في 15 أكتوبر 2017، نشرت الممثلة أليسا ميلانو تغريدةً تحث فيها النساء اللواتي تعرضنّ للتحرش أو الاعتداء الجنسي الرد بكلمة “أنا أيضاً” ليدرك الناس “حجم المشكلة.” تبع التغريدة إدعاءات من قِبل عشرات الممثلات بتعرضهنّ للتحرش من قِبل المنتج السينمائي في هوليوود هارفي وينستين. وسرعان ما شاركت آلاف النساء وسم #Metoo، بمن فيهن العديد من النساء من الشرق الأوسط وشمال افريقيا، اللواتي رددنّ بوسم #أنا_ كمان، باللغة العربية.
جاءت معظم الردود من مصر، الأمر الذي لم يشكل أي مفاجأة نظراً لأن استطلاعاً للرأي أجرته مؤسسة تومسون رويترز في عام 2017 صنف القاهرة بأنها أخطر مدينة على النساء. استند الاستطلاع إلى أربعة معايير: العنف الجنسي، والحصول على الرعاية الصحية، والعادات الثقافية والفرص الاقتصادية، حيث أظهرت النتائج أن العاصمة المصرية، التي قُدر عدد سكانها عام 2016 بـ19 مليون نسمة، تعتبر الأسوأ فيما يتعلق بالعادات الثقافية الضارة بالمرأة مثل تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الختان) والزواج القسري، كما تعتبر ثالث أخطر المدن الكبرى على النساء عندما سُئل المشاركون في الاستطلاع إذا ما كانت النساء معرضاتٍ لخطر التحرش والعنف الجنسي. وبدورنا قمنا في فَنَك Fanack Chronicle بسؤال النساء من مختلف دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بما في ذلك مصر، عن تأثير حملة #أنا_ كمان، عليهنّ.
فقد قالت امرأة تبلغ من العمر 30 عاماً تعيش في القاهرة طلبت عدم الكشف عن هويتها، “أعتقد أن الأمر ذو مغزى للنساء المصريات، حيث تُشير الإحصاءات إلى أن 97% أو أكثر من النساء المصريات يتعرضن للتحرش الجنسي على أساسٍ منتظم.” وأضافت “أشعر بأنها فرصة ليُسمع صوتنا، ولرؤية مدى انتشار [التحرش الجنسي]. فقد شعرت شخصياً بالتأثر والحزن لمجرد التفكير بجميع المرات التي تعرضت فيها للتحرش الجنسي وكم من النساء الأخريات أيضاً اللواتي تعرضنّ لمثل هذه التجربة على نحوٍ منتظم. أعتقد أن العديد من الرجال، على الجدول الزمني الخاص بي على الأقل، صدموا من عدد النساء الذين يعرفونهم ممنّ تعرضنّ لمثل هذه الفظائع.” فقد أخبرتنا أنها تعرضت بدايةً لاعتداءٍ بعمر الثامنة أو التاسعة، عندما لمس حارس المبنى الذي تقطن فيه صدرها أثناء لعبه كرة القدم معها ومع شقيقها وابن عمها.
كما قالت نيرفانا محمود، وهي كاتبة ومعلقة مصرية حول قضايا الشرق الأوسط وتعيش في لندن، أنها تعرضت للتحرش على أساسٍ يومي في مصر ثم في إيران، بالرغم من ارتدائها الأسود وتغطيتها شعرها، إذ قالت “عرّت هذه المحنة أسطورة الاحتشام. فالاحتشام لا يوقف التحرش.” وتابعت القول، “قبل بضعة أسابيع تعرضت إمرأة منقبة في مصر للتحرش. وعندما نشرت قصتها على موقع فيسبوك، تعرضت للسخرية لأن لون نقابها كان وردي. الحملة خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً.”
