وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

مصر تمهد الطريق لإعادة انتخاب الرئيس السيسي بسلاسة

بحلول يناير 2018، سيكون قد مضى على انتخاب الجنرال عبد الفتاح السيسي كرئيسٍ لجمهورية مصر أربع سنوات، بعد فوزه الساحق بنسبة 96% من الأصوات على منافسه الوحيد، حامدين صباحي.

ووفقاً للدستور، تمتد فترة الحكم الرئاسية لأربع سنوات، مما يعني أن ربيع العام الجاري الموعد المقرر لإجراء الإنتخابات الرئاسية. ويبدو أن السيسي، الذي يمتلك قضبةً حديديةً على البلاد، بما فيها على قوات الأمن ووسائل الإعلام، لا يخشى الكثير. ومع ذلك، يُثير المشهد الإنتخابي قلق النظام.

ففي أغسطس الماضي 2017، اقترح أحد أعضاء البرلمان مشروع قانونٍ لتعديل الدستور وتمديد فترة الرئاسة إلى ست سنوات، مما يؤجل الانتخابات، على نحوٍ فعال، لعامين آخرين. وقال محللٌ فضل عدم الكشف عن اسمه ل Fanack أن المقترح الذي واجه معارضةً واسعة النطاق حتى من أشد مؤيدي النظام، إن “قرار إجراء الإنتخابات قد تم اتخاذه.” وأضاف “إن الحجة الشرعية أمرٌ محوري للسيسي. وبغض النظر عن مدى كون الإنتخابات مصطنعة، إلا أن الاختيار غاية في الأهمية.”

بيد أن النظام يبدو حريصاً على منع سباقٍ إنتخابي عادل، إذ قال لنا المحلل “السيسي مذعورٌ من فقدان الدعم.” ويبدو أن شعبيته، التي وصلت أوجها عند انتخابه عام 2014، قد تضاءلت منذ ذلك الحين.

فقد سبق وقال الخبير العسكري صفوت الزيات لنا في Fanack  “كان هناك توقعات ووعود كبيرة بعد الاستيلاء العسكري في عام 2013 بأنه سيتم القضاء على الإرهاب في سيناء في غضون أسابيع. مضت أربع سنوات إلى الآن، ولا يزال الإرهاب قائماً بشكلٍ يومي تقريباً.”

كما فرضت الإصلاحات الاقتصادية الصعبة عبئاً ثقيلاً على المصريين، مما أدى إلى انخفاض الإقتدار والدخل إلى النصف بعد أن أدى تعويم الجنيه المصري إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي بما يزيد عن 30%.

وعليه، أعرب الأشخاص الذين شعروا بوطأة هذه الإصلاحات عن استيائهم من السيسي. وقال المحلل “من المستغرب أنه بالرغم من مدى تشديد النظام، إلا أن الناس لا يزالون يتحدثون بالسياسة في الأماكن العامة. يعزز هذا من ذعر السيسي.”

ويعتبر أحمد شفيق أهم المنافسيين على الكرسي الرئاسي حتى الآن، إذ يُعتقد أن رئيس الوزراء الأسبق يمتلك القدرة على حشد التأييد. ففي انتخابات عام 2012 الحرة وذات المصداقية، حصد 12,5 مليون صوت، أي في المرتبة الثانية فحسب خلف المرشح الإسلامي محمد مرسي. كما أنه عسكري سابق، والذي خلافاً للسيسي يمتلك خبرةً قتالية فعلية، وأحد رجالات حسني مبارك، كما يرتبط بعلاقاتٍ مع نخبة رجال الأعمال فضلاً عن قدرته على استقطاب الدعم من المجتمع القبطي في البلاد، “إنه رجلٌ متعدد المواهب،” كما يقول المحلل.

ومع ذلك، من دون تقربه من وسائل الإعلام وحصوله على الدعم من الأجهزة الأمنية، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسيسي، فمن غير المضمون حصول شفيق على فرصةٍ حقيقيةٍ بالفوز.

Egypt- Election in Egypt
Photo AFP

ومع ذلك، يبدو أن النظام يرى فيه تهديداً كبيراً ليتركه وشأنه. ففي أعقاب إعلان شفيق نيته الترشح للانتخابات الرئاسية من منزله في الإمارات العربية المتحدة، مُنع بدايةً من السفر ليرّحل بعدها إلى مصر. وبمجرد وصوله، اختفى عن الأنظار ليومٍ واحد، إذ صرحت ابنته لوسائل الإعلام عن تعذر الوصول إليه وخوفهم من اعتقاله. ومع ذلك، مساء اليوم ذاته، ظهر شفيق في برنامجٍ حواري، إذ قال أنه لم يتعرض للاختطاف وما زال ينظر في أمر ترشحه للانتخابات، في تراجعٍ واضح عن إعلانه السابق.

