قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأسوشيتد برس في 21 أبريل 2017، رداً على سؤالٍ حول تفاصيل ما يسمى بـ”خطة داعش”: “لدينا خطة قوية جداً، لكننا لا نستطيع الحديث عنها.” ومع القوات الأميركية التي لا تزال تكافح لطرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من مدينة الموصل العراقية، لا تزال سياسة ترامب بشأن “داعش” في سوريا غير واضحة.
ففي وقتٍ سابق من ذلك الشهر، قال وزير الخارجية ريكس تيلرسون أن “الأولوية الأولى هي هزيمة داعش،” وبعدها فحسب نفكر بنظام الرئيس بشار الأسد. وأضاف: “بالتغلب على داعش واستئصال الخلافة التي أعلنها، نكون قد قضينا الآن على الأقل أو قللنا تهديداً لا يستهدف الولايات المتحدة فحسب، بل استقرار المنطقة بأكملها. وبمجرد الحد من تهديد تنظيم داعش أو القضاء عليه، أظن أنه يمكننا وقتها تحويل اهتمامنا بشكلٍ مباشر نحو تحقيق الاستقرار في سوريا.”
فمن الواضح أن هزيمة داعش أولوية بالنسبة لترامب، تماماً كما كان الحال بالنسبة لسلفه باراك أوباما، إلا أن من غير الواضح تفاصيل أي خطة أو سياسة لتحقيق ذلك، كما أن ردود فعل ترامب في الشأن السوري لم تكن متوقعة، على أقل تقدير.
وبينما كان لا يزال ترامب يقود حملته الانتخابية، أعرب عن ازدراءه لفكرة تعزيز تغيير النظام وبناء دولة في الخارج، مما دفع المعلقين إلى التكهن بأنه لن يعمل سوى مع روسيا لهزيمة الجماعات الإرهابية، مثل داعش، إلا أنه لن يلاحق النظام السوري. وفي 25 يوليو 2016، صرّح “ألن يكون لطيفاً أن نضع يدنا بيد روسيا وندمر داعش؟” وقبل عامٍ من ذلك، قال: “ينبغي أن يكون لدينا جيش عظيم- جيش قوي، علينا رعاية جنودنا، أن يكون لدينا اتحاد ضخم- ولكن علينا التركيز على أنفسنا.”
وبمجرد توليه منصبه، بدى أن الرئيس يلتزم بكلماته. ففي 31 مارس، أشار السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، شون سبنسر، بشكلٍ غير مباشر، إلى أن الولايات المتحدة تحول تركيزها عن الأسد من أجل معالجة مشكلة داعش. “فيما يتعلق بالأسد، هناك واقع سياسي يجب أن نتقبله. للولايات المتحدة أولويات عميقة في سوريا والعراق، وقد أوضحنا أن مكافحة الإرهاب، سيما هزيمة داعش، هي في مقدمة تلك الأولويات.”
إلا الهجوم الكيماوي المشبوه في 4 أبريل 2017 على المدينة الشمالية السورية، خان شيخون، التي يُسيطر عليها المتمردون، أزعج ترامب إلى حد أنه أمر، بعد ثلاثة أيام، الجيش الأمريكي بإطلاق 59 صاروخاً من طراز توماهوك كروز على مطارٍ حكومي. كانت هذه هي المرة الأولى التي تنفذ فيها الإدارة الأمريكية عملاً عسكريا ضد النظام السوري، لكن ترامب قال في 11 أبريل 2017 “لن ندخل سوريا.”
وفيما يتعلق بداعش، فمن الواضح أن ترامب، في الوقت الراهن، لم ينحرف عن سياسة أوباما، أي التحالف الجوي الجاري وعملية غضب الفرات، التي يدعم فيها التحالف القوى الشريكة المحلية التي يقودها الأكراد والتي تعمل على محاصرة وعزل مدينة الرقة السورية، عاصمة داعش المُعلنة ذاتياً.
وقال سام هيلر، الكاتب غير المقيم في مؤسسة القرن، ومقرها واشنطن، لـFanack “إن سياسة إدارة ترامب حول تنظيم الدولة الإسلامية لا تختلف كثيراً عن سياسة أوباما. وتابع “باقي سوريا – كل شيء حول الدولة الإسلامية – ما يبدو أن ترامب قد يختلف فيه عن أوباما.”
