على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية الكبرى، في أيار/مايو 2012 قرر حزب كاديما (إلى الأمام) المعارض، الذي يضع نفسه على أنه حزب الوسط الرئيسي في إسرائيل، الانضمام إلى ائتلاف “حزب الليكود” اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و “إسرائيل بيتنا” والعديد من أحزاب الحريديم المتشددة. نتيجة لذلك، قام نتنياهو بتأجيل الانتخابات العامة التي كان قد أعلن عنها قبل فترة وجيزة.
أعلن حزبا كاديما والليكود عن اتفاقهما بشأن المسألة الحساسة المتعلقة بالخدمة العسكرية للحريديم (والفلسطينيين الإسرائيليين) المستبعدين من الخدمة. يطالب العلمانيون الإسرائيليون منذ فترة طويلة بوضع حد لإعفاء الحريديم الذين لا يعملون (يدرسون فقط) ولا يدفعون الضرائب، إلا أنهم يحصلون على مساعدات حكومية. في الوقت ذاته، يعتمد ائتلاف نتنياهو على عدد من أحزاب الحريديم اليمينية التي كانت تعتمد على هذه المجموعة نفسها من ناخبي الحريديم دون أن يتركوا له سوى مجالاً صغيراً للتفاوض. بعد رفض نتنياهو قبول اقتراح يحد من عدد الطلبة الدينيين المعفيين من الخدمة العسكرية إلى 1500 طالب في السنة، ترك حزب كاديما الائتلاف.
تغيير المشهد
هيمن الاستياء حول الاقتصاد على النقاش العام. وتلاشى الصراع الدائر مع الفلسطينيين من النقاش السياسي إلى حد كبير. وأدلى قادة أحزاب المعارضة الرئيسية ببيانات بشأن هذه المسألة بأنهم في التحليل النهائي كانوا قريبين جداً من موقف نتنياهو. ومع الوقت، ازداد تحوّل حزب نتنياهو نفسه، الليكود، نحو اليمين السياسي (المتطرّف). كان للنواب الأصغر سناً والأكثر راديكالية تأثيراً على السياسة الداخلية من خلال إدخال عدد من القوانين المناهضة للديمقراطية – مثل قانون 45% من ضريبة دخل المنظمات التي تتلقى تبرعات من “جهات أجنبية”، والذي أصاب بشدة منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في إسرائيل؛ وقانون آخر يمكّن المستوطنين الذين يدّعون خسائر اقتصادية ناجمة عن مقاطعة منتجات المستوطنات بمقاضاة منظمي المقاطعة، فضلاً عن قانون معدل بتجريم أي طالب لحق اللجوء في إسرائيل، وذلك بوضعه رهن الاحتجاز لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، بما في ذلك الأطفال. وحقق مرشحو الليكود الذين دافعوا عن هذه القوانين نتائج جيدة للغاية في انتخابات الليكود الأولية عام 2012.
حدثت الخطوة الأخرى نحو اليمين المتطرف عندما أعلن نتنياهو ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان (اسرائيل بيتنا) عن القائمة المشتركة الليكود/بيتنا في تشرين الأول/أكتوبر قبل انتخابات عام 2013. دفعت المواجهة مع الكنيست حول تدابير التقشف وتخفيضات برامج الرعاية الاجتماعية في ميزانية 2013 بنتنياهو إلى أن يقرر تسبيق الانتخابات العامة، والتي كانت مقررة في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2013، إلى كانون الثاني/يناير 2013. بذلك أمل نتنياهو من الاستفادة من شعبيته من ناحية وضعف المعارضة من جهة أخرى. ويبدو أن هجوم الـ 8 أيام في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2012 على غزة قد خدم الغرض ذاته.
منذ وصولها إلى السلطة عام 2009، صعّدت حكومة نتنياهو سياسة توسيع المستوطنات اليهودية في فلسطين عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ومرتفعات الجولان. وتمكنت الحكومة من مقاومة الضغوط الخارجية لوقف أعمال البناء ونجحت في تجنب إزالة ما يسمى بالبؤر الاستيطانية اليهودية. كما حقق المرشحون الذين يؤيدون حملة الاستيطان نجاحاً جيداً في انتخابات الليكود الأولية لعام 2012.
رغم استمرار سياسة نتنياهو في خدمة مصالح المستوطنين والمتدينين، إلا أنه واجه منافسة متزايدة من الجماعات المتطرفة الذين ينادون بسياسات أصبحت ذات شعبية إلى حد كبير.
