وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المجتمع في مصر

أسوان
أسوان / Photo Shutterstock

المقدمة

التركيبة السكانية في مصر متجانسة إلى حد كبير: عرب ومسلمون، مع أقلية كبيرة من المسيحيين الأقباط. وفي المقابل، هناك تفاوت في توزيع السكان، حيث التركيز في حوض النيل، وخاصة في دلتا النيل. يعيش الغالبية العظمى من المصريين في علاقات تقليدية، والكثير منهم يعيشون في المدن.

التنمية البشرية

“أظهرت كل جوانب الحرمان البشري – باستثناء البطالة – انخفاضاً كبيراً خلال العقد الماضي”، وفق تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية لعام 2005 عن مصر. تحسنت الأمور منذ ذلك الحين؛ يحصل المزيد من السكان على المياه الموزعة بالمواسير، وتناقص عدد الأطفال الذين يموتون قبل سن الخامسة، كما ازداد متوسط العمر، وينخرط عدد أكبر من الأطفال في المدارس الابتدائية والثانوية، والأمية في تراجع مستمر، ويحصل المزيد من الناس على الرعاية الصحية.

على الرغم من هذه المكاسب، لا تزال مصر تعتبر متأخرة دولياً. احتلت مصر المرتبة 104 من أصل 177 بلد، وفق دراسة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2010. ومن بين أقران مصر العرب وشمال أفريقيا، احتلت المغرب وسوريا والسودان واليمن مراتب أدنى.

لا تزال هناك اختلافات هائلة في مجال التنمية البشرية بين المناطق الفقيرة والغنية، والحضرية والريفية، والرجال والنساء. ترتبط جميع الأسر المصرية تقريباً بشبكة الكهرباء، ولكن الحصول على المياه النظيفة العامة غير متوفر للجميع. الريفية متخلفة عن المناطق الحضرية: 82,5% من المناطق الحضرية مرتبطة بنظام الصرف الصحي مقابل 24,3٪ من الأرياف. وصف تقرير التنمية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2005 حالة الصرف الصحي في مصر بأنها “حالة طوارئ صامتة”، مما يشكل مخاطر كبيرة على الصحة العامة.

البنية التحتية

ترتبط مدن مصر بشبكة طرقات، 78,641 كم منها معبدة؛ ولكن نظراً لقلة الصيانة وحركة المرور الكثيفة، أصبح العديد من الطرق في حالة سيئة. يمثّل النقل البري نسبة 85% من الشحن الداخلي و 60% من نقل الركاب. أدى الاستخدام المكثف إلى مستويات عالية من الاختناقات. وبشكل خاص، تعاني القاهرة من اختناقات مرورية مستمرة. سنوياً، يتعرض حوالي 30,000 شخص إلى حوادث سير، يموت منهم حوالي 6,000 شخص؛ وهي واحدة من أعلى معدلات وفيات المرور في العالم.

السكك الحديدية

نظام السكك الحديدية الوطنية هو الأقدم في المنطقة. تحدث حوادث خطوط السكك الحديدية المحلية مرة أو مرتين سنوياً. هناك المزيد من الاهتمام على القطارات التي يستخدمها السياح، حيث لم تسجل أية حادثة في السنوات الأخيرة. يتوفّر النقل بالسكك الحديدية على طول نهر النيل وعبر دلتا النيل إلى مدينة الإسكندرية. وفي حين تنقل السكك الحديدية نسبة كبيرة الركاب المحليين، إلا أن نسبة نقل البضائع المحلية صغيرة: 8% تقريباً. وفي القاهرة نظام مترو حديث (جزء منه تحت الأرض، والجزء الآخر فوق سطح الأرض) بخطين يعبران المدينة ويغطيان جزءً كبيراً منها. وقد بدأ العمل على خط ثالث يؤدي إلى المطار الدولي؛ وكان من المفتَرض أن يتم افتتاحه عام 2010، ولكن ذلك لم يحدث بحلول نهاية عام 2012.

النقل الجوي

تهيمن الخطوط الجوية المصرية Egypt Air المملوكة للدولة على النقل الجوي إلى جميع الوجهات الرئيسية داخل مصر. وهناك رحلات يومية من القاهرة إلى أكثر الوجهات الدولية.

