ظهر مؤخّرًا ارتفاع شديد في العنف ضدّ الأطفال في المنطقة، بخاصّة في لبنان والعراق، حيث تفشل الأنظمة غير الملائمة في حماية الأطفال.
دانا حوراني
ظهر مؤخّرًا ارتفاع شديد في العنف ضدّ الأطفال في منطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا، بخاصّة في بلدان مثل لبنان والعراق، حيث تفشل الأنظمة غير الملائمة في حماية الأطفال من الأذى متآخية مع الأزمة الاقتصاديّة الّتي ترزح تحت ثقلها العائلات.
كشف بحث أجرته هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch في 19 بلدًا من منطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا، أنّ العقاب البدنيّ ظاهرة شائعة جدًّا. إذ تصل نسبة الأطفال الّذين يتلقّون العقاب البدنيّ مرّة في الشّهر على الأقلّ إلى 90 في المئة في بلدان مثل مصر، والمغرب، وتونس.
أمّا في قطر، فقد انخفضت هذه النّسبة إلى 50 في المئة، مع العلم بأنّ هيومن رايتس ووتش وجدت عددًا قليلًا جدًّا من القوانين الّتي تمنع أساليب العقاب العنيفة، وأنّ بعضها حتّى يسمح بوضوح بهذه الأساليب.
وبحسب هيومن رايتس ووتش، كشفت وفرة من الأبحاث نمطًا مقلقًا، وهو ارتباط العنف البدنيّ المستخدَم كعقاب بنسب أعلى من التّفكير في الانتحار، ومن اضطراب القلق المعمّم، والعنف المنزليّ، والجنوح، وترك المدرسة. يمكن لمثل هذا العنف الصّادر عن الأهل أو المدرّسين أن يخرج سريعًا عن السّيطرة ويؤدّي إلى وفاة الآلاف من الشّباب كلّ عام.
لقد شهدت هذه المنطقة موجة من العنف بمختلف أنواعه، من العنف الجسديّ، إلى النّفسيّ والكلاميّ والجنسيّ، وحتّى زواج القصّار وعمالة الأطفال النّاتجَين عن تداعيات جائحة كوفيد-19 الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
يرجّح الخبراء أنّ هذه الفورة ستزداد سوءًا، فقد أظهرت الأبحاث أنّ السّبب الأوّل لهذه الظّواهر هي المواقف التّقليديّة المترسّخة بعمق الّتي تحافظ على اللامساواة بين الجنسين، وعلى بنية سلطويّة غير متكافئة بين الرّجال والنّساء كما بين الأهل وأولادهم. وسيستمرّ هذا الوضع على حاله إلّا إذا اتُّخذت إجراءات بتغييرات قانونيّة واسعة النّطاق لإنشاء ضمانات قويّة وشبكات أمان للأطفال الضّعفاء.
أحداث الفترة الأخيرة
توفّيت لين طالب البالغة من العمر 6 سنوات بطريقة مأساويّة ومفاجئة في أوائل تمّوز في منزل جدّها في المنية، شمال لبنان، حيث ذهبت مع أمّها الأسبوع السّابق للحادثة للاحتفال بعيد الأضحى، كما زعموا. وبحسب التّقارير الإعلاميّة، وقعت الطّفلة ضحيّة اغتصاب مريع سبّب لها نزيفًا داخليًّا أدّى إلى موتها بعد ثمانية أيّام. سبّب رحيلها المفاجئ والمبكر صدمة وألمًا شديدًا للّبنانيّين الّذين تفاعلوا مع الخبر بغضب.
تدّعي أمّ الطّفلة بأنّ الطّبيب أعلمها فقط بارتفاع حرارة ابنتها، عندما قصدته، وبحاجتها إلى وصفة طبّيّة بالأدوية لخفضها. فقرّرت أن تأخذ ابنتها إلى المنزل بدلًا من إبقائها في المستشفى، وبالتّالي عجز الطّبيب عن إجراء فحص شامل لجسمها. توفّيت لين ليل الأوّل من تمّوز.
