وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

المعارضة الاقليمية لسياسات الولايات المتحدة في الشرق الاوسط

Secretary of state John Kerry and Egyptian president Muhammad Morsi meet at the presidential palace in Cairo.
الرئيس المصري السابق محمد مرسي (يمين) ووزير خارجيته محمد كامل عمرو (يسار) يجتمعان مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري (المنتصف) في القصر الرئاسي في القاهرة، مصر, 3 مارس 2013 Photo Xinhua / eyevine

وفقاً للنقاد في العالم العربي، تميزت سياسة وسلوك الولايات المتحدة في الشرق الاوسط في السنوات القليلة الماضية في المنطقة بعدم الوضوح تارة، وبالتخبط تارة اخرى. ومع تسارع الأحداث منذ بداية الربيع العربي في تونس في ديسمبر 2010، مثَّل هذا شاهداً على سياسة عدم الوضوح والتخبط الأمريكي في الشرق الاوسط.

جاء الموقف الامريكي مفاجئاً بالنسبة لعدد كبير من المراقبين حيال ما حصل فيما يعرف  بثور ة 25
يناير 2011 في مصر. فبعد أيام قليلة فقط من إندلاع مظاهرات شعبية على نطاق واسع في البلاد، أيدت الولايات المتحدة ودعمت بقوة إنتقال السلطة من الرئيس المصري حسني مبارك، والذي كان يمثل نموذج للصديق والحليف للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، إلى جماعة الإخوان المسلمين التي لطالما لاحق مبارك أعضائها بلا هوادة. وفُسر هذا الدعم في بعض الأوساط في العالم العربي كجزء من التفاهم الأمريكي مع الأخوان المسلمين ليس بخصوص مصر لوحدها بل بخصوص المنطقة العربية لتمكينهم من عدد من الدول العربية. بل ان اللقاءات التي أعلن عنها بين اركان في الادارة الامريكية وقيادات من اخوان مصر أوجدت حالة من الشك لدى بعض السياسيين والمراقبين في المنطقة حيال حقيقة السياسة الامريكية تجاه حلفاءها في المنطقة. وفي واشنطن، تقع مثل هذه اللقاءات مع السياسيين ضمن دائرة الممارسات الدبلوماسية الاعتيادية.

وجاء الموقف الامريكي الرافض لما حصل في مصر في 30 يونيو 2013 من عزل للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي وسيطرة ائتلاف بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي على السلطة، ليزيد من هذا الشك تجاه حقيقة سياسة الولايات المتحدة في المنطقة. وأشار منتقدوا موقف الولايات المتحدة أن أعداد المصريين الذين خرجوا ضد الرئيس مرسي تفوق كثيراً أعداد المصريين الذين خرجوا ضد الرئيس مبارك.

أما حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن كان لهم وجهات نظر مختلفة فيما يتعلق بالاطاحة بمرسي، ومع ذلك، تلقى السيسي الدعم السياسي والمالي العاجل منهم. وفي وقتٍ لاحق، وبالتحديد في مايو 2015، لعل ما حصل اخيراً في مؤتمر كامب ديفيد من غياب لقادة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والبحرين اعتبره بعض المحللين بمثابة رفضٍ لمحادثات الرئيس أوباما مع إيران بسبب طموحاتها النووية.

وجاء الموقف الأمريكي من الأزمة السورية ليرسخ القناعة بأن سياسة الولايات المتحدة تتسم بالتخبط وعدم الوضوح في المنطقة. فقد بدا واضحاً أن الولايات المتحدة لا تميل لخيار التدخل العسكري في سوريا، بل إن التخبط قد وصل احيانا إلى إعلان مواقف امريكية على لسان مسؤوليين بأن الرئيس بشار الاسد يعدّ شريكاً في حل الأزمة السورية. ومن جهةٍ أخرى، لم تقم الولايات المتحدة بدور حقيقي في دعم المعارضة السورية الليبرالية مما مكن قوى اسلامية سُنيّة متطرفة من الظهور في ساحة الصراع المسلح بسوريا منها ما يعرف بالدولة الاسلامية في العراق والشام “داعش” وجبهة النصرة، وكلاهما يحملون افكار تنظيم القاعدة.

إن الازمة السورية تمثل انعكاساً جزئياً للصراع الإقليمي في المنطقة بين إيران وعدد من الدول العربية وعلى رأسها العربية السعودية. لقد بدا واضحا أن أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة قد استنتجوا أن هناك تناغماً امريكياً ايرانياً حول ما يدور في المنطقة العربية وقد جاء الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى في الثالث من أبريل 2015 ليعزز من هذا الاستنتاج. والسؤال المطروح هنا، هل ستضحي الولايات المتحدة بأصدقائها العرب المعتدلين مقابل تحسين علاقاتها مع ايران؟ وهل هناك تفاهمات امريكية ايرانية بخصوص المنطقة ومستقبلها بحيث لا تقتصر التفاهمات على البرنامج النووي الايراني فقط؟ في النهاية، تنكر كل من واشنطن وطهران مثل هذه التكهنات.

وعلى صعيدٍ آخر، تم تشكيل تحالف دولي ضد داعش قادته الولايات المتحدة ولكن أساسه كان أصدقاء الولايات المتحدة العرب السُنة. لكن الذي حصل على ارض الواقع أن الاصدقاء العرب ساهموا بتوجيه ضربات جوية لداعش في حين تركت الولايات المتحدة المليشيات الشيعية المدعومة من ايران تشارك في الحرب على الارض إلى جانب الجيش العراقي ضد داعش، مما أغضب حلفائها من السُنة. وقالت بعض التقارير الواردة من مناطق القتال خصوصاً في تكريت أن ضباطاً ايرانيين من الجيش الإيراني متواجدين مع المليشيات الشيعية التي تقاتل داعش، بل إن الولايات المتحدة لم تضغط على الحكومة العراقية بإتجاه تسليح القبائل والسكان السنة في تكريت وانما تلقوا وعوداً من السفير الأمريكي في بغداد بهذا الخصوص ليس أكثر.

إن ما حصل في معركة تحرير تكريت يعزز الفكرة التي تقول بوجود تنسيق امريكي ايراني في عدد من المناطق في الاقليم والتي يتبناها عدد كبير من السياسيين والمثقفين السنة العرب. بل أن عدم إشراك القبائل والسكان السنة العرب في الحرب ضد داعش والتي تدور رحاها في مناطق السنة وترك المليشيات العراقية الشيعية المدعومة من إيران والقادمة من بغداد والجنوب العراقي والتي قامت بعمليات نهب لممتلكات السكان المحليين السنة تعزز من فكرة أن هناك تفاهماً أمريكياً ايرانياً بخصوص المنطقة. إن الشعور الذي ينتاب السُنة العرب بأن من يحارب داعش هي المليشيات الشيعية سيوجد حالة من الدعم والتعاطف غير المرئي مع الجماعات الإسلامية المتشددة كونها منظمات سُنية بإمتياز تجمعها مع ايران والشيعة حالة من العداء والكراهية.

إن أخطر ما تواجهه المنطقة العربية في الوقت الراهن هو إنهيار نظام الدولة والذي يخشى زعماء السُنة أن تستخدمه إيران لبسط نفوذها كما فعلت بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بل إن محصلة ما يعرف بإنهيار نظام الدولة يمكن أن يؤدي أيضاً إلى خسارة أصدقاء الولايات المتحدة العرب المعتدليين في الشرق الأوسط وتسهيل تمدد التطرف الديني.

user placeholder
written by
veronica
المزيد veronica articles