فشلت المعارضة من اليمين الوسط – كاديما وغيره – في انتزاع السخط الشعبي إزاء ارتفاع تكاليف المعيشة التي تحدت حكومة نتنياهو. وبدوره، لم يتمكن يسار الوسط العلماني من تقديم بديل اقتصادي قابل للتطبيق عن السياسة الاقتصادية الاجتماعية لحكومة نتنياهو، كونهم هم أنفسهم واقعين تحت تأثير شديد من المذهب الاقتصادي الليبرالي الجديد.
قبل انتخابات عام 2013، تأسس عدد من الأحزاب السياسية الجديدة، مثل “يش عتيد” (هناك مستقبل) بزعامة مقدم البرامج السابق يائير لابيد. يهدف الحزب إلى مكافحة الفساد وتحسين الوضع الاقتصادي للطبقة الوسطى وأن يؤدي جميع الإسرائيليين الخدمة العسكرية. أنشأ الزعيم السابق لحزب كاديما ووزير الخارجية السابق تسيبي ليفني حزب “هاتنوا” (الحركة) كبديل دبلوماسي لحزب الليكود بزعامة نتنياهو. نافس حزب “هابيت هايهودي” (البيت اليهودي) القومي المتطرف، بزعامة نفتالي بينيت، حزب الليكود. أسس بدر سرحان، النائب السابق في حزب الليكود، “الحزب القومي العربي الإسرائيلي”، والذي يهدف إلى تلبية احتياجات الفلسطينيين الإسرائيليين.
يزداد حزب “حداش” المختلط من اليهود والفلسطينيين (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة) وحزب “بلد” الفلسطيني (التجمع الوطني الديمقراطي) وتحالف “رعام” (القائمة العربية الموحدة) / “تعال” (الحركة العربية للتجديد) صخباً بالمطالبة بحقوق متساوية للفلسطينيين واليهود. واتهمهم اليهود الإسرائيليون بإعطاء الأولوية لحقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة على مصالح المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.
استبعدت لجنة الانتخابات المركزية الأحزاب العربية والأفراد من خوض الانتخابات الإسرائيلية في مناسبات متعددة. كان آخرها استبعاد حنين زعبي مرشحة “بلد” في البداية لدورها في أسطول عام 2010 الذي هدف إلى اختراق الحصار البحري الاسرائيلي على قطاع غزة. إلا أن المحكمة العليا الإسرائيلية ألغت هذا القرار. ومنذ إقامة دولة إسرائيل، تم استبعاد الأحزاب الفلسطينية من تشكيل حكومة ائتلافية.[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]
نتائج الانتخابات
أظهرت النتائج الرسمية للانتخابات أن قائمة “الليكود / يسرائيل بيتنا” اليميني فازت بمعظم مقاعد الكنيست الـ 120: فازت القائمة بـ 31 مقعداً، 20 منها لـ “حزب الليكود” (بخسارة 7 مقاعد مقارنة بانتخابات 2009)؛ وذهب الـ 11 مقعداً المتبقية لـ “إسرائيل بيتنا” (بخسارة 4 مقاعد). فاز “البيت اليهودي” المدعوم بشكل كبير من المستوطنين بـ 12 مقعداً (بزيادة 9 مقاعد). كما فاز حزب “يهودية التوراة” الاشكنازي المتشدد المؤيد للاستيطان بـ 7 بعد أن كان له 5 مقاعد. واحتفظ حزب “شاس” المتشدد الداعم للمستوطنين (اتحاد السفارديم حراس التوراة) بـ 11 مقعداً. وفاز حزب “هناك مستقبل” بـ 19 مقعداً، وكان الفائز الأكبر وحل مكان كاديما (فاز بمقعدين، وخسر ما لا يقل عن 26 مقعداً) كحزب الوسط الرئيسي. وانتقل ناخبو كاديما إلى حركة تسيبي ليفني التي تشكلت حديثاً، والتي فازت بـ 6 مقاعد. فاز “حزب العمل” الوسط بـ 15 مقعداً (بزيادة مقعدين)، وتضاعف عدد مقاعد حزب “ميريتس” (الطاقة) يسار الوسط من 3 إلى 6. احتفظ حزب “حداش” (جديد) بـ 4 مقاعد. وبقي عدد مقاعد الأحزاب الفلسطينية دون تغيير: القائمة العربية الموحدة / الحركة العربية للتجديد 4 مقاعد، “بلد” 3 مقاعد).
كان إقبال الناخبين 67,8% (64,7% عام 2009)، وبين الفلسطينيين الإسرائيليين: 56% (53,4% عام 2009)، وفق الجنة المركزية للانتخابات