كان المصريون القدماء من أوائل شعوب العالم الذين عرفوا فكرة ومعنى “المتاحف” وأول من أنشأ المتاحف، حيث بدأ المصريون بوضع التماثيل والأعمال الفنية أمام معابدهم وقصورهم. كما اكتشف العديد من الأثريات التي وضحت أن المصريين القدماء قد عرفوا فن الترميم، وسجل ملك مصر رمسيس الثاني (1130 ق.م) أعماله في ترميم أثار أجداده وأعماله على قاعدة معبد الشمس. ومنذ تلك الأزمنة وحتى الآن اشتهرت مصر بثقافة المتاحف المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
ووفق تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء المصري، تحتوي مصر على 72 متحف موزعة بين 19 محافظة. ويُعتبر متحف الإسكندرية القومي هو أقدم تلك المتاحف، وقد أنشأه بطليموس الأول عام 280 قبل الميلاد، ويحمل تصميمه الطابع الإيطالي ويحتوي على 1800 قطعة فنية قديمة تعود إلى أربعة عصور هي: العصر اليوناني، والعصر الروماني، والعصر القبطي والعصر الإسلامي. وظل المتحف طوال قرون يتنقل من مالك إلى مالك ومن أسرة حكم إلى أخرى إلى أن استردته الدولة المصرية وقام بافتتاحه الرئيس السابق حسني مبارك عام 2003.
ويُعد من أشهر تحفه تمثال الإله سيرابيس والذي كان يُمثّل عند قُدماء المصريين إله الشّفاء، وجدارية السلطان قايتباي.
وفي العصر الحديث، كان أول مرسوم يهتم بالمتاحف ذلك الذي أصدره محمد علي باشا عام 1835، لحماية الآثار بعد شيوع تهريب الآثار إلى خارج مصر، وتلاه مرسوم من حفيده خديوي مصر محمد توفيق باشا عام 1881 بإنشاء وتشكيل لجنة حفظ الآثار وجردها وصيانتها. وبناءً على ذلك القرار تم إنشاء المتحف “اليوناني والروماني” بمدينة الإسكندرية 1895 على يد الخديوي عباس حلمي الثاني، وكان يضم 11 قاعة وقتها ثم تمت توسعته لتصل إلى 25 صالة عرض للتسع للآثار المكتشفة بعد ذلك. وأغلب محتوياته من آثار العصرين البطلمي والروماني وأشهر تلك الآثار تمثالي الاسكندر الأكبر ويوليوس قيصر.
هناك أيضاً 6 متاحف أخرى بمدينة الإسكندرية هي:
المتحف الغارق، وهو من أبرز معالم المدينة، وهو عبارة عن مدينة فرعونية إغريقية أغرقتها مياه البحر المتوسط حتى صارت في قاع الميناء الشرقي، ويتطلب لرؤية آثارها الغطس تحت الماء.
قصر المنتزه: وهو أحد القصور الملكية المصرية، والذي بناه الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1892 داخل حدائق المنتزه.
متحف الأحياء المائية: ويحتوي على أسماك وحيوانات من البحرين الأبيض والمتوسط وأخرى من نهر النيل، عبارة عن أسماك محنطة ومتعلقات بحرية، وقد أُنشأ عام 1930 في عهد الملك فؤاد الأول، كما أنه يضم معهد لأبحاث الأحياء المائية.
متحف المجوهرات الملكية، أو ما يُعرف بـ “قصر المجوهرات،” وهو عبارة عن قصر شُيد عام 1919 لإحدى أميرات الأسرة العلوية الحاكمة تُسمى الأميرة فاطمة الزهراء. تحول إلى متحف عام 1986، ويضم 11500 قطعة من المجوهرات والمشغولات الذهبية والألماس وغيرها، تعود إلى الأسرة العلوية الحاكمة منذ حكم محمد علي باشا عام 1805 وحتى عهد فاروق الأول الذي انتهى عام 1952.
مجمع متاحف محمود سعيد: وهي عبارة عن ثلاثة متاحف يضمها قصر محمود سعيد، أحد رواد الفن التشكيلي في العصر الحديث إذ يضم المتحف الأول مقتنياته وأعماله، ويضم المتحف الثاني أعمال الفنانين الأخوين أدهم وسيف وانلي، والمتحف الثالث متحف الفن المصري الحديث والذي يضم أعمال رواد الفن المعاصرين.
متحف مكتبة الإسكندرية: وهو جزء من مكتبة الإسكندرية تم إنشاءه عام 2001 وتخصيصه كمتحف لبعض الآثار والمخطوطات والكتب النادرة تصل إلى قرابة 50 ألف مخطوطة و50 ألف وثيقة، بجانب متحف للرئيس الراحل أنور السادات يضُم مقتنياته وبانوراما عن حياته.
المتحف المصري
يُعتبر المتحف المصري واحداً من أهم وأضخم المتاحف في العالم وأهم المتاحف المصرية سواء بقيمته هو ذاته أو بمقتنياته الكثيرة والكبيرة القيمة. قام بتصميمه المعماري الفرنسي مارسيل دورنون ووضع حجر أساسه في الأول من أبريل عام 1897 في حضور الخديوي عباس حلمي الثاني، بالمنطقة الشمالية لميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة.