الشحن البحري

تعتبر قناة السويس الممر المائي الأساسي بين قارتي أوروبا (البحر الأبيض المتوسط) وآسيا (المحيط الهندي)، مما يجعلها واحدة من أهم الطرق البحرية في العالم. بفضل طول هذه القناة الاصطناعية 163 كم، يمكن لجميع السفن، وخاصة الأكبر حجماً، تجنب الالتفاف المكلف حول أفريقيا. تنقل الموانئ البحرية ما يصل إلى 90% من تجارة مصر الدولية. ويتسبب الفساد ببطئ حركة المرافئ وعدم فعاليتها وإعاقتها. يشكل نهر النيل وقنواته معظم الممرات المائية الداخلية الصالحة للملاحة، أي ما مجموعه حوالي 3,100 كم. فيما تمثّل حركة الملاحة نسبة 4% فقط من نقل البضائع المحلية.

التعليم

منذ ستينات القرن العشرين، تضمن الحكومة المصرية التعليم الرسمي المجاني للجميع. النظام التعليمي عبارة عن تسع سنوات من التعليم الأساسي حتى سن الـ 15، يليها التعليم الثانوي والتعليم العالي. ويشمل التعليم العالي الجامعات الحكومية والخاصة وجامعة الأزهر.

مع أن التعليم العام مجاني، ألا أن التكاليف غير المباشرة، مثل الدروس الخصوصية والمستلزمات والنقل، تشكّل عبئاً على الأسر الفقيرة التي لديها أطفال كثيرين. فالدروس الخصوصية الإضافية شائعة، وغالباً ما يقوم بها معلمو المدارس الذين يتقاضون أجوراً زهيدة بعد الدوام المدرسي، رغم الحظر الرسمي على هذه الممارسة. يحتاج طلاب المرحلة الثانوية بشكل خاص إلى دروس إضافية للتعويض عن اكتظاظ الفصول الدراسية وعدم الانضباط والتدريس الذي لا روح فيه من قبل معلمين غير متحمسين؛ وهذا ما يزيد من تكاليف التعليم على الأهل. وتشير التقديرات إلى أن 80% من طلاب المدارس الثانوية يتلقون دروساً خصوصية. وكان المعلمون بين المجموعات المهنية الأولى التي نظمت احتجاجات واسعة بعد سقوط مبارك للمطالبة بزيادة كبيرة على رواتبهم وتحسين ظروف عملهم.

تشكّل الزيادة الكبيرة في عدد السكان ضغطاً هائلاً على نظام التعليم الذي يعاني نقصاً في التمويل. في المتوسط، تضم كافة الفصول الدراسية في التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي أكثر من 40 طالباً. والجامعات والمدارس الابتدائية مكتظة، جزئياً نتيجة التحاق جميع الطلاب الذين أنهوا مرحلة التعليم الثانوي في واحدة من الجامعات الحكومية الاثني عشر. وتزداد شعبية الجامعات الخاصة، التجارة المربحة للغاية، إلا أن تكلفتها ميسورة فقط لأبناء الطبقتين المتوسطة العليا والعليا.

عموماً، لا تزال المعايير التعليمية مقبولة. ومن بين المشاكل التي يعاني منها التعليم: جمود النظام التعليمي؛ التركيز على التعليم عن ظهر قلب بدلاً من التفكير النقدي والإبداع؛ مدرسين غير متحمسين يتقاضون أجوراً زهيدة.

تعتبر مصر إحدى الدول ذات معدلات الأمية الأعلى في العالم (30,5%). ومن غير المستغرب أن تكون نسبة الأمية أعلى بين الفقراء وسكان الأرياف. وهناك احتمال 57٪ أن يصبح أولاد أهل الأسر الذين لا يعرفون القراءة والكتابة أميين أيضاً. ولكن البلاد حققت تقدماً هائلاً على صعيد تعزيز محو الأمية – من 26% من جميع البالغين 15 سنة وما فوق من العمر عام 1960، إلى 69,5% عام 2006. كما أن الأداء بات أفضل بالنسبة لأولئك البالغين 15-24 سنة من العمر.

الصحة

مؤشر الصحة المصرية
مؤشر الصحة المصرية

الرعاية الصحية المجانية حق دستوري لجميع المصريين. في الواقع، لكل ملّة نوع من الخدمات الصحية المجانية أو مقابل رسوم رمزية، وتدير معظمها وزارة الصحة. وقد زادت الحكومة الإنفاق على الرعاية الصحية العامة، إلا أن الاستثمار لم يواكب الزيادة الهائلة في عدد السكان؛ وبالتالي، غالباً ما تكون الخدمات سيئة.

