وقائع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

الصّهيونيّة المسيحيّة والإسلاميّة: تحالف مُستبعَد

تساهم الصّهيونيّة المسيحيّة والإسلاميّة في نزع الصفة الإنسانيّة عن الفلسطينيين، حيث تصور المعتقدات الصهيونيّة العنف باعتباره ضروريًا لتحقيق النبوءات الدينية.

الصّهيونيّة المسيحيّة والإسلاميّة
فلسطينيون يتفقدون الدمار بعد غارة جوية إسرائيلية الليلة الماضية في بيت لاهيا، شمال قطاع غزة. إسلام أحمد / وكالة الصحافة الفرنسية

دانا حوراني

مع أنّ الصّهيونيّة ترتبط عادة بالقوميّة اليهوديّة وبتشكيل دولة إسرائيل، إلّا أنّ لديها بعض الأنصار في جماعتين دينيّتين متباينتين: المسيحيّون والمسلمون. الصّهيونيّة المسيحيّة، المستمدّة جذورها من لاهوت الكتاب المقدّس، ترى عودة اليهود إلى الأراضي المقدّسة كبادرة للمجيء الثّاني للمسيح. في الوقت عينه، نشهد على ظاهرة أقلّ شهرة لكنّها متنامية بعض الشيء، وهي الصّهيونيّة الإسلاميّة المناصرة لمطالبة اليهود بحقّهم في إسرائيل، ومقتبسة غالبًا أسبابًا لاهوتيّة وتاريخيّة.

انكشف مؤخّرًا عن هذه العقائد بسبب الإبادة الجماعيّة في غزّة، حيث شنّت إسرائيل حربًا ضارية منذ 7 تشرين الأوّل، مخلّفة أكثر من 42,603 قتيل فلسطينيّ و99,795 جريح على الأقلّ، في وقت كتابة هذا المقال.

نبذة تاريخيّة عن الصّهيونيّة

قبيل تشكيل الصّهيونيّة المنظّمة، حصلت مبادرات سعت إلى نقل اليهود من أوروبّا إلى فلسطين. وفي أوائل القرنين السّادس والسّابع عشر، نشأت أسس النّشاط السّياسيّ الأكثر تنظيمًا الّتي أفضت إلى حركة هجرة يهوديّة، مثل محبّي زيون Hovevei Tzion في القرن التّاسع عشر، الّتي شجّعت اليهود من شرقيّ أوروبّا إلى استيطان فلسطين كمزارعين.

خلال القرن التّاسع عشر، أثّرت معاداة السّاميّة العرقيّة الأوروبّيّة، الممثّلة بقضيّة دريفوس في فرنسا، بشكلٍ ملحوظ ٍعلى هويّة اليهود وطموحاتهم، ودفعت بالعديد منهم إلى التّساؤل حول وجودهم في المجتمع الأوروبّيّ والبحث عن حلول وطنيّة. نتيجة لذلك، تشرّبت المجتمعات اليهوديّة خوفًا عميقًا من معاداة السّاميّة، اختلط بكراهيّتهم الشّديدة تجاه قامعيهم، فبدأوا بتشكيل مجموعات يهوديّة مستقلّة للدّفاع عن النّفس في أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

وبإدراكها إمكانات هذه الدّيناميّة، جمعت الصّهيونيّة، وهي حركة استعماريّة أوروبّيّة، رغبة اليهود بالأمان والدّفاع عن النّفس مع إيديولوجيّات تفوّق العرق الأبيض، والتّبشيريّة، والفاشيّة. وترتّب عن هذا المزيج هويّة يهوديّة وطنيّة جديدة تربط بين أمان اليهود وإنشاء وطن حصريّ لهم في فلسطين، غالبًا من خلال تهجير سكّان المنطقة الأصليّين.

تعود البنية المؤسّسيّة الصّهيونيّة بشكلٍ عام إلى ثيودور هرتزل، وهو صحفيّ نمساويّ خذلته المقاربات الاستيعابيّة بسبب معاداة السّاميّة المستمرّة. ففي كتابه “الدّولة اليهوديّة” المنشور عام 1896، يزعم هرتزل أنّه لا يمكن لليهود الحصول على الأمان وعيش حياة طبيعيّة إلّا بتشكيلهم دولة خاصّة بهم. ولقد تحقّق هدفه عند انعقاد المؤتمر الصّهيونيّ الأوّل في بازل، سويسرا، عام 1897، حين وضع المندوبون أجندة لإقامة دولة يهوديّة في فلسطين.

وفي عام 1917، عقب الحرب العالميّة الأولى، وضمّ فلسطين، منحت عصبة الأمم البريطانيّين إذنًا بالانتداب، فسّروه على أنّه يتضمّن وعد بلفور، وصدر في أعقاب المؤتمر الصّهيونيّ عن وزير الخارجيّة البريطانيّ آنذاك آرثر بلفور. نظرت الحركة الصّهيونيّة إلى هذا الالتزام، على الرّغم من لغته المبهمة، كدليل دامغ على حقّها بمطالبة البريطانيّين بمساعدة أفرادها على الهجرة والاستحواذ على الأراضي.

أمّا بعد الحرب العالميّة الثّانية عام 1945، وفي ضوء إبادة اليهود الأوروبّيّين الجماعيّة الّتي لا نظير لها، فكان هناك ضغط كبير على بريطانيا للسّماح لعدد متزايد من اللّاجئين اليهود بدخول فلسطين. لكن مع قيام دولة إسرائيل تحوّلت المسألة اليهوديّة إلى مسألة فلسطين.

غالبًا ما يُستخدَم العهد القديم كتفويض إلهيّ يشرّع المطالبة بالأرض، بالتّغاضي عن وجود شعوب أخرى فيها منذ العصور القديمة. ويتّفق 82 في المئة من المسيحيّين الإنجيليّين البيض في الولايات المتّحدة الأميركيّة حول هذه القناعة مقتبسين التّوراة ونصوص يهوديّة أخرى. إضافة إلى تشديد الكثير من الكنائس في أميركا على أنّ اللّه وعد الشّعب اليهوديّ بإسرائيل.

أفسحت الصّهيونيّة أيضًا المجال أمام تجريد الفلسطينيّين من إنسانيّتهم، وذلك ازداد سوءًا خلال الإبادة الحاليّة. يضيف الخبراء، أنّ الصّهاينة المسيحيّين والمسلمين مقتنعون بأنّ الحرب على غزّة تمهيد ضروريّ لأحداث مستقبليّة موصوفة في كتبهم المقدّسة المعنيّة، وبالتّالي لا يجب إيقافها.

تاريخ الصّهيونيّة المسيحيّة والإسلاميّة

الصّهيونيّة المسيحيّة

العالم البريطانيّ باللّاهوت ستيفن سايزر يقول إنّ الصّهيونيّة المسيحيّة هي الشّكل الغالب من الصّهيونيّة، إذ سبقت الحركة الصّهيونيّة بخمسين سنة. ومنذ عشرينيّان وثلاثينيّات القرن التّاسع عشر، دافع المسيحيّون عن إعادة اليهود إلى فلسطين، واستمرّ ذلك بزخم حتّى أواخر القرن التّاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ما أفضى إلى وعد بلفور والانتداب البريطانيّ على فلسطين بعد سقوط الإمبراطوريّة العثمانيّة. يؤكّد سايزر أنّ البريطانيّين رأوا الوجود اليهوديّ في فلسطين كخدمة لمصالحهم الإمبرياليّة.

تشير تقديرات سايزر إلى وجود 20 إلى 30 صهيونيّ مسيحيّ مقابل كلّ صهيونيّ يهوديّ، وهذا الدّعم الهائل قويّ بشكلٍ خاص بين مسيحيّي اليمين في أميركا، وكندا، والسّويد، وهولندا، ومعظم أوروبّا. بالتّالي، يدرك الحكّام الإسرائيليّون مثل رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو أهمّيّة هذه الدّيموغرافيا في الحفاظ على موقعهم السّياسيّ والنّهوض بالأجندة الصّهيونيّة في فلسطين.

قال سايزر لقناة تي آر تي وورلد: “الصّهيونيّة المسيحيّة، تستند إلى فكرة أنّ اليهود شعب اللّه المختار. ولقد أُعيدوا إلى أرضهم تحقيقًا لنبوءات العهد القديم: عودة المسيح القريبة.”

تشرح ميمي كيرك وهالة أحمد، في مقالهما “الاستثناء الخطير للصّهيونيّة المسيحيّة” للشّبكة، دفاع الصّهاينة المسيحيّين عن استيطان اليهود في فلسطين كخطوة تجاه خلاصهم، بدلًا من أن تكون خطوة لمصلحة الشّعب اليهوديّ. كما أنّهم يتخيّلون سيناريو نهاية العالم حيث يهلك اليهود وكلّ من هم غير مسيحيّين فيما يصعد هم وحدهم إلى الجنّة. بالتّالي دعمهم لإسرائيل ليس إلّا واجهة لسعيهم الخاصّ إلى الخلاص المسيحيّ، غالبًا على حساب اليهود.

على الرّغم من ذلك، يتوافق موقفهم الأيديولوجيّ مع الحكومة الإسرائيليّة وسياساتها العدوانيّة والاستعماريّة تجاه الفلسطينيّين، وإيران، و أعداء إسرائيل الآخرين. ومن سخرية القدر، أنّ الوطنيّين القوميّين الدّينيّين اليمينيّين الدّاعمين لحكومة نتنياهو ازدادوا عداء تجاه المسيحيّين سواء أكانوا من الفلسطينيّين أو غيرهم، مضيفين بذلك طبقة من التّعقيد على هذا التّحالف. إلّا أنّ الصّهاينة المسيحيّين يستمرّون في دعمهم للسّياسات الإسرائيليّة، مدفوعين بقناعاتهم الدّينيّة وتطلّعاتهم الأسطوريّة.

تضيف كيرك وأحمد أنّ بعض أشكال الصّهيونيّة المسيحيّة، وبخاصّة تلك الّتي ظهرت في بريطانيا، تأسست على أهداف التّحوّل اليهوديّ واستيطان اليهود لفلسطين وإدارة شؤونها. اعتبرت وجهات النّظر هذه، الجالية اليهوديّة في المهجر مجموعة إشكاليّة وشعب أساسيّ دينيًّا للتّأثير في سعي الكنيسة إلى الخلاص. وفي القرن العشرين، تطوّرت هذه المعتقدات بين مختلف الطّوائف المسيحيّة الإنجيليّة، حيث اختفى التّشديد على التّحوّل إلى اليهوديّة ولم يعد يُنظر إليه كأمر ضروريّ.

تشرح كيرك أنّه على الرّغم من عدم اعتناق كلّ المسيحيّين الإنجيليّين في الولايات المتّحدة الأميركيّة،- وهم يشكّلون حوالى ربع الشّعب-، المعتقدات الصّهيونيّة المسيحيّة، تشير استطلاعات الرّأي إلى أنّ الأكثريّة السّاحقة تنظر إلى دولة إسرائيل الحديثة وإلى اجتماع ملايين اليهود فيها كـ”تحقيق لنبوءة الكتاب المقدّس الّتي تشير إلى عودة المسيح القريبة.”

فهم الصّهيونيّة المسيحيّة

قالت كيرك لفنك إنّ إنجيل الرّخاء يدعم الصّهيونيّة المسيحيّة أيضًا، وهو يقول بأنّك إذا باركت إسرائيل تُبارَك، أو سيُبارَك بلدك سياسيًّا واقتصاديًّا.

لكنّها تصرّح أنّ “الإنجيليّين من غير البيض يميلون إلى امتلاك وجهات نظر أكثر اتّزانًا في ما يتعلّق بإسرائيل وفلسطين، أمّا الإنجيليّين البيض فيميلون إلى اليمين المتطرّف في موقفهم من إسرائيل وفلسطين.”

وتضيف أنّ جوانبَ معيّنة من فلسفة إنجيل الرّخاء كانت بمثابة معتقدات ساعدت في نمّو الصّهيونيّة المسيحيّة في مناطق مثل أميركا اللّاتينيّة والبلدان الإفريقيّة جنوب الصّحراء الكبرى.

لقد أصبح المسيحيّون الإنجيليّون اليمينيّون في أميركا اللّاتينيّة قوّة سياسيّة كبرى، والبرازيل أبرز مثال على ذلك. وبحسب مركز بيو للأبحاث، يشكّل الإنجيليّون اليوم 27 في المئة من شعب البرازيل، مقابل 25 في المئة من شعب الولايات المتّحدة الأميركيّة. تَوافَق النّموّ السّريع للمجتمعات الإنجيليّة عبر أميركا اللّاتينيّة مع ظهور الصّهيونيّة المسيحيّة كتأثير سياسيّ وثقافيّ في المنطقة.

يقدّم الصّهاينة المسيحيّون في أميركا اللّاتينيّة، مدفوعين بدوافع دينيّة، دعمًا حازمًا لدولة إسرائيل العلمانيّة. وغالبًا ما يغضّ هذا الدّعم النّظر عن انتهاكات إسرائيل المعروفة عالميًّا لحقوق الإنسان تجاه الفلسطينيّين ويشرّعه. وإنّ التّقبّل المتنامي للصّهيونيّة المسيحيّة يشكّل خطرًا محتملًا على المجتمعات المهمّشة في أميركا اللّاتينيّة، عاكسًا الآثار الوخيمة الّتي خلّفها على الفلسطينيّين.

على الرّغم من فائض الفيديوهات الّتي تُظهر الإبادة أثناء حدوثها على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، يشرح كيرك أنّه غالبًا ما لا يأبه الأشخاص ذوي المعتقدات الصّهيونيّة والدّاعمين لإسرائيل لمثل هذه الجرائم الإنسانيّة. حتّى أنّ بعضهم يرفض هذه الفيديوهات على أنّها “باليوود” زاعمين أنّها ملفّقة.

قالت: “من جهة أخرى، هم [الصّهاينة] يعتقدون أنّ ذلك مبرّر، فبحسب رأيهم يجب استئصال هؤلاء النّاس. إنّ تجريد الفلسطينيّين من إنسانيّتهم عنيف جدًّا وتامّ وسط هذه المجموعة في الولايات المتّحدة الأميركيّة إلى درجة أنّهم لا ينظرون إلى الفلسطينيّين كبشر بل كحيوانات.”

إضافة إلى ذلك، اقترح السّفير الإسرائيليّ السّابق لدى الولايات المتّحدة الأميركيّة رون ديرمر أن تعطي إسرائيل الأولويّة للدّعم “الشّغوف والقاطع” للمسيحيّين الإنجيليّين بدلًا من اليهود الأميركيّين الّذين وصفهم بأنّهم “بين منتقدينا على نحو غير متناسب”.

قال ديرمر في مقابلة على المسرح: “على النّاس أن يفهموا أنّ ركيزة دعم إسرائيل في الولايات المتّحدة الأميركيّة هم المسيحيّون الإنجيليّون. وذلك صحيح بسبب أعدادهم وأيضًا بسبب دعمهم الشّغوف والقاطع لإسرائيل.”

منذ نشأتها، إسرائيل أكبر متلقٍّ تراكميّ للمساعدات الخارجيّة من الولايات المتّحدة الأميركيّة، إذ تلقّت حوالى 310 بليون دولار إجماليّ دعم اقتصاديّ وعسكريّ عند تعديلها لمواكبة التّضخّم، وتلقّت أقلّه 12.5 بليون دولار كمساعدات عسكريّة لإسرائيل منذ 7 تشرين الأوّل.

وفي ما يتعلّق بارتباط ذلك بالصّهيونيّة المسيحيّة، تحدّد كيرك هذا المعتقد كالتّالي: “علينا فعل المستحيل لدعم إسرائيل.”

أمّا في ما يتعلّق بالانتخابات الرّئاسيّة القادمة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، فلقد تنحّى رئيس الجمهوريّة جو بايدن وأيّد نائب الرّئيس كمالا هاريس بصفتها خليفته للحزب الدّيمقراطيّ. ستتواجه هاريس مع دونالد ترامب الّذي، بحسب كيرك، يلبّي حاجات القوميّين المسيحيّين، وإذا انتُخب قد يعيق أيّ جهود للابتعاد عن السّرديّات المؤيّدة لإسرائيل والصّهيونيّة، الّتي يقودها الشّباب بشكلٍ بارزٍ.

قالت: “أنا متشائمة بشكلٍ عامّ، لكنّني مندهشة للغاية بما أراه. إذ لم أكن متأكّدة من أنّني سأشهد على ذلك يومًا”، مستشهدةً بمثال طلّاب الجامعات عبر البلاد الّذين نصبوا الخيم واحتجّوا على الاعتداء الحاليّ على غزّة، على الرّغم من مواجهتهم قمع الشّرطة والتّداعيات الأكاديميّة لتصرّفاتهم.

الصّهيونيّة الإسلاميّة

على خلاف الصّهيونيّة المسيحيّة، قليلًا ما كُتب عن الصّهيونيّة الإسلاميّة. أحد أبرز المتحدّثين عن الموضوع هو الأستاذ، والشّريك المؤسّس لكلّيّة الزّيتونة في بيركلي كاليفورنيا، والمُحاضر فيها، حاتم بازيان، الّذي شرح في مقاله “ما الصّهيونيّة الإسلاميّة؟” أنّ الصّهيونيّة الإسلاميّة تشمل جهود أفراد مسلمين ودول لتطبيع العلاقات وإقامتها مع إسرائيل، ومع المشروع الاستعماريّ الاستيطانيّ الصّهيونيّ في فلسطين وبلدان أخرى، وغالبًا ما يؤطّرون هذه الإجراءات في سياق إسلاميّ مستخدمين تبريرات معرفيّة، أو قانونيّة، أو لاهوتيّة. وذلك يتطلّب تشكيل مجموعة من المناصرين يستخدمون آيات قرآنيّة انتقائيّة وخارجة عن السّياق أو أحاديث نبويّة لتشريع هذه الإجراءات، على الرّغم من أنّها تدعم الاستيطان الاستعماريّ في فلسطين.

الصّهاينة الإسلام، أفراد يولون الأهمّيّة لصلتهم بإسرائيل والصّهيونيّة فيما يهمّشون الفلسطينيّين ويتجاهلونهم ويشهّرون بهم ويلومونهم على الوضع الحاليّ في فلسطين. إنّهم يصوّرون الفلسطينيّين، وهم ضحايا الاستيطان الاستعماريّ، كمسؤولين عن محنتهم، عارضين وجهة نظرهم كإشارة إلى “حنكتهم” و”ذكائهم” في تعزيز علاقاتهم بالصّهيونيّة.

قال بازيان لفنك: “الفرق بين الإسلام والصّهيونيّة الإسلاميّة هو أنّ ما من وجود لهذا المفهوم، بمعنى أنّه لا يوجد أيّ جانب في الإسلام يمكن الاستشهاد به بدقّة لتشريع الاحتلال، والاستعمار والتهجير القصري للفسلطينيين.

البلدان العربيّة المحافظة على بعض الرّوابط مع إسرائيل هي المملكة العربيّة السّعوديّة، والإمارات، ومصر، والأردن، وعمان، والمغرب، والبحرين، والسّودان.

قال بازيان: “في هذه البلدان يُستخدَم خطاب دينيّ يدعو إلى الطّاعة الدّينيّة والتّطبيع مع إسرائيل، لكنّه يستخدم أيضًا الانقسام بين الشّيعة والسّنّة لفعل ذلك.”

فهم الصّهيونيّة الإسلاميّة

يُعبَّر عن أثر الصّهيونيّة الإسلاميّة عبر الكثير من وكالات التّمويل الأميركيّة والأوروبّيّة الّتي تموّل مشاريع متنوّعة في المنطقة، بنيّة تطبيع مضمرة أو مباشرة.

ويشرح أبعد من ذلك، أنه في أعقاب أحداث 9/11 عندما دُمِّر البرجان التوأمان لمركز التّجارة العالميّ بأكملهما في هجوم بطائرة شنّته القاعدة، أطلق رئيس جمهوريّة الولايات المتّحدة الأميركيّة جورج ووكر بوش “الحرب الشّاملة على الإرهاب” الّتي تضمّنت حروبًا مدمّرة على العراق، وأفغانستان، وبالتّالي خالقًا مفهوم المسلم “الجيّد” و”السّيّء”.

قال بازيان: “المسلم الجيّد هو من يتقبّل إسرائيل وكلّ وجه آخر من مشاركته في المشاريع والبرامج الاقتصاديّة متعلّق بإسرائيل بطريقة أو بأخرى. أمّا المسلم السّيّء فيستقرّ في فلسطين.”

يكمل الأستاذ قوله بأنّه فيما غالبيّة العرب وشعب العالم المسلم يدعم فلسطين والفلسطينيّين، يستثمر أولئك الّذين تربطهم علاقات بالحكومات والملوك والقصور بكثافة في كونهم النّاطقين الرّسميّين للصّهيونيّين المسلمين.

وأضاف: “نتيجة لذلك، يمكنكم رؤيتهم على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، من حيث التّغطية الإعلاميّة، يشهّرون بالفلسطينيّين ويحمّلونهم مسؤوليّة ما يحدث، لأنّهم من سبّبوا هذا الاعتداء ويجب محاسبتهم على بدء الحرب.” مصرّحًا أنّ مثال التّعليم الدّينيّ في الإسلام الّذي يقول بأنّ كلّ من يتحدّى سلطة الحاكم (في هذه الحالة السّلطة الفلسطينيّة وليس حماس) يكون قد ارتكب خطيئة.

منع وزير الحجّ السّعوديّ مؤخّرًا أيّ شعار سياسيّ خلال الحجّ السّنويّ، ويفسّر بازيان ذلك بأنّه “حرفيًّا يقول للنّاس، لا تحتجّوا فالاحتجاج شكل من أشكال الفتنة الّتي تنهي النّاس عن مناصرة الفلسطينيّين علنًا.”

على الرّغم من التّغيّر البطيء للأوضاع والمواقف عالميًّا، وبدء النّاس بالانتباه إلى فلسطين والتّمييز العنصريّ الإسرائيليّ، ما زال كيرك وبازيان متشائمين في ما يتعلّق بحدوث تغيّر سريع نظرًا للوضع الحاليّ لأصحاب السّلطة. لكن بَيْد طبيعة الإبادة المروّعة، لقد حثّت النّاس على التّمعّن في النّظر إلى منطقة الشّرق الأوسط، والغوص في سياساتها واستكشاف طرائق لدعم القضيّة الفلسطينيّة.