يحتوي المتحف على أكثر من 180 ألف قطعة آثار جُمع أغلبها من المجموعات الأثرية التي وجدت داخل المقابر الملكية من أُسر ما قبل التاريخ وعصر التأسيس وعصور الدولة القديمة والوسطى والحديثة والعصور المتأخرة، وعلى رأسها مجموعات وتماثيل ومقتنيات الملوك والملكات والأُسر الملكية منهم توت عنخ أمون وحتشبسوت وتحتمس الثالث ورمسيس الثاني، بالإضافة إلى العجلات الحربية والبرديات والحلي ومجموعة أخناتون وتمثالي أمنحتب الثالث وزوجته تي ومجموعة التمائم وأدوات الكتابة والزراعة، ثم مجموعة المومياوات الملكية التي تعرض في قاعة خاصة بها.
وبجانب المتحف المصري تضُم محافظة القاهرة 34 متحفاً آخرين، أهمهم المتحف القومي للحضارة المصرية
المتحف المصري الكبير
نظراً لكثرة الاكتشافات الأثرية وامتلاء المتحف المصري حتى لم يكد هناك مكان لتمثال أو أثر جديد، قررت الحكومة المصرية إنشاء متحف جديد على مساحة 117 فدان (قرابة نص مليون متر مربع) بالقرب من أهرامات الجيزة لاستيعاب الاكتشافات الجديدة ونقل بعض الآثار من المتحف المصري إليه. تم وضع حجر أساس المتحف المصري الكبير عام 2002 ومن المتوقع أن ينتهي العمل عليه في منتصف عام 2020. سيعرض المتحف قرابة 150 ألف قطعة أثرية و17 معمل ترميم الآثار، وقد أُنشئ المتحف بتعاون مصري ياباني، حيث قدمت اليابان دعماً مالياً على هيئة قروض مُيسرة بلغت 800 مليون دولار، بالإضافة إلى التعاون الفني في أعمال حفظ وترميم وتغليف ونقل القطع الأثرية، وكذلك الخبرات اليابانية في إدارة وتشغيل المتحف والمعارض وعمليات التنقيب والترميم.
متاحف المشاهير
متحف أم كلثوم
نظراً للأهمية الفنية والتاريخية للمغنية المصرية الراحلة أم كلثوم والملقبة بـ”كوكب الشرق،” تم إنشاء متحف خاص بها، وفي منطقة الروضة المُطلة على نهر النيل وبأحد المباني المُلحقة بقصر المانسترلي التاريخي. تقرر إنشاء متحف خاص بسيدة الغناء العربي عام 1998 ليضُم مقتنياتها ويُبرز دورها التاريخي في إثراء الفن المصري والعربي.
وعلى أنغام أغانيها التي لا تنقطع داخل المكان، هناك خمس قاعات يمكن من خلالها التعرف على مسيرتها. فبجانب القاعة الرئيسية هناك قاعات السينما، والمكتبة السمعية البصرية، وقاعة البانوراما وقاعة الفيلم التسجيلي. وتضُم تلك القاعات أشهر فساتينها التي ارتدتها خلال أشهر حفلاتها.
كما يضُم المتحف عدد من المخطوطات النادرة لأهم القصائد التي غنتها بخط يد الشعراء أصحابها، بجانب الجرامافون أو جهاز الفون جراف الخاص بها ومصحفها المُغلف والمطعم بالصدف، وأول عقد لها مع الإذاعة المصرية عام 1934، وجواز سفرها الدبلوماسي، وعدد من المفكرات بخط يدها تعود لعام 1965، وخطابات الشكر الموجهة لها من الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، بسبب تبرعها للمجهود الحربي خلال عامي 1955 و1973.
بالإضافة إلى ذلك، يعرض المتحف الأوسمة والنياشين التي حصلت عليها مثل قلادة النيل من الرئيس جمال عبد الناصر، ووسام الأرز الوطني من لبنان، ووسام الاستحقاق السوري، ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب والامتياز الباكستاني وغيرها. كما تحتوي مكتبة المتحف على عشرات المجلدات من المجلات التي نشرت عنها من عام 1924 وحتى عام 2000، ورسائل الماجيستير والدكتوراه لدارسي الغناء حول العالم التي تحدثت عنها، بينما تعرض قاعة العرض فيلما تسجيلياً عنها يحتوي على مقتطفات من حياتها وأجزاء من أفلامها وحفلاتها مترجم باللغتين الإنجليزية والفرنسية.
في أرجاء مصر، هناك العشرات من المتاحف المنتشرة والتي تضم ملايين الآثار والمنحوتات التي تعود إلى العصور والحقب الزمنية التي مرت على مصر، بجانب متاحف أخرى متخصصة مثل المتحف الجيولوجي والمتحف الحربي ومتحف الشمع والمتحف الإسلامي والمتحف القبطي والمتحف الزراعي. فضلاً عن المتاحف الأخرى التي تخص شخصيات تاريخية مرت على مصر مثل الزعيم الراحل سعد زغلول ومصطفى كامل وجمال عبد الناصر والمطرب والممثل والملحن محمد عبد الوهاب، بجانب القصور الملكية والرئاسية التي تحولت إلى متاحف لاحقاً.