بعد التّوسّع في التّحقيق وتحليل الحمض النّوويّ، اتّضح أنّ مرتكبَي الاغتصاب المتكرّر المؤدّي إلى الموت هما خال الفتاة وجدّها.
وعلى الرّغم من عدم الوصول إلى نتيجة بعد، يبدو أنّ الأمّ والجدّة قد أخفتا معلومات ذات صلة لحماية المسؤولين عن الجريمة.
لين واحدة من الكثير من القضايا الأخرى.
فبضعة أيّام بعد ذلك، عُثر على رضيع متروك في قبضة كلب متشرّد في طرابلس، وفي غضون ساعات، عُثر على رضيعين حديثَي الولادة متروكَين في علبة كرتون تحت جسر نهر ابراهيم.
وفي الشّهر نفسه تردّد صدى سخط النّاس في كلّ أنحاء لبنان بعد أن نُشر مقطع فيديو لموظّفة في حضانة تعنّف الأطفال جسديًّا. حثّ ذلك القضاء اللّبنانيّ على الإعلان سريعًا عن إغلاق الحضانة، وأصدرت القاضي رانية يحفوفي مذكّرة توقيف بحقّ صاحب الحضانة وموظّفته. التّهم الموجّهة إلى الموظّفة هي محاولة القتل والأذى المتعمّد المشدّد، فيما اتّهم صاحب الحضانة بالتّواطؤ في الأذى المتعمّد.
في أواخر تمّوز، قدّم أحد الأهالي شكوى ضدّ (ر.ز.)، موظّف في دار الأيتام الدّرزيّة، مدّعيًا أنّ هذا الأخير يهدّد الأولاد هناك ويضايقهم. لكن بعد بضعة أسابيع، أُسقِطت التّهم. سُرِّبت عبر الإنترنت نسخ من التّحقيق تُظهر أنّ ر.ز. كان يطلب من الأولاد خدمات جنسيّة وعند رفضهم يهدّدهم ويبدأ بتصويرهم. يبدو أنّ إدارة دار الأيتام كانت على علم بما حدث.
تنتشر القضايا المأساويّة من بيروت إلى بغداد، فموت موسى ولاء في أواخر تمّوز أثار جدلًا كبيرًا. بحسب التّقارير، تعرّض الطّفل العراقيّ البالغ من العمر 7 سنوات للتّعذيب الوحشيّ على يد زوجة أبيه في منطقة الخطيب في مدينة الشّعلة، بغداد. إذ تعرّض لصعقات كهربائيّة، وطعنات سكّين، وخنق حتّى وفاته، ولقد ظهرت آثار التّعذيب بوضوح على صورة جثمانه الّتي انتشرت بسرعة عبر الإنترنت. حُكم على أبيه بالسّجن مدى الحياة وعلى زوجة أبيه بالإعدام.
وعلى الرّغم من أنّ حالات العنف ضدّ الأطفال المذكورة كانت من أكثر الحالات المتداولة هذا الصّيف، وأنّ البعض منها سبّب أقوى ردّات الفعل الغاضبة لدى جمهور منطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا، يبقى هناك العديد من الحالات غير المعلن عنها وغير الملحوظة في المنطقة.
ففي بداية هذا العام، في المغرب، أُدين رجلان لاغتصابهما فتاة تبلغ من العمر 11 عامًا. وكشفت أبحاث صادرة عن “إنقاذ الطفل” Save The Children أنّ النّساء اللّواتي يتركن أوطانهنّ في شمال إفريقيا يتعرّضن للعديد من أشكال العنف الجنسانيّ والجنسيّ الّتي تشمل الاعتداءات الجسديّة، والحرمان من الحرّيّة، والتّعقّب والاستغلال، والزّواج القهريّ، والخضوع للاعتداء الجنسيّ للحصول على الحاجات الأساسيّة مثل السّكن والمال. يعود ذلك بشكل أساسيّ، إلى عراقيل مختلفة، مثل الافتقار إلى الوثائق القانونيّة، تؤدّي بالكثير من الفتيات إلى زواج القاصرات.