لكن مؤشرات الصحة الأساسية في تحسن. غطت اللقاحات أكثر من 98% من السكان عام 2005، مما أدى إلى انخفاض معدل الوفيات. وتم القضاء بشكل رئيسي على شلل الأطفال الذي كان سائداً في تسعينات القرن العشرين. وتستمر معدلات وفيات الرضع والأطفال دون خمس سنوات والأمهات في الانخفاض.

معدل انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز منخفض في مصر: أقل من 0,1% من السكان؛ خلافاً لمرض التهاب الكبد الفيروسي من فئة (ج) الذي يحتل أعلى المعدلات في العالم. يحمل 10-15% من السكان أجسام مضادة لالتهاب الكبد الفيروسي (ج)، وحوالي 7-8% منهم يعانون من التهاب الكبد الفيروسي (ج) المزمن، مما يجعلهم عرضة لأمراض الكبد الخطيرة. كما يقدر أن 10-15% من السكان يعانون من مرض السكري، معظمهم بسبب السمنة وأنماط الحياة غير الصحية.

البطالة

يُقَدَّر سوق العمل بـ 22,3 مليون شخص (2006)، من بينهم 78% من الرجال. ولا تزال الحكومة المزود الرئيسي لفرص العمل غير الزراعيّ (حوالي 24٪ من القوى العاملة)، والقطاع غير الرسمي المصدر الرئيسي للعمالة منخفضة الإنتاجية ومنخفضة الدخل، خاصة للمرأة.

فَشل النمو الاقتصادي في السنوات القليلة الماضية في خلق فرص عمل كافية لمواكبة النمو في القوى العاملة، بمتوسط 2,5% سنوياً. أكثر من 60% من العاطلين عن العمل هم من الشباب. على مدى السنوات القليلة الماضية، بقي معدل البطالة الرسمي كما هو: نحو 10%؛ ولكنه ازداد سوءً في الأرقام المطلقة. بلغ الرقم الإجمالي للبطالة 1,5 مليون عام 1997؛ وزاد بنسبة 58% إلى 2,3 مليون عام 2006.

من المرجح أن تكون معدلات البطالة عام 2012 أعلى من إحصاءات الحكومة الرسمية، بمعدل 15-25%. ويُعتَقَد أن يكون معدّل البطالة بين خريجي الجامعات أعلى من ذلك: حوالي 40% للرجال و 50% للنساء.

كما شهد العقد الماضي تحولاً في العمالة من القطاع العام إلى القطاع الخاص، ولكن معظم وظائف القطاع الخاص غير ثابتة ودون ضمان اجتماعي.

التحضر

القاهرة
القاهرة / Photo Shutterstock

يُعتَبَر شمال البلاد (حيث معظم المدن الكبرى والنشاط الاقتصادي) أكثر ازدهاراً من الجنوب. مما يؤدي إلى هجرة كبيرة من أرياف الجنوب إلى المناطق الحضرية في الشمال، وخاصة القاهرة. يعيش 42,6٪ من السكان في المناطق الحضرية، وهي نفس النسبة قبل عشر سنوات. ومن مجموع السكان، يعيش 11% (7,8 مليون) في القاهرة، و 9% (6,3 مليون) في الجيزة، و 6% (4,1 مليون) في الإسكندرية.

في محاولة لتخفيف الضغط عن المناطق الحضرية، شجعت الحكومة الهجرة إلى الأراضي المستصلحة في الصحراء. ألا أنّ هذه الاستراتيجية لم تثبت نجاحاً كبيراً لأن الأراضي الزراعية المروية حديثاً بحاجة إلى قدر كبير من الاستثمارات المالية من المزارعين وغير جذابة بسبب بعد موقعها.

بشكل عام، لا يزال معظم الناس ينتقلون من الأرياف إلى المناطق الحضرية، وليس العكس. ورغم ارتفاع معدلات البطالة ونقص المساكن في المدن، لا يزال الشباب يعتقدون أنّ البيئة الحضرية توفر المزيد من فرص العمل. أحرزت الحكومات الأخيرة تقدماً من حيث تأمين المناطق الريفية بمزيد من الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والطرق. ولكن العقبة الرئيسية التي تواجه تنمية المناطق الريفية تبقى في انعدام فرص العمل، مما دفع بالكثيرين (الشباب بشكل رئيسي) من تلك المناطق للهجرة إلى المدن الأكبر.