وهو يُقيم منذ ذلك الحين في فندق الماريوت في القاهرة، وهو فندقٌ له صلات وثيقة بالأجهزة الأمنية منذ ما عُرف بـ”خلية الماريوت،” ضد صحفيين، أجنبي ومصري، من قناة الجزيرة عام 2014. ويبدو أن شفيق يخضع للإقامة الجبرية بحكم الأمر الواقع في الفندق، وعندما حاول صحفيون من رويترز الاقتراب منه هناك في أوائل ديسمبر 2017 لإجراء مقابلةٍ معه، تم إيقافهم من قِبل ضباط شرطة بالزي المدني.

فقد صرح شفيق في العاشر من ديسمبر 2017 أنه سيعلن عن موقفه النهائي من الترشح للانتخابات في “غضون أيام.” وحتى وقت كتابة هذا المقال، لم يحدث ذلك بعد. وعلاوة على ذلك، فقد تم اعتقال العديد من أنصاره، الأمر الذي أدانه شفيق عبر تغريداتٍ على تويتر.

وقال المعلق السياسي مجدي عبد الهاني ل Fanack  “أعتقد أن النظام أصبح غير مطمئنٍ بشكلٍ لا يصدق، إذ بات لا يمكنه حتى التسامح مع مظاهر المعارضة لاستكمال “الديكور الديمقراطي.”

ومن بين المرشحين الواعدين للرئاسة، المحامي الحقوقي خالد علي، الذي ترشح في انتخابات عام 2012 وحصد المركز السابع، إلا أنه حصد مكانةً بارزة بين عامي 2016 و2017 بصفته المحامي الرئيسي للقضية التي رُفعت ضد القرار الذي حظي بمعارضةٍ واسعة النطاق بتسليم جزيرتي البحر الأحمر للسعودية. أعلن خالد علي ترشحه في نوفمبر الماضي 2017 ويجد له قاعدةً من المؤيدين بين جماعة المعارضة من اليساريين ومؤيدي ثورة 2011. وفي أعقاب إعلانه ترشحه، اقتحمت قوات الأمن أحد المطابع وصادرت المواد الدعائية لحملة علي.

وعلاوة على ذلك، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بتهمة “انتهاكه الآداب العامة،” وذلك بعد أن رفع إصبعه خارج المحكمة فيما اعتبر تصرفاً غير ملائم. أطلق سراحه بعدها بكفالة واستأنف الحكم. وفي حال إدانته في قضية الاستئناف، سيتم منعه من الترشح لمنصب الرئيس وفقاً لقانون الانتخابات المصري. وعليه، وصفت منظمة العفو الدولية الحكم بكونه “ذو دوافع سياسية.”

2017ويعتبر العقيد أحمد قنصوة الشخص الثالث الذي أعلن عزمه تحدي السيسي، حيث أعلن عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية عبر فيديو على الإنترنت في أواخر نوفمبر.

أعتقل قنصوة بعد ذلك بوقتٍ قصير وقدم للمحاكمة أمام محكمة عسكرية، إذ لا يُسمح للعسكريين بدخول المعترك السياسي علناً. يدعيّ قنصوة استقالته من الجيش، إلا أن حقيقة ارتدائه للزي العسكري أثناء إعلانه الترشح كانت نقطة قوية ضده. وفي منتصف ديسمبر 2017، حكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة انتهاك القواعد العسكرية.

كما أرجأ أنور السادات، المرشح المحتمل الرابع وأحد نواب البرلمان وابن شقيق الرئيس الراحل الذي يحمل نفس اسمه، إعلان ترشحه بعد رد الفعل العنيف الذي واجهه المرشحون الآخرون، وفقاً لما ذكره لإحدى وسائل الإعلام المحلية في 25  2017ديسمبر.

وفي حين لا يزال المنافسون المحتملون يواجهون تحدياتٍ مختلفة، لم يترشح السيسي بعد بشكلٍ رسمي، على الرغم من عدم وجود شكوكٍ حول ترشحه المحتمل. فقد أطلق مجموعة من السياسيين في سبتمبر الماضي 2017 حملةً لجمع التواقيع لدعم إعادة انتخابه. حظيت الحملة بدعمٍ علني من قِبل شريحة كبيرة من المشاهير، وبحلول 24 ديسمبر 2017، حملت العريضة 12 مليون توقيع.

ومنذ منتصف نوفمبر 2017، ظهرت لافتات ضخمة تحمل صورة السيسي في شوارع القاهرة، والتي رافقتها عبارة “كلنا معاك من أجل مصر.” وحتى قبل أن يصبح مرشحاً رسمياً، فإن حملة إعادة انتخاب السيسي جاريةٌ على قدمٍ وساق بالفعل.