وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تغييرٌ يطال الحرس: إيران تختار قائداً جديداً مثيراً للجدل للحرس الثوري الإيراني

Iran- Hossain salami
Photo: Radiofarda

في إعلانٍ مفاجىء في 22 أبريل 2019، قام المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، بتعيين اللواء حسين سلامي قائداً جديداً للحرس الثوري الإيراني.

جاء هذا التعيين بعد أسابيع من قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإدراج قوة النخبة كمنظمةٍ إرهابية أجنبية وقبل عامٍ من النهاية الرسمية لولاية سلفه محمد علي جعفري.

بالتأكيد أحداث ما حصل مترابطة، إذ أنه بالنظر إلى موقف سلامي الأكثر تشدداً وخطاباته الاستفزازية مقارنةً بالجعفري، يُنظر إلى تغيير القيادة على نطاقٍ واسع على أنه محاولة إيران الأخيرة لمواجهة نهج الولايات المتحدة الأمريكية بفرض “أقصى قدرٍ من الضغط،” فضلاً عن مواجهة التحديات الداخلية لاستقرار النظام الإسلامي.

علاوةً على ذلك، باعتباره عضواً مخضرماً في الحرس الثوري الإيراني إلى جانب خلفيته في إدارة الدفاع، يمكن القول إن سلامي أكثر ملاءمة للقيادة العسكرية ووضع الخطط الاستراتيجية. كما يُشير هذا إلى تحولٍ محتمل في تركيز الحرس الثوري الإيراني نحو الشؤون العسكرية والأمنية وبعيداً عن الاقتصاد، الذي انخرط فيه على نحوٍ كبير لفترةٍ من الزمن.

وعلى الرغم من قلة المعلومات المتوفرة عن حياة سلامي المبكرة والشخصية، فمن المعروف أنه ولد عام 1960 في أصفهان، وسط إيران. وفي عام 1979، في سن الـ18، تم قبوله لدراسة الهندسة الميكانيكية في جامعة إيران للعلوم والتكنولوجيا، حيث تزامن هذا مع إندلاع الثورة الإسلامية.

وبعد عامين من الثورة الإسلامية، بدأت القيادة الجديدة ما يسمى بالثورة الثقافية بهدف جعل مناهج التعليم العالي تتماشى مع القيم الإسلامية. وفي العام نفسه، انضم سلامي إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي تم تشكيله لحماية الثورة ولمحاربة الغزو العراقي، في وقتٍ لاحق.

كان الانضمام إلى الحرس الثوري الإيراني أكبر خيارٍ يتخذه سلامي في حياته. وكحال معظم زملائه، أمضى سنواته الأولى في ساحات القتال في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). ونظراً لأن القوة شبه العسكرية التي تم تشكيلها مؤخراً كانت مليئة بالشباب المتحمسين، ارتقى سلامي بسرعة في صفوف الحرس. تتضمن مناصبه الرئيسية خلال الحرب توليه منصب قائد فرقة كربلاء وقائد فرقة الإمام الحسين الرابعة عشرة وقائد مقر نوح للقوات البحرية. وعلاوةً على ذلك، يُعرف أن سلامي كان قد قاتل إلى جانب جنوده، إلى جانب أن شخصيته العاطفية والمتواضعة جعلت منه شخصاً محبوباً.

بعد الحرب، عاد سلامي إلى مقاعد الدراسة، إلا أنه التحق بكلية القيادة دافوس في طهران، وتخرج بدرجة الماجستير في إدارة الدفاع. حصل على وظيفة محاضر في جامعة الدفاع الوطني في طهران وأسس وأشرف على “دورة الحرب العليا” لمدة خمس سنوات (1992-1997). شغل بعد ذلك منصب نائب رئيس الأركان المشتركة في الحرس الثوري الإيراني لمدة ثماني سنوات (1997-2005) وقائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني لمدة أربع سنوات (2005-2009). وفي عام 2009، في سن الـ49، تم تعيينه نائباً لرئيس الحرس الثوري. والآن، بعد مرور عشر سنوات، بات يشغل أعلى منصب في الحرس.

يشتهر سلامي بتصريحاته المثيرة للجدل والتي غالباً ما تكون متشددة، خاصة ضد إسرائيل والولايات المتحدة، مما أكسبه مؤيدين ومنتقدين شرسين على حد سواء. فقد “رحب بالحرب مع الولايات المتحدة” في عدة مناسبات، بل إنه اقترح الأمر في الفترة التي سبقت الاتفاق النووي لعام 2015.

وفي الآونة الأخيرة، ورداً على التهديدات التي وجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال سلامي إنه بدلاً من التهديدات، ينبغي على نتنياهو التمرن على السباحة في البحر المتوسط – مما يشير إلى التداعيات المحتملة لهجومٍ إسرائيلي على إيران. وفي فبراير، حذر من أنه إذا ما تآمرت أوروبا لنزع سلاح إيران من الصواريخ، فستضطر طهران إلى زيادة مداها الصاروخي بما يتجاوز الحدود الحالية. وقال إن قدرة إيران الصاروخية “لا يمكن وقفها ولا يمكن احتواؤها.”

بيد أنه بالرغم من سجل سلامي الذي دام 40 عاماً تقريباً في الخدمة العسكرية ومهاراته الوظيفية – على الأقل في نظر قادة البلاد – إلا أنه يعدّ واحداً فحسب من الجنرالات الرئيسيين التسعة الذين كان يمكن تعيين أي منهم.

وبالتالي، قد يكون لاختيار سلامي جذورٌ سياسية، فعلى سبيل المثال، ادعت صحيفة جهان المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أن موقع سلامي الجديد يمثل حقبةً من “المواجهة الأكثر وضوحاً” مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

في الواقع طالما دافع عن تطوير قدرات الردع الإيرانية والوسائل الدفاعية. وكقائد، من المتوقع أن يضاعف من تطوير برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية بالإضافة إلى دعم الحلفاء والميليشيات الإقليمية.

كما سيشرف سلامي أيضاً على أنشطة فيلق القدس، وحدة الحرس الثوري الإيراني المسؤولة عن العمليات خارج الحدود الإقليمية، مما يمنحه القول الفصل في طريقة عمل شبكة التحالفات الإقليمية الإيرانية. ومع ذلك، بما أن المنظمات الخاضعة للإدارة الجديدة عادةً ما تستغرق وقتاً لتحقيق الاستقرار، فمن السابق لأوانه القول كيف سيؤثر التغيير في القمة، في نهاية المطاف، على إستراتيجية إيران، وخاصة تجاه أعدائها الأجانب.