هناك ظاهرة حديثة تتمثل بما يُسَمى بالمدن التابعة. ورغم تطوير العديد منها في عهد أنور السادات لإيجاد حلول للاكتظاظ في عاصمة البلاد، إلا أنها ازدادت على نحو غير اعتيادي خلال السنوات الأخيرة من نظام مبارك. كما تم بيع الأراضي الصحراوية غير المستخدمة لرجال الأعمال الأثرياء الذين طوّروا المدن التابعة الجديدة. وهذه تختلف كثيراً عن تلك التي بنيت في عهد السادات من حيث تطويرها خصيصاً لعائلات الطبقتين الوسطى والعليا الوسطى. تركت هذه العائلات المدينة تدريجياً سعياً وراء الهواء النقي والرفاهية في أجواء مراقبة ومسيجة توفر موارد أكثر مما يحتاجه السكان. ومع انتقال أكثر من مليون نسمة في السنة الأخيرة من حكم مبارك، أصبحت القاهرة مدينة الفقراء المهمشين أكثر فأكثر، مما زاد عدد الأحياء الفقيرة والجريمة. ويعتقد أن عزل الفقراء ساهم في تفشي الشعور بالسخط، مما أدى إلى ثورة 25 يناير. انتقلت الشركات والاستثمارات إلى خارج المدينة، مما خلق فراغاً في العاصمة. وعلاوة على ذلك، توفر هذه المستوطنات في أراضي صحراوية الكماليات، كالمتنزهات والحدائق وأحواض السباحة، مما يتسبب بنقص في المياه والكهرباء.

الفقر

وفق تقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2005، تُعتَبر مصر خارج خط الفقر؛ بل بالأحرى بلداً متوسط الدخل، مع أن الفقر مشكلة خطيرة وواسعة الانتشار. وفق البنك الدولي، نحو 40% من السكان هم من الفقراء. وهذا يمثّل 28 مليون نسمة، منهم 2,6 مليون (3,8% من السكان) في “فقر مدقع”، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

يتقاضى 34% من المصريين أقل من دولار في اليوم، ويعيش 42,8% بدولارين أو أقل في اليوم الواحد.

بدون الإعانات الغذائية المتوفرة، تزيد نسبة السكان الفقراء بمعدل 7%، من بينهم 4,3% في فقر مدقع. يعيش الغالبية العظمى من الفقراء في أسر يكون فيها أحد الأبوين أميّاً أو شبه أمي. وبشكل عام، تعاني الأسر الريفية الكبيرة التي لديها أطفال صغار (دون سن الخامسة) في مستويات تعليمية منخفضة، مما يعرضها لخطر الفقر بشكل أكبر.

يستخدم البنك الدولي فئة “الفقر المدقع” لغير القادرين على توفير المواد الغذائية الأساسية، و “الفقر المطلق” للذين ينفقون أقل من اللازم لتغطية الحد الأدنى من الغذاء والاحتياجات غير الغذائية، و “قريب من خط الفقر” للذين بالكاد ينفقون ما يكفيهم لتلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية وأكثر قليلاً من الاحتياجات غير الغذائية الأساسية. ويتم تعريف الفئات الثلاث مجتمعة بـ “الفقراء ككل”.

مؤشر الفقر الصري

التفاوت الإقليمي

لا تعتبر التحسينات في مؤشرات التنمية البشرية الوطنية، على النحو المحدد في تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعامي 2005 و 2008، نتيجة لأفضل المعايير التي تم تحقيقها إجمالاً، وإنما متابعة لأفراد المجتمع الذين كانوا أقل حظاً في السابق.

لا تزال المناطق الريفية أكثر تخلفاً بكثير من المناطق الحضرية. فأداء مصر العليا (الجنوب) ليس كمصر السفلى (الدلتا والمناطق الشمالية الأخرى). فعلى الرغم من أن الفروقات أصبحت أقل في العقد الماضي، لا تزال الفجوة كبيرة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والوصول إلى المرافق الصحية والبطالة والفقر، وغيرها. على سبيل المثال، نسبة الأشخاص الذين ينفقون أقل من دولارين في اليوم هي 50% في المناطق الريفية في مصر العليا، مقارنة بـ 5% في المدن.

