تناول صباحي، أحد أبرز الشخصيات المعارضة في مصر، المشاكل الاقتصادية في البلاد، والعلاقات مع إسرائيل، وثورة 25 يناير 2011، مؤكداً على أن المصريين يستحقون بديلاً عن كلٍ من النظام الحالي في ظل حكم عبد الفتاح السيسي ونظام الإخوان المسلمين السابق.
وبالرغم من تغيّر الزمان، إلا أنّ هذه المواضيع تعكس، على نطاقٍ واسع، وجهات النظر التي حملها صباحي منذ بدايات مشواره السياسي في سبعينيات القرن الماضي كناشطٍ يساري في ظل رئاسة الرئيس المصري الراحل، أنور السادات.
ولد صباحي في منطقة دلتا النيل في عام 1954، وهو أصغر أشقائه الـ11. وبعد عمله كصيّاد في صباه، التحق بكلية الإعلام في جامعة القاهرة. عرفه الجمهور في عام 1977 لمناظراته الشهيرة مع السادات رداً على ما سُمي بانتفاضة الخبز التي أعقبت رفع الدعم الحكومي عن المواد الغذائية الأساسية. وباعتباره سياسي ناصري، انتقد صباحي سياسة التحرر الاقتصادي للسادات وفساد الحكومة.
اعتقل صباحي للمرة الأولى بسبب نشاطه السياسي في عام 1981، ليتم اعتقاله 16 مرة أخرى على مر السنين. وفي التسعينات، كان ناشطاً في الحزب العربي الديمقراطي الناصري، حيث ترشح للبرلمان دون أن يحالفه الحظ. وفي نهاية المطاف، أدت الإنقسامات في الحزب إلى تعليق عضويته، مما دفعه إلى تأسيس وقيادة حزب الكرامة. انتخب عضواً في البرلمان في عام 2000، بعد خوضه الانتخابات كمرشحٍ مستقل.
وطوال حياته السياسية، عبّر صراحةً عن آرائه بالقضايا الإقليمية، حيث أعرب عن تأييده للقضية الفلسطينية ورفض السلام مع إسرائيل، كما عارض الضربات الأمريكية ضد العراق عام 1991، ودعم لبنان خلال الحرب الاسرائيلية على حزب الله في عام 2006.
وفي عام 2004، شارك في تأسيس الحركة الشعبية كفاية، التي لعبت دوراً غاية في الأهمية في ثورة 25 يناير، التي أسفرت عن الإطاحة بحسني مبارك، رئيس مصر منذ فترةٍ طويلة. فقد دعم وشارك صباحي بالثورة منذ بداياتها.
وفي أول انتخاباتٍ رئاسية بعد الإطاحة بمبارك، ترشح صباحي حيث حمل برنامجه الانتخابي وعوداً بالديمقراطية، وسيادة القانون، والإصلاحات الاقتصادية ووضع حدٍ للفساد. حظيّ بدعم النشطاء العلمانيين وحصد المركز الثالث، حيث فاز بما نسبته 21% من الأصوات. كانت الشعبية التي حظي بها بمثابة المفاجأة ذلك أنه افتقر إلى التنظيم المناسب لحملته مقارنةً بالمرشحين الآخرين.
وقال محمد علي، وهو شابٌ في أوائل الثلاثينيات من عمره ويعمل في المجال الإعلامي وممن صوّت لصالح صباحي عام 2012، إنه بالنسبة له، مثّل صباحي قيم الثورة. وفي لقاءٍ لنا معه، قال “كان أقرب المرشحين لي كشخص، فقد أمضى ليالٍ في ميدان التحرير خلال الثورة.” وأضاف “كما كان أيضاً بعيداً عن النظام القديم والإسلاميين على حد سواء. عكست خطاباته النقاط الرئيسية التي جعلتنا نثور، مثل العدالة الإجتماعية، والحرية، ورعاية الفقراء.”
وبعد الإنتخابات، أسس صباحي التيار الشعبي المصري، وهو أول حركة احتجاجية تحولت فيما بعد إلى حزبٍ سياسي. كما أصبح عضواً مؤسساً في جبهة الإنقاذ الوطني، وهي تكتل سياسي قاد المعارضة ضد رئيس الإخوان المسلمين، محمد مرسي، الذي تولى الحكم في 30 يونيو 2012. وبعد عامٍ واحدٍ بالضبط، كان أحد القوى المحركة الرئيسية وراء الاحتجاجات التي انتهت بالإنقلاب العسكري.
وبعد الإطاحة بمحمد مرسي على يد الجنرال عبد الفتاح السيسي، عبّر صباحي عن دعمه للجيش. أما الجماعات اليسارية والثورية الأخرى فقد نأت بنفسها عن السيسي، الذي شنّ حملةً عنيفةً ضد أنصار الإخوان المسلمين بذريعة مكافحة الإرهاب. وأكد صباحي أن احتجاجات 30 يونيو والإطاحة بمرسي كانت بمثابةٍ “الثورة” ضد الإخوان، وليس انقلاباً عسكرياً كما وصفته جماعات المعارضة الأخرى.
