تأثير اللاجئين على دول المنطقة
الناتج المحلي الإجمالي للفرد هو أكثر المعايير المستخدمة لقياس ثروات البلاد. وفي هذا السياق، فإن مقارنة عدد اللاجئين بالناتج المحلي الإجمالي للفرد في الدولة المُضِيفة يؤدي إلى قياس العبء النسبي لتوفير الحماية لهم. وإذا ارتفع معدّل عدد اللاجئين مقابل دولار مخصص لكلّ فرد من الناتج المحلي الإجمالي، كما هو الوضع في لبنان التي يصل فيها المعدّل إلى 71، فإن العبء الاقتصادي والاجتماعي سيكون كبيراً. في المقابل، فإن العبء سيكون صغيراً إذا ما كان المعدّل السابق منخفضاً كما عليه الحال في قطر التي لا يزيد فيها المعدّل عن 1.

المقدمة

شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا موجات هجرة ضخمة عبر تاريخها بفعل الأزمات المتعددة التي مرّت بها، ابتداءً من النزاعات، ومروراً بحالات العنف، ووصولاً إلى الكوارث الطبيعية والتغيّر المناخي. هذه الأحداث أجبرت العديد من الناس على ترك منازلهم واجتياز الحدود الدولية كلاجئين. أما أولئك الذين عجزوا عن الهروب من بلادهم، فقد علقوا هناك وباتوا نازحين داخليين. وبسبب نزوح عدد كبير من الناس عبر الحدود، فقد كان لزاماً على الدول المجاورة التعامل مع أعداد اللاجئين الضخمة تلك. للمزيد من التفاصيل، يرجى الإطلاع على الخريطة أعلاه.

الفلسطينيون

يعد الفلسطينيون من أوائل مجموعات اللاجئين التي ظهرت في المنطقة، إذ بدأت عمليات نزوح هؤلاء من منازلهم في فلسطين في عام 1947 باتجاه الأردن، ولبنان، وسوريا، والعراق. كما نزحت أعداد أقل من الفلسطينيين إلى دول الخليج (وكانت ذروة حركة اللاجئين الفلسطينيين في فترة الحرب العربية-الإسرائيلية 1948-1949).
وانتهى المطاف بأغلب الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين التي أعدتها لهم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا). وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أن هؤلاء لا زالوا يعيشون هناك هم وأحفادهم. ويختلف وضع الفلسطينيين القانوني بحسب الدولة التي يقيمون فيها، إذ يتدرّج وضعهم بين الأجانب (كما هو الحال لبنان) والمواطنون (كما هو الحال مع جزء من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الأردن).
لمعرفة المزيد عن أسباب نزوح الفلسطينيين من منازلهم، يرجى الاطلاع على ملف موقع فنك عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

السوريون

جموعةٌ من الأطفال السوريين المهجرين وهم يقفون أمام جدار الحدود التركية
جموعةٌ من الأطفال السوريين المهجرين وهم يقفون يوم 21 فبراير 2020 أمام جدار الحدود التركية وذلك في مخيّم عشوائي بُني في قرية كفر لوسين شمال غرب محافظة إدلب. وكانت عائلة هؤلاء قد هربت من قتالٍ حامي الوطيس دار في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، حيث سعت العائلة للعثور على مأوىً لها بالقرب من قرية كفر لوسين في مخيم عشوائي مخصص للمهجرين تعيش فيه عشرات العائلات. المصدر: Aaref Watad / AFP.

واجه آلاف الفلسطينيين، الذين يعيشون في سوريا، نفس المصير عندما اندلع الصراع في سوريا. وأدّت الأزمة السورية إلى أكبر موجة هجرة في المنطقة وإلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. ومنذ مارس 2011، أُجبر نحو 13.5 مليون شخص (وهو حوالي نصف تعداد السكان في البلاد) على ترك منازلهم.
ونزح أكثر من 5.63 مليون سوري عبر الحدود إلى تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، ومصر حتى أغسطس 2021. وبلغ إجمالي عدد اللاجئين السوريين 6.7 مليون لاجئ بنهاية عام 2020، وفقاً للبيانات التي وفرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وفي بادئ الأمر، وجد غالبية السوريين مأوى لهم في مخيمات اللاجئين المزدحمة في الدول المجاورة (حوالي 48% من اللاجئين السوريين في يناير 2013). في المقابل، فضّل الجزء المتبقي من اللاجئين السوريين العيش في المناطق الريفية أو الحضرية. لكن هذه الصورة تغيّرت منذ عام 2013 فصاعداً. وبحلول أغسطس 2021، يعيش حوالي 95% من جميع اللاجئين المسجلين خارج المخيمات، فيما بقى 5% منهم فقط داخلها.
بيد أن هذه الإحصائية لا تعني تحوّل المخيمات إلى مناطق مهجورة، إذ تضاعف عدد الأشخاص الذين يعيشون هناك خلال السنوات الثماني الماضية من حوالي 150 ألف شخص في يناير 2013 إلى أكثر من 278 ألف شخص في يوليو 2021. وفي ذروة رحلة اللجوء هذه، وفّرت مخيمات اللاجئين المأوى لحوالي 495 ألف سوري في يوليو 2016.
لمعرفة المزيد عن ظروف حياة اللاجئين السوريين داخل المخيمات وخارجها، أنقر هنا.
أما الأشخاص الذين اضطروا للنزوح داخل سوريا، فقد كانوا ضحايا للعنف والحصار الذي فرضه النظام وقوات المعارضة على حد سواء، ما أعاق وصول المساعدات إليهم. لهذا السبب، وصفهم عديدون بأنهم من بين أكثر الأشخاص ضعفاً وعرضة للخطر. ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد ارتفع عدد النازحين داخلياً بأكثر من 10 أضعاف خلال تسع سنوات، بواقع 600 ألف في 2011 إلى ما يزيد عن 6.5 مليون شخص في 2020.