الوضع مقلق في مصر العليا بشكل خاص، وذلك بسبب تزايد الفقر بين الأفراد الذين تلقوا التعليم الأساسي، مقارنة مع أولئك الذين تعلموا القراءة والكتابة فقط. يمكن تفسير ذلك بتسارع النمو السكاني وتباطؤ خلق فرص العمل في الجنوب.

زاد إجمالي عدد السكان في المناطق الحضرية بنسبة 40% في السنوات العشر التي سبقت عام 2006، عندما بلغ عدد السكان 31 مليون نسمة. ففي المناطق الريفية، ارتفع عدد السكان على نحو كبير، بنسبة 64% من 1996 إلى 2006، وهو اليوم 42 مليون.

وفق مؤشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية، تقع جميع المحافظات الخمس الأدنى مرتبة في مصر العليا، في حين تقع جميع المحافظات الخمس الأعلى مرتبة في مصر السفلى.

المرأة

تضيق الفجوة بين الجنسين ببطء في مصر. فقد طرأت تحسنات كبيرة على معدلات محو الأمية بين الإناث ومعدلات الالتحاق بالمدارس والمشاركة في القوى العاملة وفرص العمل.

قطعت المرأة أشواطاً كبيرة على صعيد التعليم بشكل خاص. فقط 22,7٪ من إجمالي عدد النساء اللواتي تجاوزن سن الخامسة عشر أنهين مرحلة التعليم الثانوي؛ لكن معدل اللواتي بلغن سن الالتحاق بالمدارس هو 70%. وأحياناً، يفوق عدد الإناث على عدد الذكور. ففي الوقت الذي كانت فيه النساء تشكل 31% فقط من خريجي الجامعات عام 1996، ارتفعت النسبة إلى 52% عام 2006. وأصبح حوالي نصف الطلاب الذين يتلقون التعليم الأساسي حتى الجامعي من الإناث.

على الرغم من هذه المكاسب، لا تزال مصر من بين أدنى المعدلات من حيث تمكين المرأة، وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. فأرقام المرأة المصرية صغيرة جداً من حيث المشاركة الاقتصادية والفرص الاقتصادية والتمكين السياسي والصحة والرفاهية. وطرأ تحسّن على أرقام معظم هذه المعايير على مر السنين، إلا أنها لا تزال متأخرة مقارنة بتلك التي للرجل. فعلى سبيل المثال، تمثّل النساء 22% فقط من إجمالي القوى العاملة، ومعدل البطالة بين النساء هو أربع مرات أعلى من معدلات البطالة بين الرجال (24% مقابل 6,8%).

في عهد مبارك، بُذِلَت الجهود لزيادة عدد النساء في المناصب الرفيعة. وقبل انتخابات مجلس الشعب في كانون الأول/ديسمبر 2010، عدلت الحكومة القانون ومنحت المرأة أعلى حصة من أي وقت مضى من المقاعد البرلمانية، إلا أن الـ 64 مقعداً المخصصة للمرأة كانت تشغلها مؤيدات الحزب الوطني الديمقراطي، الحاكم سابقاً والمنحل حالياً.

بعد سقوط مبارك تم إلغاء نظام حصص المرأة في قانون الانتخابات الجديد الذي أدخله المجلس العسكري. ويستند قانون الانتخابات الجديد إلى نظام القوائم الحزبية، والتي تلزم كل حزب بإدراج ما لا يقل عن امرأة واحدة من بين أعلى خمس أسماء في قائمة المرشحين. ونظراً لتنامي نفوذ الجماعات الإسلامية الأصولية، لا تفوز المرأة سوى بعدد قليل من المقاعد البرلمانية في الانتخابات. وبالتالي، قد يختار كل رئيس جديد نساء للمقاعد العشرة التي يجوز له تعيينها في البرلمان. تقليدياً، هذه المقاعد مخصصة للنساء والمسيحيين الأقباط. عام 2007، تم تعيين أول قاضية في المحكمة الدستورية العليا.

