تم إطلاق حساب رسمي على تويتر للمملكة العربية السعودية باستخدام اسم VisitSaudiNow (زُر السعودية) في 27 سبتمبر 2019 لتشجيع السياح على أخذ المملكة العربية السعودية بعين الإعتبار لقضاء عطلتهم المقبلة. وجاء ذلك عقب الإعلان بأن المملكة ستبدأ في إصدار تأشيرة سياحية جديدة لـ49 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
كجزءٍ من هذا المخطط، يمكن للزّوار التقدم للحصول على تأشيرة دخول متعددة لمدة عام واحد، مما يسمح لهم بقضاء ما يصل إلى 90 يوماً في المملكة العربية السعودية، التي كانت في السابق لا تقدم سوى تأشيرات العمل والدعوة فقط. وعلى موقع Visit Saudi (زُر السعودية) الجديد على الإنترنت، المتاح باللغات الإنجليزية والعربية والصينية، يُروّج مقطع فيديو رائع للمعالم الطبيعية والثقافية في البلاد، ويظهر فيه أشخاصٌ بملامح أجنبية، بمن فيهم نساء لا يرتدين العباءة، وهو رداء يغطي الجسم كاملاً ترتديه النساء السعوديات.
يسمح الرابط للسائحين المحتملين بالتقدم مباشرةً للحصول على تأشيرة إلكترونية، والتي يعد الموقع باستخراجها في غضون دقائق. يوصف النظام الجديد بأنه “خطوة تاريخيةً في مجال السياحة في المملكة، ليٌشرع أبوابها للعالم لاستشكاف وتذوق جمال كرم الضيافة السعودية، وتراثها الغنّي، وثقافتها النابضة بالحياة، وجنانها الطبيعية الأخّاذة، من جبال أبها وشطآن البحر الأحمر مروراً بكثبان رمال الربع الخالي الذهبية.”
كما يوفر الموقع الإلكتروني أيضاً أفكاراً حول ما يجب فعله وتناوله والأماكن التي يتوجب زيارتها، بالإضافة إلى معلوماتٍ حول المهرجانات والفعاليات التي تتم على مدار العام والسلوك العام وآداب اللباس.
فالمملكة العربية السعودية المعروفة بالتزامها الديني وتقاليدها الاجتماعية الصارمة، ستعفي النساء الزائرات من ارتداء العباءة، رغم أنها ستلزمهن بتغطية أكتافهن وركبهن.
كما حددت 19 مخالفة ضد الحشمة ستعاقب عليها بغرامة تتراوح بين 13 و1600 دولار. ويشمل ذلك ارتداء اللباس غير اللائق والتصرفات الخادشة للحياء والتقاط صور للآخرين دون إذن منهم والبصق وإلقاء النفايات وتشغيل الموسيقى في أوقات الصلاة.
وبحسب بيانٍ لمركز التواصل الدولي، “تهدف اللوائح إلى التأكد من أن الزوار والسائحين في المملكة على دراية بالقانون المتعلق بالسلوك العام حتى يمتثلوا له.”
يعد الانفتاح على السياح جزءاً من دفعة قوية من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (المعروف أيضاً باسم مبس) لتنويع اقتصاد البلاد بعيداً عن النفط، كجزء من رؤية 2030، الذي تم الإعلان عنها في 25 أبريل 2016.
وقال أحمد الخطيب، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية، خلال ندوةٍ صحفية يوم 27 سبتمبر إن هناك حاجة إلى نحو 67 مليار دولار من الاستثمارات، بما في ذلك 500 ألف غرفة فندقية جديدة – توجد نصفها في المشروعات الضخمة المدعومة من الحكومة، بينما قام المستثمرون من القطاع الخاص ببناء النصف الثاني- للوصول إلى أهداف رؤية المملكة 2030.
وبحسب وكالة رويترز للأنباء، وقعت الحكومة مذكرات تفاهم يبلغ مجموعها حوالي 26,7 مليار دولار مع مستثمرين إقليميين ودوليين، بما في ذلك مجموعة تريبل فايف ومجموعة ماجد الفطيم للتطوير ومقرها الإمارات العربية المتحدة. كما ترغب الحكومة في جذب 100 مليون زيارة سنوية بحلول عام 2030، بزيادة من حوالي 40 مليون زيارة حالياً، وهي زيادة في مساهمة السياحة من 3% إلى 10% من إجمالي الناتج المحلي.
فقد سبق وقامت السعودية بمحاولاتٍ لإظهار استعدادها لتحديث وتطوير الاقتصاد المحلي وخلق المزيد من الفرص لشبابها ونساءها، دون إقناع باقي العالم بشكلٍ كامل. فعلى سبيل المثال، في حديث إلى فَنَك في يوليو 2018 حول نمو أعداد المهرجانات في المملكة، قالت لورا ألهو، كاتبة السفر الفنلندية والمؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تعيش في العاصمة الرياض، “إنها جزءٌ من رؤية المملكة 2030 وخطة ولي العهد الأمير محمد لتطوير السياحة السعودية. [تساعد المهرجانات في إبقاء] السياح السعوديين والمحليين في المملكة خلال العطلات من خلال توفير أنشطة ممتعة وبجودة عالية للقيام بها بالقرب من منازلهم. المهرجانات هي أيضاً طرق رائعة للترويج للثقافة السعودية والحفاظ على الحرف اليدوية ولتقدر الأجيال الشابة تراثها.”
