بدأ الشعب الاسرائيلي يفقد صبره من وزيرة الثقافة والرياضة المثيرة للمشاكل، ميري ريغيف، فلا يكاد يمر يوما دون تصدّر تصريحات ريغيف العناوين. وفي حين أنّ البعض معجبٌ بما يرونه حمية وطنية، يزدري البعض الآخر ما يعتبرونه “سلوكاً مبتذلاً وآراءً معادية للأجانب.” وفي كلا الحالتين، القليل فقط من الإسرائليين ينظرون إليها نظرةً حيادية.
نشأت ريغيف (1965)، التي ترعرعت في مستوطنة كريات جات التي أنشئت جنوباً، في أسرة متواضعة ولطالما ذكرّت، مراراً وتكراراً، ناخبيها بكيفية انسجامها مع هموم الطبقة العاملة. خدمت في الجيش لمدة 25 عاماً، إلى أن وصلت إلى رتبة عميد، وهو أمرٌ نادرٌ بالنسبة لإمرأة. وباعتبارها المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي خلال الحرب الثانية على لبنان عام 2006، كانت تقدم البيانات الموجزة التلفزيونية اليومية. سلط هذا المنصب الضوء عليها على نطاقٍ محلي، وجعلها، نوعاً ما، من المشاهير، على الرغم من افتقارها إلى الفصاحة اللازمة. فضلاً عن ذلك، فهي حاصلة على درجة البكالوريوس في التعليم غير الرسمي وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال، كما أنها متزوجة ولديها ثلاثة أطفال.
تمتعت ريغيف بنجاحٍ سياسي سريع، فقد تم انتخابها كعضو في الكنيست عام 2009 عن حزب الليكود وأصبحت وزيرة الثقافة والرياضة عام 2015. ومنذ البداية، أدت تصريحاتها المثيرة للجدل إلى انقسامٍ حاد في الرأي العام الاسرائيلي، فقد هددت بقطع التمويل الحكومي عن عددٍ من المؤسسات الثقافية التي “تنزع الشرعية” عن الدولة، مما أثار الشكوك حول قدرتها على التسامح مع حرية التعبير والآراء التي تناقض اتجاه حزبها. كما تشوه باستمرار سمعة يهود الاشكناز، النخبة التاريخية في البلاد (فهي من المزراحيم، أو اليهود الشرقيين، خلافاً للأشكناز من ذوي الأصول الأوروبية). وعلاوة على ذلك، تصوّر نفسها كشخصية روبن هود نصير المحرومين، وتصرّ بأن تصرفاتها نابعة من العدالة الاجتماعية.
“ينبغي تقسيم الكعكة بإنصاف أكبر،” هذا ما قالته في محاولتها نقل الأموال من المؤسسات الثقافية التقليدية التي يتزعمها الأشكناز في تل أبيب، إلى فنانين أقل شهرة في المحيط الاجتماعي والجغرافي. “لمَ لا نسمع المزيد من موسيقى المزراحيم على الإذاعة؟ يتكون هذا المجتمع من مهاجرين من الشرق والغرب- وقد حان الوقت الذي نعبر فيه عن ثقافتنا.” ومع ذلك، لا تعتبر ريغيف سكان إسرائيل من العرب “الخونة،” كما تصفهم، وبرامجهم الثقافية مؤهلين للحصول على هذه الأموال.
بل في الواقع، شجعت المشاعر المعادية للعرب وشنّت هجوماً كلامياً ضد نظرائها العرب في الكنيست. ويبدو أنها لا تأبه بالانتقادات الموجهة ضدها وتواصل ظهورها المكثف على وسائل التواصل. ومع ذلك، أثبت انفجارها الأخير تجاوزاً أكثر من اللازم، حتى بالنسبة لزملائها من أعضاء الحزب. وتتعلق الحادثة بهيئة الإذاعة والتلفزيون العامة، والتي سيتم إنشاؤها في المستقبل القريب بدلاً من صوت إسرائيل.
طالبت ريغيف أن تتم إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة من قِبل الحكومة، بما أن الحكومة تموّلها. “نحن بصدد إنشاء فرع آخر من النخبة اليسارية…” صرخت خلال نقاشٍ محتدم في اجتماعٍ لمجلس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر. وأضافت “إن لم نتمتع بأي سيطرة، لمَ نمنحها المال؟” كما ترغب في السيطرة على التعيينات في المؤسسة وعلى إدارتها.
كان رد فعل نظرائها سريعاً، فقد قالت وزيرة المساواة الاجتماعية وزميلتها العضو في حزب الليكود، جيلا جمليئيل، أن بعض تصريحاتها “تقترب من الفاشية.” وزعم نقاد آخرون أن ريغيف نسيت دور الديمقراطية، ألا وهو انتقاد الحكومة إذا ما لزم الأمر. كما حاول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو التدخل مرتين في النقاش، ذلك أن له أيضاً شأنأ في تقييد وسائل الإعلام في البيئة السياسية الحالية في إسرائيل. تدعي ريغيف أنها حامية العدالة الاجتماعية والمساواة الثقافية، ومع ذلك، بات من الواضح أكثر فأكثر أن أساليبها تؤدي إلى تآكل دعهما الشعبي.