بيانات مقلقة
على الرّغم من أنّ لبنان ليس البلد الوحيد الّذي يعاني من نسب عالية من حالات العنف ضدّ الأطفال، حظي بغالبيّة اهتمام وسائل الإعلام في الأشهر الأخيرة. من الأسباب الدّافعة إلى ظاهرة العنف المتفاقمة هي مجلس نوّاب منقسم مفكَّك، وفساد مستشري يصاحبه تدخّل ضئيل من الدّولة، واقتصاد متصدّع. ويبقى أمن النّساء والأطفال بعيدًا من أن يكون في قمّة الاهتمامات الوطنيّة.
في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، وثّقت “حماية” وهي منظّمة غير حكوميّة مكرّسة لحماية الأطفال، 1415 حالة من العنف ضدّ الأطفال. وسبّبت الضّائقة الاقتصاديّة الّتي يمرّ بها لبنان حاليًّا موجة من الأحداث المتعلّقة بالعنف الأُسريّ. إضافة إلى ذلك، ستبقى الظّواهر مثل عمالة الأطفال وزواج القصّار إلى تزايد، طالما يعيش أكثر من نصف الشّعب اللّبنانيّ وكلّ اللّاجئين تقريبًا دون خطّ الفقر.
وجدت اليونيسف في تقريرها للعام 2022، أنّ زواج القصّار شائع في بعض البلدان في المنطقة أكثر من غيرها. فمثلًا النّسبة في السّودان واليمن هي 1 من 3، أمّا في تونس فهي أدنى بكثير وتسجّل 1 من 50. غالبًا ما تُقسى الفتيات السّوريّات اللّاجئات في لبنان، وهنّ من الأكثر ضعفًا في البلد، عن حقّهنّ في التّعليم، ما يجعلهنّ عاجزات عن تأمين المعيشة لعائلاتهنّ في حال وفاة أزواجهنّ أو تركهنّ، وبالتّالي هنّ في حالة دائمة من الاعتماد المتبادل.
كما ظهر في تقرير صادر عن اليونيسف عام 2023 ارتفاعًا مقلقًا في عدد العائلات الّتي تلجأ إلى عمالة الأطفال كوسيلة للعيش في لبنان. وأشار التّقرير إلى الأثر الّذي يتركه ذلك في صحّة الأطفال النّفسيّة، مع إحصاءات تبيّن أنّ نصف أولياء الأمور تقريبًا يعترفون بأنّ أطفالهم يشعرون عادة “بالحزن الشّديد أو الاكتئاب”.
هذه ظاهرة واسعة الانتشار في الشّرق الأوسط، إذ يُقدَّر عدد الأطفال العاملين في شكل من أشكال الوظائف في المنطقة بـ13.4 مليون طفلًا، مشكّلين 15 في المئة من القصّار الّذين يعيشون فيها. وقد يكون هذا الرّقم أقلّ ممّا هو في الواقع نظرًا لتفشّي عمالة الأطفال في القطاع غير الرّسميّ الّذي يصعب قياسه بدقّة. أمّا المجالات الوظيفيّة المقلقة بشكل خاصّ فهي الوظائف في القطاع الحضريّ غير الرّسميّ، والأعمال الزّراعيّة الموسميّة، والعمل في الشّوارع، والعمالة المنزليّة.
دراسة الأسباب
بحسب فرح حمّود من مؤسّسة اليونيسف، للأزمة الاقتصاديّة المستمرّة المعيقة للبنان منذ 2019 أثرًا كبيرًا على صحّة شعبه النّفسيّة والجسديّة، لكنّ الأضعف هم الأطفال الّذين يتحمّلون وطأة الظّلم مثل المفاهيم التّقليديّة البالية الّتي تقبل العنف كوسيلة للعقاب.
وقالت حمّود لفناك: “ليس من الغريب أن تكون القيم القديمة والذّكوريّة مترسّخة في لبنان. فغالبًا ما يُنظر إلى الاعتداء على الأطفال واغتصاب القصّار كتصرّفات مقبولة.” ومن المهمّ الإشارة إلى أنّ هذه القيم متفشّية وثابتة في كلّ أنحاء المنطقة وليست محصورة ببلد واحد.