تهدف رؤية 2030 إلى فصل البلاد عن اعتمادها شبه التام على مواردها النفطية من خلال بناء محفظة اقتصادية أكثر تنوعاً، حيث تم تحديد عام 2030 ليكون تأثير الموارد النفطية ضئيلاً في إجمالي الناتج المحلي. ففي عام 2017، أعلنت المملكة عن مشروع بمليارات الدولارات لتحويل 50 جزيرة وغيرها من المواقع غير المُفسدة على البحر الأحمر إلى منتجعاتٍ فاخرة.
ومع ذلك، تأثرت جهود التطوير الفخمة بأحداث مختلفة، وأهمها مقتل الصحفي والناقد جمال خاشقجي في عام 2018 داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، تركيا. وبعد فترةٍ وجيزة من اختفاء خاشقجي، أشارت الأدلة إلى أن محمد بن سلمان أمر باغتيال خاشقجي وتقطيع أوصال جثته.
نفى محمد بن سلمان هذه الاتهامات بشدة، مدعياً في البداية أن خاشقجي توفي بعد جدالٍ تطور إلى عراكٍ بالأيدي داخل القنصلية. وعليه، قد وجد تقرير محققة الأمم المتحدة منذ ذلك الحين أن هناك “أدلة موثوقة” على أن المسؤولين السعوديين رفيعي المستوى لربما يكونوا مسؤولين عن وفاته، وخلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه) وغيرها من وكالات الاستخبارات الأجنبية إلى أن محمد بن سلمان من أمر بقتله.
أثارت أنباء وفاة خاشقجي حفيظة الرؤساء التنفيذيين والمستثمرين، مما أدى إلى ردع الكثيرين عن متابعة مشاريعهم التجارية في المملكة، إذ كان الملياردير البريطاني ريتشارد برانسون أحد أوائل المديرين التنفيذيين الذين أوقفوا مشروعين سياحيين على البحر الأحمر بعد تقارير عن اختفاء خاشقجي. كما ألغى المحادثات مع المملكة حول استثمارٍ محتمل في مشاريع الفضاء، التي تجاوزت قيمتها مليار دولار.
وفي وقتٍ سابق من شهر سبتمبر 2019، تعرضت محطة تكرير النفط وأحد حقول النفط لهجومٍ بطائراتٍ مسيّرة، حيث أعلن متمردو الحوثي اليمنيون المدعومون من إيران، الخصم اللدود للمملكة العربية السعودية، مسؤوليتهم عن الهجوم، بيد أن إيران أنكرت تورطها بالهجمات.
كما أن للمملكة العربية السعودية سجلٌ بائس في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن سجن رجال الدين، والوزراء، والمثقفين والناشطين، بما في ذلك نشطاء حقوق المرأة، لمجرد دعوتهم إلى الإصلاح بسلام، إلى جانب التمييز المنهجي ضد المرأة، وفقاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش. يزيد هذا من أعداد الشباب السعودي الذين يبحثون عن ملاذٍ آمن في بلدان أخرى. لكن النساء ونشطاء حقوق الإنسان وأولئك الذين يبحثون عن حياة خالية من الاضطهاد السياسي والديني والأخلاقي، يغادرون البلاد بانتظام.
فقد ارتفع عدد طالبي اللجوء السعوديين ثلاثة أضعافٍ بين عامي 2012 و2017، وفقاً لدراسة أجرتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتشكل الفتيات ما نسبته 96% من الفارين من البلد. كما أظهرت الدراسة التي أجريت في منطقة مكة أن أسباب الهروب هي: إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ورفقاء السوء، والفهم الخاطىء للحرية، وتقليد الثقافات الأخرى، وضعف الوازع الديني، وانعدام الأمن العاطفي، والحاجة إلى المغامرة، والمعاملة السيئة من قبل الزوج، وعدم التواصل مع أفراد الأسرة، والاعتداء اللفظي، والفقر، والإفتقار إلى الرقابة من قبل الوالدين، والعنف من أحد الوالدين أو الأشقاء الذكور.
ومنذ مارس 2015، تقود المملكة العربية السعودية التحالف الدولي لمحاربة الحوثيين في اليمن. وكحال التحقيقات السابقة التي أجرتها مجموعات حقوق الإنسان والصحفيون، وثق تقريرٌ للأمم المتحدة في سبتمبر 2019 كيف قتل التحالف الآلاف من المدنيين في غاراتٍ جوية، وجوّع بشكلٍ متعمد اليمنيين كجزءٍ من تكتيكات الحرب، وفرض حصاراً بحرياً وجوياً على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، مما أدى إلى تقييد وصول المساعدات الإنسانية بشكلٍ كبير.
وفي ضوء هذه الأحداث، قد يفكر السياح مرتين قبل زيارة المملكة العربية السعودية، على الرغم من وجود سوق مناسب لأولئك الذين لا تتجاوز اهتماماتهم الأمور الثقافية.
وبحسب ما قالته هالة الدوسري، الناشطة السعودية والزميلة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للدراسات الدولية، لصحيفة نيويورك تايمز، “الفكرة هي أن السياح المهتمين بالمواقع التاريخية وزيارة المدن الرئيسية ومشاهدة العروض التي تنظمها السلطات مرحبٌ بهم، لكن أولئك المهتمون بتبادل المعرفة والتأثير والأفكار السياسية والتحليل غير مرحبٍ بهم.” وأضافت “لا يزال الغموض يكتنف كيف تخطط السعودية للتعامل مع الأشخاص الذين يخالفون القوانين. هل ستقوم بترحيلهم؟ أم احتجازهم والتحقيق معهم؟ أم تعذيبهم.”