في 4 مايو 2017، توسطت روسيا في صفقةٍ مع إيران وتركيا لإنشاء أربع مناطق “تخفيف التصعيد” في سوريا، وهو اتفاق قال نائب وزير الدفاع الروسي، الكسندر فومين، أنه سيمهد الطريق “لعودة اللاجئين الطوعية الآمنة” بعد ست سنوات من الحرب الأهلية.
لقيّ الاتفاق معارضة سريعة وشكوكاً من قِبل الثوار السوريين، الذين يسيطرون في الوقت الراهن على المناطق الأربع التي تم تحديدها كمناطق آمنة. وتعهد الثوار بعدم قبول أي خطة ترعاها ايران، الحليف الرئيسى للرئيس بشار الاسد. كما تساءل الثوار عن سبب دخول الهدنة حيز التنفيذ في المناطق الاربع فحسب بدلاً من جميع أنحاء سوريا التي مزقتها الحرب. ومن جانبها، يبدو أن الولايات المتحدة تتخذ موقف الانتظار والترقب لما يمكن أن تحققه هذه المناطق الآمنة.
وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس للصحفيين في 8 مايو 2017، “كل الحروب تنتهي في نهاية الأمر وكنا نبحث منذ فترة طويلة عن سبيل لإنهاء هذه الحرب. لذلك سندرس الاقتراح ونرى ما إذا كان يمكن أن ينجح.” واشار ماتيس إلى أن التفاصيل الاساسية لا تزال غير واضحة، بما فى ذلك من سيفرض الأمن داخل المناطق ومن بالضبط سيبقى خارجها. ورددت إدارة ترامب أيضاً اعتراضات الثوار السوريين على تورط إيران “كجهة ضامنة.” وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً قالت فيه “لم تسهم الأنشطة الإيرانية إلا في العنف ولم توقفه بل أدى الدعم الإيراني الثابت لنظام الأسد إلى استمرار بؤس السوريين.” ولكن، يبدو أن أولوية إدارة ترامب أكثر تركيزاً على منع النازحين من مغادرة سوريا كلاجئين أكثر من التركيز على سلامة المدنيين على المدى الطويل.
تم رسم حدود المناطق الآمنة الأربع بعد أربع جولات من المحادثات التي جرت منذ شهر يناير 2017 في أستانا، في كازاخستان: محافظة إدلب، مع أجزاء من محافظات اللاذقية وحلب وحماة المجاورة؛ والجزء الشمالي من محافظة حمص؛ والجزء الشرقي من مدينة الغوطة؛ وأجزاء من محافظتي درعا والقنيطرة في جنوب سوريا.
وعلى الرغم من دعم سوريا للمناطق الآمنة، قال وزير الخارجية وليد المعلم في 8 مايو 2017، أن نظام الأسد لن يقبل بوجود الأمم المتحدة أو غيرها من “القوات الدولية” على أرضه. وبدلاً من ذلك، من المتوقع ان تقوم قوات من روسيا وايران وتركيا بتعزيز الأمن داخل المناطق الآمنة.
وقد يؤدي غياب المراقبين الدوليين إلى مشاكل في ضمان رفاه اللاجئين السوريين العائدين. ويعيش أكثر من مليون نازح سوري في لبنان المجاورة، وفقاً لما ذكره مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين. ودعت الحكومة اللبنانية إلى زيادة تدفق اللاجئين السوريين إلى بلادهم، رغم أنها لا تدعم العودة القسرية.
وعلى صعيدٍ متصل، جمعت عريضة إلى الحكومة الأمريكية، عُرضت على موقع Change.org، تحث فيها السوريين في لبنان إلى العودة إلى ديارهم حيث المناطق الآمنة، أكثر من 20 ألف توقيع. ومن جهته، أعلن حزب الله، الحزب السياسي اللبناني والميليشا الموالية للأسد التي تقاتل في سوريا، أنه بحث إنشاء منطقة آمنة في منطقة القلمون القريبة من الحدود اللبنانية، بالتنسيق مع النظام السوري.
ورداً على العريضة، أدان جوي أيوب، وهو مدوّن لبناني ومحرر إقليمي في الأصوات العالمية، مفهوم المناطق الآمنة. وكتب أيوب على صفحته على الفيبسوك “لا يوجد ما يسمى بالمناطق الآمنة في سوريا الأسد. إن وجوده السياسي برمته يستند إلى عبارة الشبيحة (الأسد أو نحرق البلد)، وهم يعنون ذلك حرفياً.” وأضاف “المناطق الآمنة ستكون” آمنة “مثل سريبرينيتسا في عام 1993، قبل عامين من الإبادة الجماعية في يوليو 1995.”
كما حذرت الجماعات الإنسانية أيضاً من أن المناطق الآمنة قد تصبح بعيدة كل البعد عن اعتبارها ملاذاتٍ آمنة. وفي مارس 2017، قال مدير الشؤون القانونية والسياسات في هيومن رايتس ووتش، جيمس روس،”تُعلن المناطق الآمنة كطريقة لتجنيب المدنيين أهوال الحرب، ولكنها غالباً ما تصبح مغناطيساً للقتال.” وقال روس إنه يتعين على الأطراف المتحاربة ألا تنظر إلى المناطق الآمنة على أنها “وسيلة سريعة وسهلة لإبعاد اللاجئين عن بلادهم.” وأضاف أيضاً أن “استخدام المناطق الآمنة لتبرير إغلاق الحدود أمام اللاجئين” سيبعث برسالة خطيرة إلى بلدان أخرى في العالم تواجه تدفقاتٍ كبيرة من اللاجئين.