مصر خصوبة ولادة
معدلات الخصوبة و نسب استخدام موانع الحمل عند النساء في مصر
نسب عمليات الختان لدى النساء في بعض دول افريقيا
نسب عمليات الختان لدى النساء في بعض دول افريقيا

على صعيد حقوق الإنسان، تحتل مصر مرتبة متدنية فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، حيث تعطي منظمة “بيت الحرية” مصر 2,3 نقطة فقط من أصل 7 نقاط. وفق الفقه الإسلامي، يتمتع الرجال والنساء بحقوق مختلفة. فالمرأة ترث نصف ما يرثه الرجل، والطلاق أمر صعب في حال رفض الزوج. وكحل، اعتمدت مصر ما يسمى بـ “قانون الخلع” عام 2000، والذي يعطي المرأة حق الطلاق من زوجها رغم رفض زوجها. ومنذ تولي الإسلاميين للسلطة، تعرض هذا القانون للهجوم.

وفق مركز كارتر (Carter Center)، كان تمثيل المرأة ناقصاً في الانتخابات البرلمانية لعام 2011. ويعتبر عدد النساء المنتخبات في نهاية المطاف مصدر قلق خطير: فمن إجمالي 628 مقعد، لم تحظَ النساء سوى بـ 14. تسير حكومة الرئيس مرسي الجديدة على خطى مبارك في إشراك امرأتين فقط: وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية ووزيرة البحث العلمي. ومن بين مستشاري الرئيس الـ 17، هناك مستشارتين فقط.

ختان الإناث

العنف الأسري ضد المرأة منتشر على نطاق واسع؛ ونسبة الإناث اللواتي تم ختانهن عالية. ورغم حظر الحكومة لهذه الممارسة منذ عام 1996 (إلا لأسباب صحية)، تشير إحصاءات اليونيسيف إلى أن أكثر من 90% من النساء المصريات بين سن 15 إلى 45 قد تعرضن إلى ذلك؛ 24% من الأمهات عندها ابنة مختونة على الأقل.

ختان الإناث عادة قديمة من أصل أفريقي، وتُمارس من قبل المسلمين والمسيحيين على حد سواء، رغم الرفض الصريح لبابا الأقباط والأزهر (مع أنّ بعض العلماء ضد هذا الرأي).
تتكون حوالي نصف الأسر المصرية من خمسة أشخاص أو أكثر. بشكل عام، يعيش الأبناء والبنات مع والديهم حتى يتزوجون. وفي المناطق الريفية، تنضم العروس إلى أسرة زوجها.

كشفت دراسة للبنك الدولي عن وجود علاقة وثيقة بين حجم الأسرة والفقر. يميل الفقراء إلى إعالة عدد أكبر من الأفراد. ووجود عدد كبير من الأطفال غير القادرين على المساهمة مالياً في الأسرة له تأثير قوي على الفقر. ثلث جميع الأسر تقريباً، والتي تتكون من ستة أشخاص أو أكثر، تعاني من الفقر: 74% من جميع الفقراء في مصر.

بنية الأسرة

تتكون حوالي نصف الأسر المصرية من خمسة أشخاص أو أكثر. بشكل عام، يعيش الأبناء والبنات مع والديهم حتى يتزوجون. وفي المناطق الريفية، تنضم العروس إلى أسرة زوجها.

كشفت دراسة للبنك الدولي عن وجود علاقة وثيقة بين حجم الأسرة والفقر. يميل الفقراء إلى إعالة عدد أكبر من الأفراد. ووجود عدد كبير من الأطفال غير القادرين على المساهمة مالياً في الأسرة له تأثير قوي على الفقر. ثلث جميع الأسر تقريباً، والتي تتكون من ستة أشخاص أو أكثر، تعاني من الفقر: 74% من جميع الفقراء في مصر.