تشير حمّود إلى أنّ عدم تكافؤ السّلطة هو أصل العنف، فغالبًا ما يستغلّ الرّجل في العائلة مركزه ويعرض قوّته بوسائل مختلفة مثل الإساءة الكلاميّة، والجسديّة، والجنسيّة، والنّفسيّة.
وتكمل قائلة: “وصلت نسبة الاعتداءات في لبنان إلى حدّ مقلق، مع العلم بوجود حالات مُغفلة، بخاصّة العنف الّذي تتحمّله الشّابّات اللّواتي زُوِّجن وبالتّالي يخضعن للتّعنيف في منازلهنّ الجديدة.” كما أنّها تسلّط الضّوء على أنّ معظم الإساءات الّتي يعاني منها القصّار تحدث في الخفاء نتيجة شعورهم بالخزي والخوف الّذي يجعلهم يرفضون الحديث عن خبراتهم.
أمّا العوامل الّتي قد تمنع الطّفل من طلب المساعدة عند الحاجة فتتضمّن تطبيع العنف في مجتمع يشعر الطّفل فيه أنّ لأهله “الحقّ في معاقبته”، أو أنّهما يملكان جسده. لكنّ اليونيسف وشركائها مثل المنظّمة غير الحكوميّة “حماية”، تشجّع الأطفال على استشارة شخص راشد يثقون به ويمكنه دعمهم في طلب المساعدة.
صرّحت زينة علّوش، الخبيرة الدّوليّة في مجال حماية الأطفال، لفناك بأنّه غالبًا ما يمكن للفقر والعنف أن يرتبطا، لافتة النّظر إلى أنّه غالبًا ما يكون الأشخاص الّذين يملكون موارد شحيحة للعيش أكثر ميلًا إلى التّصرّفات العدائيّة، لكن من جهة أخرى، يستطيع الأشخاص الّذين يملكون المال إخفاء جرائمهم بفعّاليّة أكثر.
تلفت علّوش النّظر أيضًا إلى أنّ: “العنف ضدّ الأطفال مرتبط أيضًا بغياب الأمان للنّساء، وغياب الاستجابة الملائمة للنّظام القضائيّ الّذي عليه تأمين وصولهنّ السّهل إلى الآليّات الآمنة من دون تعريضهنّ للتّهديد من قِبل المجتمع أو العائلة.”
وأضافت أنّ المحرّمات والمعتقدات القديمة عصفت بمهارة في قضيّة لين طالب، حين تعاونت العائلة لحماية سمعتها نتيجة المحرّمات المستمرّة ضدّ العنف الجنسيّ.
وختمت بالقول: “يمكننا ملاحظة ارتفاع نسبة الجرائم في لبنان لأنّ الدّولة نفسها تسيء معاملة المواطنين وتعتدي عليهم بشكل متكرّر.”
مستقبل قاتم
توفّي في 2020، 23 طفلًا بطريقة مأساويّة في العراق نتيجة التّعنيف على أيدي أهاليهم، وكشف مسؤولان مجهولان يعملان في وزارة الصّحّة العراقيّة البيانات للعربيّ الجديد. كما أظهرت إحصاءات من عام 2019 أنّ ما يقارب 50 طفلًا تعرّضوا إلى ضرب مبرح دخلوا جرّاءه إلى المستشفى ذاك العام.
وتقدّر منظّمة الصّحّة للبلدان الأميركيّة أنّ 4 من 5 أطفال عراقيّين يتعرّضون إلى شكل من أشكال العنف الجسديّ أو النّفسيّ كلّ عام، مع العلم بصعوبة معرفة هذه المعلومات بدقّة، بسبب قلّة الدّراسات الموثوقة، وعدم الإبلاغ عن العديد من الحالات.
على الرّغم من أنّ العقوبات البدنيّة ضدّ القانون، يسمح قانون العقوبات العراقيّ للآباء باستخدام وسائل جسديّة لمعاقبة أولادهم.
