المقدمة
على نحو متزايد، انخرطت بريطانيا في شؤون مصر بعد تحويلها إلى مستعمرة اقتصادية تستورد جميع السلع الصناعية من بريطانيا ومجبَرة على زراعة القطن لأغراض التصدير. كان على المزارعين الحصول على قروض، مما كان يعرّضهم إلى الإفلاس كلما انخفضت أسعار القطن ويجبرهم على بيع أراضيهم للإقطاعيين الأثرياء. وتم استبدال المسؤولين المحليين بموظفين بريطانيين، مما أدّى إلى تفاقم الاستياء المحلي وانطلاق حركة وطنية.رغم الهيمنة البريطانية، كانت مصر لا تزال، رسمياً، مقاطعة تابعة للإمبراطورية العثمانية. وعندما تحالفت تركيا مع ألمانيا عام 1916 خلال الحرب العالمية الأولى، أعلنت بريطانيا مصر محمية.
نتيجة لذلك، تعاظمت الحركة القومية، وأجبرت أعمال الشغب في البلاد بريطانيا على إلغاء حمايتها عام 1919، عندما انتفض المصريون في احتجاجات واسعة النطاق ضد الاحتلال البريطاني. تم ترشيح زعيم الانتفاضة، سعد زغلول، محامٍ مصري (1859-1927)، ليترأس وفداً من المصريين للتفاوض مع البريطانيين حول شروط إنهاء الاحتلال. وتم تتويج السلطان (الملك لاحقاً) فؤاد الأول (1868-1936)، سليل محمد علي، ملكاً على مصر، ولكن بريطانيا اعترفت بمصر كدولة مستقلة على الورق فقط عام 1922. وبقي النظام القانوني والاتصالات والدفاع وقناة السويس تحت السيطرة البريطانية. وقّع الملك فاروق، الذي اعتلى العرش عام 1936، على المعاهدة المصرية البريطانية ومدتها 20 عاماً، والتي أنهت الاحتلال البريطاني ومنحت القوات البريطانية الإذن بالبقاء في منطقة قناة السويس.
الحرب العالمية الثانية
في الحرب العالمية الثانية، أصبحت مصر قاعدة بريطانية حيوية في الشرق الأوسط ضد الزحف الألماني. وأصبحت الصحراء الغربية المصرية ساحة معارك. ودخلت قوات فيلق أفريقيا بقيادة الجنرال الألماني إروين رومل (1891-1944) إلى مسافة 111 كم من الإسكندرية، ولكنها أوقِفَتْ وأُجْبَرت على العودة من قبل الفيلق الثامن بقيادة الجنرال برنارد مونتغمري (1887-1976) في معركة العلمين في تشرين الأول/أكتوبر 1942.
بعد الحرب، أدت أعمال الشغب المناهضة لبريطانيا والإضرابات إلى اشتباكات. ومع تنامي الأعمال العدائيّة، اضطرت القوات البريطانية إلى الجلاء من الإسكندرية ومنطقة القناة في يناير/كانون الثاني عام 1947. عام 1948، انضمت مصر إلى العراق وسوريا والأردن في حملة عسكرية ضد إسرائيل، التي أعلنت عن قيام دولتها في أيار/مايو من نفس العام. ولدهشة الجماهير، انهزمت القوات العربية وأثار عدم كفاءة الكثير من القادة اشمئزاز الضباط المصريين.