المجتمع المدني

رغم القيود الاستبدادية المثبِطَة التي أقرها النظام، هناك حوالي 21,000 منظمة للمجتمع المدني في مصر. من بينها، تم تسجيل 15,154 عام 2010 كمنظمات غير حكومية، بما في ذلك منظمات الخدمات والرعاية الاجتماعية والتنمية والدفاع عن الحقوق (حقوق الإنسان وحماية المستهلك وقضايا الجنسين وحماية البيئة). تحتاج المنظمات غير الحكومية إلى ترخيص من وزارة الشؤون الاجتماعية، ولكن في الواقع وزارة الداخلية هي التي تمنح التراخيص بحجة الحفاظ على الأمن الداخلي. وبالتالي يتم رفض طلبات العديد من المنظمات التي تركز على حقوق الإنسان. يُسمح للمنظمات غير الحكومية المعترف بها رسمياً بالتمويل الخارجي. وسُمح للعديد من المنظّمات غير الحكومية العمل في البلاد دون ترخيص حسب الأصول، مما أعطى المجلس الأعلى للقوات المسلحة فرصة التدخل بعد الثورة عام 2011. فبقيادة وزيرة التعاون الدولي فايزة ابو النجا، تمت مداهمة العديد من المنظمات غير الحكومية ومصادرة ملفاتها وأجهزة الكمبيوتر خاصتها واعتقال 43 موظفًا، من بينهم 19 مواطناً أمريكياً. وُجهت لهم تهمة القيام بعمليات غير مشروعة وتلقي تمويل أجنبي تم تصويره في وسائل الإعلام كوسيلة لممارسة النفوذ الأجنبي في الشؤون الوطنية المصرية.

يمنح الدستور حق إنشاء اتحادات العمال أو النقابات المهنية لمهن المحاماة والقضاة والأطباء والمدرسين والمهندسين والصحفيين. لكن في الواقع، حددت حكومة مبارك من استقلالية هذه النقابات، وخصوصاً عندما اتضح في التسعينات أن العديد من مجالس إداراتها كانت خاضعة لهيمنة الإسلاميين. تم حظر معظم الاتحادات والنقابات من إجراء انتخابات مجلس الإدارة. وأصبحت جميع النقابات تحت سلطة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، الذي تسيطر عليه الحكومة.

تحديداً، ركز تقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2008 على دور منظمات المجتمع المدني في مصر، وشدد على أهمية هذه المنظمات بوصفها “الركيزة الثالثة إلى جانب القطاعين الحكومي والخاص” لتحقيق التنمية المستدامة. وأشار إلى الموقف العدائي للدولة تجاه المجتمع المدني: “إن استمرار وجود قانون الطوارئ المصري وتطبيق قانون العقوبات لانتهاك قانون الجمعيات لهي عقبات تشريعية كبيرة في وجه أي نشاط مجتمع مدني فعال”.

خلال الإحتجاجات ضد مبارك، عقد اجتماع في 30 كانون الثاني/يناير 2011 في ميدان التحرير بين ممثلي النقابات العمالية المختلفة. وأسفر الاجتماع عن تشكيل أول نقابة عمال مستقلة “الاتحاد المصري للنقابات المستقلة”. ودعا الاتحاد إلى إضراب عام ونشر قائمة من المطالب لإصلاح الأجور ونظام الرعاية الاجتماعية وحقوق العمال والإفراج عن معتقلي المعارضة. وبعد الثورة مباشرة، تم تأسيس “نقابة عمال الضرائب العقارية” المستقلة. وتنشط حركة الاشتراكيين الثوريين في تطوير نقابات عمال مصر. ومنذ رفع قانون الطوارئ، بات التقدم في هذا المجال ممكناً.

الجريمة

في عهد مبارك، كانت مصر واحدة من البلدان التي سجلت أدنى معدلات للجريمة في العالم. حافظ الرئيس على أكبر قوى أمن داخلي على الإطلاق في المنطقة، حيث بلغ عددها حوالي مليون عنصر في أكثر من 12 جهاز أمن أو فرع أمني. حيث بلغ عدد شرطة مكافحة الشغب لوحدها، والمعروفة باسم قوات أمن الدولة (أعيدت تسميتها بـ “الأمن المركزي” بعد الثورة)، أكثر من 250,000 عنصر في جميع أنحاء مصر. وكان للانتشار الواضح لعناصر الأمن في جميع أنحاء البلاد تأثيراً مثبطاً للجرائم، فضلاً عن قمع المعارضة السياسية. كما اشتهرت الشرطة بممارسة التعذيب المنهجي وغير ذلك من الاعتداءات على المعتقلين والسجناء. ولهذا، أصبحت الشرطة والمؤسسات الأمنية الأخرى من بين أولى أهداف ملايين المصريين الذين ثاروا ضد مبارك. وبعد أقل من أربعة أيام من الاشتباكات الساخنة مع المحتجين، انهارت قوات الأمن وانسحبت.