قال نوجس سعد لفناك، وهو نائب رئيس الشّراكة لصحّة الأمّ، والمولود الجديد، والطّفل، والمراهق وفئة الشّباب، ورئيس مؤسّسة الشّباب من أجل المرأة، أنّ مفهوم شرف العائلة والمعايير الثّقافيّة تساهم في تعزيز أشكال متنوّعة من العنف في العائلات العراقيّة، بخاصّة ضدّ الفتيات اللّواتي يحملن شرف العائلة طيلة حياتهنّ.
وأكمل قائلًا: “من النّادر جدًّا الإبلاغ عن تعنيف الأطفال بسبب وصمة العار المترسّخة المحيطة بالموضوع، فذلك يمنع النّاس من التّعبير. كما يلعب الوضع الاقتصاديّ والسّياسيّ دورًا أساسيًّا في ذلك.” وأضاف أنّ النّواحي السّياسيّة والدّينيّة تساهم أيضًا في هذه المشكلة، بتبرير التّصرّفات المسيئة استنادًا إلى معتقدات دينيّة.
إضافة إلى ذلك، غالبًا ما تتحجّج الحكومة العراقيّة، المتأثّرة بشدّة بالدّين الإسلاميّ، بأنّ تطبيق قوانين ضدّ العنف قد يزعزع العائلات، ويرفع نسب الطّلاق، ويضعف السّيطرة على النّساء والأطفال، بحسب قول سعد.
من جهة، كان قد دعا باسم عبدالزمان، وزير العمل والشّؤون الاجتماعيّة، في أوائل عام 2022، إلى إكمال مشروع قانون حماية الطّفل، لكن من دون جدوى.
من جهة أخرى، أصدرت حكومة إقليم كوردستان (KRG) في عام 2009 قانونًا يحظر تعنيف الطّلّاب الجسديّ والنّفسيّ. وقبل ذلك بسنتين عام 2007، نشرت وزارة التّربية لإقليم كوردستان توجيهات تجعل من تطبيق العقاب البدنيّ على الأطفال أمرًا غير قانونيّ. وللحرص على تطبيق هذه التّوجيهات وُضِعت خطّة معلوماتيّة للأهالي والمعلّمين، كما أنظمة مراقبة وفُرِضت غرامات.
يشرح سعد أنّ التّقاليد القبليّة ما زالت تمنع الفتيات والأطفال من الإبلاغ عن العنف خوفًا من العقاب، مضيفًا أنّ ذلك ينطبق بخاصّة على الفتيان فهم يُدرَّبون على تولّي قيادة العائلة منذ الصّغر. تنطوي هذه المهمّة على حماية أمّهاتم وإخوانهم وبخاصّة أخواتهم، ومراقبة تحرّكاتهم اليوميّة، مثل استخدامهم وسائل التّواصل الاجتماعيّ أو تجوّلاتهم. يتولّى هؤلاء الفتيان السّلطة عند غياب الذّكور الآخرين عن العائلة، فيحرصون على أنّ النّساء تحت السّيطرة وأنّهنّ لا يتخطّون الحدود المرسومة من قِبل الذّكور الرّاشدين.
أخيرًا، يعترف سعد بأنّه شهد على جهود لكسر دوّامة العنف ضدّ الأطفال وتعزيز الوعي ضدّ هذه الظّاهرة، لكنّه يصرّ على وجوب تنفيذ الكثير من الإجراءات بعد. أمّا فرح فتسلّم جدلًا بأهمّيّة الدّور الّذي يلعبه الإعلام اللّبنانيّ في تعزيز الوعي حول هذه المشكلة، بخاصّة العنف الجنسيّ الّذي يشكّل أحد أكبر المحرّمات الاجتماعيّة.
لكن من جهة أخرى يمكن لأثره أن يكون هدّامًا بنشر تفاصيل الضّحايا وتعريضهم للتنمّر والإذلال مدى الحياة. وبذلك، تبقى التّطلّعات المستقبليّة غير واضحة، مع بعض المؤشّرات إلى مستقبل أكثر مأساويّة للمتأثّرين بمثل هذه الجرائم في كلّ أنحاء منطقة الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا.