كرّس رياض الترك حياته لمقاومة الحكومة السورية. وباعتباره زعيماً للمعارضة، تعرض للحبس عدة مرات قبل أن يهرب إلى فرنسا، حيث يعيش اليوم في المنفى.
ولد الترك المُلقب بـ”شيخ المعارضة السورية،” في حمص- سوريا في عام 1930، وهو ناشطٌ مخضرم وشخصية بارزة في حزب الشعب الديمقراطي السوري، وهو حزب معارضة اشتراكي أسسه في عام 1973. كان الحزب جزءاً من المجلس الوطني السوري، وهو منظمة مظلة تضم أغلب أطياف المعارضة التي أنشئت بعد سبعة أشهر من الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد في مارس 2011.
انخرط الترك في السياسة أثناء دراسته للقانون حيث انضم إلى الحزب الشيوعي السوري، الذي ظل قائماً إلى أن انقسم إلى جناحين مختلفين في عام 1986. تم القبض عليه أولاً بعد وقتٍ قصير من تخرجه من كلية الحقوق في عام 1952 لمعارضته الحكومة العسكرية التي استولت على السلطة في انقلاب مارس 1949. احتُجز لمدة خمسة أشهر وتعرض للتعذيب ولم تتم إدانته قط. اعتقل مرةً أخرى في عام 1958 لمدة 16 شهراً لمعارضته الوحدة (المؤقتة) بين سوريا ومصر.
لطالما كان الترك مفكراً مستقلاً، حيث قاد فصيلاً داخل الحزب يميل نحو القومية العربية ويعزز وحدة الشعب العربي. لم يحظى هذا الاتجاه بالقبول من قبل بقية الأعضاء، مثل خالد بكداش، الأمين العام آنذاك.
أدت التوترات في النهاية إلى قيام الترك بتأسيس الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي في عام 1973 لفصل مذهبه السياسي عن مذهب بكداش، الذي كان قد دمج آنذاك الحزب الشيوعي السوري مع تحالفٍ من المنظمات المتحالفة مع حزب البعث العربي الإشتراكي الحاكم، وأعاد تسميته إلى الجبهة الوطنية التقدمية.
قبلت الحكومة في البداية حزب الترك، إلا أن معارضته للتدخل السوري في الحرب الأهلية اللبنانية والضغط الذي تعرضت له الحكومة من قبل الإسلاميين والمعارضة العلمانية أدى إلى قمعه.
كانت عواقب ذلك على الترك جسيمة، فقد سُجن في الحبس الانفرادي من عام 1980 إلى عام 1998. وبحسب منظمة العفو الدولية، تعرض للتعذيب طوال فترة احتجازه، كما حُرم من العلاج الطبي لمرض السكري وعانى من الفشل الكلوي وغيره من الأمراض الخطيرة. ولم تتمكن أسرته من زيارته إلا ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة من عقوبته. كما ألقي القبض على زوجته أسماء الفيصل، وهي طبيبة من حمص، ولكن تم إطلاق سراحها بعد بضع سنوات.
فقد عرض حافظ الأسد، الرئيس آنذاك، مراراً وتكراراً إطلاق سراح الترك شريطة أن يدعم النظام علناً، إلا أن الأخير رفض. وفي النهاية وافق على الابتعاد عن السياسة مقابل إطلاق سراحه، إلا أن هذا لم يدم طويلاً.
في الواقع، بعد تولي بشار الأسد السلطة من والده، لعب الترك دوراً كبيراً في ما يسمى ربيع دمشق، وهي فترةٌ شهدت نقاشاتٍ سياسية ومطالب بالتغيير الديمقراطي في يونيو 2000. وفي أغسطس 2001، ظهر الترك على قناة الجزيرة، حيث طالب بوحدة جميع الفصائل السياسية، إذ قال “ما نحتاجه اليوم هو المصالحة، و[علينا] العمل من أجل مستقبلٍ جديد، ونسيان أخطاء الماضي. في الماضي، كان لدينا مشكلة مع الدكتاتور، والآن هذه المشكلة انتهت – مات الدكتاتور.”
تم القبض عليه بعد فترةٍ وجيزة أثناء سعيه للحصول على علاجٍ طبي. وجهت له تهم “تحدي الدولة ومحاولة تغيير الدستور بوسائل غير قانونية.” حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، وأفرج عنه بعد 15 شهراً. أسفر احتجازه عن احتجاج المجتمع الدولي، لا سيما في ضوء حالته الصحية المتدهورة.
فور إطلاق سراحه، استأنف الترك نشاطاته السياسية إلا أنه تنحى عن منصبه كأمين سر للحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي في عام 2005 بعد أن أعيدت تسميته إلى حزب الشعب الديمقراطي السوري. وفي العام نفسه، وقع على إعلان دمشق، وهو بيانٌ للوحدة من قبل شخصيات المعارضة السورية، التي انتقدت الحكومة لكونها “استبدادية وديكتاتورية ومنغلقة،” ودعت إلى الإصلاح الديمقراطي.
ومع اندلاع انتفاضة عام 2011، سرعان ما عاود الترك الانضمام إلى المجلس الوطني السوري. ومع ذلك، واصل تواريه عن الأنظار إلى أن تمكن أخيراً من الفرار في يونيو 2018 إلى فرنسا، حيث تعيش إحدى بناته.
واليوم بعمر الـ88، لا يزال مدافعاً شرساً عن الديمقراطية وعن بلده، التي لا تزال تعاني الأمرين في ظل الحرب.