احتج آلاف المغاربة، منذ قرابة العشرة أشهر، في منطقة الريف الشمالية في البلاد، ويعود السبب في ذلك إلى رجلٍ واحد: ناصر الزفزافي
الزفزافي (39 عاماً)، الذي ولد في مدينة الحسيمة الساحلية، هو مؤسس الحراك الشعبي، كما كان عضواً في حركة 20 فبراير التي قادت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في جميع أنحاء المغرب في عام 2011 خلال الربيع العربي. ويعتبر الشاب ذو التعليم المتوسط والعاطل عن العمل حالياً، خطيباً مؤثراً.
وكان الحراك قد ظهر بعد المظاهرات التي اندلعت في 28 أكتوبر 2016 بعد موت محسن فكري، وهو بائع سمك سحق حتى الموت في شاحنة للقمامة بعد محاولته استعادة أسماك أبو سيف التي ضبطتها الشرطة بحوزته بصورة غير مشروعة. أشعل موته غضباً شعبياً عارماً. وبعد يومين، خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع. ودعت المظاهرات، بقيادة الزفزافي، إلى زيادة استثمارات الحكومة فى البرامج الاجتماعية والاقتصادية وتوفير المزيد من فرص العمل.
أعتقل الزفزافي في 29 مايو 2017 بتهمة “تقويض الأمن الداخلي،” وفقاً للنائب العام، وبتهمة مقاطعته خطيب أحد المساجد أثناء خطبة الجمعة، داعياً إلى الخروج في المزيد من المظاهرات. وعلى الرغم من احتجازه، إذ لا يزال ينتظر المحاكمة، يبدو أنه قد حصل على رغبته. فمنذ اعتقاله، تقام المظاهرات الليلية بشكلٍ منتظم في الحسيمة.
اختلفت ردود الفعل على الزفزافي، ولكن يمكن تصنيفها إلى فئتين رئيسيتين: أولئك الذين يدعمونه وأولئك الذين لا يدعمونه. ويؤكد أولئك الذين يدعمونه حقيقه أنه ينحدر من عائلة من المتظاهرين المناهضين للحكومة، والتي تعود أصولها إلى الشخصية التاريخية، عبد الكريم الخطابي، وهو سياسي وقائد عسكري من الريف؛ قاد ثورةً ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني. وتسكن قبيلة بني ورياغل، في قرية الزفزافين، التي ينحدر منها والديّ ناصر الزفزافي، التي ينتمي إليها أيضاً عبد الكريم الخطابي. ويقال أن جده شغل منصب وزير الداخلية في جمهورية الريف التي لم تدم طويلاً، وقيل أن عمه الذي قتل في العام 1978 بالقرب من العرايش، عمل ككبير مستشاري الخطابي. كما كان والد الزفزافي ناشطاً في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وبعدها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلا أنه استقال عندما شارك الحزب في الحكومة عام 1998.
ويرى البعض أن الزفزافي يقود ربيعاً عربياً جديداً في المغرب. ويعتبر البعض قرار الحكومة المغربية في اعتقاله في محاولةً لايقاف الحراك، خطأ كبير لم يساهم سوى في ازدياد شعبيته.
أما أولئك الذين لا يدعمون الزفزافي فيعتبرونه أكثر تركيزاً على منطقة الريف، وإبراز الهوية الأمازيغية (البربر)، والتلويح بالعلم الأمازيغي وعلم جمهورية الريف بدلاً من العلم المغربي، الذي يغيب عن احتجاجاته. ويرون أيضاً أن هذه النزعة الشعبوية تستقطب اهتماماً دولياً لا لزوم له، والذي يمكن أن يتحول إلى عنفٍ لا يمكن السيطرة عليه.
وعلاوةً على ذلك، فإن حقيقة أن هذه الانتفاضات قد اخذت منعطفاً سياسياً منذ أبريل 2017، دفعت الكثيرين إلى الاعتقاد بأن الاضطرابات تم تحريضها من الخارج من قبل المغاربة المغتربين. ويعتقد البعض أن هذا الرأي كان موثقاً، بعد أن ظهر أن الحركة الانفصالية الكتالونية في إسبانيا تدعم الحراك لأنها تعتقد أنه انفصالي أيضاً.
وبالنسبة لبعض المراقبين، يعتبر الزفزافي بطل الحراك، ولكن بالنسبة للبعض بطلٌ وهمي، أو متطرفٌ أو حتى متعاونٌ مع أعداء الأمة المغربية، سيما المخابرات الجزائرية. وعلى الرغم من هذه الآراء المقسمة، أصبح الزفزافي رمزاً لشباب الحسيمة. وهذا ما يجبر الحكومة على إعادة التفكير في موقفها تجاه الريف، وقد بدأت بالفعل في تنفيذ عددٍ من البرامج الاستثمارية. وعموماً، يرى المغاربة أن التدخل الملكي المباشر، إلى جانب الإفراج عن الزفزافي، من شأنه حل المشكلة. ومع ذلك، يعتقد البعض أن ذلك لن يؤدي إلا إلى التأكيد على فشل نظام العدالة في معاقبة مواطنٍ متهمٌ بتقويض أمن الدولة.
وبالنسبة للصحفي المغربي والمحلل السياسي صادق حاجي، فإن حراك الزفزافي “لا يمكن إلا أن يخل بالمؤسسات القائمة دون أن يقلب النظام. لقد مر على المغرب قرونٌ دون حدوث اضطراباتٍ كبرى، ويرجع ذلك أساساً إلى نظامه الملكي. واليوم، لا يريد المغاربة ربيعاً عربياً آخر، ذلك أنهم يرون العواقب المدمرة في سوريا وليبيا وتونس. ومع ذلك، من الواضح أن معظم المغاربة يتوقون لمزيدٍ من الإصلاحات، والمزيد من العدالة الاجتماعية، والتنمية، والحرية والديمقراطية والمساءلة.”