وأضاف “لا تزال إدارة ترامب في خضم مراجعة لسياسة الولايات المتحدة في سوريا، ولا أعتقد أنه من غير المألوف أن تستمر فترة طويلة. ومن الواضح أن الحرب السورية هي مشكلة شائكة تواجه الولايات المتحدة، وليس من السهل مواءمة الوسائل الواقعية مع أهداف الولايات المتحدة. بصراحة، ليس هناك سوى القليل جداً من الوضوح في الوقت الحالي. ويبدو أن إدارة ترامب ملتزمة بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والعودة لإلتزام أميركا المعلن بتغيير النظام في سوريا، إلا أن الكثير من البقية لم يأخذ شكله بعد. فلا يمكن النظر إلى الدولة الإسلامية بمعزلٍ عن الديناميات المحلية الأخرى، أشياء مثل التظلم السياسي والاضطهاد التي لا يمكن قصفها أو قتلها.”
وقال فريدريك هوف، المستشار الأمريكي السابق لعملية الانتقال في سوريا، والذي يشغل اليوم منصب مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، في مقارنةٍ بين سياسات أوباما وترامب “يبدو أن الإدارة الجديدة لا تملك أوهاماً حول نظام الأسد وعلاقته بإيران وحزب الله الإرهابي بشكلٍ واضح. ومع ذلك، وفي الوقت الحاضر، “تتعلق جميع الأمور بداعش،” ومن المرجح أن تنتظر إجابات السياسة العامة حول أسئلة أوسع حول سوريا بداية عمليةٍ مشتركة ومترابطة بين الوكالات.”
وفي الوقت الراهن، لا شيء مؤكد، كما أوضح هيلر: “ما يأتي بعد ذلك غير واضح. تشكل الرقة تحدياً سياسياً وعسكرياً على حد سواء، كما أن معقل الدولة الإسلامية في دير الزور تقدم خيارات أقل.”
وإلى جانب ذلك، ظهرت قضية أخرى للولايات المتحدة في 25 أبريل 2017عندما شنت تركيا ضرباتٍ جوية على مواقع مشتبه بها للمتمردين الأكراد في سوريا والعراق. وقالت الميليشيات الكردية السورية، وحدات حماية الشعب، أن 20 من مقاتليها قتلوا وأصيب 18 آخرون بجروح في الغارات التي استهدفت جبل كاراشوك في محافظة الحسكة، شمال شرق سوريا. فقد تم تشكيل قوات سوريا الديمقراطية، التي أسستها وحدات حماية الشعب في أكتوبر 2015، بناءً على طلب أمريكي بعد مساعدة وحدات حماية الشعب على هزيمة داعش في كوباني، وهي منطقة كردية في شمال سوريا، في مارس 2015. وفي الوقت نفسه، تتحالف الولايات المتحدة الأمريكية مع تركيا من خلال حلف شمال الأطلسي؛ تحالفٌ خلق توتراتٍ مع الأكراد السوريين الذين استهدفتهم الغارات الجوية التركية منذ عام 2016.
ومرةً أخرى، جاء رد الفعل الأمريكي على هذه الهجمات سريعاً من خلال بيانٍ صادرٍ عن البنتاغون بعد الضربات التركية. وقال الرائد أدريان رانكين-غالواي “لم تتم الموافقة على هذه الغارات الجوية من قبل التحالف الدولي لمحاربة داعش، وأدت إلى خسارة مؤسفة لقواتنا الشريكة في معركتنا ضد داعش، بما في ذلك قوات البيشمركة الكردية.”
وأصرّ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على أن الدعم الأميركي لهذه الجماعات “يجب أن ينتهي،” وهدد بالمزيد من الإجراءات ضد الاكراد السوريين. ومع ذلك، ترى الولايات المتحدة في وحدات حماية الشعب الشريك الأكثر فعالية لمحاربة داعش في سوريا.
وقال رانكين-غالواي أيضاً “نظراً لكون ساحة المعركة في هذه المناطق معقدة بصورةٍ ملحوظة، فمن الضروري أن تقوم تركيا وجميع الشركاء في جهود محاربة داعش بتنسيق أعمالهم عن كثب بينما نعمل معاً للحفاظ على أقصى قدرٍ من الضغط على داعش وضمان سلامة جميع أفراد التحالف.”.