سعى الحكام العسكريون الجدد إلى إعادة بناء وزارة الداخلية، ولكن انعدام الأمن لا يزال أكبر مشكلة منذ سقوط مبارك. يدين نشطاء في مجال حقوق الإنسان ضباط شرطة كانوا في إضراب غير معلن تعبيراً عن غضبهم بسبب تقديم حوالي 300 من زملائهم إلى المحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين خلال احتجاجات 2011. كما تذمروا من فقدان الشرطة لاحترام المصريين الذي كانوا يتمتعون به منذ عقود. واتُّهِم وزير الداخلية السابق، حبيب العادلي، ببناء تحالف غير معلن مع بلطجية مدفوعين من الحكومة، والذين كان يستخدمهم خلال الانتخابات البرلمانية لمهاجمة معارضي الحكومة كي لا تظهر الدولة على أنها تشارك مباشرة في العنف. والآن، يُتهم هؤلاء البلطجية، الذين هم أساساً من الشباب الفقراء والعاطلين عن العمل وصغار المجرمين، بتنفيذ معظم الجرائم التي ارتكبت في مصر، وذلك لغياب الأمن.

معظم الجريمة المنظمة وجرائم العنف والسرقة في مصر ترتبط بالمخدرات. والأكثر شهرة بين المخدرات: الحشيش والبانغو (الماريجوانا) والمنتجات الصيدلانية القانونية والأفيون والهيروين. كما تنشأ بعض حوادث العنف، الموجهة بشكل رئيسي ضد المرأة، من قانون ‘الشرف’ العائلية.

عُرفت مصر بأمنها بالنسبة للأجانب. فعمليات خطف الرعايا الأجانب لأغراض سياسية أو تجارية ليست شائعة، والتزمت الحكومة بحمايتها للزوار والممتلكات الأجنبية. وكان أكبر تهديد للسياح هو هجمات المتطرفين الذين استهدفوا القطاع السياحي عمداً لإلحاق الضرر بالاقتصاد وتقويض النظام، كما كان الحال في تفجير المنتجعات في شبه جزيرة سيناء بين عامي 2003 و 2005.

لكن معدل سياحة وزيارات الأجانب انخفض بشكل حاد منذ ثورة 25 يناير. وخلال المظاهرات، أصبح الأجانب – على وجه التحديد، الصحفيون والأجانب المشاركون في المظاهرات – هدفاً لقوات الأمن. كما تعرض بعض الأجانب للمضايقة والاعتقال والترحيل. وخلال السنة ما بعد سقوط مبارك، تعرض بعض الصحفيين والمصورين الأجانب للمضايقة من قبل قوات الأمن والجيش أثناء تغطية المظاهرات أو الاعتصامات أو مسيرات الاحتجاج. علاوة على ذلك، بذلت الشرطة وقوات الأمن والجيش جهوداً لتصوير الثورة على أنها تأثرت بالمصالح الأجنبية، مما خلق جواً من رهاب الأجانب. بلغت هذه الجهود ذروتها في إعلان تلفزيوني يصور أجنبياً يتحدث العربية بطلاقة ويعمل كجاسوس، وينصح المشاهدين بتوخي الحذر من “أجانب كهؤلاء”. تعرض الإعلان إلى انتقادات شديدة داخل وخارج مصر، وتم رفعه من التلفزيون بعد وقت قصير من بثه.

خلق انسحاب قوات الشرطة والأمن من الشوارع بعد تنحي مبارك عدم استقرار أمني في البلاد. وشكّل انعدام الرقابة، حتى على حركة المرور، والانتشار المفاجئ للأسلحة النارية تحديات كبيرة للجيش الذي اضطر لتولي مسؤولية فرض الأمن على أساس يومي. وبالتالي، أدّى ارتفاع معدلات الجريمة، بالإضافة إلى شعور الناس المتزايد بالإرهاق من الثورة ومصالحها، إلى تمكين الشرطة وقوات الأمن، بعد وقت قصير من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، من العودة إلى ممارسة الوحشية والقوة ذاتها، إن لم يكن أكثر.

أحدث المقالات

فيما يلي أحدث المقالات التي كتبها صحفيون وأكاديميون مرموقون بشأن موضوع “المجتمع” و “مصر”. تم نشر هذه المقالات في ملف البلد هذا أو في أي مكان آخر على موقعنا على الإنترنت:

Advertisement
Fanack Water Palestine