وحتى بعد أن فضّت قوات الأمن بعنف مخيمين للموالين للإخوان في العاصمة القاهرة في أغسطس 2013، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 600 شخص، واصل صباحي دعمه للجيش. ومن جهةٍ أخرى، استقال محمد البرادعي، الذي كان أيضاً عضواً في جبهة الإنقاذ الوطني وشغل منصب نائب الرئيس بعد الإطاحة بمرسي، من الحكومة بعد فضّ المتظاهرين العنيف وغادر مصر ليعيش في منفى اختياري.
وفي عام 2014، ترشح صباحي لمنصب الرئيس مرةً أخرى، إلا إنه هذه المرة كان المرشح الوحيد ضد السيسي. خسر صباحي خسارةً مدوية، حيث حصل على أقل من 3% من الأصوات مقابل 96% للسيسي. وقد انتقد صباحي على نطاقٍ واسع ذلك أن ترشحه للمشاركه لم يؤدِ سوى إلى إضفاء الشرعية على انتخاب السيسي، الذي كان فوزه مؤكداً منذ البداية نظراً للمناخ غير الديمقراطي والدعم غير المشروط من وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية للجنرال السابق.
وفي مقابلةٍ له مع صحيفة الأهرام المصرية في عام 2014، اعترف صباحي أن ترشّح رجلٍ عسكري للإنتخابات الرئاسية “لم يكن مقبولاً” بعد احتجاجات 30 يونيو، إلا أنه دافع عن ترشح السيسي، إذ قال “سبب كونه خياراً الآن هو وجود الإرهاب، ويرى العديد من المعارضين أننا بحاجة إلى قبضةٍ من حديد،” كما أضاف أن الكتل الثورية كانت منقسمةً جداً، مما أجبر الجيش على التدخل.
وتحدث في المقابلة بإسهابٍ أيضاً عن “البيئة المستقطبة بقوة، التي يشوبها خطاب الكراهية والإقصاء،” وحذر من استخدام “شرعية مكافحة الإرهاب” في “انتهاك الحقوق والحريات بطريقة غير شرعية.” ومع ذلك، بدا آنذاك أن صباحي كان يأمل أنه لا زال بالإمكان تغيير المسار القمعي الذي شرعت الحكومة باتخاذه. “هناك دلائل على التحيز الانتخابي [لمؤسسات الدولة] التي قد تكون خطوةً نحو انتهاكاتٍ صارخة للحق في أي منافسةٍ ديمقراطية… ومع ذلك، لا تزال هناك احتمالية بألا تكون كذلك.”
ومع ذلك، لم يصوّت محمد علي، العامل في مجال الإعلام، لصباحي في انتخابات عام 2014. “شعرت بأنه مجرد تمثيل وبأننا لن نحقق أي شيء.” وفي أواخر 2015، قاطع التيار الشعبي الانتخابات البرلمانية، مستشهداً بأن العملية الإنتخابية غير عادلة.
وبعد سنواتٍ من الهدوء النسبي، عاد صباحي ليتصدر عناوين الأخبار في مايو 2016، عندما نظم اعتصاماً في مقر حزب الكرامة احتجاجاً على نقل ملكية الجزيرتين في البحر الأحمر للمملكة العربية السعودية. وفي مقابلةٍ له مع موقع المونيتور الإخباري، قال صباحي إن اعتقال عشرات الآخرين الذين احتجوا على صفقة نقل ملكية الجزيرتين عرّض الحق في التعبير السلمي للخطر. كما قال “بدلاً من اللجوء للحوار، استخدمت السلطات القوى الأمنية كوسيلة أساسية للتعامل مع أولئك الذي عبروا عن آراء مختلفة. الطغيان هو اسم هذه اللعبة،” مضيفاً أنه يجب إعادة النظر في قانون الاحتجاج الذي صدر في عام 2013 والذي تم بموجبه اعتقال المتظاهرين.
كما عبر صباحي مجدداً عن مخاوفه من توثيق العلاقات مع إسرائيل، بما يتماشى مع وجهات نظره التي عبر عنها طوال حياته السياسية. “السلطات الحالية… تعمل على نقل مصر من القيادة إلى التبعية.” وفي مقابلته مع المونيتور، بدت آراء صباحي تجاه نظام السيسي والتدخل العسكري في السياسة أقل إيجابية مقارنةً بعام 2014، إذ قال إن الثورة “سرقت مرتين،” في إشارةٍ إلى جماعة الإخوان المسلمين ونظام ما بعد 30 يونيو.
أما في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، فلا يبدو أن صباحي سيلعب أي دورٍ رئيسي. فالمرشح الأكثر قرباً لوجهات نظره السياسية هو خالد علي، الذي يعدّ أيضاً من رواد المعسكر اليساري وأحد الحاضرين أثناء خطاب صباحي في مؤتمر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في سبتمبر الماضي. ومن المحتمل أن تلتف الجبهة اليسارية واسعة النطاق التي تحدث عنها صباحي حول ترشيح علي. ومع ذلك، لن تكون هذه المرة الأولى التي تشتت فيها الانقسامات الداخلية المعارضة اليسارية.