فلورينس ماسينا
تعتبر العلاقات المثلية، بموجب الشريعة الإسلامية في إيران، غير قانونية وتصل عقوبتها من السجن وحتى الإعدام، في حين تم تشريع تغيير الجنس عام 1987 كوسيلةٍ لـ”علاج” المثلية الجنسية. واليوم، يعيش أفراد مجتمع الميم في إيران بعيداً عن أعين المجتمع الأكبر خوفاً من تبعات ما قد يحصل لهم.
ووفقاً للتقرير الذي نُشر في أعقاب الدورة السادسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يناير 2021، أعرب المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية جاويد رحمان عن قلقه بشأن كيفية معاملة أفراد مجتمع الميم ولا سيما الأطفال.
وأفاد التقرير أن”المُقرّر الخاص للأمم المتحدة أعرب عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بأن الأطفال المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية، قد تعرضوا للصعق بالصدمات الكهربائية واستخدام الهرمونات والأدوية ذات التأثير النفساني القوي […] إن تلك الممارسات التي تصل إلى حد التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، تنتهك التزامات الدولة الإيرانية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية حقوق الطفل.”
وتحدث التقرير أيضاً عن كيفية تعرض أفراد مجتمع الميم للتمييز الاجتماعي و”العلاجات التحويلية” التي تهدف إلى “إعادتهم” إلى العلاقات الجنسية بين الجنسين. وقال التقرير إنه عندما يتم القبض عليهم من قبل سلطات إنفاذ القانون وجماعات القصاص الأهلية، يمكن أن يتعرضوا أيضاً للضرب والتعذيب وأحياناً الاغتصاب، مضيفاً أنهم يتعرضون للإهانة باعتبارهم “دون البشر” و”مرضى.”
ومن الجدير بالذكر أن الشريعة الإسلامية أساس القانون في البلاد منذ الثورة الإسلامية عام 1979، وتميل البلاد إلى تطبيق المبادئ الدينية للإسلام بشكلٍ صارم، لا سيما ما ورد في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. وبموجب هذا القانون، قد تصل عقوبة ممارسة الجنس بين رجلين إلى الإعدام، بينما يتعرض الرجال الذين يقبلون بعضهم البعض إلى عقوبة الجلد، إذ ينطبق هذا أيضاً على النساء اللواتي يرتكبن نفس الأفعال.
وفي هذا الصدد، قالت كارين كرامر، مديرة المطبوعات في مركز حقوق الإنسان في إيران، لفَنَك: “نتيجةً لذلك، يبقى مجتمع الميم في إيران مجتمعاً سرياً إلى حدٍ كبير،” وأضافت: “لا يواجه مجتمع الميم في إيران تمييزاً قانونياً واجتماعياً شديداً فحسب، بل لا يمكنهم أيضاً التماس تعويضاتٍ قانونية عن الإصابات أو انتهاكات الحقوق لأن العلاقات الجنسية المثلية مُجرَّمة في الجمهورية الإسلامية. وإذا سعى أفراد مجتمع الميم إلى العدالة من خلال الشرطة أو المحاكم، فإنهم يخاطرون بتعرضهم للمقاضاة”.
كما سلط تقرير الأمم المتحدة الضوء على “الخوف من الاضطهاد” الذي يمنع الناس من تقديم أي شكوى رسمية. ففي عام 2019 وخلال مؤتمرٍ صحفي، رد وزير الخارجية جواد ظريف على صحفي ألماني قائلاً: “لدى مجتمعنا مبادئ أخلاقية، ونحن نعيش وفق هذه المبادئ. هذه مبادئ أخلاقية تتعلق بسلوك الناس بشكلٍ عام. وهذا يعني احترام القانون وإطاعة القانون.”
ووفقاً لكرامر، تعتبر هذه علامة واضحة على أن الحكومة الحالية “تلتزم بهذه السياسات.”
وفي عام 1987، تم السماح بتغيير الجنس بموجب القانون، ولكن فقط إذا أجريت جراحة تغيير الجنس مسبقاً، إذ تعد هذه الجراحة قانونية ومدعومة من الدولة. وفي هذا الشأن، قال الناشط الإيراني المولد شادي أمين لصحيفة “ذا صن” إنها طريقة لـ”علاج” شخص مثلي الجنس: “تعتقد الحكومة أنه إذا كنت رجلاً مثلياً، فروحك هي روح امرأة وعليك تغيير جسدك. نعتقد أن هذه طريقة لمحاربة وجود الأشخاص المثليين لأنك تغير أجسادهم وتحل المشكلة. يمنح النظام الأشخاص المثليين خيارين – أن يتم القبض عليهم كمثليين جنسياً وأن يُعاقبوا حتى يُعدموا أو يغيروا جسدهم. […] وعليه، يفضلون إجراء العديد من العمليات الجراحية عوضاً عن الإعدام لأنهم يعرفون أن العالم يراقبهم.”
ونتيجةً لذلك، يحاولون مواصلة الاختباء لتجنب أي علاجٍ قسري أو إساءة أو حتى الموت. وبحسب كرامر، “في حين كان هذا المجتمع قادراً في السابق على الوصول إلى بعض المعلومات والموارد والدعم والمجتمع الخاص بهم عبر الإنترنت على الأقل، فإن الرقابة الحكومية المتزايدة ومراقبة الإنترنت، ومقاضاة الحكومة للأفراد بسبب المحتوى عبر الإنترنت، تعني أن الموارد والدعم هذا عبر الإنترنت لمجتمع الميم قد تضاءل أيضاً.”
وعلى حد قولها، كان القمع ضد منظمات المجتمع المدني والناشطين غاية في الأهمية لدرجة أن “الدعوة السلمية لحقوق مجتمع الميم أكثر صعوبة وخطورة،” إذ ينتهي المطاف بعدد من أفراد مجتمع الميم والناشطين بالفرار إلى الخارج عندما تسنح لهم الفرصة لذلك، بينما يبني البعض الآخر شبكات دعمٍ من الخارج، على أمل أن تتطور حقوقهم داخل بلدهم حتى يتمكنوا من العودة للعيش دون خوف.
أما في المنطقة، فتتعامل الدول بشكلٍ مختلف مع القضية، إذ يلجأ البعض إلى التفسيرات الصارمة للدين، بينما طور البعض الآخر فهماً قانونياً لها، إذ يمكن أيضاً المعاقبة على الأفعال الجنسية المثلية بالإعدام في كلٍ من المملكة العربية السعودية واليمن والسودان وأفغانستان، بينما يُسمح بها- مشروطةً بتجاوز عمر الـ21 عاماً- في كلٍ من العراق وتركيا والأردن والبحرين ولبنان والضفة الغربية.