشاعر “استقبل استقبالاً ملكياً” من قبل الآلاف من قبيلة شمر الذين رحبوا به بسبب المكانة المرموقة التي تمتلكها عائلة الرشيد، وأن الاحتفالات اشتملت على الرقص بالسيوف وزيارة مجالس أفراد وشيوخ من شمر خلال الزيارة التي استمرت 3 أيام.
وأضاف “[الرشيد] شاب متواضع جداً وذو أخلاق حميدة. ليس لديه أي آراء سياسية على الاطلاق ويتجنب السياسة بشكلٍ عام. فقط شاعر شاب لا ناقة له ولا جمل بالسياسة ومحبوب من قبيل قبيلته وعائلته وأصدقائه. لم يكن عضواً في أي حركات معارضة او اي جماعات سياسية.”
وبعد اعتقال الرشيد أثناء محاولته ركوب الطائرة عائداً إلى بلاده، قامت السلطات الكويتية بترحيله إلى المملكة العربية السعودية، حيث احتُجز بمعزلٍ عن العالم الخارجي منذ ذلك الحين. ولم تفصح السلطات السعودية عن أي معلوماتٍ حول مكان وجوده أو التهم الموجهة إليه، إن وجدت.
وذكرت السلطات الكويتية أنه تم ترحيله فقط “في إطار الترتيبات الأمنية المتبادلة بين البلدين.” وقد اتهم بعض أقرباء وأنصار الرشيد الكويتيين بإغرائه بشكلٍ متعمد بدخول البلاد حتى يتم احتجازه. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح متى تم اتخاذ القرار بالقبض عليه أو حتى من كان على علمٍ بالخطة. وقد احتج بعض أفراد قبيلة شمر على اعتقاله، فضلاً عن عضو واحد في البرلمان الكويتي، ألا وهو مرزوق الخليفة.
ومن الجدير بالذكر أن نواف الرشيد ابن الأمير السعودي والشاعر المعروف طلال بن عبد العزيز الرشيد، الذي قُتل في الجزائر في ظروفٍ مثيرة للشبهات أثناء رحلة صيد عام 2003. فقد عُرف والده بقصائد الحب التي كان يكتبها باللهجة البدوية، فضلاً عن تأسيسه عدداً من المجلات الأدبية.
وقالت الدكتورة مضاوي الرشيد، وهي من أبناء عمومة نواف وأستاذ زائر في مركز الشرق الأوسط في جامعة لندن، أن نواف كان مع والده عندما تعرض لإطلاق نارٍ وقُتل- على يد متطرفين إسلاميين كما زُعم، بالرغم من تشكيك بعض أفراد الأسرة بهذه الرواية. كما قالت لنا في فَنك، “عانى نواف من هذه الحادثة.” “تعرض لصدمة.”
وأضافت أنه بعد وفاة والده، انتقل نواف للعيش في قطر، ذلك أن والدته قطرية، وحصل على الجنسية القطرية. فقد كان في السابق يحمل الجنسية السعودية، ولكن وقت اعتقاله لم يحمل سوى الجنسية القطرية، وذلك بحسب منظمة العفو الدولية. بالإضافة إلى ذلك، كان يدرس في جامعة قطر ويسير على خطى والده كشاعر، على الرغم من أنه لم يحقق مكانة والده. ووفقاً لزميله في الجامعة، الرويدي، فقد كان من المفترض تخرجه في يونيو، والتقدم للاختبارات النهائية عند عودته إلى قطر لو لم يتم اعتقاله.
لطالما كان هناك منافسة تاريخية بين آل الرشيد وآل سعود، التي ينتمي إليها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فقد حكمت قبيلة الرشيد إمارة حائل في شمال المملكة العربية السعودية حتى عام 1921، إلى أن تعرضت للهزيمة من قبيلة سعود. فالقبيلتين في حالة حربٍ متقطعة منذ سنوات.
وأشارت مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان، ومقرها جنيف والتي تركز على قضايا في العالم العربي، إلى إنه “لم يكن لنواف أي نشاط سياسي إلا أن كونه من أسرة منافسة قد تنظر إليه السلطات على أنه تهديد لآل سعود.”
وعلى الرغم من العداوة بين السلالتين، إلا أنه يبدو أن نواف علق في المواجهة ما بين المملكة العربية السعودية وقطر، التي تصاعدت في يونيو 2017 عندما قطعت كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين والحكومة اليمنية في المنفى والحكومة الليبية المتمركزة في الجزء الشرقي من البلاد علاقاتها الدبلوماسية مع قطر.
وأصدرت دول المقاطعة بقيادة السعودية قائمة مطالب، بما في ذلك قطع قطر علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين وإيران، وإغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية وغيرها من المنافذ الإعلامية القطرية، وتسليم “الشخصيات الإرهابية” والمطلوبين لدى كلٍ من السعودية، والإمارات العربية، ومصر، والبحرين، كلٌ إلى بلده.
وقالت مضاوي أن ابن عمها غير منخرط بالسياسة ووصفت اعتقاله بمحاولةٍ لإرسال رسالةٍ إلى أفراد القبيلة الآخرين، فضلاً عن إغضاب قطر. فقد قالت لنا، “لم يسبق أن ظهر على قناة الجزيرة، ولم يسبق أن تحدث عن المشكلة بين السعودية وقطر. إنه مواطن عادي.” وتابعت القول، “إنها رسالة لأي فردٍ من آل الرشيد، بمن فيهم أنا، بأننا سنصل إليكم أينما كنتم. وأعتقد أيضاً أنها رسالة للآخرين، لأن نواف شخصياً لم يكن سياسياً.”
يأتي هذا الاعتقال في نفس الوقت الذي تحتجز فيه المملكة العربية السعودية عدداً من الناشطات البارزات في مجال حقوق المرأة، الذي تم، بما يُثير السخرية، قبيل الموعد المحدد لرفع الحظر عن قيادة النساء في المملكة.
فقد أثارت حملة الاعتقالات للناشطين والرشيد غضب جماعات حقوق الإنسان، كما أصدر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بياناً يُعبر فيه عن قلقه إزاء هذه الإعتقالات، بيد أن الإجراءات الدولية حتى الآن كانت محدودة.