اليمنيون وغيرهم

 أطفالٌ يمنيون يحصلون على المساعدة الغذائية
أطفالٌ يمنيون تم تدمير المخيّم الذي يقيمون فيه قبل يومين يحصلون على المساعدة الغذائية يوم 19 يوليو 2021 في قرية الدريهمي المطلة على الحافة الجنوبية من مدينة الحديدة التي تطل على البحر الأحمر. المصدر: Khaled Ziad / AFP.

عدد النازحين داخلياً في اليمن من عام 2010 حتى 2020 (بالملايين)

المصدر: HDX

في الوقت الذي تحتضن فيه سوريا أكبر عدد من النازحين داخلياً على مستوى المنطقة، فإن عدد النازحين داخلياً في اليمن، الذي مزقته الحرب، زاد بحوالي عشرة أضعاف في أقل من 10 سنوات. وارتفع عدد هؤلاء من 464 ألفاً في 2011 (بعد اندلاع “الربيع العربي” هناك) إلى 3.65 مليون شخص في 2020. ورغم الانخفاض النسبي لعدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عند حوالي 33 ألف شخص في 2020، فإن مئات آلاف اليمنيين اضطروا للفرار من البلاد في بداية نشوب النزاع الحاصل بين التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات من جهة والمتمردين الحوثيين من جهةٍ أخرى. ونزح غالبية اليمنيين، الذين تمكنوا من الفرار، إلى القرن الأفريقي، واستقروا في الصومال، وجيبوتي، والسودان، والدول المحيطة.
وقبل نشوب الحرب، استضاف اليمن بالفعل مئات آلاف اللاجئين، من بينهم أكثر من 200 ألف صومالي. ورغم بؤس الوضع هناك، فإن هذا الأمر لم يمنع المزيد من اللاجئين من النزوح إلى اليمن. وكان من بين هؤلاء إريتريين، وأثيوبيين، وبأعداد أقل سودانيين.

ويعتبر اليمن الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي صادقت على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين عام 1951. لهذا السبب، يتم قبول اللاجئين في اليمن. في الوقت ذاته، وجد اليمنيون أنفسهم صعوبة أكبر في اللجوء إلى الدول المجاورة.
ويعد العراق وأفغانستان مصدرين هائلين للاجئين في المنطقة. وينطبق الأمر ذاته على دول جنوب الصحراء مثل جنوب السودان، وإريتريا.
وبحسب إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لعام 2020، فإن قائمة الدول الأخرى التي يتواجد فيها عددٌ مرتفع من النازحين داخلياً تتضمن كلّاً من السودان (2.6 مليون نازحاً)، والعراق (1.2 مليون نازحاً)، وليبيا (278 ألف و177 نازحاً).

الآثار الاقتصادية والاجتماعية للاجئين

عدد اللاجئين لكل ألف نسمة

لبنان 129اشخاص
الأردن 89اشخاص
تركيا 74اشخاص
إيران 11اشخاص
إسرائيل 6,2اشخاص
ليبيا 6,2اشخاص
اليمن 4,8اشخاص
مصر 2,6اشخاص
الكويت 2,5اشخاص
الجزائر 2,2اشخاص
الإمارات 0,8اشخاص
تونس 0,7اشخاص
المغرب 0,4اشخاص

المصدر: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لقراءة الرسم البياني بشكل صحيح، الرجاء الأخذ بعين الإعتبار أن الأرقام المدرجة لكل بلد تعكس أحدث البيانات المتوفرة. بيانات لبنان من عام 2015؛ الجزائر 2017 ؛ الأردن 2018؛ الكويت 2019؛ السودان وإيران وإسرائيل (2020)؛ ليبيا وتركيا ومصر وتونس والمغرب 2021.