ولم ترغب الناشطة الفلسطينية على مواقع التواصل الاجتماعي البالغة من العمر 25 عاماً من رام الله، منى اشتيه، “تعميم الأمر على الرجال الفلسطينيين، إذ أنني أسافر دائماً وهذه الظاهرة موجودة في العديد من البلدان. الفرق، أنه مقارنةً بالرجال المصريين، في معظم الوقت لا يتحرش الرجال هنا بالنساء جسدياً.” كما تأمل أن تسفر الحملة عن “نتائج أكثر عملية تجاه النساء. حجم الظاهرة ضخمٌ جداً، كما أنه ليس بالضرورة أن يكون التحرش الجنسي جسدياً دوماً، بل قد يكون لفظياً أو بالنظر إلى الفتاة بطريقة سيئة.” وأضافت اشتيه إن “حالات العديد من الأشخاص على [وسائل التواصل الاجتماعي] تؤكد هذه الأمور.” وتابعت القول “شاركت عدد قليل من النساء قصصهن إلا أن العديد منهن لم يفعلن ذلك لأنهن سيواجهنّ ردود فعلٍ من المجتمع. فنحن نعتقد أنهن يتعرضن للتحرش بسبب الملابس التي يرتدينها أو بسبب تصرفاتهن، وبالتالي يوصفن أو يعتبرن فتيات سيئات.” وعندما سألنا عن ردود فعل الرجال، كانت أكثر حذراً: “كالعادة في مناسبات كهذه أو في يوم المرأة العالمي أو اليوم العالمي للفتاة، يتضامن العديد من الرجال مع النساء بالكامل، وبخاصة على منصات التواصل الاجتماعي، إلا أننا لن ننسى أبداً أنهم هم نفس الرجال الذين قد يتحرشون بنا.”
وعلاوة على ذلك، غالباً ما تلام النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على تعرضهنّ للتحرش أو الاعتداء الجنسي. ففي مصر على سبيل المثال، تم الإبلاغ عن موجةٍ من الاعتداءات الجنسية خلال احتجاجات شهر نوفمبر من عام 2012 في ميدان التحرير. ورداً على ذلك، قال العديد من أعضاء لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى، مجلس الشيوخ المصري، إن النساء كانوا مسؤولات “100%” عن تعرضهنّ للاغتصاب من خلال تواجدهن في “مثل هذه الظروف. “وبسبب العار والخوف من مثل هذه الإدانة الاجتماعية تقل احتمالية إخبار النساء لأسرهن عن ما تعرضن له أو الإبلاغ عن الحادث للشرطة. كما وصفت الصحفية والراوية منى الطحاوي تعرضها للاعتداء من قبل مسؤولين عسكريين، وفي هذه الظروف، يمكن أن يكون الإعلان عن ما حصل على وسائل التواصل الاجتماعي محفوفاً بالمخاطر ويضر بسمعتك.
من جهتها قالت امرأة يمنية من عدن عاشت في السعودية 35 عاماً إن الحملة “لن تؤثر على مجتمعنا،” إلا أنها تأمل بمستقبلٍ أفضل للمرأة السعودية: “تكمن الأدلة في القرارات المتخذة بشأن المرأة. الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود هو مصدر فخرٍ للنساء السعوديات. لا أعرف إذا ما سمعت عن وسم “إسقاط الولاية،” إلا أنه يتحدث عن جميع حقوق المرأة العربية. لذلك أنا فخورة بالنساء اللواتي نشرن الوسم وأتمنى لو أن جميع البلدان مثلهم. أما بالنسبة لبلدي [اليمن]، ستستغرق تنمية المرأة وقتاً طويلاً. فهناك، يشكون من التعليم، وزواج القاصرات وأخذ حقوق الميراث. كما ستظهر مشاكل كثيرة بعد الحرب.”
وعلى النقيض من ذلك، قالت الأكاديمية الكويتية والناشطة في مجال حقوق المرأة، العنود الشارخ: “ربما لن تكون النتائج فورية ولكن… يمكن أن يؤدي العمل المدني إلى تغييرٍ سياسي.” فهي رئيسة حملة إلغاء المادة 153، وهي حملة تدعو لإلغاء القتل باسم الشرف في الكويت والمنطقة، إذ قالت لفَنَك Fanack Chronicle “بعد إطلاق الوسم أصبح هناك المزيد من النقاشات حول التحرش في وسائل الإعلام التقليدية مثل المحطات الإذاعية.”
وفي لبنان، حيث ألغيت المادة 255 التي تُعفي المغتصب والمدان بالاعتداء الجنسي من العقوبة في حال زواجه من المعتدى عليها، في أغسطس 2017، أخبرتنا الفنانة نور حيدر “لم أتفاجأ عندما [علمت] أن العديد من صديقاتي تعرضنّ للتحرش أو الاعتداء الجنسي،” كما أنها مسرورة “أن بإمكاننا مشاركة الأمر مع بعضنا البعض.” ومع ذلك، طرحت السؤال الذي تطرحه العديد من نساء المنطقة على أنفسهن: “كيف يمكننا مواصلة هذا الحديث؟”
سمحت حملة # أنا_كمان (#Metoo)، للنساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وأماكن أخرى من العالم، مشاركة القضية والتعبير عنها وتوضيح مدى حجمها. واليوم، ينبغي اتخاذ إجراءاتٍ حقيقية للتصدي لها.