يعكس تأثير موجات اللاجئين على الدول المُضِيفة عدم المساواة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فمن ناحية، توجّب على بعض أفقر الدول التعامل مع غالبية اللاجئين في المنطقة. ومن ناحية أخرى، تستضيف الدول الغنية أقل عدد من اللاجئين.
وتُظهر الخريطة أعلاه الأثر الاقتصادي والاجتماعي للاجئين على الدول المُضِيفة كما هو محدد بعدد اللاجئين لكل دولار واحد من الناتج المحلي الإجمالي للفرد.
وبحسب الخريطة أعلاه، فإن الدول التي تتحمل العبء الأكبر لاستضافة اللاجئين هي السودان، وتركيا، ولبنان، والأردن، وإيران، واليمن.
في المقابل، تستضيف الدول الغنية في المنطقة -دول الخليج مثل قطر، والسعودية، والكويت– أقل عدد من اللاجئين. ونظراً إلى بعد هذه الدول عن مناطق النزاعات، فإنها اعتادت على استقبال  أعداد أقل بكثير من اللاجئين من الدول الأخرى في المنطقة.
غير أن هذه الدول – ولا يزال هذا هو الوضع بالنسبة لأزمة اللاجئين السوريين – أقل استعداداً أيضاً لتوفير ملجأ لهؤلاء الذين فروا من الحرب أو القمع، وهو ما أثار انتقادات العديد من منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية.
ولم توقع أي من دول الخليج على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951، لذا فهي غير ملزمة على قبول تواجد اللاجئين على أراضيها. في المقابل، فإن هناك دول أخرى لم توقع على الاتفاقية – كالعراق، ولبنان، وسوريا، وليبيا – لكنها قبلت استضافة اللاجئين.
وتتضمن قائمة الأسباب التي قالتها هذه الدول لتبرير تحفظها كلاً من المخاوف بشأن (المزيد) من عدم التوازن الديموغرافي، والاضطراب الطائفي أو الإرهاب والمنافسة على الوظائف مع السكان.

ووفقاً لمسؤولين سعوديين، فإن المملكة قبلت وجود حوالي 2.5 مليون سوري على أراضيها منذ 2011. غير أن السعودية لم تتعامل مع هؤلاء السوريين بوصفهم لاجئين ولم تقبلهم تحت رعاية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وبدلاً من هذا، تعاملت معهم كـ”ضيوف”. ولا يستطيع السوريون دخول السعودية إلا عن طريقة دعوة مقدمة من أفراد عائلاتهم الذين يعيشون بالفعل في البلاد.
وقد توفر بعض المعايير الأخرى المستخدمة لقياس عبء اللاجئين على الدول المُضِيفة -مثل مقارنة عدد اللاجئين بإجمالي تعداد السكان أو مساحة البلد- صورة مغلوطة عن الواقع. ففي العديد من الدول المُضِيفة، يتركز اللاجئون في مخيمات أو مدن بدلاً من توزيعهم بنسب متساوية عبر أنحاء البلاد، كما عليه الحال في الأردن. ولا تأخذ مقارنة أعداد اللاجئين بالمساحة الكلية للبلاد في الاعتبار حقيقة أن مساحات كبيرة من الدول قد لا تكون غير متاحة للاستخدام المثمر مثل الصحراء في السعودية والسودان.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن وجود اللاجئين في الدول المُضِيفة لا ينحصر في كونه عبئاً على هذه الدول، سيّما وأن اللاجئين قادرون على المساهمة في الاقتصاد إذا سُمح لهم بالاندماج مع المجتمع. وعلى الرغم ممّا عانى منه الاقتصاد اللبناني بسبب تداعيات الحرب الأهلية في سوريا، فإن وجود اللاجئين السوريين عوّض بشكلٍ جزئي من الخسائر الاقتصادية بحسب لمعهد بروكينجز. وكان اللاجئون مصدراً هاماً للطلب على الخدمات المحلية، وهو ما أنعش قطاعات مثل التجارة، والعقارات، والسياحة، وهي قطاعاتٌ تأثرت سلباً في السابق جرّاء ما عاشته البلاد من حربٍ أهلية. بيد أن هذه الفوائد لا تضمن بالضرورة حصول اللاجئين على الترحيب. وفي هذا الإطار، شدّدت الحكومتان اللبنانية والأردنية على الأثر السلبي للاجئين السوريين على البلاد، وهو ما دفع هاتان الحكومتان لاتخاذ إجراءات تحول دون تدفّق اللاجئين إلى أراضي الدولتين.

عدد السكان اللاجئين حسب بلد المنشأ

لبنان (2015)

المصدر: UNHCR

تركيا (2021)

المصدر: UNHCR. يشكل اللاجئون الإيرانيون (980) والعراقيون (1000) أقلية من إجمالي عدد اللاجئين، ولذلك هذه الفئة لا تظهر في الرسم البياني الدائري.

السودان (2021)

المصدر: UNHCR

الأردن (2021)

المصدر: UNHCR

إيران (2020)

هذا البيان قائم على تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

اليمن (2020)

المصدر: UNHCR

اللاجئون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

اللاجئون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا